الطائرة أيوب تربك السفراء واليونيفيل: صدّقوا نصر الله
صحيفة السفير اللبنانية ـ
نبيل هيثم:
أثار «حزب الله» قضيتين، يندرج قاسمهما المشترك «في خانة الحماية الوطنية»، اقله من وجهة نظر الحزب، بمعزل عن نظرة الآخرين. القضية الأولى، هي الطائرة «أيوب» بما حملته رحلتها في طياتها من لحظة الانطلاق المجهول المكان الى لحظة السقوط المعروف. أما القضية الثانية، فهي الإعلان بالفم الملآن عن عدم انخراط الحزب في الأحداث السورية لا من قريب ولا من بعيد.
لطالما وضع الاميركيون والغرب «حزب الله» في موقع الادانة على اية خطوة يبادر اليها تجاه اسرائيل سواء اكانت دفاعية أم هجومية، الا ان الملاحظ انه بالتوازي مع فرض الرقابة العسكرية الاسرائيلية التعتيم الكامل على الطائرة «ايوب»، التزم الاميركيون والاوروبيون الصمت امام العملية النوعية أمنيا واستخباراتيا وتقنيا.
واذا كان الاميركيون، «قد اوكلوا لسفارتهم في عوكر مهمة التقصي عن الطائرة «ايوب»، فان الاوروبيون، وخاصة دول «اليونيفيل»، تطوعوا في البحث والاستقصاء، عن التقنيات و«الرسائل»، ربطا بما قاله الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله حول تمكن الطائرة «من اختراق الرادارات «اليونيفيلية» ومعها الاميركية والاسرائيلية».
في الشكل، بدا البعض من الديبلوماسيين مستعجلا في المقاربة، معتبرا أن العملية «تنطوي على بعد عدائي استفزازي»، محذرا من أن أي استدراج للحرب مع اسرائيل، «لن يخدم الاستقرار في لبنان»!
جاء الجواب لبنانيا على تلك المقاربة «باننا، للأسف الشديد، لم نشهد ولا نشهد مثل هذه الحماسة الدولية، وخاصة الاوروبية، ازاء ما تقوم به اسرائيل ضد لبنان من تهديدات وخروق يومية، (20 الف خرق جوي بحسب السيد نصر الله في غضون ست سنوات)، لا بل على العكس، بعض دولكم تبرر تلك الخروق وخاصة الطلعات الجوية الاسرائيلية، وتعتبرها ضرورية لحماية امن اسرائيل. والمخجل أن قوات «اليونيفيل» لم تتردد في القول إنها لم ترصد الطائرة «ايوب». وعلى الأرجح، هي لم ترصد كل الخروق الاسرائيلية».
وطمأنت أوساط لبنانية منحازة للمقاومة المستفسرين بأن عملية الطائرة «أيوب» تندرج في خانة ما اكد عليه نصر الله لجهة مراكمة القدرات وامكانات الردع للعدو الاسرائيلي، ولمن يعتقد ان مثل هذا العمل قد يستدعي حربا مع اسرائيل، نقول له ان هذا العمل يبعد شبح الحرب ويحمي لبنان ويجعل اســـرائيل تعيد النظر في مغامراتها وقراراتها المتهورة في ما يخص لبنان وكل المنطقة».
واللافت للانتباه أن سفير دولة اوروبية يلعب بلده دورا بارزا في «اليونيفيل»، حاول تغليف فشل رادارات «اليونيفيل» في التقاط الطائرة باستبعاده ان تكون الطائرة قد عبرت في اجواء «القبعات الزرق» البرية والبحرية وانها «قد تكون أقلعت من خارج الاراضي اللبنانية». وهنا يذهب الخيال الغربي الى طرح احتمالات من نوع أن تكون الطائرة قد انطلقت من البحر قبالة الشاطئ السوري او من سيناء أو من سوريا.. بينما تكتفي المقاومة بالقول ان الاسرائيلي يدرك بعد سقوط الطائرة من اين انطلقت «ولا ضرورة لقول أكثر من ذلك»!
كان امام قوات «اليونيفيل»، خيار من اثنين: إما الاقرار بالفشل والتسليم بأن الطائرة تمكنت من اختراق راداراتها، وإما تبرير الفشل. وقد قررت اعتماد الخيار الثاني، بقولها ان الطائرة لم تنطلق من لبنان على اعتبار ان وقع ذلك يكون اقل حدة عليها.
وثمة من قال لقوات «اليونيفيل» بأن «صدقوا اعلان نصر الله عن اقلاع الطائرة من الاراضي اللبنانية واعتبروا اخفاق راداراتكم بمثابة شهادة اضافية – لم تقصدوها – بنجاح «ايوب»، ولا بد من تذكيركم بأنكم لستم انتم من فشل في التقاط الطائرة. الاسرائيليون أنفسهم لم يكتشفوها الا بعد مضي وقت من تحليقها في الاجواء الفلسطينية وصولا حتى ثلاثين كيلومترا من مفاعل ديمونة، واذا صدقنا ما قالته «صانداي تايمز»، فإن الأميركيين وحلف «الناتو» فشلوا في اكتشافها برغم أنهم كانوا يقومون بمناورات مشتركة مع الاسرائيليين».
في المقلب الآخر، ثمة قناعة لدى «حزب الله» بأن الأجهزة الأمنية الغربية والاسرائيلية، تملك تقارير دقيقة حول مسألة عدم انخراط «حزب الله» في القتال الدائر على الأراضي السورية، حتى أن المعارضة السورية الداخلية، ملمة بالأمر نظريا وعمليا، وبرغم ذلك، يرغب البعض منها بالاستثمار، عبر توجيه أصابع الاتهام أو طرح الأسئلة.
واللافت للانتباه ان بعض الديبلوماسيين الغربيين صار يشكك بالتقارير التي ترد اليه، في ضوء ارتفاع نبرة الخطاب السياسي اللبناني الذي يدين «حزب الله»، حتى أن ديبلوماسيا ألمانيا بدا مقتنعا عندما اجتمع بأحد القياديين في «8 آذار» بفرضية ان الحزب يقاتل الى جانب النظام السوري، وانطلاقا من تلك الفرضية طرح سلسلة اسئلة قاسمها المشترك ارسال «حزب الله» مسلحين للقتال الى جانب النظام السوري، وصولا الى الــسؤال اللافت للانتباه حول انفجار النبي شيت واسبابه وحجمه ونوع السلاح الذي كان موجودا في المستودع؟
تلك الاسئلة، جاءت في سياق متصل مع ما طرحه ديبلوماسي فرنسي في لقاء جرى بينه وبين شخصيات على صلة بـ«حزب الله»، حيث حاول تأكيد الفرضية نفسها، بالاستناد الى ما قال انه «تقارير استخباراتية»، معتبرا «ان هذا العمل لا يخدم لبنان بل يؤدي الى زعزعة الاستقرار فيه». وكان الجواب «ان حال تلك التقارير التي تستند اليها، اشبه ما تكون بمن يطلق الشائعة ويصدقها، انتم تعدون التقارير الصحافية، وانتم تعدون التقارير الاستخباراتية، وتستطيعون ان تكتبوا فيها ما تشاؤون ولديكم كل الامكانات والوسائل الاعلامية والدعائية لترويجها».