الصحف الاجنبية: لا تغيير في الموقف الايراني الداعم للاسد
شدَّدت مجموعة معروفة تعمل في مجال الاستشارة الاستخبارتية والامنية على ان ايران عادت بقوة الى الساحة الدولية مع دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ. الا ان المجموعة ذاتها رأت ان ايران ليست في صدد تغيير موقفها حيال الازمة السورية رغم عودتها الى الساحة الدولية ومحاولات البعض تقديم حوافز اقتصادية كي تقبل طهران بعملية انتقالية تؤدي الى رحيل الرئيس السوري بشار الاسد.
من جهة اخرى تواصل الحديث في الصحافة الاجنبية عن خطط اميركية للتدخل العسكري في ليبيا.
ايران تتمسك بموقفها في سوريا
نشرت مجموعة صوفان للاستشارات الامنية والاستخبارية تقريراً بتاريخ 1 شباط/فبراير الجاري حمل عنوان “ايران تخرج من العزلة”، وشددت فيه على ان الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ الى ايران، إضافة إلى جولة الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني الاوروبية التي شملت كلا من ايطاليا وفرنسا، تُظهر بان الاتفاق النووي قد انهى “عزلة ايران الدولية”.و رأى التقرير ان اعادة دمج ايران بالدبلوماسية الدولية يمهد لتعزيز التعاون الدولي مع ايران ضد داعش والقاعدة والجماعات التابعة لهما.
وعلى صعيد محطة الرئيس الصيني في طهران، قالت مجموعة صوفان ان النقطة المركزية في المحادثات التي اجراها الجانب الصيني مع القادة الايرانيين تمحورت حول الرؤية الصينية لمشروع “طريق واحد، حزام واحد”، والذي هو مشروع يطمح اليه الرئيس الصيني ببناء ممر للطاقة والنقل يمتد الى منطقة يوروآسيا. واضاف تقرير مجموعة صوفان ان موقع ايران وكذلك عديد ومهارة الشعب الايراني يجعل دور طهران محورياً لتحقيق هذه الرؤية الصينية.كما لفت الى اتفاق الجانبين الصيني والايراني على تعزيز التبادل التجاري لتصبح قيمته 600 مليار دولار مع حلول 2026، ما يعني ان الصين قد تتخطى مستوى واردات النفط الذي كان موجوداً قبل فرض العقوبات على ايران.
كذلك اكد التقرير ان المصالح الصينية مع ايران لا تقتصر على الجانب الاقتصادي، اذ ان الصين وكما ايران، تعتبر الجماعات الراديكالية مثل داعش والقاعدة واتباعهما تهديداً امنياً مباشراً. واضاف بهذا السياق ان القاعدة واحدى فروع داعش ينشطون في مناطق افغانية وباكستانية قرب الحدود مع الصين ويمزجون هناك مع جماعة متطرفة تسمى حركة شرق تركستان الاسلامية، التي تتألف من الصينيين الاوغاريين.كما اشار الى ان كل من بكين وطهران تتشاركان الرأي بان الرئيس السوري بشار الاسد وهيكل الدولة السورية يشكلان حصن ضد الارهاب الراديكالي. واشار ايضاً الى ان الصين ترى في ايران سوقًا مستقبلية للأسلحة الصينية، وذلك بينما سينتهي الحظر الاممي المفروض على بيع الاسلحة الى ايران في غضون خمسة اعوام.
اما على صعيد جولة الرئيس روحاني الاوروبية فقال التقرير ان الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي ابرمت خلال هذه الجولة تأتي في توقيت هام جداً لاوروبا، حيث تسعى الاخيرة الى تسريع النمو الاقتصادي بعد الآثار السلبية لازمة الدين والمشاكل التي واجهتها اليونان، اضافة الى التأثير السلبي الذي تركه تراجع الاقتصاد الصيني، اذ تعتبر الصين من اهم اسواق المنتوجات الاوروبية.كما لفت التقرير الى أن الأزمة السورية كانت ايضاً حاضرة في المحادثات التي أجراها روحاني مع المسؤولين الايطاليين والفرنسيين، مشيراً بهذا الاطار الى ان القادة الاوروبيين يرون في العملية الانتقالية الناجحة في سوريا الخطوة الاساس ليس فقط لهزيمة داعش، بل ايضاً لانهاء أزمة اللاجئين الناتجة عن الازمة السورية. وقال التقرير ان زيارة روحاني الى اوروبا جاءت قبيل مفاوضات جنيف حول سوريا، مضيفاً ان الدور المستقبلي حول الاسد يبقى نقطة خلاف بين ايران وروسيا من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها الاوروبيين والخليجيين من جهة. وهنا اشار الى ان كلا من الرئيس الفرنسي والايطالي كان يتأمل إقناع روحاني بالموافقة على رحيل الاسد مع نهاية العملية الانتقالية، وذلك من خلال استخدام حافز التجارة و الاستثمار.
الا ان مجموعة صوفان رأت انه وعلى الرغم من اعادة دمج ايران بالدبلوماسية الدولية، تبقى الاخيرة غير مستعدة للتخلي عن الاسد، اذ انه “اقرب حلفاء ايران العرب”، ويشكل “القناة” (حسب تعبير التقرير) التي تستطيع من خلالها ايران تزويد حزب الله بالسلاح.
مؤشرات التدخل العسكري الغربي في ليبيا
من جهتها، نشرت وكالة فرانس برس بتاريخ 30 من كانون الثاني/يناير (AFP) تقريراً قالت فيه ان الرئيس الاميركي باراك اوباما قد طلب إلى كبار مستشاريه إعداد خيارات لتصعيد الحرب ضد داعش، بما في ذلك فتح جبهة جديدة في ليبيا،حيث اشار التقرير الى انه بات هناك تركيز اميركي متزايد على هذا البلاد.
التقرير اوضح نقلاً عن المسؤولين بأنه لم يتم تقديم اي خطط عسكرية ملموسة الى اوباما، لكنه نقل عن مسؤول عسكري اميركي رفيع بانه يجب التحرك في ليبيا قبل ان تصبح الاخيرة “ملاذاً لداعش” وبالتالي يصبح من الصعب طردها من هذا البلد.كما نقل عن هذا المسؤول قوله: “لا نريد وضعا مشابها للعراق او سوريا” (في ليبيا).
واشار التقرير الى اجتماع عقده اوباما لمجلس الامن القومي الاميركي يوم الخميس الماضي من اجل بحث الخطوات المقبلة، حيث صدر بيان عن البيت الابيض حول هذا الاجتماع جاء فيه ان اوباما قد اصدر تعليماته بمواصلة الجهود الرامية الى تقوية الحكم ودعم مساعي مكافحة الارهاب في ليبيا وغيرها من الدول حيث سعت داعش الى انشاء تواجد لها.
كما نقل التقرير عن مسؤول آخر في وزارة الحرب الاميركية البنتاغون بان الحل العسكري يتطلب اولاً حلا سياسيا، حيث اعرب هذا المسؤول عن امله “ببداية حل سياسي كي تكون هناك حكومة شرعية تستطيع ان توجه لنا دعوة كي نلاحق داعش”.
ولفت التقرير الى ان واشنطن تسعى الى ضم دول اوروبية الى اي عمل عسكري قد يشن في ليبيا، مشيراً بهذا السياق الى ان اوباما سيستضيف نظيره الايطالي “Sergio Mattarelle” في البيت الابيض بالثامن من شباط فبراير الجاري. واضاف بالسياق ذاته ان وزير الخارجية جون كيري سيلتقي نظراءه الاوروبيين في روما اليوم الثلاثاء.
مساعٍ اميركية مزعومة لتعزيز الاجراءات الاحترازية ضدَّ داعش
من جانبها، نشرت مجلة “Foreign Policy” بتاريخ 1 شباط/ فبراير تقريراً كشفت فيه نقلاً عن مسؤولين اميركيين كبار ان وزارة الخارجية الاميركية تقوم بتجديد مساعيها الهادفة الى ضبط عمليات التجنيد التي تقوم بها داعش وغيرها من الجماعات الارهابية، وأوضح التقرير ان ذلك يأتي في سياق الرد على استياء البيت الابيض والكونغرس حيال المساعي الحالية لوقف انتشار ايديولوجية المتطرفين.
ولفت التقرير الى ان التغييرات التي امر بتنفيذها وزير الخارجية جون كيري (والتي لم يسبق وان نشر عنها بحسب المجلة الاميركية) تعطي صلاحيات كبيرة لأحد مكاتب وزارة الخارجية كان معروفا باسم “مكتب مكافحة الارهاب”، والذي سيصبح “مكتب مكافحة الارهاب ومحاربة العنف المتطرف” مع هذه التغييرات.كما اوضح ان الاجراءات الجديدة تشمل زيادة عدد الموظفين العاملين بهذا المكتب ثلاثة اضعاف، وتخصيص عشرات مليارات الدولارات من الكونغرس لادارة المكتب. واضاف ان المكتب هذا سيتحول الى مقر لاتخاذ الاجراءات في مجال مكافحة الارهاب، وان ذلك يشمل التصدي لدعاية المتطرفين وبرامج اعادة تأهيل الإرهابيين، اضافة الى امن الطيران المدني والتصدي لتمويل الارهاب والاصلاحات القضائية.
وقال التقرير أن هذا التعديل قدم الى عدد من المشرعين الاميركيين يوم الجمعة الفائت، وانه يوضح بعض الشيء اعلان البيت الابيض بتاريخ 8 كانون الثاني عن اجراء اصلاحات في الجهود الاميركية الرامية الى حرمان داعش من “الارض الخصبة للتجنيد”، والذي جاء بعد الهجمات الارهابية في باريس وكاليفورنيا.
ونقل التقرير عن مسؤول رفيع بوزارة الخارجية تقديره بانه سيتم مضاعفة المبلغ المالي المخصص لادارة هذا المكتب خلال السنة المالية المقبلة، حيث ستخصص بعض هذه الاموال للمساعي الرامية الى منع مواطنين غربيين من الالتحاق بداعش في سوريا او العراق، بينما سيخصص جزءًا آخر من هذا المال لمساعدة الحكومات على بناء القدرات في مجال انفاذ القانون وبرامج التأهيل.
وبينما اشار التقرير الى ان مسؤول وزارة الخارجية الاميركية رفض الافصاح عن الدول التي ستتلقى “المساعدة” في هذا المجال، لفت الى ان هذا المسؤول تحدث عن اهمية منطقة “الساحل” في شمال افريقيا، وكذلك منطقة المشرق العربي وجنوب شرق آسيا.
التقرير اعاد الذكر بان كل ذلك يأتي في سياق الاحباط الاميركي من ان مساعي واشنطن لم تحقق التقدم، حيث انتشرت عمليات تجنيد داعش وتعززت كذلك قدرتها على شن الهجمات خارج الشرق الاوسط.كما اوضح انه من المتوقع ان تبدأ وزارة الخارجية الاميركية باحاطة المشرعين الاميركيين والانظمة غير الحكومية عن تفاصيل هذه التغييرات خلال الاسابيع القادمة.