الصحف الاجنبية: بان كي مون يحذِّر الكيان الاسرائيلي من مواصلة سياسات الاحتلال
من جهة اخرى كشفت صحف غربية عن تصعيد العمليات العسكرية الاميركية في افغانستان ضد العناصر المتحالفة مع داعش، بينما رأى باحث اميركي معروف ان اميركا لم تعد قادرة على لعب دورها التقليدي في الشرق الاوسط.
بان كي مون يجدد انتقاده للسياسات الاسرائيلية
كتب الامين العام للامم المتحدة “بان كي مون” مقالة نشرت في صحيفة نيويورك تايمز في 31 كانون الثاني/يناير تناول فيها خلفيات التصريح الذي ادلى به مؤخراً حول الوضع في الاراضي الفلسطينية المحتلة والذي قال فيها ان “التاريخ يثبت ان الشعب سيقاوم الاحتلال دائماً”.
وشدد “بان” على ان الاجراءات الامنية التي تتخذها سلطات كيان الاحتلال الاسرائيلي لن توقف ما اسماه “العنف” من قبل الفلسطينيين، واعاد التأكيد على ان المعاناة الفلسيطينية تزداد مع مرور قرابة “نصف قرن من الاحتلال”. وحذر من ان تجاهل ذلك لن يجعل المشكلة تزول، مضيفاً ان “واقع الاحتلال” ينتج الغضب واليأس الذي يؤدي بدوره الى ما اسماه العنف والتطرف وبالتالي تقويض اي امل بالتوصل الى حل “الدولتين”.
واشار “بان” الى استمرار توسع المستوطنات الاسرائيلية وموافقة حكومة الاحتلال على بناء منازل جديدة في “المستوطنات غير الشرعية بالضفة الغربية”.كما لفت الى ان آلاف المنازل الفلسطينية في الضفة الغربية تواجه خطر الهدم بسبب عقبات وصفها “بالتمييزية من الناحية العملية”. وعليه شدد على ان الفلسطينيين – “خاصة الشباب” – يفقدون الامل حيال الاحتلال.
كذلك قال “بان” ان كلا من الامم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا يطالبون بتغييرات سياسية جوهرية لتعزيز الركائز الاقتصادية و المؤسساتية والامنية لدى السلطة الفلسطينية.
واعرب “بان” في الوقت نفسه عن قلقه من ان الوضع في الاراضي المحتلة وصل الى نقطة اللاعودة فيما يخص حل الدولتين،كما اعرب عن قلقه من تصريحات بعض اعضاء الحكومة الاسرائيلية بانه يجب التخلي عن حل الدولتين.
ورأى “بان” ان الوضع الراهن يحمل معه مخاطر لكلا الطرفين، مثل انهيار السلطة الفلسطينية والمزيد من العزلة والضغوط الدولية لجهة كيان الاحتلال.
كما انتقد “بان” رد الفعل الاسرائيلي الغاضب على تصريحاته (التي قال فيها ان التاريخ يثبت بان الشعب دائماً ما سيقاوم الاحتلال)، معتبراً انه من غير الممكن شن حملات لاذعة على كل من ينتقد السياسات الاسرائيلية، بمن فيهم “اقرب اصدقاء اسرائيل”.
وفي الختام شدد “بان” على ان ابقاء شعب تحت احتلال الى اجل غير مسمى يقوض امن ومستقبل “الاسرائيليين” والفلسطينيين.
تصعيد عسكري اميركي في افغانستان
بدورها، صحيفة نيويورك تايمز ايضاً في 31 كانون الثاني نشرت تقريراً كشفت فيه ان الجيش الاميركي شن اثنتي عشرة عملية على الاقل على مدار الاسابيع الثلاثة الماضية في افغانستان استهدفت المسلحين المتحالفين مع داعش، مضيفاً ان ذلك تضمن عمليات الكوماندوس والضربات الجوية. ووضع التقرير هذا التطور في سياق توسيع ادارة اوباما الحملة العسكرية ضد داعش الى ما هو ابعد من العراق وسوريا.
التقرير اوضح ان العمليات هذه تأتي عقب قرار اوباما الشهر الفائت توسيع سلطات القادة العسكريين الاميركيين لمهاجمة “فرع داعش الجديد” في افغانستان، مضيفاً ان الادارة الاميركية تقوم بتجديد خطتها وكيفية محاربة داعش في المناطق التي اوجد فيها التنظيم اتباعا له.
كما اشار التقرير الى ان عددا كبيرا من هذه العمليات الاخيرة في افغانستان حصلت في منطقة “تورا بورا” في ولاية “ننكرهار” قرب الحدود الباكستانية. وافاد التقريران ان القادة العسكريين الاميركيين يرجحون مقتل ما بين 90 و100 مسلح تابع لداعش نتيجة العمليات الاخيرة، مشيراً بالوقت نفسه الى تقديرات المسؤولين الاستخبارتيين بوجود قرابة 1000 مقاتل تابع لداعش في ولاية “ننكرهار”، اضافة الى آلاف منهم في مناطق اخرى من البلاد. غير انه لفت في الوقت نفسه الى اعتراف الجنرالات الاميركيين بان التنظيم قادر على تجنيد مقاتلين جدد للتعويض عن الذين قتلوا اثر الهجمات الاميركية.
كما اشار التقرير الى تخوف القادة العسكريين الافغان والاميركيين وغيرهم من ان التحدي الذي تشكله كل من حركة طالبان وشبكة حقاني وداعش يتبين بانه اكبر من ان تستطيع قوات الامن الافغانية مواجهته بشكل منفرد.
التقرير ذكّر بان لدى الولايات المتحدة 9,800 جندي حالياً في افغانستان، وكشف نقلاً عن مسؤولين اميركيين سياسيين وعسكريين بان اوباما قد يبطّىء عملية انسحاب القوات المقررة اواخر العام الجاري. ولفت الى ان المرشح لتسلم منصب قائد القوات الاميركية في افغانستان الجنرال “John Nicholson” صرح مؤخراً امام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الاميركي بان عناصر طالبان يقاتلون بشراسة “ربما اكثر مما كنا نتوقع”، وان ظهور داعش في افغانستان كان غير متوقع. وفي الاطار ذاته قال “Nicholson” خلال هذه الجلسة انه وفيما لو وافق مجلس الشيوخ على تعيينه، فانه سيمضي الاشهر الثلاثة الاولى بمراجعة المهام الاساسية في افغانستان، قبل ان يقدم مقترحاته حول المستوى المطلوب لعدد من القوات الاميركية في هذا البلد.
واشار التقرير ايضاً الى انه ووفقاً للمعايير الجديدة التي ارسلها البيت الابيض الى وزارة الحرب البنتاغون الشهر الفائت، على الجيش فقط ان يثبت بان الهدف المطروح على صلة بمقاتلين داعش في افغانستان، بعد ان كان لا يسمح بضرب الهدف الا في حال كانت له صلة وطيدة بتنظيم القاعدة.
ونقل التقرير عن مسؤولين اميركيين كبار ان الرئيس الافغاني اشرف غاني يتخوف من نمو تنظيم داعش في افغانستان.
انتهاء صلاحية السياسات التقليدية الاميركية في المنطقة
من جهته، كتب استاذ العلاقات الدولية بجامعة “هارفرد” “Stephen Walt” مقالة نشرت بمجلة “Foreign Policy” في 29 كانون الثاني الماضي شدد فيها على ان الاستراتيجية التي تعتمدها الولايات المتحدة في الشرق الاوسط منذ الاربعينيات لم تعد صالحة. وقال الكاتب ان السياسيين الاميركيين لا زالوا يعتقدون انه يمكن ادارة المنطقة من خلال سياسة التملق مع الحكام المستبدين في المنطقة ودعم اسرائيل بالمطلق، اضافة الى اعادة التاكيد مراراً و تكراراً على الحاجة الى “القيادة” الاميركية، والقيام بعمل عسكري عند فشل جميع الخيارات الاخرى. الكاتب اكد على ان هذه المقاربة لم تعد تنجح، مشيراً الى ان المبادىء التي استندت عليها السياسية الاميركية في السابق لم تعد مفيدة.
واستذكر الكاتب فترة الحرب الباردة حيث قال ان “العناصر المركزية” للسياسة الاميركية في الشرق الاوسط آنذاك كانت واضحة، اذ سعت واشنطن الى الحد من نفوذ الاتحاد السوفييتي في المنطقة والى ضمان استمرار تدفق الغاز والنفط الى الاسواق العالمية وكذلك بقاء “إسرائيل”.
ولفت الكاتب الى ان الولايات المتحدة، وعلى الرغم من نهاية الحرب الباردة، قامت فيما بعد بتعميق دورها في المنطقة، بدءًا من حرب الخليج عام 1991. وتحدث في الاطار ذاته عن تبني ادارة “بيل كلنتون” استراتيجية الاحتواء المزدوج (لكل من ايران والعراق بدلاً من المقاربة السابقة التي كانت تعتمد على ان توازي ايران والعراق بعضهما البعض)، واضاف ان استراتيجية كلنتون هذه اعطت واشنطن دور “شرطي المنطقة”. واشار الى ان هذه الاستراتيجية اقتضت من الولايات المتحدة ابقاء قوات برية وجوية اميركية في السعودية، ورأى ان ذلك ساهم بدفع اسامة بن لادن الى مهاجمة الولايات المتحدة بالحادي عشر من ايلول عام 2001.
كما لفت الكاتب الى ان الدور العسكري الاميركي في الشرق الاوسط تصاعد اكثر مع تبني جورج بوش الابن و نائبه “Dick Cheney” سياسات تيار المحافظين الجدد، مضيفاً ان نتائج ذلك كانت كارثية. واضاف ان باراك اوباما انتخب بعد ان تعهد بانهاء الحرب على العراق واعادة ترميم العلاقات الاميركية مع العالم الاسلامي وتغيير العلاقات مع ايران، الى غيرها من الامور. ورأى الكاتب انه وعلى الرغم من التوصل الى الاتفاق النووي مع ايران، فان بقية سياسات اوباما على صعيد الشرق الاوسط لم تكن افضل من تلك التي اتبعها سلفه، مشيراً بهذا السياق الى سوريا وبقاء تنظيم القاعدة كقوة ناشطة والهجمات التي تشنها داعش حول العالم، علاوة على الوضع في ليبيا واليمن وانهيار ما يسمى بعملية السلام بين “الاسرائيليين” و الفلسطينيين.
واعتبر الكاتب ان السبب وراء هذه الاخفاقات الاميركية يعود الى ان واشنطن لم تأخذ بعين الاعتبار “التغييرات الدراماتيكية ” على المشهد الاستراتيجي في الشرق الاوسط.
وعدّ الكاتب التغييرات بهذا الاطار، مشيراً اولاً الى عدم وجود تهديد واحد رئيسي وبالتالي عدم وجود مبدأ محدد يستند عليه صناع السياسة الاميركيون. واضاف ان هناك اليوم في الشرق الاوسط عددا من اللاعبين الذين يسعون لتحقيق اهداف مختلفة وعدم وضوح التحالفات بين قضية واخرى.
كما شدد الكاتب على ان العلاقات الاميركية مع جميع الحلفاء التقليديين في الشرق الاوسط وصلت الى ادنى مستواياتها منذ اعوام.و تحدث بهذا السياق عن عودة تركيا الى نظام الحكم المستبد تحت قيادة الرئيس رجب طيب اردوغان وعن خلافات تركية اميركية حيال الازمة في سوريا وكيفية التعاطي مع تنظيم داعش. واشار الكاتب كذلك الى ان “إسرائيل” تواصل جنوحها نحو اليمين وترفض كذلك حل الدولتين،كما حاولت تعطيل الاتفاق النووي مع ايران. ولفت ايضاً الى الخلافات الاميركية السعودية نتيجة الاتفاق مع ايران وكذلك الخلافات بين واشنطن والرياض حول الازمة في سوريا، علاوة على القلق المتزايد من الدور السعودي الداعم للفكر المتطرف.
الكاتب اشار كذلك الى اكتفاء اميركا الذاتي في مجال الطاقة، وعليه فقد تساءل عن سبب استمرار دفع مليارات الدولارات من اجل الدفاع عن مخزون الطاقة في الشرق الاوسط بالنيابة عن دول اخرى. وشدد على ان الجيش الاميركي ليس قادراً على معالجة التحديات الحالية في الشرق الاوسط، اذ ان هذه التحديات لا تتمثل بجيش تقليدي بل بعدم وجود مؤسسات حكم فاعلة داخل دول المنطقة، مضيفاً ان التدخل الاميركي في العراق وافغانستان اظهر بان الجيش الاميركي لا يصلح لبناء المؤسسات.
وعلى الرغم من ذلك استبعد الكاتب اجراء نقاش داخلي اميركي حقيقي حول الاستراتيجية الاميركية في المنطقة خلال هذا الموسم الانتخابي الاميركي، مرجحاً ان يواصل المرشحون الحديث عن “قيادة اميركية قوية” والدعم المطلق “لإسرائيل” وتضخيم التهديد الذي تشكله داعش.
وفي الختام نصح الكاتب بان تتوقف واشنطن عن “محاولة معالجة مشاكل المنطقة”، مشدداً على ان شعب المنطقة هو الذي سيحدد مصير الشرق الاوسط و ليس اميركا.