العدو يتهم وحزب الله لا يعلق: كمين متفجر في مزارع شبعا
تعاملت اسرائيل مع تفجير عبوة بدورية لقواتها في مزارع شبعا المحتلة، كأنها واحدة من خطوات الرد على الغارة التي استهدفت منطقة جنتا البقاعية قبل اسابيع. وربطت بين العبوة وبين هجمات وقعت اخيراً في الجولان
في تطور عسكري هو الأبرز منذ وقت طويل، انفجرت عبوة ناسفة كبيرة بدورية عسكرية اسرائيلية داخل مزارع شبعا المحتلة، موقعة 4 اصابات في صفوف الجنود. وسارعت اسرائيل الى تحميل حزب الله المسؤولية عن العملية، وعمدت الى قصف على مواقع قريبة من الانفجار، واخرى على الحدود مع العديسة، فيما اجرت قيادة جيش الاحتلال اتصالات مكثفة مع قيادة اليونيفل في الجنوب، طالبة التدخل لمنع اي تصعيد.
حزب الله لم يعلق على الانباء. ومصادر في قوات اليونيفل، قالت إنها تنتظر ساعات صباح اليوم لتجري تحقيقا في الامر، لكن قوات الاحتلال سعت خلال ساعات الليل امس الى فرض حصار على موقع العملية، وتولت وحدات عملية اخلاء وسحب لالية مصابة وتنظيف للمكان، مع تمشيط لكل المنطقة المجاورة.
الهجوم وقع، عند الطريق المؤدية الى موقع قيادة العدو في مزرعة زبدين المحتلة، وفي نقطة تفصل تماما مزرعة زبدين عن مزرعة بسطرة المحررة. وتعرف تلك المنطقة بأنها مليئة بالاحراج، ويصعب التنقل العسكري فيها بسهولة. علما انها منطقة تحرك رعاة الماشية، وسبق لقوات الاحتلال ان اعتقلت او جرحت او قتلت بعض هؤلاء الرعاة سابقا.
التفجير الذي حصل قرابة السادسة من مساء أمس، استدعى من قوات الاحتلال عمليات تمشيط وقصف وفق الية اظهرت انها جزء من خطة لمواجهة عمليات اقتحام او خشية عملية اسر لجنود. وقد سارع عسكريون الى ابلاغ صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية ان طبيعة الهجوم تشبه الى حد بعيد هجمات سابقة استهدفت اسر جنود، لكنّ ناطقا باسم جيش الاحتلال، نفى في وقت متأخر هذا الاحتمال، متحدثا عن رد فوري استهدف موقعا للمقاومة.
وقال مراسل قناة «المنار» في الجنوب علي شعيب إن «أهالي بلدة الخيام شاهدوا بأم العين انفجار العبوة في الالية الصهيونية، التي كانت متوجهة إلى احد المواقع الصهيونية داخل الاراضي المحتلة بمزارع شبعا قبالة كفر شوبا».
عمليا، لجأ العدو الى قصف منطقة الاحراج في مزرعة بسطرة بعدد من القذائف، ثم القى عددا من القنابل المضيئة، قبل ان تتحرك مروحيات في الاجواء مترافقة مع طائرات استطلاع. وبعد نحو ساعة، تقدمت دبابة ميركافا اسرائيلية على تل في مستعمرة مسكاف عام المطلة على بلدتي كفركلا والعديسة، وعمدت الى اطلاق قذيفتين ورشقات من سلاح متوسط باتجاه نقطة في تلة العويضة، حيث كان يقام قبل عام 2006 مركز مراقبة للمقاومة. وقد استهدف القصف المدفعي والرشاشات محيط هذه النقطة، من دون ان يؤدي الى وقوع اصابات او الى اضرار بالغة.
وبعد نحو نصف ساعة على «الرد»، تلقت قيادة قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب اتصالات من جانب قيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال، شاكية حصول خرق للخط الازرق، ومعلنة ان الجيش الاسرائيلي قام بالرد المناسب، وطلب العدو من اليونيفل تسيير دوريات لمنع حصول أي تصعيد، فيما كانت الطريق التي تربط هذه القرى بقرى اخرى في قضاء بنت جبيل تشهد حركة سير عادية من قبل المواطنين. بينما اضاءت قوات الاحتلال ليلا منطقة المزارع المواجهة لبلدة الخيام بعشرات القنابل المضيئة.
وحرصت اسرائيل امس، برغم تهديدات مصادرها، على بث اشارات التهدئة وعدم الرغبة في التصعيد. وبرغم ان جيش العدو طلب من المستوطنين عدم الاقتراب من السياج الحدودي مع لبنان، من مستوطنة كريات شمونة حتى الجولان، الا انه اكد ضرورة عدم الهلع وعدم الاسراع الى فتح الملاجئ، وأكّد كذلك مواصلة الروتين الاعتيادي في المستوطنات المحاذية للحدود. واشار موقع «يديعوت احرونوت» الى أن ضباطا في الجيش يجرون اتصالات مع ضباط في اليونيفل، الذين هم على اتصال مع ممثلين عن الجانب اللبناني، في محاولة منهم لمنع المزيد من التصعيد.
اتهام حزب الله
لكن العدو سارع امس الى تحميل حزب الله مسؤولية زرع العبوة الناسفة، وأدرج المعلقون الامر في سياق «الحساب المفتوح مع حزب الله».
واكتفى الناطق باسم الجيش بالاشارة الى العبوة ابتداء مع اغفال الحديث عن اصابات، ليعود لاحقا ليعترف بنقل ثلاثة جنود الى مستشفى «زيف» في صفد، بينما اضاف ضابط رفيع المستوى، جريحا رابعا الى الثلاثة.
وقال مصدر عسكري اسرائيلي رفيع، في حديث لصحيفة «يديعوت احرونوت» إن «يد حزب الله في هذه المسألة، وسوف نعمل على اصابة هذه اليد». اما الناطق باسم الجيش الاسرائيلي، أفيخاي أدرعي، فأعلن أنه «بعد تعرض قوة عسكرية لتفجير عبوة ناسفة على الحدود مع لبنان، ردّ الجيش بنيران دبابات ومدفعية مستهدفًا موقعا تابعا لحزب الله».
وتناقلت وسائل الاعلام العبرية عن مصادر عسكرية، تأكيدها ان مدفعية الدبابات اطلقت عشرات القذائف باتجاه مواقع لحزب الله بالقرب من الحدود، ومن بينها موقع تابع للحزب في بلدة كفركلا، فيما اشار ضابط رفيع المستوى لموقع «واللا» الاخباري إلى أن «قوة مدرعة هاجمت موقعا لحزب الله في قطاع مزارع شبعا»، مضيفا ان «المدفعية وجهت قذائفها باتجاه مواقع مشبوهة في بلدة كفركلا اللبنانية». اما صحيفة «جيروزاليم بوست»، فاشارت بدورها، وأيضا نقلا عن مصادر عسكرية، الى ان «مدفعية الجيش دمرت موقعا لحزب الله، الى الشمال من مستوطنة المطلة».
وعلى غير عادة متبعة، لم تصدر مواقف وتصريحات مباشرة لمسؤولين اسرائيليين، عسكريين وسياسيين، واكتفت تل ابيب بمقاربة الصحافيين والمحللين. وقال مراسل القناة الثانية العبرية، إن احدا ما في لبنان يريد ان يقول إنه غير راض عن «امور غامضة تحدث في بلاد الارز»، في اشارة منه الى الغارة الاسرائيلية على الحدود اللبنانية ـــ السورية التي استهدفت موقعا لحزب الله. وأضاف إن «حادثة العبوة خطيرة وشاذة جداً، وتأتي بعد سنوات من الهدوء على الحدود، وتحديدا في هذا القطاع، الذي يعد اكثر تعقيدا من اي قطاع آخر على الحدود اللبنانية».
أما القناة الاولى، فأشارت في مقدمة نشرتها المسائية الرئيسية، الى ان حادثة العبوة الناسفة تأتي في سياق قلق موجود لدى الجيش حيال ازدياد الحساب المفتوح بين اسرائيل وحزب الله، اي «هذا العدو المختلف تماما عن غيره».
واشار مراسل القناة الى ان حالة من الاستنفار والتأهب تسود وحدات الجيش الاسرائيلي المرابطة على الحدود مع لبنان، واضاف ان الاسابيع الاخيرة شهدت محاولات من قبل منظمات تعمل مع حزب الله لضرب مواقع اسرائيلية من جهة الجولان، وهذا يعني ان هناك جهات من حولنا، تعمل على اشعال القطاع الشمالي.
المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية