العالم إلى مزيد من الأزمات الإقتصادية
صحيفة البعث السورية-
ريا خوري:
من الطبيعي أن يؤثر الموقف الغربي، الأوروبي والأمريكي، العنيف ضد روسيا، على الاقتصاد العالمي، وأن يؤدي إلى اهتزاز الأسواق المالية، ويجعل الحياة أكثر خطورة على الجميع، ابتداءً من العمال المهاجرين إلى المستهلكين الأوروبيين والأمريكيين مروراً بالعائلات الفقيرة والجائعة التي تحتاج إلى رغيف الخبز.
وكان الاقتصاد العالمي يئنّ تحت ضغوط هائلة، ويعاني من مجموعة كبيرة من الأعباء قبل الأزمة الأوكرانية. ومن بين تلك الأعباء ارتفاع التضخم إلى حدّ غير مسبوق، وسلاسل التوريد المعقّدة والمتشابكة، وهبوط أسعار الأسهم في البورصات العالمية، حيث ضاعفت الأزمة الراهنة كل ذلك وعقّدت مجمل الحلول المحتملة حتى تعالت أصوات أصحاب القرار المالي في “معهد التمويل الدولي” للحديث بشكلٍ صريح عن أنّ العالم يعيش في منطقة مجهولة، لا أحد يمكنه التنبؤ بعواقبها في القريب المنظور.
يتوقع “معهد التمويل الدولي” أن يعاني الاقتصاد العالمي انكماشاً مزدوج الرقم هذا العام، وأسوأ حتى من الانخفاض بنسبة 7.8% الذي طاله في العام 2009، عام الركود العظيم. وفي ظل اعتماد أوروبا على واردات الطاقة الروسية، فإن اقتصاد أوروبا معرّض للخطر بشكل خاص. فقد ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة عشرين بالمائة، ناهيك عن الزيادات السابقة التي تضاعفت ست مرات عما كانت عليه مطلع العام الماضي 2021. ويرى المعهد أن صدمة أسعار الغاز المرتفعة ستؤدي إلى زيادة التضخم في جميع الحاجات الرئيسية في الدول الغربية، وفي فواتير الخدمات العامة، والنتيجة أموال أقل بحوزة الأسر لإنفاقها وشراء ما يحتاجونه، وآمال متضائلة في زيادة الإنفاق الاستهلاكي بشكل عام.
وبحسب المعهد، سيواجه الاقتصاد الألماني، الذي تراجع بنسبة 0.7% خلال الربع الرابع من العام الماضي 2021، ركوداً تمّ إطلاق تسمية “ركود تقني” عليه، إذ انكمش مرة أخرى في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، 2022، بحيث يكون من الصعب أن يعوض التراجع الاقتصادي للبلاد.
وتعالت في الآونة الأخيرة الأصوات التي تبحث عن حلول للأزمات الاقتصادية المستجدة في العالم الغربي، فقد صرّح كبير الاقتصاديين في بنك “بيرنبرج هولجر شميدنج” بأنه قد يؤدي ارتفاع الأسعار بهذا الشكل غير المسبوق في مدة زمنية قصيرة إلى تأثير الثقة السلبي وإلى انخفاض نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في منطقة اليورو من 4.3% إلى 3.7% للعام الحالي 2022.
ونتيجة هذا الخلل المتزايد نجد أن الشركات بدأت تتدافع للعثور على ما يكفي من المواد الخام والمكونات لإنتاج السلع الضرورية تلبية لطلب العملاء المتزايد، وتسبّب الاكتظاظ في المصانع والموانئ الدولية وأرصفة الشحن بحدوث نقص وتأخير في عمليات الشحن وارتفاع كبير في الأسعار.