العربدة الإسرائيلية والنفخ في نارها..!!
صحيفة الثورة السورية ـ
علي قاسم:
لم تضف العربدة الإسرائيلية في شكلها ومضمونها جديداً إلى الطبيعة العدوانية لكيان الاحتلال، لكنها سجلت واقعة جديدة في سجل اعتداءاته المتواصلة، وفتحت على الأقل نقاشاً كان مستتراً، وتزامن مع إفراج الأمم المتحدة في تقارير قواتها العاملة في الجولان العربي السوري المحتل عن العلاقة القائمة بين الكيان والتنظيمات الإرهابية، وأزاحت الستار عن جزء من الصمت الدولي المريب عن الدور الإسرائيلي في دعم الإرهاب.
وإذا كان من الصعب التعويل على الموقف الدولي بحكم إدمانه على غض النظر عن الاعتداءات الإسرائيلية والتغاضي عن إرهابها وعن علاقتها بالتنظيمات الإرهابية، فإنه سيكون من العسير تجاهل التداعيات التي تفتتحها هذه الاعتداءات وما تحمله من تأجيج متعمد للنار في المنطقة، بحكم أن هذه الاعتداءات لن تكون خارج المعادلات التي تفرضها التطورات الأخيرة، وتحديداً ما يتعلق بالمهمة الوظيفية لإسرائيل التي تحاكيها هذه الاعتداءات.
فالواضح أن إسرائيل طورت من مهمتها الموكلة إليها في دعم الإرهاب من تحت الطاولة إلى فوقها، ومن اقتصارها على أعين الجنود الأمميين إلى رؤوس الأشهاد وأمام العالم كله، ومن التنسيق والدعم اللوجستي والاستخباراتي إلى العدوان العسكري المباشر، ومن الاقتصار على توجيه دور الوكلاء من المرتزقة والإرهابيين إلى العمل أصالة عن نفسها ووكالة عن مرتزقتها، ومن التشفير في الموقف السياسي إلى التصريح والتوضيح وتقديم الأدلة والبراهين والقرائن على مقامرتها بالمنطقة واستقرارها للحيلولة دون هزيمة مرتزقتها وإرهابييها.
بالمقابل ماذا فعل العالم بعد كل ما طرأ من تعديلات على الوظيفة الإسرائيلية؟ هل صعّد من انتقاده وتنديده؟ هل خرجت الأصوات المبحوحة عن صمتها حيال العدوان الإسرائيلي؟ وهل سمع أحد الصوت الأميركي بغير ما هو فيه؟!!
لا ننتظر تلك الإجابة بمماحكة إضافية في تبرير الأسباب الموجبة لتأخر ردود الفعل واقتصارها كالعادة على التنديد والتحذير لتطويها الأيام في أدراج النسيان بعد حين، ولا نعوّل عليها، بل لا نراهن على تحرك يوازي ما ينطوي عليه العدوان الإسرائيلي من خطورة محدقة، تطال المنطقة برمتها، وتفتح الباب على مصراعيه أمام السيناريوهات الأسوأ المؤجلة.
فحين تولع إسرائيل النار في أوراق الحرب والعدوان، سواء كان من أجل معاركها الداخلية وحروبها البينية في تسجيل النقاط بين أطراف لعبتها السياسية أم من أجل نصرة إرهابييها ومرتزقتها، على العالم أن يدرك أن المعادلات ليست رهناً بتلك الأوراق، وأن المنطقة لا يمكن أن تستوي على ما تفرزه الحسابات الإسرائيلية، ولا على ما ترسمه دوائر قرار العدوان داخلها، خصوصاً حين تقترن بعربدة تتجاوز مسألة الرسائل الداخلية وحسابات التنظيمات الإرهابية.
الأخطر حين يتوهم قادة العدوان ومن يجاريه بهذا الوهم، ابتداء من واشنطن وليس انتهاء بمشيخات الخليج ومروراً بكثير من الدول الوظيفية في المنطقة، أن بإمكانهم استغلال الظرف الناشئ لتسجيل نقاط لمصلحة الإرهاب وتنظيماته، أو أن بمقدورهم التعويل على إنشغال سورية بمحاربة الإرهاب ليتمادى العدوان.
فسورية التي تحارب الإرهاب تدرك مسبقاً أن هناك من يتربص بها وأن العدوانية الإسرائيلية قائمة في أي لحظة، ومخطئ من يتوهم للحظة واحدة، أن جاهزيتها للرد قد تأثرت بما تعرضت له، أو حرفتها عن بوصلة الخطر القائم المتمثل في وجود العدوانية الإسرائيلية الدائمة والجاهزة لممارسة عربدتها.
وكما استطاعت أن تغير معادلات وأن تقلب حسابات كبرى وصغرى.. إقليمية ودولية في محاربة الإرهاب، فإنها قادرة على قلب معادلات العدوان وحسابات الكبير فيه والصغير، وهذا أمر محسوم وعلى المعتدي ومن يقف خلفه أن يضع ذلك في حسبانه، إن لم يكن اليوم فغداً بالتأكيد.
وهو أمر لم يغب، ولا يمكن أن يغيب، وحذار من التمادي أو الذهاب بعيداً في الافتراض والاعتماد على استعراض العضلات، فقد انتهت صلاحية استخدامها منذ زمن بعيد، والعودة إلى النفخ في رماد جمرها، ونار عربدتها لن تترك موضعاً ولا مكاناً إلا وتطاله!!!