الطاقة الشمسية البديل الأنسب.. إليكم نصائح فنيّة قبل التركيب
موقع العهد الإخباري-
علي ماضي:
الكهرباء حاليًّا في لبنان 24/24 بحال انقطاع، ولا حلول تقليديّة في المدى المنظور، والمواطن بين سندان العتمة ومطرقة المولدات يقف عاجزًا ومتسائلًا من أين سيحصل على بضع ساعات من التغذية الكهربائية، تسدّ “رمق” حاجات منزله الأساسية من هذه الطاقة التي لا غنى عنها ليلًا ونهارًا وفي مختلف قطاعات الحياة اليومية؟..”. فكان الحلّ بالاستفادة من الشمس، عبر ألواح وبطاريات و”انفيرتر”، ليكون هناك بصيص نور في عتمة النفق الذي يعيشه اللبناني.
ارتفاع أسعار المحروقات ودولرة كلّ شي، دفع المواطنين للاقبال بشكل كبير على هذه الطاقة النظيفة، إلاّ أنّه وكما الحال في كلّ شيء تقريبًا في لبنان، يستغلّ التجار الأزمات للمتاجرة بكلّ ما يعود عليهم بأرباح مادية، والطاقة الشمسية جزء منها، فصرت تشاهد على مد العين أنواعًا وأشكالًا من مكوّنات هذا النظام في الأسواق، حتى وصل الأمر أن يتاجر بها صاحب المطعم وبائع الخضار، وأيّ شخص ادّعى أدنى معرفة في الكهرباء.. فدخل الغش والاحتيال وسوء المعرفة إلى هذا القطاع، ليصبح المواطن بحالة من التشتت والضياع.
ولوضع النقاط على الحروف، كان لا بدّ من أخذ رأي ذوي الخبرة والاختصاص في هذا المجال، لكي يتمكّن المواطن المحتار من تحديد خياره، علمًا أنّه على قاعدة المثل العاميّ “عصفور بالإيد ولا عشرة على الشجرة”، فإنّ “كحل” الطاقة الشمسية على قلّة ساعات التغذية وتأمينها للحدّ الأدنى من الكهرباء، أفضل من “العمى” الكلّي لكهرباء الدولة، وتكلفتها المرتفعة نسبيًا أهون على الجيب من لهيب أسعار اشتراكات المولدات التي تكوي جيوب اللبناني شهريًّا.
مهندس الكهرباء محمد جمال جابر، يتحدّث لموقع “العهد” الإخباري عن هذه التقنيّة المنتشرة في لبنان منذ أكثر من عشر سنوات ولكنّها بشكل خفيف، ويلفت إلى أنّه عندما تم تشجيع الناس لاعتمادها سابقًا، كانت المقارنة الاقتصادية بين تكلفتها وبين فاتورة اشتراك مولد الكهرباء تميل للخيار الثاني، ومنطقًيا المواطن محق فعًلا، لأنّ الاشتراك سابقًا أوفر سواء على مستوى سعر المازوت أو تسعيرة العداد أو المقطوعية، في حين أنّ كلفة تجهيز مكوّنات الطاقة الشمسية كانت أعلى.
وبحسب جابر، فإنْ قمنا بدراسة جدوى للطاقة الشمسية، نرى أنّه في حال دفعنا مبلغ كلفتها (وهي تتراوح بين 4000 و6000 دولار حسب حاجة المواطن)، نوفّر مقارنة بالاشتراك، لأنّه بدل أن ندفع مبالغ شهرية كبيرة للاشتراك، يمكن تسديد كلفة الحصول على منظومة الطاقة الشمسيّة دفعة واحدة للميسور ماديًا أو بالتقسيط عبر مشروع قرض الحسن المخصص لهذه الغاية مثلًا، وبالتالي نوفّر الكثير مستقبلًا.
إلاّ أنّه يبقى أن نأخذ في الحسبان الجهة التي تقوم بتركيب هذا النظام، ومدى خبرتها ومصداقيتها في العمل، لأنّ السوق بات مليئًا بـ”المتعدّين على المصلحة”، وكلّ الناس أصبحت تعمل في هذا المجال، ضاربًا مثلًا عن قيام حدّاد بتوسعة عمله ليتعهد ورشًا لتركيب الطاقة الشمسية.
ويلفت المهندس جابر إلى نوعيّة الأدوات المستخدمة، فمثلًا “الانفيرتير” (أو منظّم ومحوّل الكهرباء من الألواح إلى كهرباء 220 فولت)، لديه برنامج على الحاسوب وينبغي برمجته بواسطة software خاص، وكل “انفيرتر” يختلف عن مثيلاته، كما ينبغي الالتفات إن كان هذا النوع مصممًا لدول معينة، وهل يتناسب مع كهرباء الدولة في لبنان ومع الاشتراك فيه.
إضافة لذلك، فإنّ حماية “الانفرتير” مهمّة، نظرًا لوجود بعضها مقلّدة ودون حماية، وكذلك الألواح الشمسية المركبّة، إذ أنّ بعضها يُلصق عليه “ستيكر” على أنّها ذات جودة معيّنة وهي غير جيّدة بالأصل، علمًا أنّها تُفحص على سكانر خاص، وإنْ كانت مطابقة لما هو موجود على “الستيكر” فهي تكون جيّدة.
ويشير جابر إلى ضرورة التنبّه للجهة التي التزمت تركيب النظام، وعلى أيّ دراسة اعتمدت، منوّهًا إلى أنّه في عالم الطاقة الشمسية لا يوجد مفهوم مساوٍ لما هو في الكهرباء العادية (مثل اشتراك 10 أمبير و15 أمبير)، بل هناك مفهوم “كيلوات بالساعة” (kilowatt per hour)، وعلى أساسه يتم البناء على أيّ أساس سأستهلك في المنزل.
لتوفير كهرباء جيّدة للمنزل بأغلب مكوّناته.. التكلفة أقل من 5000 دولار أمريكي
ولدى سؤاله عن أفضل نظام يمكن تركيبه لتزويد منزل بالطاقة الكهربائية الشمسيّة، يفيد جابر أنّ الاحتياجات الأساسية للمنزل بحاجة إلى:
– 8 ألواح شمسيّة بقدرة 540 وات.
– انفيرتر بقدرة 5 كيلووات.
– 4 بطاريات بقوة 220 أمبير.
وهذا النظام بهكذا مواصفات وبضاعة جيّدة تتراوح تكلفتها بين 4500 دولار إلى 4900 دولارًا.
وبذلك يمكن تأمين إنارة وبراد وتلفزيون ليلًا، ونحصل نهارًا حوالي 15 أمبير في وقت الذروة، والمواطن ينبغي أن يشتري النظام على أساس حاجته عند وقت الذروة، أي من الساعة 9.00 صباحًا إلى الساعة 4.00 بعد الظهر، حيث تكون الشمس ساطعة بالشكل الأفضل، لأنّه بعد هذا الوقت لا يمكنه تحصيل هذا الرقم، وغير هذا كلّه كلام لا أساس له من الصحّة.
وينوّه مهندس الكهرباء إلى أنّه يمكن الاستغناء عن اشتراك المولّد، لكن في بعض أيام الشتاء حين تنعدم الشمس بسبب العواصف أو الغيوم، فإنّ البطاريات بحاجة لمصدر كهرباء ثانٍ من الاشتراك أو كهرباء الدولة لكي يساعد في تشريج البطارية إنْ غابت الشمس لثلاثة أيام متواصلة على سبيل المثال.
ويلفت إلى أنّه على المواطن أن يرشد مصروفه بشدّة في فصل الشتاء لكي لا تنقطع عنه الكهرباء وتفرغ البطاريات، بخلاف ما هو عليه في الصيف.
وبمجرّد سطوع الشمس، فإنّ الألواح تبدأ بشحن البطاريات، ولا صحّة للقول أنّ الألواح تعمل على الضوء، فهي تعطي أكثر كلما كانت أشعة الشمس مباشرة عليها بشكل أفضل.
فاللوحة الشمسية تأخذ 1000 وات في المتر المربع من أشعة الشمس، وإن كانت 450 وات فهي تلقائيًا تخسر 30% من عطاء اللوحة.
وهذا يعود للمختص الذي يقوم بالتركيب، فالأمر بحاجة لذوي خبرة ودراسة مسبقة، لأننا نتحدث عن طاقة شمسية لها حساسية، وهي تحتاج لهندسة، لكي لا تحترق الألواح أو يحصل أيّ خلل كهربائي قد يؤدّي لتلف أيّ جزء من منظومة الطاقة الشمسية، خاصة أنّ الوضع الاقتصادي اليوم صعب والناس لا تحصل على تكلفتها بسهولة، فينبغي بالمقابل أن تكون الخدمة على قدر المتوقع وتكون لوقتٍ كاف.
وهنا يتطرّق جابر إلى أهمية أن تكون هناك كفالة خطيّة بين المتعهد وبين المستفيد، حول مدّة صلاحية اللوحة أو الانفرتر أو البطارية، إضافة إلى التوجيه الصحيح لكيفية استخدام الطاقة في النهار والليل لكي لا تفرغ البطاريات، كذلك لمعرفة الآلات أو الماكينات الكهربائية المسوح استخدامها على هذه المنظومة كي لا تصيبها بأيّ ضرر، وهذا ما يعطي الزبون راحة وثقة، فلا يمكن على سبيل المثال استخدام ماكينة تلحيم للحديد لأنّها تفسد الانفيرتر.
وهنا يشير جابر إلى أنّ البضاعة الجيدة تُعرف عبر ماكينة فحص خاصة للألواح وللبطاريات، وعلى ضوء الفحص يمكن الحكم إنْ كانت مطابقة للمعلومات المدونة عليها أم لا.
الترشيد والصيانة الدورية تطيل عمر النظام
ويتابع جابر “غالبية الشركات تكفل البطاريات لمدة سنة، لكن إن قمنا بترشيد النظام وبرمجته بشكل صحيح على “الانفرتير”، فالبطاريات قد تدوم لمدة 3 سنوات، أمّا الألواح فهي قد تبقى لمدة 12 سنة تبدأ بعدها بفقدان فعاليتها تدريجيًا وتنعدم فعاليتها بعد 25 سنة، و”الانفرتير” يبقى يعمل دون مدّة محددة، طالما أنّه يتزوّد بكهرباء نظيفة ويحظى بنظام حماية جيد.
كما أنّ الحفاظ على النظام بشكلٍ عام، يتجلّى بمدى الالتزام بنصائح المهندس الذي قام بتركيبه، وعدم عبث المستفيد بلوحة التحكّم والحماية وتشغيل ماكينات لا تتناسب مع قدرته، وينصح جابر بأنّه دائمًا الماكينات الكهربائية التي تعمل عند تشغيلها بالقفزة الكهربائية، مثل المكيّف، ينبغي أن لا تكون ضعفي الكهرباء العادية.
كما أنه ينبغي صيانة الألواح الشمسية بشكل دوري، عبر مسحها من الغبار، على أن يتم التنظيف وهي بحالة برودة.
ويختم المهندس جابر حديثه بأن الطاقة الشمسية هي الخيار الأنسب في لبنان حاليًا، وينبغي أن تكون للضروريات، وليست للكماليات، من قبيل الإنارة والبراد والتلفاز وخدمات منزلية أخرى ضرورية يوميًا، كمضخة المياه وأدوات المطبخ، وهي ما تستطيع أن تغطيه الطاقة الشمسية.
وفي وقت باتت فاتورة المولد تناهز 150$ أو 200$ في بعض المناطق، فهذا الرقم يمكن أن توفره الطاقة الشمسية خلال مدة سنتين أو ثلاث سنوات إن تم اختيارها من قبل المواطنين.