الطائرات المسيّرة الانتحارية… سلاح “إسرائيل” القاتل
موقع قناة الميادين-
محمد عبد الرحمن:
تولي “إسرائيل” أهمية قصوى لسلاح الطيران المسيّر بكلِّ أنواعه وتخصّصاته، وتكاد تعتمد عليه في معظم عملياتها، ولا ينفّذ “جيش” الاحتلال أي “نشاط” عملياتي من دون مشاركة الطائرات المسيَّرة.
في السنوات الأخيرة، شهد العالم ما بات يُطلق عليه “الحروب الذكية”، إذ تواجه معظم الدول تحدّيات حقيقية في هذا المجال. أحد هذه التحدّيات يتعلق بالتصدي لسلاح الطائرات المسيّرة، سواء تلك التي تُستخدم للرصد والاستطلاع وجمع المعلومات أو تلك المخصصة للهجوم الجوي، ومنها ما يُطلق عليه “ميني درونز”، التي أصبحت تُستخدم في كثير من الأحيان كطائرات انتحارية “سلاح كاميكازي” لتنفيذ عمليات الاغتيال أو استهداف المنشآت الحيوية، إذ تعمل وفق نظام المهمة الواحدة “ذهاب بلا عودة”.
يملك الكثير من دول العالم مثل هذه الطائرات ويطوّرها، ويتم استخدام العديد منها في جبهات القتال المختلفة، كما يحدث حالياً في الحرب الروسية الأوكرانية، وفي محاولات تنفيذ عمليات الاغتيال، كما حدث في آب/أغسطس 2018، عندما استهدفت “مسيّرة” انتحارية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أثناء إلقائه كلمة في احتفال عسكري في العاصمة الفنزويلية كراكاس، ولكننا سنركّز بحثنا هذا على القدرات الإسرائيلية في مجال الطائرات المسيّرة بشكل عام، والانتحارية منها بشكل خاص، وسنحاول أن نقترب قدر المستطاع مما تملكه “إسرائيل” من قدرات وإمكانيات، مع طرح بعض الأفكار التي يمكن أن تشكّل نوعاً من الحماية لكوادر المقاومة الفلسطينية والعربية في وجه هذا السلاح الفتّاك.
تولي “إسرائيل” أهمية قصوى لسلاح الطيران المسيّر بكل أنواعه وتخصصاته، وتكاد تعتمد عليه في معظم عملياتها، إذ تقول مصادر إسرائيلية إنّ “جيش” الاحتلال لا ينفّذ أي “نشاط” عملياتي من دون مشاركة الطائرات المسيَّرة، بل إنَّ 80% من جميع ساعات الطيران التشغيلية للقوات الجوية تنفذها طائرات مُسيَّرة، بدءاً من مهام جمع المعلومات الاستخبارية والمراقبة، إلى مهام الاستطلاع التقليدية، وصولاً إلى تنفيذ عمليات الاغتيال والقصف الجوي لأهداف معينة، ويمتلك “جيش” الاحتلال حالياً 6 أسراب من الطائرات من دون طيار، من بينها 5 أسراب في سلاح الجو، فيما السرب السادس يتبع لسلاح المدفعية.
وتُعتبر “إسرائيل” من “الدول” الأكثر تقدماً على مستوى العالم في هذا المجال. تتركز معظم عمليات التطوير والتخطيط في مصنع “ملاط” التابع للصناعات الجوية الإسرائيلية لإنتاج الطائرات من دون طيار، ويقع المركز الرئيسي للسيطرة على هذه الطائرات والتحكم فيها وإطلاقها في قاعدة “بلماخيم” الجوية الواقعة قرب مستوطنة “ريشون ليتسيون” (شرق “تل أبيب”) وسط فلسطين المحتلة، حيث توجد مدرسة خاصة بتدريب المجنّدين على إدارة هذه الطائرات وتفعيلها والسيطرة عليها.
توجد في قاعدة “بلماخيم” عدة أسراب من الطائرات المسيّرة، هي السرب 161، والسرب 200، والسرب 166، المعروف في القوة الجوية الإسرائيلية بسرب “الشرارة”. وسنشير فيما يلي إلى جزء من تلك الطائرات، لخطورتها وتأثيراتها الكبيرة في ساحة المعركة:
1- طائرة “غولف ستريم 550ج” (Gulfstream G550)للاستطلاع
هي طائرات أميركيّة الصنع مأهولة تحمل اسم “نحشون شافيت”، وتختصّ بأعمال الاستخبار الإشاري التي تشمل الاستطلاع الإلكتروني الراداري والاستطلاع اللاسلكي. النوع الآخر اسمه “نحشون إيتام”، وهو يعمل كطائرة إنذار مبكر يتم تزويدها برادار متطور ثلاثي الأبعاد تستطيع عبره تتبع 100 هدف جوي في وقت واحد حتى مسافة 370 كم، إضافةً إلى قدرتها على توجيه عمليات جو – أرض، واحتوائها حزمة حماية إلكترونية للإنذار المبكر وتضليل الصواريخ المعادية.
2- طائرة “هيرمس 450” (Hermes 450) المسيّرة
تعرف باسم “زيك”، وهي مسيّرة تصنعها شركة “إلبيت” الإسرائيلية، وهي أيضاً طائرة تكتيكية مزودة بصواريخ تعمل من بعد، وتستطيع على التحليق والبقاء في الجو لمدة 20 ساعة متواصلة، ويمكن أن تحمل صواريخ متفجرة تزن 150 كيلوغراماً، إذ يمكن استخدامها في مهام الهجوم والاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية.
تعتبر “هيرمس” ثالث أكبر طائرة مسيّرة في منظومة “جيش” العدو، ويشغلها “سرب 161” من سلاح الجو، المعروف باسم “سرب الأفعى السوداء”، وأيضاً وحدة “زيك” التابعة لسلاح المدفعية.
3- طائرة “هيرمس 900″ (900 Hermes) المسيّرة
هذه المسيّرة من صناعة شركة الطيران الإسرائيلية وتطويرها. تُعرف في سلاح الجو بـ”كوخاف” (النجم)، وهي تستطيع التحليق لمدة 40 ساعة متواصلة. تمَّ استخدام الطائرة “هيرمس 900” بكثافة في الحرب على غزة عام 2014.
بإمكان تلك الطائرة أن تحمل 4 صواريخ جو – أرض من طراز “إيه جي إم- 114 هيلفاير”، أو صواريخ جو-جو من طراز “إيه آي إم-92 ستينغر” المستخدمة لاعتراض الطائرات والمسيّرات، كما أنها قادرة على حمل قنابل موجهة بالليزر من نوع “جي بي يو-12 فايفواي”، أو قنابل “جدام” التي تُستخدم في استهداف المواقع وشن هجمات وتنفيذ اشتباكات واغتيالات وعمليات نوعية.
4- طائرة “إيتان” (Eitan) المسيّرة
تُعرف أيضاً بأسماء أخرى، مثل “هارون تي بي” و”هارون 2″ أو “ماحتس 2″، وهي من صناعة شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية وتطويرها، وتعد أكبر طائرة مسيّرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي.
تستطيع البقاء في الهواء والتحليق لمدة 36 ساعة متواصلة، ويصل طولها إلى 15 متراً، فيما يُقدّر وزنها بنحو 5 أطنان، وبمقدورها أن تحمل 1000 كغم من الصواريخ المتفجرة.
5- طائرة “هيرون” (Heron) المسيّرة
تعمل في مهام الاستطلاع والتجسس وتوجيه المدفعية وتحديد الأهداف، ويبلغ مداها 250 كم، وتطير حتى ارتفاع 10 آلاف متر، وتستطيع البقاء في الجو لمدة 40 ساعة، وتبلغ حمولتها 250 كغم.
6- طائرة “أوربيتر” (Orbiter) المسيّرة
طائرة مسيّرة صغيرة تم إدخالها إلى الخدمة في السنوات الأخيرة، وتعمل ضمن “السرب 144” الذي يتم الإشراف عليه وتوجيهه من قاعدة “حاتصور” التي تقع قرب ساحل البحر الأبيض المتوسط بموازاة مدينة القدس المحتلة، وهي من صنع شركة “أيروناوتكس” المملوكة لشركة “رافائيل”.
تقوم الطائرة بأداء مهام الاستخبارات ومرافقة القوات وتوجيه الهجوم والمساعدة في المناورة بالتعاون مع جميع فروع وحدات “الجيش” في الميدان وغرفة العمليات.
7- طائرة “ثاندر بي” (Thunder B) المسيّرة
هذا النوع من الطائرات يستخدم للاستطلاع الإلكتروني والمسح الجوي وتحديد الأهداف. يبلغ وزنها 24 كغم، ويبلغ مداها 100 كلم، وتطير حتى ارتفاع 1000 متر، ويمكنها البقاء في الجو لمدة 24 ساعة.
8- طائرة “واندر بي” (Wander B) المسيّرة
يقتصر دورها على جمع المعلومات، ويبلغ وزنها 13 كغم، ومداها 50 كم، وتطير على ارتفاع يصل إلى 1000 متر، ويمكنها البقاء في الجو لمدة 10 ساعات.
9- طائرة “سباي لايت” (Spy Lite)المسيّرة
تعمل في مهام الاستطلاع وجمع المعلومات القصيرة المدى، وتخدم مع الوحدات الأرضية والقوات الخاصة. يبلغ أقصى مدى لها 50 كم، وتطير حتى ارتفاع 1000 متر، وتستطيع البقاء في الجو لمدة 4 ساعات.
10- طائرة “مايكرو بي”(Micro B) المسيّرة
هي طائرة مخصصة للاستطلاع والتجسس. يبلغ وزنها 1.5 كغم، ومداها 10 كم، وتطير حتى ارتفاع 1000 متر، ويمكنها البقاء في الجو لمدة 6 ساعات.
أما على صعيد الطائرات المسيّرة الانتحارية، فيمكننا أن نشير إلى أن “الجيش” الإسرائيلي يستخدمها في مواضع وأماكن محددة، بهدف تلافي الوقوع في أخطاء على مستوى إصابة الأهداف، وعدم إحداث أضرار تتجاوز حجم العنصر المطلوب إصابته، ولأنَّ التكلفة المالية لتصميم طائرة انتحارية وصناعتها أقل من تكلفة الصاروخ والطائرة التي تحمله.
استخدم “الجيش” الإسرائيلي هذا الأسلوب أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة، ولكنه في كل المناسبات لم يعلن استعماله طائرات انتحارية في تنفيذ هجمات ضد مواقع للمقاومة، سواء في قطاع غزة أو في مناطق أخرى، إلا أن فشل جزء من تلك العمليات والحصول على أدلة مادية في عمليات أخرى أثبتا بما لا يدع مجالاً للشكّ أن العدو يستخدم سلاحه “القاتل” في كثير من الأحيان، مستغلاً ضعف إمكانيات الطرف الآخر في هذا المجال من جهة، وصعوبة التصدّي لتلك الأجسام الطائرة من جهة أخرى.
إحدى هذه العمليات وقعت في ضاحية بيروت الجنوبية، المعقل الرئيسي لحزب الله، في 25 آب/أغسطس 2019، إذ انفجرت طائرة “ميني درونز” انتحارية قرب المقر الإعلامي للحزب، محدثة أضراراً مادية فقط، فيما سقطت طائرة أخرى قرب المكان نفسه بعد إلقاء بعض الشباب الحجارة باتجاهها. وقد تحدثت بعض المصادر الإسرائيلية في ذلك الوقت عن أنَّ مهمة الطائرتين الفاشلة كانت تستهدف ما يُعتقد أنه معامل لتصنيع أجزاء من الصواريخ الدقيقة لحزب الله.
في عملية أخرى، ولكنها في قطاع غزة هذه المرة، استيقظ سكان حي الشجاعية فجر 12 تشرين ثاني/نوفمبر من العام نفسه على صوت انفجار كبير هز المنطقة بأسرها من دون سابق إنذار. كانت سماء المدينة في تلك الفترة ملبدة بعشرات طائرات الاستطلاع الصهيونية التي كانت تحلّق على ارتفاعات منخفضة من دون توقف، وتبيّن بعد وقت قصير أن الانفجار وقع في منزل الشهيد بهاء أبو العطا؛ أحد أبرز القادة العسكريين لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، وأسفر عن استشهاده وزوجته وإصابة باقي أفراد الأسرة.
“إسرائيل” التي احتفت بالعملية في ذلك الوقت، وتفاخرت بنجاحها في التخلص من كابوس قضَّ مضجعها طوال شهور طوال، وأجبر رئيس وزرائها آنذاك بنيامين نتنياهو على الهرب إلى الملاجئ أكثر من مرة، لم تُشر إلى طريقة الاستهداف كعادتها، ولم تعلن نوعية السلاح المستخدم في تنفيذ تلك العملية، إلا أنَّ مصادر فلسطينية أشارت إلى إمكانية أن تكون قد استخدمت في تنفيذ ذلك الاغتيال طائرات “ميني درونز” انتحارية، كتلك التي استُخدمت في هجوم الضاحية الجنوبية لبيروت.
نجحت تلك الطائرات، كما يبدو، في الدخول إلى الغرفة التي كان الشهيد موجوداً فيه، وانفجرت على مقربة منه، ما جعل جثمانه وجثمان زوجته يُقذفان من الغرفة باتجاه مدرسة مجاورة لمنزله على بعد أكثر من 20 متراً، وهذا يشير، بحسب المختصين، إلى أن الموجة الانفجارية كانت من الداخل نحو الخارج، في حين كان من المفترض أن تبقى الجثامين داخل الغرفة لو تم الاستهداف بصواريخ جو – أرض أُطلقت من طائرة، أو بواسطة صواريخ أرض– أرض تم إطلاقها من أحد المواقع العسكرية الصهيونية شرق مدينة غزة.
في حادث آخر وقع في 7 آذار/مارس 2021، انفجرت طائرة “كواد كابتر” انتحارية بمجموعة من الصيادين الفلسطينيين قبالة شواطئ مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بعدما علقت في شباك صيدهم، ما أدى إلى استشهاد 3 منهم، في حين تمكّن صيادون آخرون من السيطرة على طائرة أخرى سليمة من النوع نفسه، وقاموا بتسليمها للجهات المختصة.
وقد كشفت لجنة التحقيق التي شُكِّلت لتقصي الحقائق في ذلك الحادث، أنَّ الطائرتين الانتحاريتين سقطتا في البحر نتيجة خلل فني، كما يبدو، أثناء مشاركتهما في عملية عسكرية للبحرية الصهيونية كانت تستهدف قارباً مجهول الهوية، كان يحاول الاقتراب من سواحل القطاع قبل حادثة الصيادين الثلاثة بنحو أسبوعين تقريباً، إذ كان الناطق بلسان “الجيش” الإسرائيلي قد أعلن في 22 شباط/فبراير 2021 إحباط تهديد محتمل لسفن البحرية الصهيونية قبالة شواطئ جنوب القطاع، من دون الكشف عن نوعية ذلك التهديد أو نوعية الأسلحة المستخدمة في إحباطه.
العملية الأخيرة التي تكرّر فيها استخدام الطائرات المسيّرة الانتحارية كانت في 25 تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام، إذ أفاد شهود عيان ومرافقون للشهيد وديع الحَوح، القائد في مجموعات “عرين الأسود” التي تنشط في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، بأنّ طائرات مسيّرة صغيرة تحمل شحنات متفجرة وكاميرات تصوير لاحقت الشهيد داخل المنزل الذي كان يتحصّن فيه، بعدما حاصرته القوات الإسرائيلية الخاصة، وأنَّ بعض تلك الطائرات كانت تنفجر لفتح ثغرات في النوافذ أو الجدران لتمرّ منها أخرى لاستهدافه.
ما سبق من تفاصيل، إضافةً إلى تفاصيل أخرى لا نستطيع الكشف عنها لدواعٍ أمنية، تضعنا أمام سؤالين أساسيين؟
أولاً، ماذا تملك “إسرائيل” من قدرات وإمكانيات في هذا المجال الحسّاس؟
ثانياً، هل باستطاعة فصائل المقاومة في المنطقة عموماً، وفي فلسطين خصوصاً، أن تتصدّى لهذا السلاح الخطر وتتجنّب وقوع المزيد من الخسائر في صفوفها؟
الطائرات المسيّرة الانتحارية الإسرائيلية
للإجابة عن السؤال الأول، دعونا نستعرض بشيء من التفصيل منظومة “الجيش” الإسرائيلي على مستوى الطائرات المسيّرة الانتحارية، التي تعدُّ “إسرائيل” من “الدول الرائدة” فيها على مستوى العالم، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وتركيا وإيران والهند.
1 – طائرة “سكاي سترايكر” الانتحارية (Sky Striker)
تحمل هذه الطائرة ذخيرة منخفضة التكلفة، وتستطيع شنّ ضربات تكتيكية دقيقة بعيدة المدى. هي عبارة نظام “UAS” مستقل تماماً، يمكنه تشخيص الأهداف التي يحدّدها المشغّل وضربها برأس حربي يبلغ وزنه 5 كغم أو 10 كغم مثبت داخل جسم الطائرة، ما يتيح أداء عالي الدقة. ويوفر الدفع الكهربائي لنظام الطائرة الحد الأدنى للصوت، ما يسمح بالعمليات السرية على ارتفاعات منخفضة، كمهاجم صامت وغير مرئي ومفاجئ.
تبلغ سرعة الطائرة القصوى 185 كم في الساعة، لكنها عادةً ما تصل إلى هذه السرعة فقط عند توجيهها إلى الهدف، وتستطيع أن تبقى في الجو ساعتين في حال كانت تحمل رأساً حربياً وزنه 5 كغم، وساعةً واحدةً إذا كانت تحمل رأساً حربياً بوزن 10 كغم.
وتستخدم الطائرة نظام ملاحة ذاتياً أثناء مرحلتي الإبحار والتحليق، ويمكن توجيهها إلى الهدف بواسطة المشغّل باستخدام مستشعر كهربائي بصري، مع الإشارة إلى أنَّ استعادة الطائرة ممكنة في أي مرحلة قبل تنفيذ الهجوم، وأنها تهبط على الأرض باستخدام مظلة وحقيبة قابلة للنفخ تحملها على متنها.
2 – طائرة “هاربي” الانتحارية (Harpy)
هي طائرة من دون طيار أوتوماتيكية انتحارية تنتجها الصناعات الجوية الصهيونية، وتستخدمها القوات الجوية. يُطلق عليها لقب “شياون”، وهي تتحرك من خلال محرك دوراني وحيد من طراز “AR731″، ينتج طاقة تقدّر بنحو 28 كيلو-وات (37 حصاناً) مع مروحة دفع.
يتم إطلاق طائرة “الهاربي” بواسطة صاروخ ينطلق من منصة إطلاق مثبتة على متن شاحنة، إذ تحمل كل منصة 18 طائرة، فيما تتكون كل بطارية من بطارياتها من 3 شاحنات، بإمكانها إطلاق 54 طائرة دفعة واحدة في حال كان الهجوم كبيراً وواسعاً.
يتم التخطيط لمسار الطائرة في المحطة الأرضية ويخزّن في داخلها. بعدها، تحلق بشكل ذاتي إلى منطقة العمليات المحددة لها، إذ تهبط باتجاه الهدف الذي تم وضع إحداثياته في ذاكرتها، وتفجر الرأس الناسف الخاص بها أعلاه لكي تحدث ضرراً بالغاً فيه.
وفي حال تم حدوث تغيير طارئ في الخطّة قبل تنفيذ الهجوم، تلغي الطائرة المهمة، وتعود إلى قاعدة الانطلاق. تستطيع الطائرة الطيران لمسافة 500 كم، بسرعة تصل إلى 185 كلم في الساعة، وبإمكانها حمل متفجرات بوزن 32 كيلوغراماً.
3- طائرة “سويتش بليد 600” الانتحارية (SWITCHBLADE 600)
هي سلاح جوي متجوّل يتم إطلاقه من أنبوب غاز مضغوط. يشبه عملها عمل الصواريخ البالستية، وتحتوي على نظام كهربائي بصري وكاميرا تعمل بالأشعة تحت الحمراء، وباستطاعتها الطيران لمدى يصل إلى 80 كلم، وتبقى في الجو لمدة تزيد على 40 دقيقة.
يبلغ وزن الطائرة الإجمالي نحو 54 كغم، فيما يبلغ طولها 130 سم. أما سرعتها القصوى، فتبلغ 113 كلم في الساعة. تحمل الطائرة “الصاروخ” قذيفة مضادة للدروع، وبإمكانها تدمير الدروع الخفيفة، سواء المتحركة أو الثابتة.
4 – طائرة “سويتش بليد 300” الانتحارية (SWITCHBLADE300)
تشبه طائرة “سويتش بليد 600″، وتعمل بالآلية نفسها. يتم إطلاقها بالطريقة نفسها أيضاً من خلال أنبوب غاز مضغوط. يبلغ طولها 49 سم، ووزنها 25 كغم، وتستطيع الطيران لمدى يصل إلى 10 كلم، وتبقى في الجو لمدة 15 دقيقة، وتبلغ سرعتها القصوى نحو 100 كلم في الساعة.
5 – طائرة “روتم” الانتحارية (Rotem)
يُطلق عليها في “الجيش” الإسرائيلي اسم “بابتيسي روتم 1200″، وهي طائرة مسيّرة صغيرة الحجم يتم التحكّم فيها من خلال شخص واحد عبر جهاز لوحي. يمكنها الإقلاع بشكل عمودي كباقي الطائرات المسيّرة التي يستخدمها الهواة، إذ تقوم برصد الأهداف “المعادية” والانقضاض عليها بشكل مباشر، وتستطيع الدخول من النوافذ والأبواب للانقضاض على الهدف.
يبلغ وزن الطائرة 4.5 كغم، ويمكن طيّها ووضعها في حقيبة تحمل على الظهر. تستطيع “روتم” التحليق في الجو لمدة 45 دقيقة، وتحمل أجهزة استشعار تمكنها من تنفيذ مهامها ليلاً أو نهاراً، إلى جانب كاميرات تصوير حديثة لاستطلاع الهدف وتحديد مكانه بدقة فائقة.
على مستوى التسليح، تحمل الطائرة قنبلتين يبلغ وزن الواحدة منهما 2 كغم تقريباً، إضافة إلى رأس حربي يزن نصف كغم.
6 – طائرة “أوربيتر 1 كي” الانتحارية (Orbiter 1K)
هي نسخة معدّلة من طائرة “أوربيتر” المخصصة للاستطلاع. يتم تكييفها لحمل عبوة متفجرة تزن 2 كغم، إضافةً إلى رأس حربي فريد من نوعه يزن 3 كغم، لتصبح قادرة على تنفيذ مهام انتحارية. تتميز بمهاجمة الأهداف ذات الدروع الخفيفة والأهداف البشرية، ويتم التحكّم فيها من قِبل المشغّل، بحيث تصبح قادرة بعد إعطائها المعلومات المطلوبة على الوصول إلى نقطة معينة، والقيام بعملية مسح للمنطقة بشكل مستقل لاكتشاف هدف ثابت أو متحرك وتدميره.
وفي حال لم يتم اكتشاف الهدف أو تمكّنه من الاختفاء، تستطيع العودة إلى القاعدة والأرض لإعادة استخدامها. يمكن أن تطير هذه الطائرة لمدة تتراوح بين 2 و3 ساعات، وتحمل مستشعراً كهربائياً بصرياً يعمل بالأشعة تحت الحمراء.
7 – طائرة “كواد كابتر” الانتحارية (quad captur)
هي الطائرة التي يُعتقد أنها استخدمت في عمليات الاغتيال في غزة والضفة، وفي عملية الضاحية الجنوبية في بيروت. تُصنف من الطائرات العمودية، وتختلف عن الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، إذ إنها ترتفع وتطير في الهواء بواسطة 4 مراوح أفقية أو 6 مراوح أحياناً.
تملك قدرة كبيرة على أداء المناورات الجوّية، إذ إنَّ بعض أسرابها يمكن أن يحلق وسط الهواء ليطير في أشكال منتظمة، ويؤدي العديد من الحركات المعقدة من دون تدخل بشريّ، كالتقلّب في الجو أو تنظيم نفسه ليطير من خلال نافذة على شكل جماعات.
تعدّ من أبرز الطائرات التي تنفّذ عمليات المراقبة والبحث والاغتيال على مستوى العالم، ويمكنها حمل متفجرات تزن 10- 15 كغم.
8 – السلاح المتجول الانتحاري “شرقرق” Shrekarek) Sky Striker)
هو سلاح تكتيكي متجول بعيد المدى لمهاجمة أهداف مختلفة. يؤدي مهام الطائرة الانتحارية من دون طيار، ويُعتبر فئة مطورة من أنظمة الأسلحة. يعتمد نظام العمل في هذا السلاح على التجوّل حول منطقة محددة مسبقاً بحثاً عن الهدف الذي تم تخزينه في ذاكرته، ويقوم بمهاجمته عن طريق الاصطدام به مباشرة.
يعدُ “الشرقرق” من فئة الأسلحة المتجولة التي تحمل مواصفات قريبة إلى صواريخ “كروز” والطائرات المسيّرة من دون طيار، وهي فعّالة للغاية ضد الأهداف المخفية التي يمكن رؤيتها لفترات زمنية قصيرة. يمكنه الطيران لمسافة 40 كلم، بسرعة تزيد على 185 كلم في الساعة، وبإمكانه حمل رأس حربي يزن 5 أو 10 كغم من المواد الشديدة الانفجار، ويعمل من خلال نظام دفع كهربائي صامت، ما يجعله قادراً على الاقتراب إلى هدفه من دون ضجيج يُذكر.
كيف يمكن التقليل من مخاطر الطائرات الانتحارية؟
بعد عرض منظومة الطائرات المسيّرة الانتحارية التي يملكها العدو الصهيوني، وما تشكّله من خطر داهم، ربما يفوق في بعض الأحيان خطر الطائرات الحربية الهجومية بأنواعها المختلفة، دعونا نعرّج على بعض الإرشادات التي يمكن من خلالها التقليل من مخاطر ذلك السلاح الفتّاك، مع ضرورة الإشارة في هذا الإطار إلى صعوبة إيجاد حلول حاسمة أو مؤكدة يمكن أن تُسهم في إبطال مفعوله أو تلافي أضراره، إذ إنَّ الدول المتقدمة على مستوى العالم تواجه مشاكل حقيقية في التعامل مع هذه الأجسام الصغيرة والقاتلة، وتكاد كلّ الخطط الدفاعية للتصدي لهذا الخطر الآتي من السماء تفشل في تحقيق أهدافها.
ولكن على الرغم من عدم تمكّن الوسائل الدفاعية الكلاسيكية من مواجهة ذلك “السلاح الكاميكازي” بنحو فعّال، وخصوصاً عندما تهاجم الطائرات الانتحارية أهدافها بشكل جماعي، فإنّ الجهود ما زالت متواصلة لتطوير الأنظمة الدفاعية القادرة على الحد من الأضرار.
على سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن نشير إلى نظام “باراد” الدفاعي الّذي يعمل عبر بيانات رادار تكتشف المسيّرات على بعد 5 كلم، ويتم تحديد موقعها عبر موجات الراديو. هذا النظام مزوّد بكاميرات ضوئيّة وأخرى بالأشعة دون الحمراء، إذ يلتقط المسيرات ويشوّش عليها ويجبرها على الهبوط أو الوصول إلى نقطة محددة مسبقاً.
تقوم بعض الدول بتطوير ما يُعرف بـ”مستجيب كهرومغناطيسي” يصدر موجات قوية تصل إلى مئات الأمتار، وتعطل الطائرات المسيّرة في وقت قصير، كما تقوم دول أخرى بتطوير طائرات مسيّرة اعتراضية، وأخرى للتشويش، ولكن على المستوى العربي عموماً، والفلسطيني خصوصاً، تكاد تكون الإمكانيات الدفاعية في وجه الطائرات المسيّرة الانتحارية شبه معدومة، باستثناء بعض المحاولات لاختراق تردّدات تلك الطائرات والسيطرة عليها أو محاولة إسقاطها من خلال إطلاق النار عليها من أسلحة رشاشة.
إجراءات وقائية لمواجهة المسيّرات الانتحارية
نحن نعتقد بأنَّ إجراءات الوقاية يمكن أن تكون أمثل حل لمواجهة ذلك الخطر والحد قدر المستطاع من نتائجه التي تكون عادة قاسية ومؤثرة.
وسنعرض فيما يلي مجموعة من الإجراءات الوقائية التي نرى أنها يمكن أن تكون ناجعة وفعّالة في حماية قادة المقاومة تحديداً، قياساً على الإمكانيات التي تملكها والظروف التي تعمل من خلالها.
1- إخفاء إحداثيات الهدف
المقصود بالإحداثيات هنا هو التقاء خطوط الطول مع دوائر العرض التي يتم من خلالها تحديد نقطة وجود الهدف، ويتم تلقيمها لكمبيوتر الطائرة، ما يمكّنها من الوصول إليه بدقة بالغة.
يتطلب إخفاء الإحداثيات البعد التام والدائم عن استخدام الأجهزة الإلكترونية بكل أنواعها، سواء الهواتف النقّالة أو أجهزة الكمبيوتر وغيرها، والمقصود بالهواتف النقالة كل الأجهزة، صغيرها وكبيرها، قديمها وجديدها، وليس فقط الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية “الآيباد” وأخواتها، إضافةً إلى تجنّب استخدام الهواتف الأرضية التي عادةً ما تكون مخترقة.
2- الوجود في طوابق أرضية محميّة
على المطلوب في حال وجوده في بنايةٍ ما أن يختار الطبقة الأرضية التي عادةً ما تكون محاطة بأبنية أخرى، ما يجعل الوصول إليها صعباً ومعقّداً، سواء بالصواريخ أو المسيّرات، ويجب أن يكون موجوداً في غرفة تتوسط المكان، وليس قرب الجدران الخارجية، كما يجب أن تكون نوافذ المكان محمية بشكل جيد من خلال السواتر الحديدية المعزّزة (شبابيك حماية)، منعاً لاختراقها من قبل الطائرات الانتحارية في حال تمكّنها من الوصول إليها، مع الإشارة إلى ضرورة إغلاق النوافذ في كل الأوقات، وتغطيتها بستائر من 3 طبقات على أقل تقدير، لمنع حدوث أي تواصل بصري يحدد مكان الهدف.
3- كاميرات المراقبة
هذه الكاميرات والكاميرات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء يمكنها اكتشاف الأجسام الصغيرة التي تطير في الجو، وخصوصاً في الليل. هذا الأمر يمكن أن يُعطي المطلوب فرصة للنجاة.
4- مراقبة الأجواء من خلال العنصر البشري
هذا الأمر يتم اللجوء إليه في حال عدم الحصول على كاميرات حديثة وفاعلة، وذلك من خلال مجموعات الرصد الجوي التابعة للمقاومة، سواء بالعين المجردة أو بواسطة المناظير النهارية أو الليلية. وفي حال التأكد من وجود أجسام مشبوهة في السماء، يتم تفعيل خطة طوارئ معدة سلفاً لتأمين الهدف أو نقله إلى مكان آخر في حال كان الوضع يسمح بذلك.
5- استخدام الأسلحة النارية
يتم استخدام هذه الأسلحة في حال اقتربت الطائرات المسيّرة إلى الهدف بشكل كبير، ولم تفلح إجراءات الحماية الأخرى في إيقافها، أو في حال كان الهدف مكشوفاً بشكل يسمح باستهدافه بسهولة، كأن يكون في مكان مفتوح أو في الشارع.
في تلك الحالة، يطلق المرافقون وقوات الحماية النار على الطائرات من مسافة آمنة، مع الاختبار وراء السواتر تفادياً للشظايا التي يمكن أن تنتج من انفجارها في الجو. هذا الأمر يتطلّب تدريباً نوعياً لقوات الحماية الخاصة بكوادر المقاومة.
ختاماً، نقول إنَّ فارق الإمكانيات الكبير لمصلحة الاحتلال يمنحه نقاط تفوّق في كثير من المجالات، وخصوصاً تلك التي تتعلق بالتكنولوجيا الحديثة، وإنَّ معظم الإجراءات الوقائية التي تستخدمها قوى المقاومة قد لا تكون مفيدة في معظم الأحيان، ولكن هذا الأمر لا يجب أن يدفعنا أبداً إلى التسليم بمشيئة الاحتلال والاستسلام لخياراته ومؤامراته، بل علينا أن نأخذ بكل أسباب القوة التي نملكها كشعب ومقاومة، رغم تواضعها ومحدودية نتائجها، وأن نستخلص العبر من كل التجارب الماضية بحلوها ومرّها، لنقلّل من الخسائر ونسجّل المزيد من الإنجازات، كما حدث في كثير من المناسبات.