العملية التركية في سورية: إستنفار كردي وشرط لتحرك دولي!
وكالة أنباء آسيا-
عبير اسكندر:
أكدت مصادر كردية أن تركيا تتأهب بشكل جدي للقيام بعملية عسكرية في الشمال السوري، ما استدعى حالة استنفار غير مسبوقة في صفوف القوات الكردية والفصائل الموالية لها.
وقال القيادي في المجلس الوطني الكردي بشار أمين، أن تركيا تسعى أيضاً إلى تعديل اتفاقية أضنة مع الدولة السورية، بغية السماح لها بدخول الأراضي السورية بعمق 30 كيلومتراً، مضيفاً: لا أعتقد أن تركيا تجازف دون ضوء أخضر أمريكي، أما الجانب الإقليمي فلم يحرك ساكناً منذ الهجمات التركية السابقة،
واعتبر أن هناك آثاراً عديدة، أهمها تغيير الطبيعة الديموغرافية بسبب توطين المهجرين في تلك المناطق، وقد لا يكون وضع هذه المناطق أفضل من مناطق عفرين، ورأس العين، وتل أبيض، المعرضة للقلق والانتهاكات المستمرة، وفق قوله.
في حين رأت مصادر دبلوماسية أن أنقرة تستغل الحرب الأوكرانية وأزمة الناتو لإطلاق عملية عسكرية تقضي فيها على الوجود الكردي على حدودها الذي تعتبره “إرهابياً”، مبررة عبر مجلس الأمن القومي التركي، أن العمليات المنفذة والتي ستنفذ على الحدود التركية الجنوبية هي ضرورة للأمن القومي ولا تستهدف وحدة أراضي الجيران.
في المقلب الآخر، اعتبرت المصادر أن السلطة التركية ربطت عملية دخول فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو” بعمليتها العسكرية في الشمال السوري، لتأخذ المباركة الأمريكية على الأرض السورية.
وفي الساعات الماضية، كان قد اعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستشرع قريباً باستكمال إنشاء “مناطق آمنة بعمق 30 كيلومترا، على طول حدودنا الجنوبية (مع سوريا)”، وهو الأمر الذي حققت أنقرة جزءا منه، عبر عمليات عسكرية شنتها في الشمال السوري، كان آخرها عملية “نبع السلام” أواخر عام 2019.
أردوغان حدد المناطق التي ستأتي على رأس أولويات العمليات العسكرية التركية المزمعة، بتلك التي “تعد مركز انطلاق للهجمات على تركيا والمناطق الآمنة”، وذلك في إشارة إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية، التي ترى فيها أنقرة “واجهة” لحزب العمال الكردستاني.
وقد أكد أن العمليات ستبدأ بمجرد انتهاء تحضيرات الجيش والاستخبارات والأمن، وسط دعوات أنقرة للحلفاء بدعم العملية، وبينما يتوجه وفدا التفاوض الفنلندي والسويدي الى أنقرة، لإقناع المسؤولين الأتراك بالعدول عن موقفهم الرافض لانضمام البلدين إلى حلف الناتو، يكرر أردوغان اتهامه لهما باستضافة قيادات وعناصر تعتبرها أنقرة ارهابية، من حزب العمال الكردستاني المعارض، والذي يقود تمردا مسلحا ضد الدولة التركية منذ عام 1984، ويتخذ من جبال قنديل في شمال العراق منطلقا لهجماته على تركيا.
وربما من مصلحة واشنطن أن لا تشكل عقبة في وجه العملية العسكرية التركية ضد المسلحين الأكراد، إذا كان السماح بانطلاق العملية هو الثمن الحقيقي الذي سيدفع أرودغان للقبول بتوسعة الحلف وفتح جبهة مع روسيا بعرض 1300كم عبر الحدود الفنلندية، تضمن حدود الحلف الشمالية الشرقية، وتبعد خطر روسيا عن أوروبا.
وبالعودة إلى بداية الحرب السورية، فقد كانت فكرة إقامة منطقة عازلة شمالي سورية بهدف معلن هو حماية المدنيين، شنت منذ عام 2016 ثلاث عمليات عسكرية في الشمال السوري كان هدفها القضاء على المسلحين الأكراد وإبعاد سيطرتهم عن المناطق القريبة من حدودها هي: “عملية درع الفرات” (بين مدينيتي أعزاز وجرابلس) عام 2016، وعملية “غصن الزيتون” (عفرين) عام 2018 وعملية “نبع السلام” (بين مدينتي تل أبيض ورأس العين) عام 2019.
وتخضع المناطق التي كانت مسرحا للعمليات الثلاث الآن إلى سيطرة فصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة، وهي تجاور مناطق ما زالت خاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية، ذات الأغلبية الكردية.
وتقول أنقرة إن المسلحين الأكراد في سوريا والمنضوين تحت لواء قوات سورية الديمقراطية ووحدات الحماية الكردية، ما هم إلا الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني، وتأخذ على واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي، استمرار دعمهم بالمال والسلاح.
وفي حال تمت السيطرة على المنطقة من قبل القوات التركية بأن تكون كافية لإقامة منطقة عازلة تحفظ لأنقرة أمنها بعيدا عن مدى أي قذائف صاورخية يمكن أن تسقط داخل الاراضي التركية، وهي كفيلة أيضا باقامة منطقة قادرة على استيعاب مليوني لاجئ سوري، يريد أردوغان ان يعيدهم “طوعا”، كما يقول إلى بلادهم، لتخفيف العبء السياسي والاقتصادي الذي يواجهه قبل موعد الاستحقاق الانتخابي المقلق بالنسبة له بعد نحو عام من الآن.