الصحف اللبنانية: صعوبات تعترض التحالفات الانتخابية .. ولبنان يترجم نزاعه النفطي مع الكيان الصهيوني برفض الشراكة مطلقًا
سلطت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الضوء على تحضيرات القوى السياسية اللبنانية للإنتخابات النيابية وجهودها المتسارعة لتحديد اتجاهات مراوح التحالفات، والتي يبدو جلياً انها تشهد إرباكاً حقيقياً جرّاء الافق الواسع الذي فتحه القانون الانتخابي النسبي. وأشارت الصحف الى عودة الموفد الاميركي دايفيد ساترفيلد الى بيروت، والذي عادت معه علامات الاستفهام لتخيّم في أجواء الحدود البحرية الجنوبية، في ظل الموقف اللبناني الرافض للشراكة الاسرائيلية في النفط.
صعوبات تعترض “التحالف الثلاثي”
بدايةً مع صحيفة “النهار” التي اعتبرت أن “الاستحقاق الانتخابي انتقل مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى يريفان عاصمة أرمينيا التي شكلت المحطة الثانية في جولته الخارجية الحالية بعد بغداد اذ حضّ عون ابناء الجالية اللبنانية هناك على المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة. وتجدر الاشارة الى أن في ارمينيا جالية لبنانية كبيرة تسجّل منها ٣١١ لبنانياً فقط للاقتراع في الانتخابات المقبلة وسيقام لهم صندوق اقتراع في يريفان. ودعا رئيس الجمهورية ابناء الجالية، لدى لقائه إياهم، الى ممارسة حقهم في الانتخاب، إما في لبنان وإما في أرمينيا ان كانوا قد تسجلوا ضمن المهلة المحددة. وقال لهم:” لبنان يغتني بكم، واللبنانيون من أصل أرمني أثّروا ايجاباً في لبنان على مختلف الصعد، الاقتصادية والسياسية والثقافية”. واشار الى ان اللقاء مع اللبنانيين خلال زياراته للخارج صار تقليداً يحبه كثيراً، وحجم الانتشار اللبناني في العالم يؤكد ما سبق له ان قاله من “ان لبنان بلد كوني “.
وأضافت “لكن المعطيات الداخلية المتصلة بالتحالفات الانتخابية واعلان اللوائح تشير بوضوح الى ان صعوبات كبيرة لا تزال تعترض بلورة الصورة الاجمالية للمعارك الانتخابية والمنافسات في مختلف المناطق نظرا الى تريث بل تباطؤ القوى السياسية والحزبية الكبيرة في انجاز مشاوراتها الحاسمة حول التحالفات واماكنها المحتملة، الامر الذي يتوقع ان يتمدد معه الغموض الذي يكتنف المشهد الانتخابي الكبير”.
وتابعت “تحدثت مصادر على خط الاتصالات بين الافرقاء السياسيين في الملف الانتخابي، عن استمرار البلبلة وعدم الوضوح في ضوء تضارب الحسابات بين الافرقاء حول ما ينتظرون من نتائج الانتخابات. وبدا حتى الان انه، الى ثبات التحالف الثنائي الشيعي، ثمة ثابتة أخرى هي التحالف بين “تيار المستقبل” والحزب التقدمي الاشتراكي، وثابتة ابتعاد حزب الكتائب عن الدخول في تحالفات مع اي فريق آخر لاعتبارات عدة ليس أقلها عدم الود القائم بين الحزب ومجموعة من الافرقاء الآخرين، في حين تبدو كل التحالفات الاخرى مضعضعة الى حد كبير. لكن ابتعاد الكتائب عن التحالفات المحتملة يبدو العنصر الابرز في سياق التطورات الاخيرة، علماً ان وفداً من الحزب التقدمي الاشتراكي زار رئيس الكتائب النائب سامي الجميل في الساعات الاخيرة ولكن لم يصدر ما يوحي بامكان التوافق على تحالف بين الجانبين في عاليه خصوصًا لجملة اعتبارات تتصل بعلاقة التقدمي مع الافرقاء المسيحيين.
كما ان الساعات الاخيرة شهدت محاولات جدية لبت امكان قيام تحالف ثلاثي بين “القوات اللبنانية” و”تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر” وتولى التحرك المكوكي في الاتجاهين وزير الاعلام ملحم الرياشي. وبدا من المعطيات المتوافرة عن هذين التحركين انهما لم يحسما بعد ايضا الاتجاهات النهائية للتحالفات، وان ثمة شكوكاً ليست قليلة في امكان توصل الافرقاء الثلاثة الى تحالفات في مناطق عدة”.
زيادة تعرفة الكهرباء أم إعادة إحياء صفقة البواخر؟
الى ذلك، قالت صحيفة “الأخبار” إن “تلقّى الوزراء ملحقاً لمشروع موازنة 2018 يتضمن عدداً من البنود الضريبية، أبرزها زيادة تعرفة الكهرباء التي لن تصبح نافذة إلا بعد تأمين الكهرباء لمدة 22 ساعة يومياً في مختلف المناطق اللبنانية، ما يوحي بأن هناك اتفاقاً سياسياً على إمرار صفقة استئجار خدمات معامل إنتاج الكهرباء العائمة (البواخر) بالتراضي، إذ إنها الصفقة الوحيدة التي تؤمن زيادة التغذية بالتيار الكهربائي خلال فترة قصيرة وبكلفة مرتفعة! معالم هذه الصفقة قد تتضح في الجلسة المقبلة للجنة الوزارية المكلفة بدرس الموازنة التي وصلت إلى البند 21، فيما رقم بند زيادة التعرفة هو 26”.
وأضافت “عقدت اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة مشروع قانون موازنة 2018 أول جلسة لها أمس، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، وباشرت دراسة بنود الموازنة، فأقرّت بعض البنود، فيما جرى تأجيل بعضها الآخر في انتظار تدقيق بعض الأرقام. واللافت أن وزارة المال أضافت عدداً من المواد الضريبية الجديدة على الموازنة، أبرزها يتعلق بزيادة تعرفة الكهرباء”.
وتابعت “وبحسب مصادر وزارية، فقد وصل النقاش إلى المادة 21، وأقرّت غالبية المواد التي طرحت على النقاش. ومن أبرز المواد التي علّق النقاش فيها للجلسة المقبلة (اليوم)، بانتظار تقديم وزير المال علي حسن خليل بعض الأرقام، المادتان الخامسة والـ13.
وحازت المادة الخامسة نقاشاً واسعاً، بعدما طلب وزير المال رفع المبالغ التي ينوي اقتراضها بواسطة إصدارات سندات خزينة بالعملات الأجنبيّة من 4.5 مليارات دولار إلى 6 مليارات دولار، فلم تُقرّ هذه المادة في انتظار أن يقدّم وزير المال عرضاً مفصلاً للجنة عن حاجات الدولة لعام 2018، والتي تبرّر رفع هذا المبلغ. وهذه المادة بصيغتها المطروحة ضمن مشروع الموازنة، تنصّ على أنه يجاز للحكومة إصدار سندات خزينة بحدود مبلغ 4.5 مليارات دولار، على أن تستعمل الأموال المقترضة في إطار إعادة هيكلة الدين العام لأجل تمويل استحقاقات الديون الخارجية و/أو لتحويل ما يعادل قيمتها من الدين العام بالليرة إلى عملات أجنبية و/أو بغية تمويل حاجات الخزينة بالعملات الأجنبية”.
ولفت الصحيفة الى أن هناك مصادر وزارية تقول “إن زيادة المبلغ إلى 6 مليارات دولار تتعلق برغبة وزارة المال تحويل جزء من الدين بالليرة إلى الدولار من خلال «هندسات مالية» تنفّذها مع مصرف لبنان. هذه الهندسات تتضمن إصدار وزارة المال سندات خزينة بالعملة الأجنبية يكتتب فيها مصرف لبنان، على أن يدفع الثمن بإطفاء سندات خزينة بقيمة مماثلة، وعلى أن يقوم مصرف لبنان، في المقابل، بالاكتتاب بسندات خزينة بالعملة المحلية بفائدة 1%.
كذلك جرى نقاش يتعلق بكلفة الكهرباء المذكورة في المادة 13 التي تتعلق بإعطاء سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 2100 مليار ليرة لتسديد عجز شراء المحروقات وتسديد فوائد وأقساط القروض لمصلحة المؤسّسة بقيمة 14 مليار ليرة، على أن يصار إلى جدولة الديون المتراكمة. اللافت أنه لم يجر نقاش في مسألة إخراج تحويلات الخزينة إلى كهرباء لبنان لدعم تعرفة الكهرباء من الموازنة وتوصيفها بأنها سلفات خزينة وليست دعماً. الهدف من هذه المسألة هو عملية تجميلية للموازنة حتى يتم تخفيف أثرها على نفقات الموازنة وعلى عجزها”.
ساترفيلد يعود.. ولبنان يرفض شراكة “إسرائيل”
من جهتها، اعتبرت صحيفة “الجمهورية” التي تناولت عودة الموفد الاميركي دايفيد ساترفيلد الى بيروت، والتي عادت معه علامات الاستفهام لتخيّم في أجواء الحدود البحرية الجنوبية، خصوصاً انّ اي إشارات ايجابية لم تتسرّب عن لقاءات المسؤول الاميركي العائد من اسرائيل، حول ردّ تل ابيب على الموقف اللبناني الرافض للشراكة الاسرائيلية في النفط اللبناني.
وأضافت “وصل ساترفيلد الى بيروت، آتياً من إسرائيل التي نقل اليها الموقف اللبناني الرافض للطرح الاميركي الذي سبق ونقله الى بيروت، والذي يقول بتقاسم المنطقة البحرية المختلف عليها جنوباً، على نحو يعطي لبنان مساحة 60% منها أي ما يعادل 530 كيلومتراً مربعاً، فيما يعطي “اسرائيل” 40% اي ما يعادل 330 كيلومتراً مربعاً، على اعتبار انّ المساحة الممنوحة لإسرائيل تحت عنوان “خطة فريدريك هوف”، تنتزع من لبنان مساحات واسعة فيها، بينما هي حق للبنان وتقع ضمن حدوده ومياهه الاقليمية”.
وتابعت “إلتقى ساترفيلد رئيس الحكومة سعد الحريري مساء امس في السراي الحكومي، بعد لقاء نهاري مع وزير الخارجية جبران باسيل، وتلته زيارة الى قيادة الجيش، على ان يزور رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم. وموضوع الحدود البحرية وحقوق لبنان، كان محل بحث بين بري والمدير العام للامن العام عباس ابراهيم، وكان لافتاً في هذا السياق، مواكبة رئيس المجلس لوصول ساترفيلد بموقف اكد فيه على “انّ موقف لبنان موحّد ومتضامن في الدفاع عن سيادتنا وثروتنا النفطية وحدودنا البحرية والبرية»، مشدداً على «انّ المعادلة الإسرائيلية «ما لنا لنا، وما لكم لنا ولكم»، هي معادلة مرفوضة قطعاً ولن تستقيم أو تمر”. وواضح انّ بري يشير هنا الى مساحة الـ40% التي يمنحها الطرح الذي نقله ساترفيلد لإسرائيل”.
وأشارت الصحيفة الى أنه “فيما اكدت مصادر مواكبة لحركة ساترفيلد لـ«الجمهورية» ان الموفد الاميركي لم يحمل في جعبته ما يمكن اعتباره تراجعاً عن الطرح الذي عرضه على المسؤولين اللبنانيين قبل انتقاله الى اسرائيل، في وقت كانت تصريحات المسؤولين الاسرائيليين ما زالت تعزف على ذات الموقف الذي عبّر عنه وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان حول ملكية البلوك رقم 9. الأمر الذي يبقي النفط اللبناني في هذه المنطقة معلّقاً على حبل التعقيدات الاسرائيلية ومحاولات السطو عليه.. ومن هنا، كان تأكيد قائد الجيش العماد جوزف عون لساترفيلد “موقف الجيش المتمسّك بسيادة لبنان الكاملة على أراضيه ومياهه الإقليمية والاقتصادية”، وكذلك كان موقف وزير الخارجية الذي قالت اوساط قريبة منه لـ«الجمهورية» انه اكد للمسؤول الاميركي تمسّك لبنان بموقفه الثابت من البلوك رقم 9، وحقّه فيه”.