الطائفية عنوان مستقبل الوطن العربي
موقع إنباء الإخباري ـ
علا فحص*:
مهم أن نعلم أن الإرهاب متنقل من بلد إلى بلد بفعل عمل استخباراتي يندرج فيه العديد من الدول،. الأهم أن نفهم أين موقعنا وسط كل هذا الجنون.
والمقصود: هل الاستسلام للواقع الراهن هو المطلوب؟
لقد شهدت منطقتنا خلال العقود الماضية ما يمكن تسميته بـ “السقوط المدوي للقومية العربية” الذي بدأ مع احتلال أرض عربية وهي فلسطين عام 1948 ومع الاغتيالات السياسية المتعاقبة منذ زمن الرئيس عبد الناصر ودخول العراق في حرب مع الكويت ثم احتلاله من الأميركي عام 2003 تمهيداً لتقويضه مع ليبيا وصولاً الى ما تم تسميته بالربيع العربي الذي أدى الى سقوط أنظمة عربية أهمها نظام مبارك في مصر وصعود ميرسي إلى الحكم ثم سقوطه مع ساحة رابعة ودخوله للسجن وترئيس السيسي خلفاً، إلى أن بدأت تحركات المعارضة في سوريا – سلمية – كما أعلنت عن نفسها، ثم التفجير الكبير الذي وقع عام 2011 وظهور تحركات إرهابية إسلامية متشددة من داعش وجبهة النصرة ومحاولة تقسيم سوريا إلى مناطق تخضع للنظام ومناطق تخضع لسيطرة داعش وأخواتها، والذبح الرهيب والقتل الذي وقع على يد هذة المجموعات التي انصهرت ضمن الأحياء السكانية، الأمر الذي يجعل مسألة ضربها دون خسائر بشرية أمراً مستحيلاً.
إن كل هذا السرد التاريخي لمراحل التشرذم العربي يؤكد على أن المنطقة العربية و التي تعاني من مخطط التقسيم والتفتيت ضمن البلد الواحد، لا بل ضمن الحي الواحد، قد وصل فيها العقد الاجتماعي القائم على الانصهار وقبول الآخر إلى مرحلة الانعدام الكلي، بل ان العقد الاجتماعي تحوّل إلى عقد طائفي قابل لأن يتخلى عن مفهوم الدولة والوطن من أجل نظامه الطائفي الخاص، والسبب في ذلك هو عدم إمكانية الدولة (أية دولة) على صون كرامة المواطن وحفظ حقه الإنساني والمجتمعي من ضمنها، فلجأ إلى البديل وهو الطائفة، سواء في لبنان أو غيره من الدول العربية، و لو كان الأمر يبدو نافراً بشكل أكبر في لبنان.
يبدو أن معاهدات التبادل التجاري والصناعي والتآخي وحتى الأمني التي وقعتها أكثر من دولة عربية كسوريا والعراق ومصر والسودان والمغرب وحتى الاتفاقات بين دول الخليج العربية لم تتمظهر بالشكل الذي يخدم الأمة العربية بالشكل الجامع بل كانت هذة الاتفاقات مجرد اتفاق مصالح بين نظامي حكم (أو أكثر) من أجل المحافظة على السلطة، وخاصة في دول الخليج التي أبرمت فيما بينها العديد من الاتفاقات الأمنية من أجل حماية أنظمتها وحكامها، وخوفا” من شعوبها التي تعاني دون أن تدري من الكثير من التعتيم الإعلامي.
أكدت التجربة العربية أن النخب السياسية و الثقافية العربية التي كانت نتاج المراحل السابقة لم تستطع أن تؤدي دورها بالتوعية والإرشاد الاجتماعي الصحيح من أجل إنتاج بوتقة وطنية تلتف حول الوطن.
إن العالم العربي برمته بحاجة الى إعادة تعريف لما يلي:
من هي النخب العربية؟ كيف يتم إنشاؤها، وما هي معايير هذا الإنشاء؟
إعادة صوغ المشتركات العربية common points – points en commun بين جميع أقطار الوطن العربي وحتى داخل البلد الواحد وبين جميع فئاته وطوائفه من أجل إنشاء مصوغات عروبية فاعلة قادرة على : التوعية أولاً – الفعالية ثانياً – الاندماج ضمن جميع فئات المجتمع ثالثاً.
إن أكثر النخب العربية الحالية تعيش ضمن بروجها العاجية وركبت الموج الذي يضمن بقاءها إما في السلطة أو في منصب مشابه، وهي ديماغوجية الفكر أنانية التفكير مبتعدة ابتعاداً كلياً عمّا لا يمت بمصالحها الشخصية بصلة، وهذا ما أدى إلى الفساد سواء في الإدارات أو في مراكز القرار.
إنه من الخطورة ترك الواقع كما هو دون تنبيه أو اطلاق الصوت عالياً والدعوة لإعادة تعريف: الأمة – الدولة – الوطن – المواطنة – العمل السياسي – العمل الحزبي، وإلا ستكون المنطقة عرضة لمزيد من التفتيت، ما يحوّلها لدويقات (كعهد المتصرفية) تابعة لدولة مركزية ترعى شؤونها كما كان الحال مع العديد من الدول الأوروبية في القرون الماضية!
*ماجيستير إعلام و تواصل