العلاقات الألمانية – الأمريكية في خطر
في حالة من الاستغراب انتشر خبر إقرار العقوبات على روسيا في الخامس عشر من حزيران الماضي، عقوبات تتعلق مباشرة بالمشروع الروسي لخط أنابيب نقل الغاز إلى أوروبا “نورد ستريم 2” الذي يُفترض أن يربط روسيا بألمانيا عبر بحر البلطيق….
في حالة من الاستغراب انتشر خبر إقرار العقوبات على روسيا في الخامس عشر من حزيران الماضي، عقوبات تتعلق مباشرة بالمشروع الروسي لخط أنابيب نقل الغاز إلى أوروبا “نورد ستريم 2“ الذي يُفترض أن يربط روسيا بألمانيا عبر بحر البلطيق، ويزيد من اعتماد دول الاتحاد الأوروبي على “جازبروم” الروسية التي تمد القارة فعلياً بثلث احتياجاتها من الغاز، ويراه مؤيدون على رأسهم ألمانيا فرصة للحصول على إمدادات غاز بأقل تكلفة. من بين الشركات التي قد تطولها العقوبات شركة التوزيع الفرنسية إنجي، والشركات الألمانية “يونيبر” التي انفصلت عن (أيون)، و”فينترشال” (باسف) والنمساوية “أو إم في”، والبريطانية – الهولندية (شل)، وجميعها مساهمة في المشروع الذي تقدر قيمته بـ 9.5 مليار يورو (10.6 مليار دولار).
ردا على العقوبات، نشر موقع وزارة الخارجية الألمانية حينها بيانا مشتركا لوزير خارجية المانيا زيغمار غابرييل ومستشار النمسا كريستيان كيرن، ينتقدان فيه بشدة الولايات المتحدة، واتهما المشرِّعين الأمريكيين بالضغط من أجل مصالحهم التجارية (الغاز والنفط)، في محاولة منهم لإخراج روسيا من سوق الغاز الأوروبية، والضغط المرفوض على الشركات الأوروبية التي تساهم في مشروع “نورد ستريم 2″، وتهديدها بفرض غرامات عليها. وهذا “تحدٍ سلبي جدا” للعلاقات الأوروبية–الأمريكية، بحسب غابرييل وكيرن. وعلاوة على هذا، حذر السياسيان: من أن خطر فرض عقوبات جديدة ضد روسيا من جانب واحد، يهدد بـ “تقليص فعالية” الجهود المشتركة للغرب لتسوية النزاع الأوكراني.
في هذه الأحوال يمكن لتغيير مهم أن يحدث، فاندلاع حرب تجارية بين اوروبا والولايات المتحدة سيؤدي إلى زوال الناتو. ومن جهتهم يتهم مخالفو خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي المانيا بتهديد المصالح الأمنية والإقتصادية في اوروبا الشرقية والوسطى، ويرون في ذلك خسارة للدعم الأمريكي لحلف الناتو. ويعتبرون ذلك إخلالا في أمن الطاقة في الإتحاد الأوروبي، في نظرة ليس فيها من الصحة شيء، فالإتحاد الأوروبي هو من أضر بنفسه في مجال الطاقة في اجتماعات بروكسل.
المحلل السياسي بيتر جاي سبينغلر يرى في العقوبات خطوة لم تدخل حيز التنفيذ بعد، وفي حال تنفيذها ستكون هجوما على ألمانيا والنمسا وستؤثر على أعضاء الإتحاد الأوروبي وجميع المنتفعين. ويعطي سبينغلر مثالا عن اتفاقية التعاون الاقتصادية بين ألمانيا والإتحاد السوفيتي في العام 1978، والتي بقيت 25 عاما. وكانت تحدد العلاقات بين الطرفين حتى جاء هيلموت كول صيف العام 1989 وأجرى تعديلات على ذلك.
ولطالما سعى مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، زبغنيو بريجينسكي لتخريب الإتفاقية التي كانت تشمل مثلث نقل الغاز بين موسكو وطهران ومدينة بون الألمانية.
بالتالي لم يتغير شيء من السبعينات حتى اليوم، فواشنطن تختلف مع طهران وموسكو، وهي تواجه الطرفين بشتى الوسائل. تضغط على موسكو بالعقوبات، وتعمل على إقرار قانون ضد التحركات الإيرانية. في خطوات لا يمكن النظر عليها كأنها صدفة، بل يسعى مجلس الشيوخ لاستهداف روسيا في مجال الطاقة، في مؤشر واضح على حرب ضروس في هذا المجال.
ويعمل مجلس الشيوخ الأمريكي على مواجهة نورد ستريم2 يتصدير الغاز الطبيعي من الولايات المتحدة، في خطوة تساعد على ايجاد فرص عمل لواشنطن، وتقوي سياستها الخارجية. ومن الواضح أن من دفع في العامين 2015 و2016 مبلغ 50 مليون دولار ليصل البعض إلى مجلس الشيوخ قد حصل على مبتغاه، يرى محللون.