الغزل وردّ الغزل.. خيوط الغرام المفاجيء من تل أبيب إلى المنامة
بين الغزل الواضح للسياسة الخارجية لسلطة آل خليفة الحاكمة في البحرين، وبين تصريحات رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو الذي اتهم إيران بتهديد استقرار البحرين، أكثر من خيط يجمع بين المسؤولين “الإسرائيليين” وبين “الذين يبولون في سراويلهم” بحسب مُعلق الشؤون العربية في القناة العاشرة “الإسرائيلية” تسفي يحزقيلي.
القلق الذي تعيشه دول الخليج وبينها الحكومة البحرينية، من التقارب الأميركي الإيراني، وبعد انجلاء أزمة الكيماوي السوري من دون حرب، هو قلق كبير دفع هذه الدول إلى إرسال وفد إلى “إسرائيل”.
خبر كهذا لم يأت بأي رد فعل من جناح الموالاة للعائلة الحاكمة ومشايخها، إذ لا يزال الصمت يخيم على مواقفهم، كما يبين الحراك البحريني الرسمي مع “إسرائيل” بحثاً عن حليف ذي تأثير داعم له يقيه التنازل عن الديكتاتورية التي يمارسها.
فقد نشرت أمس الأربعاء وكالة الأنباء الفرنسية خبرًا قالت فيه إن القناة الإسرائيلية الثانية عبر موقعها الإلكتروني “ماكو” أكدت أن لقاءات جرت في الأسبوع الماضي بين مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية وبين مسؤولين في دول الخليج العربي بغية تنسيق خطوات ومواقف ضد إيران.
وزيرالخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة بدأ الغزل مع الإسرائيليين حينما أدلى بتصريح خارج عن اللياقة الدبلوماسية المعتادة، إذ دعا إلى “تخليص لبنان” من وجود الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، في تصريح عنيف وغير معتاد ويحمل تهديداً قد يؤدي إلى تداعيات.
بعدها انتقل وزير الخارجية إلى الولايات المتحدة، وقبل أن يلقي كلمة البحرين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتحديداً في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، جمع غداء عمل في نيويورك الوزير مع الجمعية الأميركية ـ اليهودية، وهي إحدى اللوبيات العاملة داخل أميركا، وهي قناة تواصل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بصورة ملتوية. وعبّر أعضاء في الجمعية عقب الغذاء عن “إعجابهم بالتطورات التي تشهدها مملكة البحرين على كل الأصعدة”.
وفي 30 سبتمبر/ أيلول الماضي، ألقى الوزير كلمة البحرين من على منبر الأمم المتحدة، وكانت كلمة تحمل بصمة “غداء العمل” مع اللوبي اليهودي، ويمكن إيجاز الملاحظات في خطاب وزير الخارجية كالآتي: لم يشرِ الوزير خلال مطالبته بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح الذري إلى الترسانة النووية الاسرائيلية، واكتفى بالحديث عن برنامج إيران النووي فقط.
واعتبر الوزير أن إيران هي “أهم تحد لاستقرار المنطقة”، وهذا بالتحديد ما ذكره نتنياهو في خطابه حيث أشار إلى أن إيران “تهدد استقرار الشرق الأوسط وتهدد أمن البحرين، اليمن وسوريا”.
ودان الوزير الإرهاب لكنه حدد “حزب الله” اللبناني فقط كمثال وحيد له، بينما الحزب هو العدو الأول لـ”إسرائيل” وهو شريك في الحكومة اللبنانية ويحتفظ بتواصل مع معظم الدول العربية إن لم يكن كلها، بل حتى مع السعودية لولا تفاقم المشكل الطائفي بسبب سوريا.
الوزير كرر الالتزام بعملية السلام مع “إسرائيل” وهذا ليس بجديد، لكنه تحدث عن أمن “إسرائيل” والإسرائيليين بشكل فيه تودد واضح لم تنص عليه “مبادرة السلام العربية”، إذ قال في كلمته “… وتمد اليد إلى للشعب الإسرائيلي بما توفره له من ضمانات الأمن اللازمة لطمأنته من أي خطر أو تهديد لوجوده”.
وكان واضحاً ذِكْر الوزير لمطلب الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، لكنه أشار إلى أن عاصمتها جزء من القدس فقط، وأنه يجب أن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها “القدس الشرقية”، بينما تؤكد كل الوثائق والتواريخ أن مدينة القدس كلها كانت تحت يد الفلسطينيين، وليس الجزء الشرقي منها فقط.
من جهته، رد نتنياهو الغزل بالغزل حينما ذكر البحرين نصاً في كلمته، وتبنى موقف النظام فيها حينما قال إنها تتعرض لتدخلات من الجانب الإيراني، وقال حرفيا “إن إيران تساهم في عدم الاستقرار في البحرين ولبنان واليمن ودول أخرى”.
هو غزل لم يتوقف، بل سار بأسرع مما سار عليه التقارب الإيراني ـ الأميركي، حيث ذكرت القناة الإسرائيلية الثانية أن وفداً خليجياً حط في تل أبيب الأسبوع الماضي، ليكشف بعدها الموقع الإلكتروني “الحقيقة السورية” الذي يرأس تحريره المعارض السوري نزار نيوف ما قال إنها تفاصيل تخص الوفد الخليجي الذي زار “إسرائيل” مؤخراً.
وكشف الموقع هويات أعضاء الوفد بالقول “برغم أن القناة الثانية رفضت الحديث عن هوية الشخصيات الخليجية التي وصلت إسرائيل، بالنظر إلى عدم السماح لها بذلك، قال مصدر مطلع على القصة في القناة لـ”الحقيقة” إن الأمر “يتعلق برئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان الذي يشكل رأس الرمح الأميركية ـ الإسرائيلية في الحرب على إيران والشيعة في المنطقة، ومستشار الأمن الوطني ونائب رئيس المجلس التنفيذي في أبو ظبي، هزاع بن زياد آل نهيان، واللواء عادل بن خليفة الفاضل، رئيس الاستخبارات في البحرين، الذي يعتبر من أوثق ضباط المخابرات الخليجيين ارتباطا بجهاز”الموساد” بعد الأمير السعودي بندر بن سلطان”.
هي اندفاعة سياسية خطيرة تقوم بها دول الخليج ومن دون اكتراث برأي شعوبها، في حين لا يزال الصمت يلف أروقة جمعيات الموالاة في البحرين، ولا تزال السلطات البحرينية تبحث وسط كل التغيرات عن بدائل تجنبها أسوأ كوابيسها وهو “ديمقراطية كاملة يكون الشعب فيها مصدر القرار ويخط فيها دستوره بيده”.
المصدر: موقع مرآة البحرين