الصحف الاجنبية: خطة اميركية محتملة لتقسيم سوريا
تحدثت مواقع اميركية عن سيناريو محتمل لتقسيم سوريا قد تكون الادارة الاميركية تعمل عليه بدءًا من الاتفاق الحالي لوقف اطلاق النار، في وقت بدأ تنظيم “داعش” تنفيذ اساليب وحشية جديدة في الموصل بعد خسائره المتلاحقة.
اما على صعيد الملف اليمني فاتهمت صحفية معروفة دول الغرب بالتواطؤ مع السعودية في حربها على اليمن،محذرة من تعزيز سيطرة تنظيمي القاعدة و داعش على البلاد على غرار سوريا.
سيناريو تقسيم سوريا
موقع “دايلي بيست” نشر تقريراً اليوم حمل عنوان “هل يريد اوباما تفتيت سوريا؟”،و الذي جاء فيه ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري “اصبح يعتقد بان التقسيم قد يكون المسار المتبقي الوحيد القابل للتطبيق” عند فشل اتفاق وقف اطلاق النار.
و استشهد التقرير بكلام كيري الاخير امام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ،و الذي اعرب فيه عن شكوكه بامكانية نجاح اتفاق وقف اطلاق النار.و اعتبر التقرير ان كلام كيري هذا يشكل المرة الاولى التي يعترف فيها الاخير بحقيقة “الكارثة” و ما يحصل في سوريا.
التقرير قال بان “سوريا الدولة” لم تعد موجودة،حيث زعم انها ستبقى منقسمة بين كانتونات مختلفة تسطير عليها جماعات طائفية و ارهابية،اضافة الى مناطق يسيطر عليها النظام.
كما اضاف ان دخول الهدنة حيز التنفيذ لا يشكل اي اهمية،اذ ان الحرب ستستمر ضد تنظيمي القاعدة و داعش، واشار الى ان كلاهما يملك قدرة كبيرة على خرق اتفاق وقف اطلاق النار.كذلك زعم ان القصف الجوي الروسي يسمح لداعش بالاستيلاء على المزيد من المناطق،مدعياً بان ذلك يعود الى كون القصف الروسي هذا يستهدف جماعات المعارضة التي سبق و ان منعت داعش من الدخول الى مناطقها (وفقاً لما زعم التقرير طبعاً).و عليه قال ان افضل ما قامت به الولايات المتحدة على صعيد الردع ضد روسيا هو التوصل الى وقف اطلاق النار تعتقد الولايات المتحدة انه سيفشل اصلاً.
و لفت التقرير الى انسحاب داعش من منطقة الشدادي في محافظة الحسكة مؤخراً،حيث اعتبر ان هذا الانسحاب كان تكتيكياً اذ تبعه نصر “سياسي اجتماعي” (لصالح داعش) تمثل “بفرار 30,000 من السنة العرب ليس الى تركيا او حلب،بل الى دير الزور”،وذلك خشية من الاعتقال او القتل الانتقامي او التطهير العرقي، وفقاً لما زعمه التقرير.
كما قال التقرير ان سيطرة الاكراد على بوابة سوريا الشمالية تتم تحت “مظلة” الطائرات الحربية الاميركية و مع وجود قوات كوماندوس اميركية على الارض،و عليه اضاف ان ذلك يؤدي الى تغيير ديمغرافي مع تنقل السكان.و اشار الى ان التغير الديمغرافي هذا هو شرط مسبق للتقسيم،و بالتالي يمكن القول ان خطة- ب للبيت الابيض هو نفس خطة-أ.
و تساءل التقرير عما اذا كان ذلك متعمداً او عن طريق الصدفة،لكن في اشارة الى ان هذه السياسة قد تكون متعمدة،اعاد التذكير بوثيقة ساعد باعدادها المنسق السابق لدى البيت الابيض للشرق الاوسط و شمال افريقيا و منطقة الخليج “فيليب غوردن” اواخر العام الماضي،و التي رسمت استراتيجية تشبه هذه الحقائق الجديدة الديمغرافية على الارض.
و ذكّر التقرير بان الوثيقة التي اعدت لمعهد راند المعروف بانه مقرب من البيت الابيض،انما تحدثت عن مرحلة اولى يتم فيها التوصل الى وقف اطلاق النار تشرف عليه بشكل اساس كل من الولايات المتحدة و روسيا و ايران.كما ذكّر بان المرحلة الثانية التي تحدثت عنها الوثيقة تنص على انشاء مناطق “متفق عليها”،يكون ثلاثة منها متواصلة بينما تكون الرابعة شبيهة لغزة او الضفة الغربية.
و بحسب الوثيقة هذه فان المنطقة التي يسيطر عليها النظام ستقع على ساحل البحر المتوسط،حيث تمتد من حدود تركيا الجنوبية الى دمشق و حمص،بينما يسيطر الاكراد على المنطقة المعروفة “بروج افا” في شمال سوريا.اما المنطقة غير المتصلة فهي التي يتواجد فيها جبهة النصرة و فصائل سلفية جهادية اخرى مثل احرار الشام و التي ستتألف من جزئين،الاول يتكون من ادلب و حلب و حما في شمال و وسط سوريا،و الثاني يتشكل بدرعا في الجنوب.و بالنسبة للمنطقة الرابعة فهي التي تسطير عليها داعش و التي تتكون من مناطق صحراوية غير مأهولة اضافة الى دير الزور و الرقة و تدمر.
التقرير ذكّر ايضاً بما تحدثت عنه الوثيقة لجهة ادارة المنطقة الرابعة دولياً بينما يتم دحر داعش منها بشكل تدريجي،و ارسال قوات “حفظ سلام” اميركية الى كردستان،و تركية و اردنية الى المنطقة السنية غير المتصلة،و قوات روسية الى ما سمته “علويستان”.و نصت الوثيقة على ان توفر كلا من روسيا و ايران ضمان التزام النظام السوري بوقف اطلاق النار،بينما تضمن الولايات المتحدة التزام الاكراد و تركيا و الارد التزام المعارضة السنية،وذلك في الوقت الذي تتعاون فيه كافة الاطراف لطرد داعش.
اساليب وحشية جديدة
من جهته، مراسل الشرق الاوسط في صحيفة الاندبندنت البريطانية “Patrick Cockburn” كتب مقالة نشرت في الرابع و العشرين من شهر شباط فبراير الجاري تناول فيها معاناة سكان مدينة الموصل تحت حكم داعش،حيث نقل روايات لسكان سابقين تمكنوا من الهروب بان داعش تستخدم آلة حديدية تسمى “العضاضة” ضد النساء اللواتي لا تلتزمن بالزي المفروض بالكامل.و نقل عن احدى النساء اللواتي تمكنّ من الفرار بان آلة “العضاضة” تقوم بقطع قطعا من اللحم و تسبب الما حادا جداً،بينما قال آخرون بحسب ما روى الكاتب،ان عناصر داعش يستخدمون هذه الآلة كعقاب على انتهاكات صغيرة جداً للزي المفروض،مثل عدم ارتداء القفازات.
الكاتب،الذي كتب مقالته من مدنية كربلاء المقدسة،لفت الى ان داعش تفرض على النساء الحجاب الكامل و ارتداء سراويل فضفاضة،وكذلك ارتداء الجوارب و القفازات،على ان يكونوا برفقة احد الرجال الاقرباء عندما مغادرتهم المنزل.
هذا و نقل الكاتب ايضاً عن السكان الفارين بان ظروف العيش في الموصل تدهورت بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين،حيث هناك نقص في الطعام و الوقود و المياه و الكهرباء.كما قال انه و بينما كانت داعش تلجأ الى اساليب وحشية منذ بداية سيطرتها على الموصل،الا ان عمليات الجلد و الاعدام ازدادت بشكل كبير خلال الاشهر الاخيرة.و افاد بان اغلب السكان السابقين في الموصل يقولون ان المتطوعين السعوديين و الليبيين الذين التحقوا بداعش،هم الاكثر ميلاً لفرض عقاب على انتهاكات تعد صغيرة جداً للقوانين المفروضة.
و رأى الكاتب ان تعزيز اساليب الوحشية هذه قد تمثل محاولة لداعش من اجل التعويض عن الانتكاسات الاخيرة التي تلقتها في الميدان،اذ قد تحاول الجماعة توجيه رسالة بانها لا تزال تتحكم بسكان المناطق التي تسيطر عليها.
و اشار الكاتب ايضاً الى قطع خطوط الامداد من تركيا و سوريا،و نقص المال بسبب الغارات الجوية التي تستهدف شحنات النفط و انخفاض اسعار النفط كذلك،لافتاً الى ان ذلك قد ادى الى خفض رواتب عناصر داعش بنسبة خمسين بالمئة.
كما تحدث الكاتب عن استحالة امساك داعش بمواقع ثابتة نتيجة العدد الكبير من الخصوم الذين يحاربونها،مثل الجيشين السوري و العراقي،والقوات الكردية في سوريا والعراق،اضافة الى الدعم الجوي الاميركي و الروسي لهذه الاطراف.
و اشار الكاتب الى وجود مؤشرات واضحة تدل على تزايد الفساد و سوء التنظيم داخل صفوف داعش،معتبراً ان نجاح عدد كبير من السكان بالفرار يدل على ان داعش اقل قدرة على تطبيق قوانينها مقارنة مع السابق.
كذلك رأى ان الحرب على عدة جبهات،و الخناق الاقتصادي المتزايد،قد قوض محاولة “دولة الخلافة” بان تقدم نفسها للسنة العرب على انها اكثر قدرة على ادارة دولة من الحكومتين العراقية او السورية.
اليمن تتحول الى “سوريا جديدة”
بدورها، نشرت صحيفة “Daily Telegraph”بتاريخ الرابع و العشرين من شباط فبراير الجاري مقالة للصحفية البريطانية اليمنية الاصل “نوال المقحفي” و التي سلطت فيها الضوء على غياب الاهتمام عند المجتمع الغربي لما يحصل في اليمن مقارنة مع سوريا،وذلك رغم الانتهاكات الفظيعة لحقوق الانسان التي تشمل جرائم الحرب.
و اشارت الكاتبة الى ان عدد الضحايا جراء الحرب في اليمن فاق 8,100 ضحية،و ان القصف الجوي السعودي هو المسؤول عن اكثر من ستين بالمئة من هؤلاء الضحايا.كما لفتت الى انه و من بين جميع المحافظات اليمنية التي يبلغ عددها 22 ،هناك 20 محافظة على وشك ان تشهد مجاعة.
وحملت الكاتبة كلا من بريطانيا و الولايات المتحدة المسؤولية، واصفة ما يحصل بانه قصف و حرمان يفرضه تحالف من اغنى الدول العربية على احدى افقر الدول العربية. كما لفتت الكاتبة الى ان اليمنيين،و خلافاً للسوريين،لا يستطيعون الفرار بسبب الحصار المفروض.
بناء على كل ذلك حذرت الكاتبة من ان اليمن يتحول الى ساحة فوضى يتعزز فيها التطرف المسلح،متوقعة ان يؤدي ذلك عما قريب الى جعل اليمن مصدر قلق دولي و ليس فقط محلي، وانتقدت تقاعس الاعلام في نقل وقائع الحرب على اليمن، واتهمت دول الغرب بالتواطؤ مع السعودية في جرائمه ضد اليمنيين.