الصحافة اللبنانية اليوم: المقاومة تصفع إسرائيل
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 29-1-2015 موضوع العملية النوعية المركبة لحزب الله في منطقة مزارع شبعا والتي انطوت على تفوق استخباري ولوجستي وعسكري على الجيش الصهيوني في حيز جغرافي شديد الحساسية والتعقيد والتي اسفرت عن سقوط قتيلين للعدو بحسب اعترافهم .
وأتت افتتاحيات الصحف على الشكل التالي:
السفير :
المقاومة تكرّس معادلة الردع: «الأمر لي»
بداية جولتنا مع صحيفة “السفير” التي كتبت تقول بعد عشرة أيام على هجوم القنيطرة، حسم حزب الله سريعاً النقاش حول أين وكيف ومتى سيحصل الردّ، وفرض معادلته الدقيقة: «أكبر من ثأر.. وأقلّ من حرب»، في عملية نوعية مركبة انطوت على تفوق استخباري ولوجستي وعسكري في حيز جغرافي شديد الحساسية والتعقيد.
ولعل أهم ما حققته العملية ـــ الإنجاز، أنها أجهضت محاولة اسرائيل تعديل قواعد الاشتباك من خلال هجوم القنيطرة، وأعادت تثبيت معادلة الردع على قاعدة «أن أي اعتداء يتعرّض له محور المقاومة.. سيلقى الرد المناسب».
منذ اللحظة الاولى لعملية القنيطرة، كان الاسرائيلي يفضل ان يحصل الرد عبر الجولان، لأن من شأن ذلك أن يمنحه هامشاً واسعاً للرد في الداخل السوري، لكن المقاومة باغتت التقدير الإسرائيلي، فاختارت أن توجّه ضربتها في المكان الذي لم يكن مدرجاً، ربما، في أولوية الحسابات الاسرائيلية.
كان واضحاً أن انتقاء «المزارع»، هو الى حد ما «الخيار الآمن»، الذي يوفق بين حتمية الردّ وبين الرغبة في عدم التصعيد (الحرب)، إذ إن «المزارع» هي منطقة لبنانية محتلة تقع خارج نطاق القرار 1701، وتملك المقاومة فيها شرعية العمل العسكري قبل عملية الأمس وبعدها.
وإذا كانت إسرائيل قد اختارت وفق مقاييسها المكان والزمان للاعتداء على موكب «حزب الله» في القنيطرة، متوقعة أن يأتيها الردّ من البقعة الجغرافية ذاتها، فإن حزب الله ارتأى أن يوجّه ضربته المضادة في مزارع شبعا، مكرساً بذلك وحدة جبهة الصراع من الجنوب الى الجولان، واضعاً في حساباته أن الردّ عبر الجولان وما سيليه من تداعيات، قد يؤدي إلى إحراج حليفه السوري المنشغل بمواجهة القوى التكفيرية، وربّما الى تدحرج المنطقة كلها نحو مواجهة واسعة، وهو الأمر الذي لا يريده الحزب، وإن كان مستعداً له لو حصل، بدليل القرار بالردّ، ومن ثم وضعه موضع التنفيذ.
وهذه النقطة وغيرها، سيركّز عليها السيد حسن نصرالله في خطابه المقرّر غداً، وربما يتزامن إحياء ذكرى شهداء عملية القنيطرة مع بثّ مقاطع مصورة لعملية شبعا، كما رجّحت بعض الأوساط الاعلامية أمس.
ولئن كانت إسرائيل لم تتجرأ حتى الآن على التبني الرسمي والواضح لغارة القنيطرة، فإن حزب الله سارع الى تبني عملية «المزارع» عبر بيان حمل الرقم واحد في رسالة ضمنية بأن أي ردّ اسرائيلي سيرتب رداً سريعاً من المقاومة.
وتعاملت وسائل الإعلام الإسرائيلية مع الردّ على أنه تعبير عن إخفاق استخباري وعملياتي من الدرجة الأولى، خصوصاً أنه تمّ في ظل حالة التأهب القصوى المعلنة منذ أيام على طول الحدود الشمالية من الناقورة الى الجولان، لكن هذا الإخفاق أظهر من ناحية أخرى المعضلة السياسية التي وجدت إسرائيل نفسها فيها إثر دخولها شرك التصعيد مع «حزب الله» بعد عملية القنيطرة: هل تصعّد ميدانياً أم تتجنّب الصدام الواسع؟
ومن الواضح، أن السلوك الاسرائيلي أعطى انطباعاً بأن العدو قرر أن «يبتلع» الضربة، وألا يذهب بعيداً في ردة فعله، برغم التصريحات مرتفعة النبرة التي أدلى بها بنيامين نتنياهو، غير القادر على خوض مغامرة واسعة على تخوم الانتخابات، ومن دون وجود ضوء أخضر أميركي.
وفي سياق احتواء الموقف، تواصلت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ وقيادة «اليونيفيل» مع حزب الله، أمس، من زاوية الدعوة الى التهدئة وضبط النفس، وتبلّغ الجيش اللبناني من القوات الدولية رسالة، نقلاً عن الجانب الإسرائيلي، مفادها بأن عمليات القصف انتهت وأن بإمكان جنود «اليونيفيل» الخروج من الملاجئ.
وسُجل أيضاً تنسيق بين حزب الله وقيادة الجيش، في ظل ارتياح للموقف الرسمي اللبناني الذي عبّر عنه رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل الذي أجرى اتصالات دولية وإقليمية صبّت كلها في خانة تأكيد الحق اللبناني.
وتلقى حزب الله أمس سيلاً من برقيات التهنئة والدعم من أوساط عربية متعددة، لاسيما فلسطينية على اختلاف مشاربها، ومن ضمنها قيادتا «فتح» و «حماس».
وقائع العملية
كيف حصلت العملية وما هي مقدّماتها؟
هي عملية نظيفة ونوعية بامتياز، وتنطوي على مزيج من عناصر الابتكار والخبرة والقدرة والمباغتة والشجاعة.
وبرغم أن العدو كان ينتظر الردّ منذ اعتداء القنيطرة، إلا أن «الفضيحة» التي أصيب بشظاياها ولا تقل وطأتها عن صواريخ «كورنيت»، هي أن المقاومة تحكّمت بمسرح العملية، محتفظة لنفسها بزمام المبادرة منذ إطلاق الصاروخ الأول على القافلة المعادية وحتى لحظة الانسحاب.
بعد جريمة القنيطرة، حصل نقاش واسع داخل قيادة المقاومة للخيارات المضادّة، بالتشاور مع طهران ودمشق، وتقرّر الردّ عبر مزارع شبعا، بأسرع وقت ممكن، لمنع إسرائيل من استثمار مفاعيل غارة القنيطرة بتغيير قواعد الاشتباك، ومحاولة فرض أمر واقع جديد على خط الجبهة الممتدّ من الجنوب الى الجولان.
كُلّفت المجموعات العسكرية المعنية في المقاومة بتفعيل الرصد في المزارع، لتحديد الهدف الذي سيُضرب وزمان التنفيذ ومكانه، وتم تأجيل إطلالة السيد حسن نصرالله الإعلامية حتى الجمعة، لإفساح المجال أمام المقاومة لتُنجز مهمتها.
كان «السيد» قد حسم الأمر: الردّ قبل الخطاب، وليس العكس، «وهذه دفعة أولى في الحساب المفتوح بيننا وبين الإسرائيلي».
وضعت قيادة المقاومة الخطة وباشرت مجموعات النخبة بتنفيذها.. أساساً، تخضع كل همسة وحركة في المزارع المحتلة لمراقبة المقاومة التي بقيت حاضرة ومستيقظة على طول الحدود مع العدو، برغم انشغالاتها في الساحات الاخرى.
ومع اكتمال صورة المعطيات الميدانية لدى المقاومة، صدر قرار التنفيذ. بدأ الفصل التمهيدي للعملية أمس الاول، حين تم إطلاق صاروخين على الجولان المحتلّ، بغية استقطاب اهتمام العدو وأنظاره الى تلك المنطقة، في معرض التمويه والإلهاء، وجاءت ردة الفعل الاسرائيلية على الصورة التي توقعتها المقاومة.
في هذه الأثناء، كانت مجموعة «شهداء القنيطرة» تمضي ليلتها في موقع أمامي في المزارع المحتلة ضمن منطقة جغرافية معقدة وغير مكشوفة، تنتظر مرور الهدف، وهي مزوّدة بأسلحة نوعية قادرة على إيصال الرسالة ببلاغة، بعدما نجحت في تجاوز أجهزة الرصد والمراقبة لدى العدو، واختراق إجراءاته الاحترازية المتخذة منذ ايام في ظل استنفار عسكري واسع النطاق.
قبل ظهر امس، مرّت القافلة العسكرية الاسرائيلية التي كانت تضم في عدادها ضابطاً برتبة رائد وضابط صف وعشرة عناصر.
وعندما أصبحت القافلة في مرمى عناصر الكمين، تم استهدافها في وضح النهار بستة صواريخ متطورة من نوع «كورنيت» تنتمي الى الجيل الرابع، وهو الأحدث.
وفي غضون لحظات، اصيبت كل الآليات المعادية بشكل مباشر، في وقت واحد تقريباً، بحيث لم يُعط الجنود والضباط الذين كانوا يستقلونها فرصة للرد وخوض مواجهة مع المهاجمين، وهذا ما يفسر أن العملية كانت عبارة عن ضربة في اتجاه واحد، ولم تتخذ طابع الاشتباك.
أنجزت مجموعة المقاومين مهمتها بنجاح، وانسحبت بسلاسة وانسيابية، عائدة إلى مواقعها في العمق اللبناني، من دون تسجيل أي إصابة في صفوفها.
أما الإصابات الاسرائيلية، فإن مشهد الآليات المحترقة والمدمرة الى حد ذوبان بعض هياكلها، يوحي بان عددها أكبر بكثير من ذاك الذي اعترفت به اسرائيل (قتيلان أحدهما ضابط، وسبعة جرحى).
وعمل سلاح المدفعية والمجموعة الصاروخية التابعان للمقاومة على تغطية انسحاب القوة المهاجمة، من خلال قصف بالهاون طاول مواقع العدو في السماقة والعلم ورمثا والعباسية والغجر.
وفي أعقاب ذلك، بدأت المدفعية الأسرائيلية المركزة في مرابض زعورة وعمفيت عيار 155 ملم بقصف واسع طاول بشكل خاص العباسية حيث مواقع الكتيبة الأسبانية العاملة ضمن «اليونفيل» ما ادى الى اصابة جندي اسباني بجراح خطرة توفي إثرها. وتوسّع القصف ليطال اطراف قرى بسطرة، المجيدية، حلتا، الماري، كفرشوبا، كفرحمام، وشبعا حيث طالت الشظايا عدداً من منازل البلدة، كما اصيب جامع العباسية بشظايا عدة، وقد احصي سقوط حوالي 150 الى 200 قذيفة اسرائيلية.
الحَرَج الإسرائيلي
والارجح، ان العملية النوعية في مزارع شبعا ستضع اسرائيل امام اسئلة صعبة من نوع:
كيف تمكنت المقاومة من تحقيق هذا الاختراق للمزارع المحتلة في وضح النهار، برغم أن الرد كان متوقعاً؟
كيف نفّذت المجموعة عمليتها؟
ثم كيف انسحب المهاجمون بهذه الأريحية من دون أن يواجهوا أي صعوبة؟
ولماذا لم يكن الموكب الاسرائيلي مصفحاً، مع ان منسوب المخاطر كان مرتفعاً؟ ولماذا تأخرت طواقم الإنقاذ بالوصول الى المكان؟
بمعزل عن طبيعة الإجابات الاسرائيلية، فإن ضربة الامس تؤشر الى إخفاق استخباري – عسكري لاسرائيل، والى انجاز للمقاومة من الوزن النوعي الذي سيعيد التوازن الى كفتي ميزان الصراع، وذلك بعنوان «الأمر لي». فالعملية تمت من أرض لبنانية محتلة وضد هدف اسرائيلي على أرض لبنانية محتلة، برغم كل الالتباسات المحيطة بقضية مزارع شبعا.
ونقلت القناة الثانية الاسرائيلية عن بنيامين نتنياهو قوله إن «مَن يقف وراء الهجوم اليوم سيدفع الثمن كاملاً». وكتب موقع القناة الثانية، أنه تم نقل رسائل بين إسرائيل و «حزب الله» بواسطة الامم المتحدة، مفادها ان الجولة الحالية انتهت وأن لا نية للطرفين في تصعيد الوضع..
وأبلغ سفير اسرائيل في الامم المتحدة رون بروشاور، مجلس الأمن ان اسرائيل تحتفظ لنفسها بحق الدفاع عن نفسها في اعقاب الهجوم «وسنتخذ جميع الوسائل التي بحوزتنا ولن نقف جانباً في الوقت الذي يهاجم فيه تنظيم إرهابي إسرائيليين».
الأخبار :
المقاومة تعطي جوابها حول قواعد الاشتباك…
ابراهيم الأمين
ومن جهتها، كتبت صحيفة “الأخبار تقول لم تمض ساعات على عدوان القنيطرة، حتى ساد استنفار كامل على جانبي الحدود. في لبنان وسوريا، أطلقت المقاومة الإسلامية صافرة الإنذار، ودخلت كل وحداتها في برنامج استنفار متدرج، وصل ذروته في الساعات الـ 48 الماضية، مع شروع وحدات الحزب، المدنية والعسكرية، في تنفيذ خطة طوارئ تفرض إخلاء غالبية المراكز وإقفال المعسكرات وتعديل آليات التواصل وحجز كل عناصر المقاومة على مختلف المستويات. ترافق ذلك مع بدء البحث العملاني في الوحدات المعنية حول كيفة التعامل مع الاعتداء. كان واضحاً من الإجراءات، ومن صمت قيادة الحزب، ثم من خطاب نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، أن قرار الردّ اتُّخذ. وعندما بلغت الإجراءات الاحترازية ذروتها، فهم الجميع: نحن أمام احتمال اندلاع مواجهة كبيرة.
قيادات العدو، العسكرية والأمنية، دخلت في برنامج عملاني أيضاً. الفهم التقليدي للعدو لعقل المقاومة، دفعه إلى الاستنفار بطريقة خاصة. ركّز على نشر مزيد من القوات وتفعيل العمل الأمني والاستخباري على طول الحدود مع لبنان وسوريا، واستنفرت شبكات العملاء والمتعاونين من غير اللبنانيين لمدّه بمعطيات تساعد على فهم الخطوة المقبلة. نُقلت وحدات خاصة إلى الجليل والجولان، وكُلفت فرق خاصة التواصل مع المستوطنين، وجرى تسهيل «نزوح هادئ» من عدد من المستوطنات. كان العدو أمام معادلة صعبة: إبقاء الحياة طبيعية مقابل رفع الاستنفار.
على الجانبين، سادت قناعة بأن الردّ حتمي. لكن الجميع دخل في نفق الأسئلة الصعبة: ما هي طبيعة الرد؟ كيف سيحصل؟ أين؟ ومتى؟
الجديد، بالنسبة إلى العدو، ليس محاولة اختبار المقاومة في لعبة «قواعد الاشتباك»، بل قراءة فصل جديد في كتاب حزب الله، وهو فصل بدأت كتابته بعد احتدام الأزمة السورية. لم يعد العدو يتطلع إلى تراكم قوة الحزب، وتوقّفت عدّاداته عن إحصاء ما يصله من صواريخ وأسلحة. انصبّ الاهتمام على النوعية، وعلى مراقبة الخبرات المتراكمة جراء الحرب في سوريا، وعلى التبديل الجوهري في العقيدة القتالية، حتى بات الإسرائيليون يتساءلون علناً: متى يحين دورنا؟
وفيما كان كثيرون يتناقشون في سبب إعلان خطاب متأخر للسيد حسن نصرالله، كان هناك من يسأل عن الاعتبارات التي تحدد طبيعة ردّ الحزب وتوقيته. ومهما قيل أمس، وسيقال لاحقاً، فإن أحداً لم يجزم بأنّ الردّ سيسبق الخطاب. وتنفيذ المقاومة لعمليتها أمس، فتح الباب أمام أسئلة من نوع مختلف، ولو أن بعضها بديهي.
هل قلت نتوقع؟
بات معروفاً أن قيادة المقاومة فتحت تحقيقاً مفصلاً في اعتداء القنيطرة. النتيجة الأولية الواضحة أن العدو غامر بعملية غير متوقعة. وبالتالي، فإن البحث في الإجراءات المتخذة من قبل المقاومين، ستكون محصورة في القسم المعلَن مسبقاً، أي في الإجراءات التي احترمها المقاومون بناءً على تحذيرات سابقة أعطتها المقاومة للعاملين في منطقة الجولان. وهذا أمر له بعده العملياتي.
ماذا فعل العدو؟ استنفار كامل عسكري وأمني وشعبي وإعلامي. وهو لا شك لاحظ، مباشرة أو من خلال منظومة التجسس، إجراءات واضحة من قبل المقاومة. لم يكن التقدير في شأن الرد متأرجحاً بين حصوله أو عدمه، بل حول توقيته وطبيعته. أكثر من ذلك. تعرف إسرائيل جيداً أن المقاومة لم تبادر يوماً إلى الضرب بغير توازن وتناظر، وبالتالي تدرك أن الهدف هو عملية عسكرية، ولو كان لها طابع أمني. وتعرف أيضاً أن «الماء النظيف» لوجه المقاومة، لا يدفعها إلى مسارح بديلة، وأن صورة المقاومة القوية مستمدّة أساساً من المواجهة في المكان الصح. يعني هذا أنه كان في مقدور العدو تقدير مسرح العملية على طول الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا. مع ذلك، فإن موكباً عسكرياً وقيادياً (مع ما يحتمل ذلك من إجراءات أمنية) تعرض، في وضح النهار، ليس لتفجير عبوات ناسفة يمكن مقاوماً وحيداً أن ينفذها، بل لعملية قنص بصواريخ موجهة ضد الدروع تستدعي قيام مجموعة بها. وهذا يعني، ببساطة، أن لهذه قوى تغطية وإسناد وخلافه. مع ذلك، لم يستطع العدو حصر الدائرة، وجاءته الضربة في منتصف الوجه.
هل قلت بغضب ساحق؟
بعد تنفيذ عدوان القنيطرة، سارع العدو إلى التهويل على لبنان وسوريا والمقاومة بأن ردّه على أيّ عمل عسكري سيكون قاسياً وقوياً، وصولاً إلى ادعاء البعض أنه سيكون فورياً. هذا يعني أن العدو أعدّ خططه قبل التصديق على عملية القنيطرة، لأنه، بحسب المنطق، كان يتوقع رداً من المقاومة، وبالتالي يفترض أنه أعدّ في المقابل رداً مضاداً. ولكن ما الذي حصل أمس؟
أُبلغت قيادات العدو عن عملية لحزب الله على الحدود الشمالية. وخلال وقت قصير، تحدّدت طبيعة الهدف وحجم الخسائر. وعندما انعقد المجلس الأمني، كان يفترض أن يظهر لجمهوره خططه البديلة. لكن من ارتكب حماقة القنيطرة بقي أسير التقديرات الخاطئة. وبدل التهور في عمل مباشر رداً على الصفعة – الإهانة، لجأ إلى أسلوب، نعرفه، يقوم على تبرير عملية المقاومة وتقدير حجمها وإمكانية الردّ عليها والاحتمالات المفتوحة بعد الردّ. والخلاصة الرئيسية من المداولات الإسرائيلية حتى ليل أمس، تقول إن إسرائيل ستحاول القيام بعمل، ولكن ضمن سياق يأخذ بالاعتبار الحقائق الآتية:
أولاً: أي قرار بالتصعيد يجب أن يحظى بتغطية سياسية عامة داخل الكيان وخارجه، وخصوصاً من جانب الولايات المتحدة.
ثانياً: ويجب أن يأخذ في الاعتبار رسالة حزب الله الواضحة بأنه مستعد للذهاب بعيداً في معركة تثبيت قواعد الاشتباك الجديدة.
ثالثاً: ويجب أن يأخذ بعين الاعتبار رزمة من المصالح الداخلية والإقليمية والدولية التي تتطلب مشاورات إلزامية مع الحلفاء والأصدقاء.
عملياً، عندما تلجأ الجيوش إلى توسيع دائرة المشاورات، وتأخذ وقتها في دراسة الردّ، فإن النتيجة الفعلية هي أن إسرائيل ليست مستعدة تماماً. وهذا يعزز الاعتقاد الذي برز يوم نفذت جريمة القنيطرة، بأن العدو لم يكن جاهزاً تماماً للخطوة التالية. وهذا يعني، باختصار، أن هدف عملية القنيطرة السياسي والأمني والميداني سقط!
هل قلت جنون؟
في جانب متصل، يحلو للمتطرفين من جانبي الحدود الحديث عن جنون قد يسيطر على العقل القيادي في مقاربة ما يحصل. لكن هل كان الأمر على هذا النحو فعلاً؟
طبيعة العملية تشير إلى أن المقاومة كانت في حالة جهوزية. لكنها كانت أيضاً في لحظة ارتياح ميداني. وهنا، نطرح السؤال الآتي: هل كان بمقدور مجموعة المقاومة تدمير كامل الموكب الإسرائيلي ولم تفعل ذلك عمداً؟ وهل تعمّدت توجيه ضربة مؤلمة، ولكن «ليست ناجحة بأكثر مما يجب»، بإفناء كل من كان ضمن الموكب؟ ألم تعمد المقاومة، قبل أيام، إلى تفجير شرك من العبوات الخاصة جداً بمجموعة كبيرة من عناصر المجموعات الإرهابية في سوريا، وعلى بعد كيلومترات من الحدود مع الجولان المحتل؟
من قال إن المقاومة لا تملك تعويذة تتيح لها إيلام العدو، ولا تسمح له بالهروب إلى حرب واسعة؟
لكن، هل يقدر العدو على ممارسة الجنون؟ طبعاً لا. أمس، عندما بالغ الإسرائيليون في قصف مناطق قريبة من منطقة العملية، وأخرى في الأراضي اللبنانية المحررة، قصف حزب الله مناطق إسرائيلية بالطريقة نفسها التي استخدمها العدو. فعل ذلك بإصرار من يريد إفهام العدو أن حق الردّ على أي ردّ قائم ومفتوح. وبدل المزيد من التكهنات، جاء عنوان بيان المقاومة واضحاً ومباشراً: بيان رقم – 1.
وغداً يوم آخر…
تعلّم العدو، أمس، تعلم درساً جديداً في مسار تعليمي طويل، ومفاده أن المقاومة تصرفت بوصفها جزءاً من محور منخرط في معركة واسعة. وهي، بردّها على العدوان، دخلت عملياً في المرحلة الجديدة من الصراع. مرحلة لم تبدأ قبل عشرة أيام، بل منذ وقت طويل. وبالتالي، المتوقع من جانب العدو أن يتصرف من الآن فصاعداً بطريقة مختلفة. وربما وصلته أمس الترجمة العملانية لما أعلنه السيد نصرالله بأن محور المقاومة بات في موقع المسؤولية المشتركة عن التعامل مع الجنون الإسرائيلي. ولذلك، من المناسب أن يتخيل ما الذي يمكن أن يحصل إذا أراد أن يجرّب حظه مجدداً؟
يخطر على بالي، إن قرر العدو توسيع المواجهة، أنه سيكون عليه توقع المزيد من الضربات القاسية بما هو أشدّ من الأمس. وإذا ما تورط في عمليات خاصة داخل سوريا أو لبنان، فعليه انتظار الردّ. وإذا وصل إلى حافة الهاوية، وقرر شنّ حرب برية على حدود الجولان المحتل وليس في جنوب لبنان، فليتوقّع ملاقاة المقاومة هناك. أما ما قد لا يخطر على باله، ويخطر على بالي، أن عشرات الآلاف من عناصر الحرس الثوري الإيراني سينتقلون بكل عتادهم وسلاحهم إلى نقطة المواجهة فوراً!
النهار :
ساعات من شبح 2006 ومسارعة دولية إلى الاحتواء حزب الله يردّ في شبعا… ضمن “قواعد الاشتباك”
أما صحيفة النهار فكتبت “هل يؤدي توازن الرعب والربح والخسارة بين ضربة القنيطرة والرد عليها بضربة مزارع شبعا الى اعادة النصاب الى “ستاتيكو” الاستقرار الذي كان سائدا منذ عام 2006 في الجنوب، ام ان ما جرى يضع لبنان امام واقع تصاعد التوتر جرعة اثر جرعة بما ينذر بانفجار حرب شاملة في لحظة غير محسوبة؟”
الواقع ان رد “حزب الله ” امس في مزارع شبعا على عملية القنيطرة التي نفذتها اسرائيل قبل عشرة أيام وقتل فيها ستة من كوادر الحزب وأحد القادة العسكريين للحرس الثوري الايراني استتبع معطيات ميدانية واجواء شديدة الخطورة ساعات عدة بعد العملية بدت معها المنطقة الحدودية في الجنوب ومناطق شمال اسرائيل على مشارف استعادة سيناريو اشتعال شرارة حرب 2006 . ذلك ان الحزب الذي سيطل أمينه العام السيد حسن نصرالله غدا بكلمته الاولى بعد عملية القنيطرة استبق هذه الاطلالة برد على الضربة الاسرائيلية فاجأ معظم المراقبين والمعنيين بمكانه وليس بتوقيته باعتبار ان مجمل المعطيات كان يشير الى ان الحزب سيرد في وقت وشيك ولكن من خارج الاراضي اللبنانية. بيد أن الحزب استهدف قافلة عسكرية اسرائيلية من تسع عربات في مزارع شبعا وقصفها بستة صواريخ من طراز “كورنيت” المضادة للدروع والموجهة الكترونيا الامر الذي ادى الى مقتل ضابط وجندي وجرح سبعة آخرين في صفوف القافلة. وأكدت قيادة القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” انها رصدت اطلاق ستة صواريخ نحو اسرائيل من محيط عام منطقة الوزاني شمال الميسات في منطقة عملياتها.
ورد الجيش الاسرائيلي بقصف مناطق كفرشوبا والمجيدية وحلتا والعرقوب بما يفوق الخمسين قذيفة ونجم عن ذلك مقتل جندي اسباني ضمن الكتيبة الاسبانية في قوة “اليونيفيل”. وهدد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على الاثر “بتكرار تجربة غزة في لبنان”، مشددا على ان الجيش الاسرائيلي “على أتم الاستعداد للتعامل مع الاوضاع الامنية على كل الجبهات وبكل قوة”.
وبدا واضحا ان رد الحزب في مزارع شبعا حصرا استهدف تحقيق توازن الردع ضمن تبادل الضربات التي لا تشعل حربا شاملة اذ ان منطقة المزارع المحتلة لا تزال ضمن قواعد الاشتباك منذ 2006 ورد الحزب ادرج ضمن التزامه هذه القواعد. كما ان المعلومات افادت ان الحزب ابلغ اسرائيل عبر الامم المتحدة انه يكتفي بالرد اذا لم تصعد الدولة العبرية الوضع فيما بدا في المقابل ان اسرائيل لن تذهب الى اشعال حرب شاملة وفق توقيت الحزب ومن ورائه ايران.
بيد ان ذلك لم يقلل خطورة اللعب على حافة الهاوية بين الفريقين، اذ تقول اوساط مطلعة واكبت التطورات الميدانية والديبلوماسية امس ان حبس أنفاس حقيقيا ساد طوال اكثر من اربع ساعات بعد توجيه الحزب الصلية الاولى من صواريخه في اتجاه قافلة عسكرية اسرائيلية في مزارع شبعا لمعرفة حقيقة الخسائر البشرية التي أسفرت عنها العملية والتي بلغت قتيلين وسبعة جرحى وكان يمكن ان يتطور الامر الى الاسوأ لو جاءت الحصيلة مطابقة لمعلومات اولية تجاوزت هذه النتيجة . واذ ترجح الاوساط ان يكون الوضع الناشئ ادخل واقعيا في خانة الاحتواء فانها لا تخفي خطورة تصاعد التوتر الذي بات يحاصر لبنان جراء الربط الميداني الطارئ بين جبهتي الجولان ومزارع شبعا من جهة وبروز العامل الاسرائيلي – الايراني في المواجهة من جهة اخرى. كما ان الجانب اللبناني الرسمي بدا في خلفية هذا التصعيد الجانب الاضعف اطلاقا على رغم تشديد لبنان على تمسكه بالقرار 1701 وهو الامر الذي سيترك تداعيات سلبية داخلية برزت ملامحها مع الانتقادات التي وجهتها جهات سياسية داخلية الى “حزب الله” لتفرده تكرارا بقرار الحرب والسلم مع اسرائيل.
اتصالات وتطمينات
وعلمت “النهار” من مصادر وزارية واكبت تطورات الجنوب ان المسؤولين تخوفوا عند قيام “حزب الله” بعملية شبعا من رد إسرائيلي من نوع ما حصل في حرب 2006 أو في حرب “عناقيد الغضب” عام 1996 وهذا ما دفع رئيس الوزراء تمام سلام الى إجراء إتصالات عاجلة دوليا وإقليميا وداخلياً أثمرت تطمينات من مراجع عليا دولية الى أن التطورات الامنية لن تؤدي الى نشوب حرب،, فيما سجل دخول أميركي وفرنسي على خط الاتصالات مع إسرائيل وإيران. وقد عزز منطق عدم التصعيد أن العملية التي نفذها “حزب الله” تمت في منطقة متنازع عليها ولا تزال تعتبرها إسرائيل أرضا سورية محتلة. ومما أثار القلق إصدار الحزب البيان “الرقم واحد” عن العملية مما أوحى ان ثمة بيانات أخرى على ما حصل عام 2006، لكن هذا القلق تبدد لاحقا. إلا ان التوتر لا يزال سائدا باعتبار ان “التطمينات” من الجانب الاسرائيلي لا يمكن الركون اليها.
واذ شدد الرئيس سلام على تمسك لبنان بالقرار 1701، حذر الرئيس ميشال سليمان من “جر لبنان الى خرق هذا القرار” ومن معارك تستفيد منها اسرائيل . كما تساءل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “كيف يسمح حزب الله لنفسه باتخاذ قرارات امنية وعسكرية لا يوافق عليها اللبنانيون”. وشددت كتلة “المستقبل” على انه “لا يحق لاي طرف مصادرة ارادة اللبنانيين والحلول مكان السلطات الدستورية”. أما رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط، فرأى ان “عملية المقاومة ذكرت اسرائيل بأن اللعب بالنار مكلف ولكن هذا لا يمنع اتخاذ الاحتياطات الضرورية لمواجهة اي عدوان”. ولفت الى ان “العملية حصلت في الارض السورية في انتظار ترسيم الحدود وهذا ضرب من الذكاء في غاية الاهمية”.
واشنطن
وأعربت الولايات المتحدة عن تأييدها لاسرائيل في مواجهتها مع “حزب الله”. وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية جين بساكي: “نحن ندعم حق اسرائيل المشروع في الدفاع عن النفس ونواصل دعوة جميع الاطراف الى احترام الخط الازرق بين اسرائيل ولبنان”. واضافت ان واشنطن تدين قصف “حزب الله” للموكب العسكري في المنطقة الحدودية التي تحتلها اسرائيل، و”ندعو جميع الاطراف الى الامتناع عن القيام بأي تحرك من شأنه ان يصعد الوضع”.
مجلس الامن
وأفاد مراسل “النهار” في نيويورك علي بردى ان الديبلوماسية الفرنسية سعت عبر مجلس الأمن الى لجم أي تدهور إضافي محتمل على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.
وباشرت البعثة الفرنسية اتصالات مع سائر الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن لإصدار بيان يندد بالتصعيد عبر العملية التي شنها “حزب الله” وبمقتل عنصر من القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” بنيران اسرائيلية.
وحذر مسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة مما سماه “خطر إساءة الحسابات” ومن نشوب حرب كما عام 2006 بين لبنان واسرائيل، داعياً مجلس الأمن الى التدخل للحد من التصعيد.
ورداً على سؤال لـ”النهار” عن الجلسة الطارئة لمجلس الأمن، قال مندوب فرنسا الدائم لدى الامم المتحدة فرنسوا دولاتر: “نحن في فرنسا قلقون للغاية من التطورات الأخيرة في لبنان، ولهذا دعونا الى هذه الجلسة الطارئة لمجلس الأمن”، مشيراً خصوصاً الى “مقتل رجل حفظ سلام إسباني خلال تبادل النار”. وأوضح أن “غايتنا هي الإنخراط في عملية تخفيف التصعيد والحيلولة دون مزيد من التصعيد للوضع. سنوزع مسودة بيان صحافي لإصداره عن المجلس”.
واستمع أعضاء المجلس الى إحاطة عن التطورات من الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام أدموند موليه. ونقل عنه ديبلوماسيون أن “عدداً من الصواريخ أطلق من الوزاني في اتجاه اسرائيل، التي ردت بطلقات مدفعية”، مشيراً الى أن “حزب الله تبنى مسؤولية الهجوم رداً على هجوم القنيطرة”. وأفاد أن الجندي من “اليونيفيل” أصيب بجروح “أدت الى وفاته عقب اطلاق النار رداً” على هجوم حزب الله، وأضاف أن “الوضع هادىء الآن على طول الخط الأزرق”. وحض على “حد أقصى من ضبط النفس”. وكشف أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون “أجرى اتصالات مع زعماء اقليميين” للمساهمة في جهود التهدئة. ووصف ما حصل بأنه “انتهاك خطر لوقف العمليات العدائية” ولذلك فإن الأمين العام “قلق للغاية” مما سماه “خطر إساءة الحسابات” ووصول الأمر الى “خطر حرب على غرار ما حصل عام 2006”. وشدد على أن “المنطقة لا تحتمل ذلك”.
وبعد مشاورات استمرت زهاء ساعتين، خرج رئيس مجلس الامن للشهر الجاري المندوب التشيلياني الدائم لدى الامم المتحدة كريستيان باروس ميليت ليدلي بعناصر بيان للصحافة جاء فيه أن مجلس الامن “يندد بأقصى العبارات بوفاة عنصر حفظ السلام من اليونيفيل الذي حصل في سياق تبادل النار على طول الخط الازرق”. وعبر عن “تعاطفه العميق” مع ذوي الجندي الاسباني وحكومته.
وعلمت “النهار” ان المشاورات ستظل جارية لاصدار بيان صحافي خلال ساعات للتنديد بمقتل الجندي الدولي. بيد ان ثمة حاجة الى مزيد من المشاورات بين العواصم في حال وجود اتجاه الى التنديد بالاطراف الذين ساهموا في التصعيد.
وقال المندوب الاسباني الدائم لدى الامم المتحدة رومان أويارزون مارتشيزي ان بلاده “تطالب باجراء تحقيق شامل من الامم المتحدة” في مقتل جنديها، مشيرا الى أن هذا الجندي أصيب بنيران أطلقت من الجانب الاسرائيلي.
اللواء :
حزب الله رد على غارة القنيطرة بـ«عملية نوعية» في مزارع شبعا
والاحتلال يردُّ بقصف واسع للجنوب و«اليونيفل» تعمل لضبط النفس
من جهتها كتبت صحيفة اللواء “انفجر الوضع الأمني ظهر أمس بشكل مفاجئ على جبهة مزارع شبعا المحتلة، إثر العملية التي نفّذها «حزب الله» ضد دورية إسرائيلية في عمق المزارع، أدّت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الإسرائيليين، الذين ردّوا بقصف مدفعي عنيف باتجاه المناطق المحرّرة، وأدّى إلى استشهاد جندي من الكتيبة الإسبانية”.
في التفاصيل كما جاء في بيان لـ«حزب الله» حمل الرقم (1) «إنّ «مجموعة شهداء القنيطرة» الأبرار في المقاومة الإسلامية، قامت عند الساعة 11.25 من صباح هذا اليوم (أمس)، باستهداف موكب عسكري إسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، مؤلف من عدد من الآليات، ويضم ضباطاً وجنوداً صهاينة، بالأسلحة الصاروخية المناسبة، ما أدى إلى تدمير عدد منها ووقوع إصابات عدة في صفوف العدو».
وكانت مجموعة من «حزب الله» قد كمنت لدورية إسرائيلية في منطقة فشكول عند الطرف الجنوبي الغربي لمزارع شبعا المحتلة، وأطلقت باتجاهها عدّة قذائف صاروخية مُضادّة للآليات أصابتها إصابة مباشرة ما تسبّب بمقتل وجرح عدد من أفراد الدورية، بعد إصابتها بـ6 صواريخ 3 منها أصابتها بشكل مباشر، وأسفرت عن مقتل قائد سرية في لواء «غفعاتي» في العملية، وجاء ذلك في ما يبدو من خلال إسم المجموعة كرد على العدوان الذي شنّته المروحيات الإسرائيلية الأسبوع الماضي على قافلة للحزب في القنيطرة، وأدّى إلى مقتل ستة كوادر للحزب.
وعلى أثر ذلك ردّت قوّات الاحتلال بقصف مدفعي مركّز، استهدف محيط كفرشوبا، وحلتا، ووادي خنسا، والمجيدية، ومحيط الغجر، حيث سقطت إحدى القذائف قرب موقع للكتيبة الإسبانية عند بوابة العباسية أدت الى استشهاد جندي إسباني.
عندها ردَّ «حزب الله» بقصف صاروخي استهدف العديد من المواقع الإسرائيلية داخل المزارع، وقد استمر تبادل القصف بين الطرفين أكثر من ساعة، تخلّله تحليق مكثّف للطيران الحربي والمروحي وكذلك لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية فوق مناطق العرقوب حاصبيا، وصولا حتى سماء البقاعين الشرقي والغربي، قابلته دوريات وإجراءات أمنية مشدّدة لقوّات اليونيفل والجيش اللبناني على طول خط الانسحاب عند تخوم مزارع شبعا المحتلة.
وشهدت منطقة الحدود استنفاراً كبيراً بعد عملية الحزب، حيث تدهور الوضع الأمني بشكل هو الأول من نوعه منذ حرب تموز العام 2006، ولوحظ أنّ القوّات الإسرائيلية ردَّت بشكل هستيري على أطراف البلدات الحدودية المتاخمة للشريط الشائك، ولا سيما على بلدتَيْ العباسية والمجيدية.
وشلّت العملية حركة السير على الطرقات وبين البلدات المحاذية للحدود وأقفلت المدارس الرسمية، وساد جو من الخوف والهلع، حيث تهافت الأهالي على محطات الوقود تحسّباً لأي تطوّرات عسكرية فوق العادة.
في المقابل، طلب جيش الاحتلال من سكان منطقة الجليل المحتلة اللجوء إلى أماكن آمنة، وسط مخاوف جادّة من تصاعد العملية العسكرية واحتمالات عمليات تسلل داخل الأراضي الإسرائيلية، وهرعت وحدات قتالية كبيرة للعدو باتجاه الحدود مع لبنان للاشتباه في عملية تسلل، فيما شرعت آليات العدو الإسرائيلي منذ يوم أمس الأربعاء، في أعمال حفر عند الحدود مع لبنان في محيط مستوطنة زرعت، بحثا عن فتحات لأنفاق محتملة تمتد من لبنان إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
«اليونيفل»
وأصدرت قيادة «اليونيفل» بيانا جاء فيه: «عند نحو الساعة 11:30 من قبل ظهر اليوم (أمس)، لحظت «اليونيفل» إطلاق ستة صواريخ نحو إسرائيل من محيط عام منطقة الوزاني، شمالي الميسات في منطقة عمليات «اليونيفل»، وقد ردّ الجيش الإسرائيلي بنيران المدفعية على المحيط العام نفسه للمنطقة.
وخلال مجريات الأحداث، تعرّض أحد جنود حفظ السلام في «اليونيفل» المنتشرين في موقع للأمم المتحدة بالقرب من الغجر لإصابات بالغة أدّت إلى وفاته، ما زال سبب الوفاة الدقيق غير محدد وما زال رهن التحقيق».
وقام رئيس بعثة «اليونيفل» وقائدها العام اللواء لوتشيانو بورتولانو بالاتصال فوراً بالأطراف للمساعدة على ضبط الوضع ومنع أي تصعيد إضافي؛ وعند نحو الساعة 1:30 عصراً، تمّ إطلاق خمسة صواريخ من محيط منطقة كفرشوبا نحو إسرائيل. ردّ الجيش الإسرائيلي بالأسلحة المدفعية تجاه مصدر النيران، فيما تبلّغت «اليونيفل» من الجيش الإسرائيلي بأنّه تعرّض لإصابات نتيجة النيران التي تم إطلاقها من الجانب اللبناني».
وعزّزت «اليونيفل» من تواجدها على الأرض وكثّفت دورياتها على كامل منطقة عملياتها بالتنسيق مع القوّات المسلحة اللبنانية، ما أسفر عن عودة الوضع هادئاً على طول الخط الأزرق.
وأدان اللواء بورتولانو بشدّة «الخرق الخطير لقرار مجلس الأمن 1701، وقام باتصالات متواصلة مع الطرفين كما حثّهما على الحفاظ على أقصى درجات ضبط النفس. كما باشرت اليونيفل بتحقيق لتحديد وقائع الحادثة وحيثيّاتها».
وأعلن الناطق الرسمي بإسم «اليونيفل» اندريا تيننتي عن أن قواته «على معرفة بأنّ صورايخ قد اطلقت من الاراضي اللبنانية باتجاه اسرائيل، لكنها لا تعرف عددها او منطقة اطلاقها».
وقال: «إن القائد العام اللواء لوتشيانو بورتولانو على اتصال وثيق بالاطراف ويحثهم على ابداء اقصى درجات ضبط النفس، بهدف منع تدهور الوضع»، مشيرا إلى «ان جنوده على الارض للبحث في كافة التقارير الواردة».
البناء :
عملية «المزارع» تبهر الخبراء… و«يديعوت»: نتنياهو قرّر امتصاص الضربة
فضيحة بيت العنكبوت والجيش الذي لا يُقهر… زلزال لا يشعل حرباً
نصرالله منتصراً غداً… و«إسرائيل» بلا شركاء حرب… وواشنطن لضبط النفس
أما صحيفة البناء فكتبت “السؤال الذي يربك العالم اليوم وما بعد اليوم، هو هل تلجأ «إسرائيل» إلى الحرب، أو إلى ردّ يستدعي رداً فانزلاق نحو الحرب؟”
العملية النوعية الاستثنائية التي نفذتها المقاومة قبيل ظهر أمس في مزارع شبعا المحتلة، محكمة الحسابات، في درجة الألم الذي تسبّبت به لقادة كيان الاحتلال، بمثل ما جاءت محكمة الدقة والإتقان في تحقيق الإبهار تجاه درجة الإعجاز الذي نجحت المقاومة عبره في إثبات مقولة إنّ «إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت»، وإنّ المقاومة قادرة أن تجعل «الجيش الذي لا يقهر» وهو في ذروة الاستنفار أضحوكة للجيوش، كحارس مرمى ذائع الصيت، يدخل في مرماه وهو في أعلى درجات اليقظة هدف سهل ممتنع بسيط حتى العبقرية، تتدحرج الكرة بطيئة وسلسة وتمرّ من بين قدميه وتستقرّ في الشباك، وهو يقفز بهلوانياً واستعراضياً لإبراز مهاراته يميناً ويساراً كأنما ستأتيه كرة سماوية من نار وهو جاهز لالتقاطها.
من الزاوية القانونية، العملية محكمة، ردّ صاعق وساحق، لكن لا ذريعة فيه لحرب، العملية في أرض لبنانية محتلة من زاوية نظر المقاومة والدولة اللبنانية وليست قصفاً من مناطق انتشار «اليونيفيل»، ووفقاً للتصنيف «الإسرائيلي» المزارع سورية كما قال النائب جنبلاط فهي ردّ من نفس نوع عملية القنيطرة من هذه الزاوية، ومن الزاوية العملياتية العملية صفعة ترنّ لها الرؤوس وتستدير إعجاباً وتضع المقاومة في مصاف الجيوش الأشدّ احترافاً، وتسجل يوم الثامن والعشرين من الشهر الأول من العام الحالي يوماً تاريخياً لفضيحة بيت العنكبوت والجيش الذي لا يُقهر.
هل هو الردّ أم هي البداية؟
لا أحد يعلم، فالبيان استخدم صيغة الترقيم، ولم يأت على ذكر الردّ بل اكتفى باستعمال اسم «مجموعة شهداء القنيطرة»، ومن الممكن أن تكون العملية جزءاً من ردّ أو تكون الردّ دفعة واحدة، أو أن تكون تمهيداً لردّ لم يتمّ بعد.
«إسرائيل» ضائعة في التحليل، وضائعة في تقدير الموقف، كما هي ضائعة في كيفية التصرف، فالمقاومة مرتاحة للمواقف اللبنانية، بما فيها مواقف الأطراف التي اكتفت بالدعوة إلى عدم التورّط في حرب، من دون أن تتهم حزب الله بالسعي إلى ذلك، أو بفعل ذلك، كما كان دأبها في ما هو أقلّ من هذه العملية، و«إسرائيل» لا تجد من يعلن أنها طليقة اليدين وتملك «حق الردّ» باسم اللازمة التقليدية بـ»الحق المشروع في الدفاع عن النفس»، من واشنطن إلى باريس الدعوات متطابقة لضبط النفس وصولاً إلى مجلس الأمن، والوضع خطير لكنه لا يستحق الذهاب إلى الحرب كما جاء في الموقف الأميركي.
«إسرائيل» مهّدت لردود بسلاح الجو، واستثنت العمل البري، في موقف لافت، لا تفسّره ذريعة الحرص على قوات «اليونيفيل»، التي اجتاحتها «إسرائيل» في عام 1982، وقصفت المدنيين أطفالاً ونساء في مواقع يحرسها «اليونيفيل» في عام 1996 في مجزرة قانا.
الردّ البري يفتح الباب لمرحلة الجليل وما بعد الجليل وفقاً لما تراه «إسرائيل» ترجمة لمعادلات قائد المقاومة في إطلالته الأخيرة، والردّ الجوي يعني رداً صاروخياً كما يقول خبراء «إسرائيليون»، مطاراتكم مقابل مطاراتنا، وكهرباؤكم مقابل كهربائنا، ومدنكم وجسوركم مقابل المدن والجسور.
ماذا ستفعل «إسرائيل» هو السؤال الذي لا يملك قادتها جواباً وافياً عليه، فتجرّع سمّ الهزيمة يعني سقوط أهداف عملية القنيطرة بالقول إنّ اللعبة لم تنته بعد رداً على كلام السيد حسن نصرالله بأنّ اللعبة انتهت في المنطقة، والتأقلم مع العملية ثبوت لنهاية اللعبة فيما يد المقاومة هي العليا، وأنّ مَن مع المقاومة في محور المقاومة هم أصحاب التسديدة الأخيرة في ملعب المنطقة.
إنْ ردّت «إسرائيل» فماذا عساها تفعل، ردّ صغير يصغر مكانتها بعد عملية مزلزلة كعملية المزارع، وردّ بحجم العملية يعني استدراج ردّ أعلى بلوغاً لدرجة التوتر التي تعني الانزلاق إلى الحرب فهل تملك «إسرائيل» هذه القدرة؟
رهانات «إسرائيل» الاختبارية الأهمّ انتهت بالفشل، فالرهان على أنّ جبهة الجولان أسهل لم ينجح، لأنّ التمهيد للردّ بدأته المقاومة، بصواريخ الجولان بأيدي المقاومة السورية، والرهان على تفخيخ المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية باء بالفشل، والرهان على ردع المقاومة عن الردّ بالخوف من مناخ لبناني غير متفهّم وضاغط، لم يجد صدى أمام الإبهار والدقة المرافقين للعملية، وحجم المشروعية المدروس، والالتفاف الشعبي حول المطالبة بالردّ.
تمّ الردّ ولو بصورة أولية، وليس أمام «إسرائيل» إلا التقاط الأنفاس قبل التسرّع بقرار أحمق لا تتحمّله ولا تحتاجه، والردّ في لبنان أو سورية بالنسبة لـ«إسرائيل» كما هدّد نتنياهو، يعني جعل إيران في الجولان كما قال نتنياهو نفسه، ولبنانياً يعني حرباً لم تذق «إسرائيل» مثل مراراتها.
لذلك يبدو منطقياً ما نقله موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» منتصف ليل أمس عن رئيس وزراء الاحتلال أنه قرّر امتصاص الضربة واستيعابها وقبول اعتبار اللعبة منتهية عند هذا الحدّ مع الردود الموضعية التقليدية التي شملت تساقط بعض القذائف في أطراف البلدات المجاورة لمزارع شبعا المحتلة.
ربما بعد العملية صارت كلمة السيد حسن نصرالله يوم غد أهمّ من انتظار ما ستفعل «إسرائيل»…
فبعد حوالى عشرة أيام على العدوان «الإسرائيلي» على القنيطرة السورية والذي أدى إلى استشهاد ستة من كوادر حزب الله وجنرال إيراني، وقبل احتفال تأبينهم المقرر غداً الجمعة، نفذت المقاومة عملية احترافية مدروسة بدقة من النواحي الأمنية والعسكرية والسياسية، ضد موكب عسكري «إسرائيلي» وأدت إلى سقوط أكثر من عشرة قتلى من العدو بينهم قائد سرية، فضلاً عن احتراق 9 آليات عسكرية.
وسارع حزب الله إلى الإعلان في بيان أنه «عند الساعة 11.25 من صباح هذا اليوم أمس ، قامت مجموعة شهداء القنيطرة الأبرار في المقاومة الإسلامية باستهداف موكب عسكري إسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، مؤلف من عدد من الآليات، ويضمّ ضباطاً وجنوداً صهاينة، بالأسلحة الصاروخية المناسبة ما أدّى إلى تدمير عدد منها ووقوع إصابات عدة في صفوف العدو». فيما أفيد أنّ الموكب كان يعبر طريقاً في محاذاة السياج الحدودي بعد قرية العباسية وتحديداً عند منعطف صعوداً باتجاه مزرعة بسطرا في شبعا المحتلة شرق ثكنة المجيدية.
وردّ العدو بقصف أطراف المجيدية من جميع المواقع المطلة على الشريط الحدودي، كما قصف في شكل متفرّق محيط منطقة مزارع شبعا، في حين دارت اشتباكات بين مجموعة من المقاومة وجنود الاحتلال استمرت نحو أربع ساعات.
وأصيب عسكري من الكتيبة الاسبانية في الـ«يونيفيل» جراء تعرّض جامع العباسية للقصف «الإسرائيلي»، ما لبث أن فارق الحياة.
المقاومة تنجح في استدراج العدو إلى تقديم هدف دسم
وكشفت مصادر مطلعة لـ«البناء» التفاصيل عن حرب الساعات الأربع التي شهدتها منطقة شبعا إثر العملية كالآتي:
أولاً – العملية كانت مزدوجة حيث تمّت مهاجمة القافلة العسكرية «الإسرائيلية» من محورين: محور الوزاني ومحور بركة النقار. كما تم تبادل لإطلاق النار مع القافلة نفذته مجموعة للمقاومة كانت منتشرة في المنطقة.
ثانياً سبق العملية قيام المقاومة بتحركات خلال الأيام الماضية في منطقة القنيطرة وقبالة مزارع شبعا، هدفت تكتيكياً، إلى استدراج الجيش «الإسرائيلي» إلى عمليات حشد لقواته وتحركات عسكرية، ما وفر للمقاومة هدفاً دسماً تمثل بمرور قافلة الجيش «الإسرائيلي» في المنطقة التي حصل فيها الكمين. وتعدّ هذه المنطقة ممراً إجبارياً لأيّ تحركات عسكرية في المنطقة السورية المحتلة، بين القنيطرة ومزارع شبعا.
ثالثاً – عملية الانقضاض على القافلة العسكرية «الإسرائيلية» بصواريخ موجهة ضد الدروع استمرت نحو ربع ساعة ستة صواريخ وبعدها حصل تبادل لإطلاق القذائف استمرّ نحو ثلاث ساعات ونصف الساعة. وفي خلالها جرت اتصالات قامت بها قيادة الـ«يونيفيل» لوقف النار، بعدما بادر إلى هذه الاتصالات الجانب «الإسرائيلي» الذي اتصل بقيادة القبعات الزرق في الناقورة طالباً تدخله عبر الجيش اللبناني لوقف النار. وردّت المقاومة برفضها هذا الطلب إلا إذا أوقف «الإسرائيليون» إطلاق النار. وجاءت الإجابة «الإسرائيلية» بالموافقة.
وفي السياق، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» «الإسرائيلية» أن «رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو قرّر امتصاص الهجوم في شبعا ووقف إطلاق النار مع حزب الله».
وكان نتنياهو أكد بعد إبلاغه بالعملية خلال جولة له في مستعمرة سديروت أن الجيش سيردّ على الهجوم، وقال نتنياهو في بيان» «الجيش مستعدّ للردّ بقوة على أي جبهة، وكل من يحاول اختبارنا على جبهة الحدود الشمالية الإسرائيلية، أقترح عليه أن يرى ما حصل بالقرب من سديروت، في قطاع غزة التي عانت منها حماس الصيف الماضي».
كذلك، دعا وزير الخارجية «الإسرائيلي» أفيغدور ليبرمان من بيكين، إلى الردّ بقوّة على العملية.
واشنطن تدعو إلى عدم التصعيد
وفيما تغافلت واشنطن عن العدوان «الإسرائيلي» على القنيطرة في الثامن عشر من الشهر الجاري، أعربت أمس، تعليقاً على عملية شبعا، عن تأييدها لـ«إسرائيل» في مواجهتها مع حزب الله.
وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين ساكي للصحافيين: «نحن ندعم حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن النفس، ونواصل دعوة جميع الأطراف إلى احترام الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان». لكنها دعت «جميع الأطراف إلى الامتناع عن القيام بأي تحرك من شأنه أن يصعد الوضع»، مضيفة أن واشنطن تراقب الوضع من كثب.
التفاف رسمي وشعبي حول المقاومة
أما في لبنان فكان البارز الوحدة الوطنية والالتفاف الرسمي والشعبي والحزبي حول المقاومة باستثناء بعض قوى 14 آذار.
وفي هذا الإطار، سارع رئيس الحكومة تمام سلام إلى حسم الموقف الحكومي من التطورات في الجنوب، واعتبر في بيان: «إن التصعيد «الإسرائيلي» في المناطق الحدودية بعد العملية التي جرت في شبعا المحتلة من شأنه أن يفتح الباب أمام احتمالات خطيرة ليست في مصلحة السلم والاستقرار في المنطقة».
وإذ أكد تمسكه بقرار مجلس الأمن 1701 بكل مندرجاته، أشار إلى «أن لبنان يضع الأسرة الدولية أمام مسؤولياتها ويدعوها إلى كبح أي نزعة «إسرائيلية» للمقامرة بالأمن والاستقرار في المنطقة». وأكد أن «لبنان بكل فئاته وتلاوينه وقواه السياسية يقف صفاً واحداً خلف القوى المسلحة الشرعية في مهمتها المتمثلة في الدفاع عن أرضه وأمن أبنائه»، داعياً «إلى أقصى درجات التضامن الداخلي والوحدة الوطنية».
وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أكد «أن ما قامت به المقاومة في مزارع شبعا، حصل على أرض لبنانية محتلة، كرد فعل على عملية عسكرية إسرائيلية».
بدوره، لفت رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط إلى انه «من الواضح أن عملية المقاومة ذكرت إسرائيل بأن اللعب بالنار مكلف، لكن هذا لا يمنع اتخاذ الاحتياطات الضرورية لمواجهة أي عدوان».
وأضاف في «تغريدة» على «تويتر»: «وفي هذه المناسبة فقد جرت العملية في الأرض السورية في انتظار ترسيم الحدود، وهذا ضرب من الذكاء في غاية الأهمية، لكن ومن أجل تفادي أي احتمال طارئ، يجب كما قلت سابقاً تحصين الوضع الأمني والنقدي من أجل الصمود في مرحلة من التحديات طويلة جداً».
كذلك أجمعت الفصائل الفلسطينية على الإشادة بالعملية وجرت احتفالات في المخيمات اللبنانية وفي غزة لدعم المقاومة. وأكد عدد من الفصائل أن المعركة المقبلة مع العدو ستكون مشتركة.
مجلس الأمن
وفي نيويورك عقد مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة مساء أمس بطلب من فرنسا لـ«بحث الوضع على الحدود اللبنانية الفلسطينية» عقب العملية البطولية للمقاومة في مزارع شبعا.
وقال سفير فرنسا في الأمم المتحدة فرنسوا ديلاتر خلال توجهه الى قاعة الاجتماع: «هدفنا هو التهدئة ومنع أيّ تصعيد».
ولكن الجلسة عُلّقت بُعيد منتصف الليل بهدف التشاور مع عواصم القرار…