«الشـيخ المنفي» و«البيك المنسي»
صحيفة السفير اللبنانية ـ
ملاك عقيل:
«كارثة صامتة» حلّت على «المستقبليين»، ليل الخميس الماضي، لم يشعر بها الا من عضّ على جرح غير محسوب. هذا كثيرٌ على «زملاء» الرئيس المكلّف قبل ان يكلّف. كارثة يفتتحها تمام سلام «الطالع» لتوهّ من «كتاب تاريخ» البيارتة الذين لطالما كانوا منسيين، ويختمها وليد جنبلاط بلغة تلفزيونية «متعجرفة».
سيكون سهلا التجوّل في بواطن «كومبارس» تلك الليلة وقراءة افكار المُحبطين. سوريالية لوحة «بيت سعد الحريري البيروتي» كانت نافرة وتحتاج الى ريشة «معلّم» كي لا تَفضح من دُفِعوا دفعا ليلعبوا دورا غليظا يصعب استيعابه.
تصفيق حاد يطوّق الداخل بعباءة سعودية ـ حريرية. يمكن تخيّل استقبال اقل حرارة لو كان العائد سعد الحريري نفسه. الى هذه الدرجة اتّقن «ممثلو» الدرجات الثانية والثالثة لعب الدور المطلوب…
هي الصدفة، ربما، جهّزت له طائرة «الشيخ سعد» الخاصة ليخرج من بيروت مجرد «رقم» على طاولة معارضة ابدعت في صنع الإخفاقات، ويعود على الطائرة ذاتها، رئيسا مكلّفا بمباركة المملكة. «حمائم» الجيش الازرق وصقوره، لسان حالهم: لماذا تمام وليس نحن؟
اما وقد وقعت الواقعة، وعاد الوهج الى دارة المصيطبة الذي أكله صدأ الاحتكار الحريري للزعامة السنية، فيتوجّب على «الكومبارس» اقناع الجمهور، بعد تصديقه «الكذبة» اولا.
ليفرش السجاد الأحمر للرئيس المكلّف بالحظ والصــدفة وتقاطع المصالح، ولتنهلْ عليه القبلات، وليطوّق بعناق لا ينتــهي، ولو «ســاعد الوقت» لرفعت اللافتات المرحّبة بـ«دولة رئيس» توّجته الرياض قبل بيروت.
هكذا كان مشهد النفاق السياسي في بيت سعد الحريري. لفّ فؤاد السنيورة جسده بحرارة استثنائية على «دخيل» نادي رؤساء الحكومات، نواب العاصمة الذين لطالما ناموا على وسادة رئاسة الحكومة، ارتموا بين احضان من «سرق» منهم بغفلة «حلم السرايا». تصوروا لو أن «ابو العبد كبارة» ولّع الدبكة في دارة الحريري، وحمل معين المرعبي وخالد ضاهر رئيس حكومتهم البيروتي على الاكتاف، ومن خلفهم كان احمد فتفت يتولى «الضيافة».
لن يكون متاحا بسهولة للمُحبطين فهم سرّ تلك الكيمياء التي تفجّرت فجأة بين «الشيخ المنفي» و«البيك المنسي».
يصبح الأمر اكثر وضوحا حين ينقل عن نائب مستقبلي قوله، بعد بدء تردّد اسم تمام سلام، «تعِب كثيرا رفيق الحريري كي يقفل البيوتات السنية البيروتية. سعد الحريري اذكى من أن يفعلها. الارجح أنه «يبلع» بهيج طبارة ولا يمشي بالرئيس السابق لجمعية المقاصد».
عندما تأمر المملكة، يصعد الجميع الى الخشبة وترفع الستارة. «زفّة حريرية» لـ«العريس». «مرشح الاعتدال والوسطية ابن 14 آذار»… الأخيرة فقط للتذكير.
في تلك الامسية لم يجد «الزرق»، من «يفهمهم أو يتفاهم معهم». شعروا بوجود «غالب ومغلوب»!
[[[
كابوس وليد جبلاط ليس اقل بشاعة. جنبلاط «الفجّ» قالها كما هي. الرجل قلّما يراعي «خصوصيات» الغير، فلماذا يفعلها الان؟ «ها انا اتيت لكم بساكن جديد للسرايا. اخترت تمام سلام رئيسا للحكومة المقبلة. رفضت اللواء اشرف ريفي مرشح التحدي، واقنعت بندر بن سلطان والرئيس سعد الحريري بالرجل المعتدل والوسطي، وسوّقت له عند «حزب الله» ونبيه بري.
شريط الاستفزاز ينتهي بمعادلة اخرجت «الزرق» من ثيابهم: لن اعطي ثقة لحكومة من لون واحد. هو الخارج لتوه من حكومة «حزب الله»، التي كلّفته عداء مع المملكة انتهى قبل ثلاثة اشهر فقط، بعد ان دخل شريك التكافل والتضامن في مشروع «نفي الشيخ سعد».
«صواريخ» الزعيم الدرزي حرمت بعض اهل «المستقبل» من النوم في ليلة الحقائق الجارحة. لن ينقص المختارة سوى تحديد حصة السنّة في «حكومة التمام والسلام»، ومن ثم توزيع الحقائب!
متذرّعا بمسدس «وهمي» مصوّب دائما الى رأسه، يُخرج جنبلاط بيديه نجل رفيق الحريري من السرايا ويرميه خارجا. يومئ برأسه لنجيب ميقاتي بالاستقالة، ويروّج لـ «نيو بروفيل» وسطي في المملكة. والانكى لن يبصم على حكومة «حزب الله» خارجها!
«مع حزب الله لم يصل بنا الأمر الى هذا الحدّ من الاستفزاز» يقول أحد كوادر «المستقبل». يصرّ رجل القطب السرية على اشعار كل من هم من حوله انهم مياومون في السياسة.
قبل ان تنكشف للعديد من هؤلاء مكوّنات الخلطة السرية التي دفعت زعيم المختارة الى تنصيب نفسه «اميرا درزيا» في البلاط السعودي يفرض هوية ساكن السرايا، سيفاجئ «البيك» المياومين، على الارجح، بقطبة اكثر تعقيدا وهنا الكارثة الكبرى. ماذا سيفعل جنبلاط اذا صمد بشار الاسد الى حين الجلــوس الى طاولة التسوية؟
ربما يصبح عندها مصطفى حمدان مرشح المرحلة!