الصحف الاجنبية: إنهاء النزاع في سوريا بعيد المنال
شككت صحف اميركية بنجاح الاتفاق الروسي الاميركي المتعلق بوقف اطلاق النار في سوريا، فيما تحدث صحفي بريطاني عن المعاناة التي واجهها سكان بلدتي نبل والزهراء خلال فترة الحصار.
اتفاق الهدنة في سوريا
صحيفة نيويورك تايمز نشرت تقريراً في الثاني والعشرين من شباط/فبراير الجاري حمل عنوان “الاتفاق الاميركي الروسي على هدنة جزئية في سوريا يطرح الشكوك اكثر من التفاؤل”. وجاء في التقرير ان فرص انهاء سفك الدماء في سوريا تبدو صعبة المنال اكثر حتى، اذ اشار الى تفجيرات حمص ودمشق التي اودت بحياة اكثر من مئة شخص.
التقرير اعتبر ان المساعي الدبلوماسية حققت انجازا صغيرا تمثل بادخال المساعدات الى عدد من المناطق لاول مرة منذ اشهر، لكنه لفت بالوقت نفسه الى ان مئات الآلاف لا زالوا عالقين في مناطق اخرى.
كما قال التقرير ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري اجرى ثلاث مكالمات هاتفية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف يوم الاحد الماضي خلال تواجده في العاصمة الاردنية عمان للاتفاق على تفاصيل الهدنة.كذلك افاد التقرير نقلاً عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الاميركية بان كيري قد أطلع كلا من وزراء بريطانيا و فرنسا و المانيا و السعودية و قطر و تركيا على تفاصيل الاتفاق يوم امس الاثنين، وذلك خلال رحلة عودته الى واشنطن. واوضح ايضاً انه من المتوقع ان يتناول كيري قضية الهدنة هذه خلال جلسة استماع له امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء.
هذا و رأى التقرير انه و بالنسبة لادارة اوباما، فان الهدنة الجزئية في سوريا قد تكون مجرد وسيلة للحد من العنف بينما تركز واشنطن اهتمامها على تخطيط وتنفيذ عمليات عسكرية ضد داعش في ليبيا. ونقل عن المحليين بهذا الاطار قولهم ان الاتفاق يهدف الى تخفيف سفك الدماء من اجل السماح بادخال المزيد من المساعدات الى سوريا، اكثر مما يهدف الى وقف القتال في سوريا، حيث نقل عن الباحث الاميركي في معهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى “Andrew Tabler” بان “سياسة واشنطن المعلنة ليست انهاء الحرب السورية” وان الهدنة المعلنة مجرد محاولة اخرى لاحتواء النزاع.
استقصاء صحفي عن بلدتي نبل والزهراء
بدوره، الصحفي البريطاني المعروف “Robert Fisk” كتب مقالة نشرت في صحيفة الاندبندنت بتاريخ الثاني والعشرين من شهر شباط/فبراير ايضاً روى فيها معاناة سكان بلدتي نبل والزهراء، وذلك خلال رحلة استقصائية قام بها الى بلدة نبل. ولفت الكاتب الى انه وبينما احتل موضوع استعادة الجيش السوري وحلفائه البلدتين العناوين قبل حوالي ثلاثة اسابيع، الا ان العالم لم يلتفت بالمطلق لمعاناة سكان البلدتين على مدى ثلاثة اعوام ونصف العام، متحدثاً عن سقوط 1000 شهيد ووفاة مئة طفل بسبب القصف و المجاعة.
وانتقد الكاتب ضمنياً ازدواجية المعايير في التغطية الاعلامية لمعاناة المدنيين،حيث اشار الى ان سكان المناطق الواقعة تحت حصار من قبل الحكومة السورية حظيت باهتمام اعلامي اكبر بكثير.
كما قال الكاتب ان من بين سكان البلدتين مئة عائلة سنية على الاقل،كانوا قد اختاروا اللجوء الى نبل والزهراء عام 2012 بدلاً من العيش تحت حكم داعش.
ونقل الكاتب عن القيادي في قوات الشرطة ركان ونوس كيف ان العناصر الارهابية في القرى المجاورة كانوا يهددونه بالقدوم الى نبل و الزهراء و ذبح من فيها، اضافة الى تهديدهم باستخدام الاسلحة الكيماوية ضدهم.
كما اشار الكاتب الى انه ومنذ منتصف عام 2013 تقريباً وحتى تحرير البلدتين، لم يكن بامكان الحكومة السورية ادخال المساعدات.
هذا وقال الكاتب انه لا يبدو ان هناك اي عداء تجاه “الايرانيين” الذين ساهموا بتحرير ابلدتين.كما لفت الى وجود لافتات في الشوارع تظهر صورا للرئيس الروسي فلادمير بوتين والى جانبه الرئيس السوري بشار الاسد والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وشدد على أنه قلَّ ما ظهر تحالف على هذا الشكل بين “قوى الاورثودوكسية الروسية والطائفة العلوية والشيعية”.
باحث اميركي يدعو البيت الابيض لاعتماد مقاربة التقسيم في سوريا
من جهته، الباحث الاميركي “Michael O’Hanlon” كتب مقالة نشرت على موقع معهد “Brookings” ايضاً بتاريخ الثاني والعشرين من شباط/فبراير الجاري، والتي شدد فيها على أن سياسة تقليل الدور الاميركي في سوريا ومحاولة احتواء الازمة هناك اصبحت تشكل جزءًا من المشكلة، وأن سياسة الاحتواء في سوريا اثبتت فشلها. واشار في هذا السياق الى وجود جماعات تابعة لداعش في ثماني دول على الاقل، اضافة الى عدد الوفيات والمشردين جراء الازمة.كما تحدث عن خطر وقوع هجوم في اميركا على غرار هجمات باريس، والتحديات التي يواجهها حلفاء اميركا الاساسيون في المنطقة، مثل تركيا والاردن والعراق.
وبينما اعتبر الكاتب ان الرئيس اوباما محق في رفضه ارسال اعداد كبيرة من القوات الى سوريا، رأى بالوقت نفسه ان تصوير اوباما للتدخل على انه اما المقاربة التي يعتمدها حالياً او تدخل عسكري اميركي واسع، رأى ان هذا التصور في غير محله.
وتحدث الكاتب عن خطوات ثلاث يجب ان تقوم بها واشنطن للتقريب بين الوسائل والغايات:
وفيما يخص الخطوة الاولى اكد الكاتب على ضرورة تقوية “المعارضة المعتدلة” وتعزيز الدعم لها، ولفت الى ان ذلك يتطلب على الارجح ارسال ما بين خمسمئة والف مستشار اميركي لينتشروا في مناطق سوريا يتم اختيارها بتأن. وبينما قال انه لا يحبذ مناطق الحظر الجوي التي قد تؤدي الى نزاع مع روسيا، اشار الكاتب الى انه يمكن استهداف الطائرات الحربية السورية التي تهاجم المدنيين و”الميليشيات المعتدلة” في المكان والتوقيت المناسب، على حد زعمه.
وقال الكاتب ان الرؤية السياسية لسوريا المستقبلية يجب ان تتمحور حول نظام الكونفدرالية، وبالتالي تحدث عن ضرورة تشجيع اطراف محادثات السلام على اعتبار هذا النظام هو الاكثر وعداً لاستقرار البلاد. وزعم ان الدولة القوية والموحدة لم تعد ممكنة، اقله في المستقبل المنظور، متحدثاً عن عمق العداوات وانعدام الثقة.
على ضوء ذلك قال الكاتب ان الحل الوحيد يبدو انه التسوية التي “تسمح للاسد بان يحكم بعض انحاء سوريا” – مثل المناطق العلوية والمسيحية – بينما يتم انشاء شكل من اشكال الحكم الذاتي للجماعات الاخرى. وتحدث عن حماية حقوق الاقليات في هذه المناطق و عن مساعدة من يريد منهم الانتقال الى مناطق اخرى قد يعتبرونها اكثر امناً.كذلك اكد على ضررة هزيمة داعش والنصرة وعدم السماح بان يكون لهم مناطق يسيطرون عليها، لكنه اضاف بالوقت نفسه ان الغرب يجب الَّا يقدم أية مساعدة اقتصادية للمناطق العلوية-المسيحية (الدويلة المفترضة) حتى يتنحى الاسد.
وتحدث الكاتب كذلك عن ضرورة نشر قوات دولية لحفظ السلام من اجل ضمان تطبيق اي اتفاق ممكن، ربما في عام 2017 او 2018 عندما تجري الولايات المتحدة التغييرات المطلوبة في مقاربتها. (تغييرات مطلوبة من منظار الكاتب) وقال ان مثل هذا الاتفاق يجب ان يشمل جزءًا من المدن السورية الكبرى – مثل حلب وحمص وحما – تكون ضمن منطقة سنية عربية. واعتبر انه يمكن التوصل الى هذه النتيجة في حال تحسن ميزان القوى لصالح المعارضة مع مرور الوقت.
و في الختام قال الكاتب انه و بينما يتبين بان اي وقف لاطلاق النار في سوريا سيكون قصير الامد، فإن على واشنطن التخلي عن اوهامها بان لديها سياسة سوريا جادة و بان المقاربة الحالية باحتواء الازمة قابلة للاستمرار.و اعتبر ان هذه المقاربة تضع حلفاء اميركا وأمنها امام مخاطر استراتيجية، مضيفاً ان هذه المخاطر تزداد يوماً بعد يوم. وعليه فقد حان وقت العمل الجاد حيال سوريا، مشيراً الى انه فات الاوان ليحل اوباما هذه المشكلة خلال فترة رئاسته، لكنه لم يفت الاوان لبدء عملية الحل.
تضاؤل التفوق العسكري الاميركي
مركز الامن الاميركي الجديد نشر تقريراً حمل عنوان “حالة التأهب القصوى: التهديد الصاعد لحاملات الطائرات الاميركية”، والذي حذر من ان التفوق الاميركي في مجال حاملات الطائرات قد يكون اوشك على الانتهاء. واضاف التقرير انه وخلال الاعوام الاخيرة، فان عددا من الدول مثل الصين وروسيا وايران قد كثفت استثماراتها في مجال انظمة الدفاع الجوي والصواريخ المضادة للسفن الحربية، وكذلك الغواصات وحاملات الطائرات. وتوقع التقرير ان تنتشر هذه القدرات اكثر خلال الاعوام المقبلة، ما يفرض قيودا اكبر من اي وقت مضى على عمليات حاملات الطائرات الاميركية.
وقال التقرير ان تطوير هذه القدرات لدى الدول الاخرى (مثل الصين و روسيا و ايران) سيضع الولايات المتحدة امام خيارين: اما ان تعمل حاملات طائراتها عن بعد، او أن تحمل مخاطر كبيرة في الارواح والمال.
وبينما اشار التقرير الى ان آثار هذا التطور ستظهر في اماكن مختلفة، لفت الى ان التهديد الاكبر هو في منطقة آسيا والمحيط الهادىء حيث تلعب حاملات الطائرات دوراً بارزاً، اذ قال ان تركيز بكين على الصواريخ البعيدة المدى المضادة للسفن يجعلها التهديد الصاعد.