«العلاقة مع أميركا في بداية الطريق»… ركن أبادي لـ«السفير»: زيارة روحاني للسعودية ممكنة بعد الحج
صحيفة السفير اللبنانية ـ
مارلين خليفة:
تختبر إيران نيات الولايات المتحدة الأميركية بعد الخطوة الأميركية بـ«الاقتراب منها» في نيويورك على هامش أعمال الدورة الـ68 للجمعية العامّة للأمم المتحدة، بحسب تعبير سفير إيران في بيروت الدكتور غضنفر ركن أبادي الذي يفضل هذا التوصيف على عبارة «التقارب الأميركي الإيراني».
لا يخرج الرئيس حسن روحاني من عباءة مبادئ الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلا في المقاربة المعتدلة «فهو ليس إصلاحياً بل معتدل أو وسطي، كما الرئيس نجيب ميقاتي»، كما يقول ركن أبادي ممازحاً.
وإذا كان روحاني يحتاج الى مئة يوم للإعلان عن سياسات جديدة ينتهجها داخلياً، فإنه يتبع النهج السياسي نفسه للجمهورية الإيرانية في السياسة الخارجية، مع إضافة قليل من التوابل التي تجعل قبول الثوابت الإيرانية أسهل، سواء من الولايات المتحدة الأميركية أو من الدول المجاورة في «الخليج الفارسي»، كما يصرّ ركن أبادي على توصيفه.
فتخصيب اليوروانيوم خطّ أحمر، وهو سيكون الموضوع الأساس على جدول أعمال مجموعة الـ(5+1) التي ستجتمع في جنيف في 15 و16 الجاري. وماذا يعني عملياً سحب هذا الملف من المجلس الأعلى للأمن القومي والسياسة الخارجية؟ يقول ركن أبادي: «لن تتغير المقاربة، كان الملفّ من حيث الإشراف والتنفيذ في يد المجلس المذكور الذي سيبقى مضطلعاً بمهمة الإشراف، أما المفاوضات والتنفيذ فستكون من صلاحية وزارة الخارجية».
الدعم الإيراني مستمر للقيادة السورية ولشعبها، وإيران مع «كل من يخرج من صناديق الاقتراع»، هذا ما يجيب به ركن أبادي عند سؤاله عما إذا كانت طهران متمسكة بشخص الرئيس بشار الأسد، مشيراً الى أن «التعاون مع سوريا يندرج في إطار الاتفاقات بين البلدين، وإيران تقوم بواجبها».
بالنسبة الى رأي إيران بمؤتمر جنيف ـ 2 المزمع عقده في منتصف تشرين الثاني المقبل يقول: «إيران مع أيّ حلّ سياسي، لكننا نريد أن يكون على أساس بيان جنيف ـ 1 وعلى أساس حل سوري ـ سوري وإجراء الانتخابات بإشراف دولي».
أليس تدمير الكيميائي خسارة استراتيجية للنظام السوري في وجه إسرائيل؟ يقول: «نحن نرى في الأمر مكسباً، فنحن من أوائل ضحايا الأسلحة الكيميائية، وعلى الرغم من أن صدام حسين استفاد من هذه الأسلحة ضدّ الشعب الإيراني، فالإمام الخميني نفسه قال إنه من الحرام استخدام هذا السلاح ضدّه، وبالتالي هذا السلاح لا فائدة ترتجى منه هو والسلاح النووي، وإيران ضدّ أسلحة الدمار الشامل بأنواعها كلّها، وتطالب بتجريد المنطقة كلها من هذه الأسلحة. فلبنان اليوم متفوّق على إسرائيل ولا يمتلك سلاحاً كيميائياً ولا نووياً، وأكبر دليل الارتياح الحاصل على الحدود مع إسرائيل، تنبثق قوّة لبنان من الجيش والشعب والمقاومة وليس من سلاح كيميائي، وبالتالي لا يمكن الحديث عن خسارة في سوريا».
«حزب الله» اللبناني ركن من أركان المقاومة على غرار سوريا، وبالتالي هو لن يكون وسلاحه عرضة لتفاوض أو تنازلات أو صفقات مع الولايات المتحدة الأميركية، يقول ركن أبادي: «إن صمود الشعب الإيراني هو من ثمار جبهة المقاومة من إيران وسوريا ومن «حزب الله» وحتى من «حماس»، وثمار الصمود لا يمكن التضحية بها، إن «حزب الله» ركن أساسي من أركان المقاومة كما سوريا، فكيف نتخلّى عنهما؟».
بالنسبة الى ملف البحرين يقول: «لا تدخّل مباشراً لإيران في البحرين، لو كنا نتدخّل لاتخذت الأمور منحى آخر، وهي سلمية لغاية اليوم، إيران تلتزم بمبادئها وتدعم المطالب المحقة للشعوب في كل مكان، سواء في البحرين أو فلسطين أو لبنان، أو في أيّ مكان في العالم».
العلاقة مع الدول الخليجية
يحرص ركن أبادي على الكلام اللطيف على الدول الخليجية. وهل يعكس عدم قيام الرئيس روحاني بزيارة السعودية لأداء فريضة الحج تباعداً مع الخليج؟ يقول: «أنا لا أقبل هذه النظرية وهذه الفكرة، فتقاربنا مع الولايات المتحدة لا يعني تخلينا عن ثوابتنا، ومنها أن تخصيب اليورانيوم خطّ أحمر كما قال روحاني، هذه سياسة استراتيجية عامة في إيران. أمّا بالنسبة الى العلاقة مع البلاد المجاورة في الخليج، وعلى رأسها السعوديّة، فهي أولوية بالنسبة الينا، كما مع دول مجموعة عدم الانحياز والبلاد الإسلامية، ولا يوجد تباعد مع الخليج، لا يمكن أن يكون الاقتراب الأميركي من إيران على حساب هذه البلاد، ونحن مكلفون بتعزيز العلاقة معها أكثر فأكثر».
ويشرح أنّ «زيارة روحاني للسعودية لم تحسم أصلا كي يتمّ إلغاؤها. فعندما تحسم زيارة ما الى مكان ما عندها يمكن القول إنها ألغيت، لكن الموضوع لم يحسم أصلا، حتى موضوع الدعوة لم يكن بشكل بروتوكولي، بل كان بمثابة كلام عن رغبة بأن يقوم روحاني بهذه الزيارة، ولم تحصل نظراً لجدول أعماله المكتظ. لكن نظراً لهذه الإيجابية بين إيران والسعودية سيكون من الممكن تحديد الزيارة لاحقاً وبعد موسم الحج، فليس ضرورياً ان تكون في موسم الحج حيث كثافة الزيارات للمسؤولين».
هكذا اقتربت أميركا من إيران
«نحن في بداية الطريق لكن الأمور لم تكن مُجدْوَلة سابقا»، يقول ركن أبادي متحدثاً عن التقارب مع أميركا، مشيراً الى أنه لم تكن توجد في الأصل أي مواعيد للرئيس روحاني مع الإدارة الأميركية، «وما حدث أن الأميركيين هم الذين أرادوا الاقتراب من إيران في خطوة احادية من جانبهم». يشرح ركن أبادي هذا المسار الذي بدأ في نيويورك بقوله: «بحسب السير المنطقي للأمور كان موضوع الضربة لسوريا يسير في اتجاه التنفيذ، لكن سبق وقلت إن هناك أسباباً مختلفة ستعيقه، وهذا ما حصل. قامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهتها بحركة واسعة لتجنيب المنطقة الحرب، وخاطبت الرأي العام العالمي والأميركي بشكل خاص، وهنا يقرأ الإيرانيون تراجعاً في الموقف الأميركي، لم يكن من شيء تحت الطاولة، منذ زمن بعيد وخلال كل اجتماعات مجموعة الـ (5+1) كان الأميركيون يحاولون الجلوس معنا والتحدّث ثنائيّاً، لكننا تشبثنا بمبادئنا وأصولنا وقواعدنا وقلنا إنه لا يمكننا القبول بأي عرض أو طلب إلا إذا نفذت أميركا شروطنا، وأبرزها التعامل معنا من الند الى الند والتحدّث بلغة الاحترام والتكريم حتى يكرّموا، كما قال الرئيس روحاني».
يضيف: «إنّ ما حدث في نيويورك لم يكن رسمياً، والجميع يعلم كيف تم اللقاء بين وزيري الخارجية الأميركي والإيراني وكيف حصل الاتصال الهاتفي من الرئيس أوباما للرئيس روحاني عندما تحدث أوباما معتذراً لروحاني عن زحمة السير في نيويورك، ثم انتقل للحديث عن الملف النووي الإيراني، وهذه السنة لمسنا إيجابية في كلمة الرئيس الأميركي أمام الجمعية العامّة للأمم المتّحدة حيث أكّد احترام وقبول الولايات المتحدة الأميركية بتمتع إيران بالطاقة النووية السّلميّة، وبهذا الشكل نعتبر الأمر خطوة إيجابية، لكننا نقول إنه ينبغي أن تقترن الأقوال بالأفعال، وينبغي أن يقوموا بأشياء كي نثق بهم».
وعن «تراجع» إيران ايضاً عبر اعتراف الرئيس روحاني بالمحرقة اليهودية في خطابه في الأمم المتحدة قال: «هذا بحسب المصادر الصهيونية، وثمة تحريف فيه، فالرئيس روحاني قال بشكل عام نحن ندين أي نوع من المجازر ضد اليهود وسواهم، لكن حرّف الأمر بشكل معين».
ويردّ ركن أبادي «التراجع» الأميركي الى أن «الولايات المتحدة الأميركية استفادت من كل الأساليب من أجل تغيير النظام في إيران أو تغيير سلوكها، من اغتيالات وعقوبات اقتصادية قال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إنها كفيلة بإطاحة النظام في غضون 6 اشهر، لكن تبين من الانتخابات أنّ الشعب الإيراني يتحمل كل الصعاب ولا يتراجع، لذا كان الانفتاح الأميركي، إذ وجد الأميركيون أن هذه الأساليب تحرّض شعوباً أخرى على التمرّد، حيث ترى أنه يمكن العيش بعزّة والوصول الى التطور الصناعي والنووي والاكتفاء الذاتي بلا الولايات المتحدة الأميركية».