الصحف الأجنبية: تداعيات الضربة الأميركية في دير الزور ترتد على واشنطن
موقع العهد الإخباري ـ
علي رزق:
رأى صحفيون غربيون أن الغارة الجوية الأميركية التي استهدفت جنود من الجيش السوري في دير الزور من شأنها عرقلة تنفيذ الاتفاق الأميركي-الروسي بشأن الهدنة في سوريا، حيث أكد هؤلاء أنه بات على الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يوضح سياسته بشأن التعاون مع روسيا بعد حادثة دير الزور.
في المقابل، سلطت الصحف الأجنبية الضوء على معارضة وزارة الحرب الأميركية “البنتاغون” للاتفاق الروسي الأميركي، ولفكرة التعاون العسكري بين موسكو وواشنطن باستهداف الجماعات الارهابية.
تداعيات الغارة الجوية الأميركية في دير الزور على واشنطن
كتب المدير التنفيذي لمركز “National Interest” بول ساندرز Paul Saunders مقالة نشرت على الموقع التابع للمركز بتاريخ الثامن عشر من أيلول/ سبتمبر الحالي، رأى فيها أن سياسة واشنطن تجاه سوريا والتي تمثلت مؤخرًا في الضربات الجوية الأميركية على مواقع الجيش السوري في دير الزور تضر بأميركا نفسها، وتُصعِّب معالجة الأزمة السورية، مرجحًا أن يرث خليفة أوباما الأزمة السورية، ما يُحتّمُ على أوباما اتخاذ قرارات صعبة حيال سوريا قبل مغادرته البيت الأبيض بعد أربعة أشهر.
وإذ لفت الكاتب إلى أن الغارة الأميركية على مواقع الجيش السوري في دير الزور تجعل تنفيذ اتفاق الهدنة بين الولايات المتحدة وروسيا عملية صعبة التحقق، أوضح أن الضربات الأميركية تعزز انعدام الثقة بين الطرفين، وأشار الكاتب في السياق إلى شدة اللهجة التي صبغت بيان الخارجية الروسية، حيث اتهم الطيارين الأميركيين بالتواطؤ مع تنظيم “داعش” الإرهابي.
الكاتب شدد أيضًا على أن رفض المسؤولين الأميركيين للمخاوف الروسية يُعدُّ “نرجسي وغير عملي”، مذكرًا بأن وسائل الإعلام الأميركية كانت تحدثت قبل أيام فقط من حادثة دير الزور عن معارضة “البنتاغون” للاتفاق الأميركي الروسي، وخاصة التعاون العسكري مع روسيا، وأضاف الكاتب أنه” ليس بالأمر البعيد أن يُنظر إلى حادثة دير الزور على أنها محاولة من قبل “البنتاغون” لإحباط الاتفاق الأميركي الروسي”.
كذلك أكَّد ساندرز أن “عدم معالجة المخاوف الروسية تُصعّب وقف القتال في سوريا، كما أن الغارة الجوية على دير الزور سيكون لها تداعيات سلبية على العلاقات ما بين الولايات المتحدة والحكومة السورية”، مضيفًا “إنّ التوصل إلى تسوية في سوريا دون تدخل عسكري أميركي كبير يقتضي موافقة الرئيس السوري بشار الأسد”، وشرح بأنّ واشنطن تعول على موسكو في هذا الإطار، وفي الوقت نفسه تعول عليها من أجل إقناع الأسد “بضرورة الرحيل”، حسبما قال الكاتب.
على ضوء كل ذلك، شدد الكاتب على أن التعاون الأميركي الروسي العسكري هو القرار الأساس الذي يواجهه أوباما، الذي يبدو حتى الآن مؤيدًا للتعاون لكن ليس بشكل علني وواضح، سواء أكان في سوريا أم في ليبيا أو أوكرانيا، وعليه حذر الكاتب من تداعيات الـ”نصف حلول” التي يعتمدها أوباما.
صحيفة “نيوروك تايمز” من جهتها نشرت تقريرًا بتاريخ الثامن عشر من أيلول/سبتمبر الحالي اعتبرت فيه أن حادثة دير الزور وضعت أميركا في موقف “دفاعي”، وقوضت مساعيها الهادفة إلى خفض العنف و”فتح الممرات الإنسانية” في سوريا، لكن استهداف الطيران الحربي الأميركي للجنود السوريين كشف الصعوبات التي يعاني منها البيت الأبيض بوضع استراتيجية متماسكة في الحرب السورية، كما أن للولايات المتحدة أهداف متناقضة في هذه الحرب، من هزيمة “داعش” إلى إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد من الحكم”، حسبما جاء في تقرير الصحيفة.
وإذ لفت التقرير إلى أن حادثة دير الزور سمحت للحكومة الروسية بأن تقول أن خلفية الحادثة هي الرفض الأميركي لمشاركة المعلومات الاستخباراتية، وسمحت كذلك للحكومة السورية بالقول أن واشنطن تحاول حماية “داعش”، نبّه التقرير إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يواجه الكثير من المعارضين في الداخل حيال الاتفاق الذي توصل إليه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف حول الهدنة في سوريا، أبرز هؤلاء المعارضين هو وزير الحرب آشتون كارتر.
الصحف الأجنبية: تداعيات الضربة الأميركية في دير الزور ترتد على واشنطن
صحفيون أميركيون موالون لكيان الاحتلال “الإسرائيلي” يشجبون سياسة أوباما حيال سوريا
في سياق متصل، كتب نائب مدير صفحة التحرير في صحيفة واشنطن بوست “Jackson Deihl” مقالة نشرت بتاريخ الثامن عشر من أيلول/سبتمبر الحالي رأى فيها “أن التدخل الروسي في سوريا جعل من الرئيس الأميركي باراك أوباما “الطرف الخاسر””.
والكاتب الذي يُعد من أبرز الصحفيين المنتمين إلى تيار “المحافظين الجدد” وأبرز الموالين لكيان الاحتلال “الاسرائيلي”، أوضح أن أوباما ومنذ عام 2012 يرفض الدعوات في الداخل الأميركي لتكثيف الدعم العسكري الأميركي لصالح الجماعات الإرهابية التي تحارب النظام السوري، وتابع ديهل بالقول “إنّ أوباما طالما رفض هذه الدعوات على اعتبار أن تكثيف الدعم للمجموعات المسلحة في سوريا سيؤدي إلى انزلاق أميركي جديد يكرر ما حصل في العراق أو افغانستان”، كما لفت الكاتب إلى أن أوباما لا يرى فائدة من تكثيف التدخل الأميركي في سوريا، بل على العكس لأن من شأنه- بحسب أوباما- تعزيز نزعة التطرف في العالم.
غير أن الكاتب لفت الى “أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أثبت صوابية المفهوم الذي رفضه أوباما – وهو أن الاستخدام المحدود للقوة يمكن أن يغير النتيجة السياسية دون تكاليف باهظة”، إلا أنه شدد على أن الفرق في هذه الحالة هو أن النصر يأتي لصالح روسيا وإيران و”نظام الاسد” على حد تعبيره، مضيفًا “إن هذا النصر “جاء على حساب الولايات المتحدة وأصدقائها العرب والاسرائيليين والأتراك”.
كما لفت الكاتب إلى “أن الاتفاق الأميركي الروسي في سوريا أعطى بوتين كل ما كان يسعى إليه في سوريا، إذ ان اتفاق الهدنة يُبقي الجيش السوري في مواقعه في محيط حلب، واستمرار الهدنة لسبعة أيامٍ -يقتضي أن ينضم القادة العسكريون الأميركيون إلى روسيا باستهداف القوات المعادية للأسد في حلب وغيرها– يعني الاستجابة لمطلب بوتين القديم بأن ينضم الغرب إليه في محاربة الارهابيين بدلاً من الأسد.
كذلك أشار الكاتب إلى “أنّ روسيا لم تدخل في أي “مستنقع” في سوريا كما كان قد توقع أوباما، فقد قلب بوتين ميزان الحرب لصالح الأسد، وحصل على الشروط السياسية التي أرادها من الولايات المتحدة، وهو- أي بوتين- بات يفرض النتائج السياسية في المناطق التي كانت الولايات المتحدة تسيطر عليها سابقًا”.
ترامب المستفيد من الهجمات التي شهدتها أميركا في الأيام الماضية
من جهة ثانية، نشر موقع “دايلي بيست” تقريرًا كتبه مدير تحرير الموقع “John Avlon” بتاريخ الثامن عشر من أيلول/سبتمبر الحالي استذكر فيه التفجيرات التي استهدفت محطة القطارات في مدينة مدريد الاسبانية بتاريخ الحادي عشر من آذار/مارس عام 2004 والتي أدت إلى مقتل المئات، ما أدى إلى خسارة حكومة رئيس الوزراء “Jose Maria Aznar” آنذاك الانتخابات بعد ثلاثة أيام لصالح الحزب الاشتراكي، وعليه تساءل الكاتب حول مدى إمكانية استفادة المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب من
الهجمات التي شهدتها أميركا خلال الأيام الماضية”.
وفي السياق، لفت الكاتب إلى أن ترامب وبعد دقائق من تفجيرات نيويورك الأخيرة شدد أمام حشد من مؤيديه على ضرورة بذل المساعي القوية ضد الإرهاب، كما تابع “إن تفجيرات نيويورك التي أدت إلى جرح تسعة وعشرين شخص، والعبوة التي انفجرت في مدينة “New Jersey”، وكذلك عملية الطعن في مجمع تجاري في ولاية “Minnesota” تزامت مع مضي أسبوع فقط على ذكرى هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، كما أنها تعزز بيئة الخوف الذي قد يدفع الكثير من الناخبين لتأييد ترامب”.
كما أشار الكاتب إلى أن مثل هذه الهجمات قد تستمر من الآن وحتى الانتخابات في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، مشددًا على أن الإرهابيين يعتبرون بأن ترامب يساعد مساعيهم لإظهار أميركا على أنها في حالة تراجع، خاصة أن التمييز ضد المرأة يؤثر سلبًا على آراء الناخبين تجاه المرشحة الديمقراطية هيلاري كلنتون وقدرتها على مواجهة “التهديد الإرهابي”، كما تابع الكاتب بالقول “إن البيئة الأميركية غير مهيئة لنموذج “غولدا مائير” في “إسرائيل”، وأنّ الكثير من الأميركيين يرون أنه ليس باستطاعة “امرأة اكبر سنًا” أن تحارب الإرهاب بالشكل الذي قد يُحاربه رجلٌ مثل ترامب”.
الصين تدخل المعسكر الداعم للرئيس السوري بشار الأسد
كتب الباحثان “Michael Clarke” و “Raffaello Pantucci” مقالة نشرها موقع “National Interest” بتاريخ السابع عشر من أيلول/سبتمبر الحالي، أشارا فيها إلى الزيارة التي قام بها الأدميرال الصيني “Guan Youfei” إلى دمشق في منتصف آب/ أغسطس الماضي، وما حملته من رسائل تصب في تعزيز الصين لدورها في مكافحة الإرهاب.
الزيارة التي رأى فيها الكاتبان اختلافًا عما سبق من سياسة الصين منذ بدء الازمة في سوريا، أضافا”إن الصين بدأت تشارك في المحادثات الدولية حول محاربة الارهاب، خاصة “داعش”، لافتان إلى القرار الذي اتخذته الصين العام الفائت بتعديل أحد القوانين الصينية من أجل السماح بنشر قوات أمنية صينية خارج البلاد بهدف محاربة الإرهاب.
وفند الكاتبان الأسباب التي دفعت الأدميرال الصيني إلى زيارة دمشق، فحصرا الأسباب ضمن اثنين، الأول هو القلق الصيني من المسلحين الأوغاريين من محافظة جينغ جانغ الذين التحقوا بالمجموعات المسلحة في سوريا، أما السبب الثاني بحسب الكاتبَيْن فهو حرص الصين على الاستقرار الجيوسياسي في الشرق الأوسط في ظل سعيها إلى تنفيذ مشروعها المسمى “حزام واحد طريق واحد”.
وفيما يخص السبب الأول، تحدث الكاتبان عن وجود الحزب الإسلامي التركستاني في الميدان السوري، حيث أشارا إلى أن الحزب المذكور انبثق عن حركة تركستان الشرقية الإسلامية في الصين، كما لفتا إلى أن العلاقات ما بين “الحزب الاسلامي التركستاني” وتنظيم “القاعدة” قد تعززت، وأن أعدادًا متزايدة من الأوغاريين التحقوا بالحزب منذ عام 2009، وأشارا إلى أن زعيم “القاعدة” أيمن الظواهري قد حيّا الأوغاريين بسبب مساهمتهم بما يسمى “الجهاد العالمي”” على حد تعبيره.
الكاتبان شددا أيضًا على أن تفكك الشرق الأوسط نتيجة الأزمة السورية يشكل عقبةً أساسية أمام قدرة الصين على تنفيذ مشروع “حزام واحد طريق واحد”، حيث ترى بكين أن مقاربة الولايات المتحدة حيال سوريا تنبع من رغبة واشنطن بالاستفادة من الحرب الأهلية السورية من أجل تبرير الإطاحة بالرئيس السوري وإضعاف الدور الإيراني في الشرق الاوسط، فيما اتخذت روسيا من جهتها موقفًا حازمًا باستئصال التهديد الإرهابي ودعم النظام السوري، وأن بكين أُعجبت- بحسب الكاتبَيْن- بالطريقة التي حققت فيها الخطوات الروسية النتائج الميدانية، كما اعتبر الكاتبان أن بكين ربما توصلت الى استنتاج بأن دعم الأسد والوقوف مع روسيا هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق في إطار محاربة “الحزب الإسلامي التركستاني””.