النص الكامل لكلمة السيد نصر الله في الليلة العاشرة: من ينتظر ان ينتصر في سوريا فلن ينتصر
السيد نصر الله يحضر شخصياً في المجلس العاشورائي: من يدفع المنطقة الى الحرب سيفشل وسيعجز عن تحقيق اي من اهدافه .. وسنكون اقوى وافضل حالاً محلياً واقليمياً بعد التفاهم النووي الايراني الدولي
لفت الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله الى ان “يوم غد في عاشوراء يوم مختلف عن كل الاعوام الماضية”، وشدد على انه في الغد “لن يستطيع شيء سوى مشيئة الله، لا خطر ولا تفجير ولا سفك دماء ولا سيارات مفخخة ان تحول بيننا وبين حسيننا”، وأضاف “خروج الناس يوم العاشر في كل المناطق ليس تحديا لاحد، نحن نخرج كما خرجنا في السنوات الماضية للتعبير عن مواستنا لرسول الله وأهل بيته”.
وفي كلمته خلال احياء الليلة العاشرة من مراسم عاشوراء في مجمع سيد الشهداء (ع) في الرويس حيث حضر السيد نصرالله شخصيا وسط هتاف جمهور المقاومة “لبيك يا نصر الله”، لفت الامين العام لحزب الله الى ان “”اسرائيل” قلقة من المستقبل وهي تدفع دائماً الاوضاع في المنطقة الى الحرب ولا تبحث لا عن سلام ولا عن هدوء ولا عن طمأنينة بالمنطقة”، واشار الى ان “”اسرائيل” سعيدة اليوم بما يجري في عالمنا العربي والاسلامي من تقاتل وصراعات قائمة بين الدول وفي داخل كل مجتمع، وهي تدفع في هذا الاتجاه”، وقال “نتانياهو صار متخصصاً في الشأن الشيعي والسني في خطاباته، مشروع “اسرائيل” الدائم في المنطقة هو ان تكون من حولها منطقة ممزقة مقسمة، كيانات هزيلة على اساس طائفي او مذهبي او عرقي وتبقى “اسرائيل” هي القوة الاقليمية الاعظم التي تفرض شروطها على كل المنطقة”.
وأضاف السيد نصرالله “من خلال هذا الواقع تثبت “اسرائيل” وجودها في فلسطين المحتلة وتطبع وجودها مع بعض المحيط العربي وتتحول لحليف لبعض الدول العربية ثم تفرض شروطها ونفذوها على كل حكومات وشعوب المنطقة وهذا واقع قائم لكن “اسرائيل” قلقة من المستقبل لان المستقبل غامض والاوضاع في كل المنطقة قد تخرج عن السيطرة وقد تصل الى مرحلة قد لا تستطيع أي قوى من التحكم بها وبالتالي من طبخ السم سيأكله في يوم ما”.
ولفت سماحته الى ان “اسرائيل” استخدمت كل نفوذها من أجل العدوان العسكري على سوريا لكنها فشلت، وأشار الى انه “كذلك اليوم عندما تجد ان هناك مفاوضات بين ايران وما يسمى دول 5+1 وترى ان هناك فرصة للحل الدبلوماسي والتفاهم بين ايران ودول العالم يستشيط نتانياهو غضباً”، وقال “أي تفاهم يمنع الحرب في المنطقة لا تريده “اسرائيل” بل هي تريد حرباً تبقيها سليمة معافاة، تريد ان يحتل الاميركيون العراق وان يضربوا سوريا ويضربوا ايران ويدمروها و”اسرائيل” تحافظ على قوتها”، وأضاف السيد نصرالله ان “اميركا قالت ان البديل عن الحل السياسي هو الحرب لكن الشعب الاميركي لا يريد الحرب، النتيجة ان مشروع “اسرائيل” في المنطقة هو الحرب والدمار والخراب والتقسيم والتجزئة والفتنة وجر الاعداء الخارجيين ليقوموا بحروبهم”، وأسف سماحته لان “بعض الدول العربية تقف الى جانب “اسرائيل” في هذه الخيارات القاتلة”، وقال “هي كـ “اسرائيل” ترفض الحل السياسي في سوريا وايضاً بعض هذه الدول العربية تعارض بشدة اي تفاهم بين ايران ودول العالم”، ولفت الى أن “هذه الدول ايضاً ترفض التفاهم”، وسأل “ما هو البديل عن التفاهم؟”، “ايتها الشعوب العربية وبالخصوص شعوب الخليج ما هو البديل عن التفاهم بين ايران دول العالم؟”، وقال “البديل هو الحرب في المنطقة وهذه الحرب الى اين ستؤدي؟ الاسرائيليون يعرفون جيدا انهم يستطيعون ان يبدأوا حربا لكنهم يعجزون عن حصرها في مكان ما”.
وفي السياق نفسه، قال السيد نصرالله ان “هؤلاء يبحثون عن خراب المنطقة ودمارها”، وأضاف “من المؤسف ان يصبح نتانياهو ناطقا رسميا باسم بعض الدول العربية ومن المؤسف ان نسمع ليفني تقول ان الحكومة الاسرائيلية تلقت رسائل من بعض الحكومات العربية تطالب “اسرائيل” بعدم التراجع من موقفها من الملف النووي الايراني”، وسال “اليس هذا الكلام معيبا؟”.
وتابع الامين العام لحزب الله القول “سمعنا مثل هذا الكلام في حرب تموز 2006 عندما قال الاسرائيليون ان بعض الدول العربية تتصل بنا وتقول لا توقفوا الحرب في لبنان لان انتصار المقاومة في لبنان يحرج انتصار هؤلاء الزعماء المستسلمين، ونفس هذا المنطق سمعناه في حرب غزة لانهم لا يريدون اعطاء انتصار للمقاومة في غزة، لكن اميركا لا تعمل لا عند “اسرائيل” ولا عند ادواتها في المنطقة، اميركا تعمل عند اميركا، واسرائيل تعمل عند الاميركي ورأينا ان اميركا لم تعتد على سوريا بسبب مصالحها وهواجسها وبالتالي اميركا تعمل لمصلحتها”.
وأردف قائلا “يجب ان تعرف كل شعوب المنطقة وشعبنا اللبناني الذي يعيش منذ عشرات السنين على خط الزلزال، يجب ان يعرفوا جيمعا من يبحث عن الخراب في المنطقة ومن يبحث عن الحلول والتسويات التي تحفظ حقوق الشعوب في المنطقة، ايران ومن يحمل هموم هذه المنطقة ام من؟ ويجب ايضا ان يعرف من يدفع المنطقة الى الحرب انهم سيفشلون وسيعجزون عن تحقيق اي من اهدافهم كما هُزموا من 1980”.
وفي الموضوع الداخلي اللبناني، قال سماحته “لبنان كان دائماً في دائرة التهديد الاسرائيلي لكن لدينا استحقاقات جديدة منها موضوع التجسس”، وأضاف “في المدة الاخيرة حصل تطور كبير كما ونوعا وعلى اللبنانيين ان يعرفوا ان كل ما يصدر على الهواء وكل ما يصدر على الانترنت وفي شبكة الهاتف كل شيء في دائرة السمع والاحاطة المعلوماتية الاسرائيلية وهذا الامر لا يخص المقاومة بل هو ملف وطني يعني كل اللبنانيين، كرامتهم وعيشهم جميعاً”، وأكد ان هذا الاستحقاق يجب مواجهته، ولافتا الى انه “هناك استحقاق آخر يواجه لبنان هو المحافظة على سيادته على كامل مياهه وحصوله على كامل حقه في حدوده الطبيعية وايضا حصوله على غازه، والمسؤولية تقع على عاتق الدولة وكل اللبنانيين”، مشددا على انه “يجب ان نجد صيغة لنتضامن في مواجهة هذه الاستحقاقات ومنفتحون لمناقشة اي صيغة”.
وفي نفس السياق، قال السيد نصر الله “الدولة معنية ان تتحرك بموضوع التجسس الاسرائيلي، ونحن كمقاومة جاهزون، واي شيء يمكن ان نفعله كمقاومة في هذا الموضوع سنفعله”، وشدد على انه “اذا لم تستطع الدولة القيام بشيء فالمقاومة قادرة ان تفعل اشياء كثيرة بمواجهة التجسس الاسرائيلي لكن مراعاة للاجواء اللبنانية نطلب من الدولة ان تتحمل المسؤولية واذا عجزت الدولة عن فعل اي شيء فالمقاومة لن تتخلى عن هذه المسؤولية”.
الى ذلك، وحول موضوع تشكيل الحكومة، قال السيد نصرالله “الكل في لبنان يجمع على تشكيل حكومة جديدة، حكومة تصريف الاعمال تسد الفراغ ولكن لا تحل مشكلة”، وأضاف “الصيغة الممكنة الان والتي تطمئن الجميع هي 9-9-6″، وسأل “لماذا التأخير الى الآن؟ لأن هناك قراراً اقليمياً من السعودية لفريق 14 آذار بعدم تشكيل حكومة، طبعاً تريد حكومة دون الفريق الاخر لكن لا يستطيعون ذلك”.
وتابع القول “هناك من يمنع تشكيل حكومة لانه كان ينتظر الاوضاع”، وسأل “من أسابيع الى الان كيف تغير الوضع الميداني في سوريا؟ في حلب والغوطة الشرقية والغربية؟”، وأجاب “هذه الاسابيع اكدت ان الامور متجهة على خلاف ما يتوقعون ولذلك اذا كان احد ما في مكان ما في لبنان او المنطقة ينتظر لتشكيل حكومة لبنانية ان ينتصر في سوريا اقول له لن تنتصر بسوريا”.
وحول المفاوضات النووية الايرانية، قال الامين العام لحزب الله “مسار المفاوضات بالملف النووي الايراني اما يتفقون او يختلفون وقد يتجهون الى حرب لا سمح الله، اذا ذهبت الامور الى حرب فعلى الجميع ان يقلق ولكن على غيرنا ان يقلق اكثر منا”، وأضاف “اذا حصل تفاهم نووي ايراني-دولي فريقنا سيكون اقوى وافضل حالا محليا واقليميا”.
ولفت سماحته الى انه “كان ولا زال لدينا حليفان اساسيان، ايران وسوريا، قولوا لي هل في يوم من الايام باعنا حليفنا وهل سلمنا حليفنا في اي يوم او طعننا في الظهر؟”، وأكد اننا “واثقون من علاقتنا مع حليفينا”، وسأل “هل تريدون ان نعدّ كم تخلى عنكم حلفاؤكم؟ وتركوكم على قارعة الطريق؟”، وخلص الى القول “اذاً لا تنتظروا سوريا ولا الملف النووي الايراني، ويجب ان نبادر فكل يوم يضيع يضيع من عيش اللبنانيين وحياتهم وخبزهم”.
وفي ما يتعلق بيوم غد يوم عاشوراء، توجه السيد نصرالله الى “كل الذين حضروا وشاركوا واحيوا واقاموا هذه المجالس في كل المناطق بالشكر على هذا الحضور الكبير والشجاع رغم ما كان وما زال يلوح في الافق من مخاطر”، وأضاف “اود ان اتوجه بالشكر الى الجيش وكل القوى الامنية على جهودها خصوصا في هذه الايام والمناطق ونعرف العبء عليهم ونسأل الله ان يعينهم على اداء وظيفتهم”، وتابع القول “لا نخرج غداً لتحدي احد، ونخرج للتعبير عن مواساتنا لرسول الله (ص) وأهل بيته ولنعبر عن مواقفنا وارائنا واذا اراد احد ان يعاقبنا على مودتنا ومحبتنا وحزننا وموقفنا السياسي فهذا امر يرفضه العقل والدين”.
وأكد سماحته ان “يوم غد في عاشوراء يوم مختلف عن كل الاعوام الماضية، احتمال التهديد الامني موجود والكل يبذلون جهودهم والكل سيتعاون، لكن نحن في لبنان غدا خارجون الى يوم عاشوراء في ظل جو مختلف”، وقال “غدا لن يستطيع شيء سوى مشيئة الله، لا خطر ولا تفجير ولا سفك دماء ولا سيارات مفخخة ان تحول بيننا وبين حسيننا”.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة سماحة الأمين العام لحزب الله:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد أبن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبدالله، يا ابن رسول الله، وعلى الأرواح التي حلت بفنائك. عليكم مني جميعاً سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم. السلام على الحسين وعلى علي أبن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين.
السادة العلماء، الإخوة والأخوات السلام عليكم جميعاً، ورحمة الله وبركاته
أنا أود أن اتحدث بشكل هادئ، وفي النهاية نتحمس قليلاً، لأن موضوعنا بحاجة لهدوء وإصغاء.
أيها الإخوة والأخوات أود في هذه الليلة أن أتحدث عن المستجدات السياسية.
في الليالي الماضية تحدثت في موضوعات ثقافية وتربوية وتاريخية وما شاكل، وأجّلنا الحديث عن الموضوعات السياسية لهذه الليلة.
طبعاً الليلة أتحدث حول بعض الموضوعات وأترك بعضها للغد إن شاء الله.
في الوضع السياسي سأتحدث قليلاً عن الوضع الإقليمي من البوابة الإسرائيلية، بوابة العدو، وليس عن كل الوضع الإقليمي، وسأتحدث عن الوضع اللبناني في حال سمح الوقت بشقّيه السياسي والأمني وكلمة ختامية في النهاية.
في وضع المنطقة والوضع الإقليمي من الزاوية الإسرائيلية، لا شك أن إسرائيل هي اليوم سعيدة بما يجري في منطقتنا، في عالمنا العربي والإسلامي من تقاتل وتنازع وتناحر وصراعات قائمة بين الدول وفي داخل كل دولة وفي داخل كل مجتمع، وإسرائيل تدفع أيضاً في هذا الإتجاه.
قرأت بعض المقالات وبعض الخطب لرئيس حكومة العدو بنيامين ناتنياهو، لقد صار متخصصاً بالشأن الشيعي والسني في خطاباته، بات لديه تخصص في هذا الشأن. مشروع إسرائيل الدائم في المنطقة هو هذا، أن يكون من حولها منطقة ممزقة مجزّأة، مقسمة، كيانات هزيلة وضعيفة على أساس طائفي أو مذهبي أو عرقي، وتبقى إسرائيل هي الدولة، هي القوة الإقليمية الأقوى الأعظم، التي ترفض شروطها وهيمنتها على كل المنطقة.
من خلال هذا الواقع الذي تتطلع إليه إسرائيل في المنطقة هي تثبّت وجودها بشكل نهائي في فلسطين المحتلة، هي تطبّع وجودها مع بعض المحيط العربي وتتحول إلى حليف لبعض الدول العربية ولبعض حركات المعارضة في بعض البلدان العربية، ومن ثم في إطار تسوية أو بدون تسوية تفرض شروطها ونفوذها على كل حكومات وشعوب المنطقة. هذا واقع قائم الآن لكن أيضاً مما لا شك فيه أن إسرائيل قلقة من المستقبل، هي سعيدة بما يحصل ولكنها قلقة من المستقبل، لأن المستقبل غامض، لأن الأوضاع في كل المنطقة قد تخرج عن السيطرة، قد تصل إلى مرحلة لا تستطيع قوى عالمية ولا قوى إقليمية أن تتحكم فيها، وبالتالي من طبخ السم سيأكله.
في يوم من الأيام أيضاً هي قلقة من هذه الزاوية، لأن هناك ضبابية وغموضاً فيما يتعلق بالمستقبل. إسرائيل دائما أيها الإخوة والأخوات في منطقتنا هي تدفع الأوضاع إلى الحرب كما تفضل سماحة الشيخ الأستاذ قبل قليل، هي لا تبحث لا عن سلام ولا عن هدوء ولا عن طمأنينة في كل هذه المنطقة، هي دائماً كانت تدفع الأمور إلى الحرب وما زالت تدفعها إلى الحرب. فلنتجاوز ما جرى قبل العام 2000، لنتحدث بما نتذكره جميعاً وعايشناه عندما حصلت أحداث الحادي عشر من أيلول في أمريكا. إسرائيل واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وظف كل إمكانياته الإعلامية والسياسية والمالية والأمنية من أجل دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى غزو المنطقة واحتلال المنطقة. وأنا أذكر في تلك الأيام كان الأمريكيون يقولون إن القاعدة هي من نفذ عمليات الحادي عشر من أيلول، وإسرائيل تقول حزب الله حتى يأتوا بالأمريكي إلى أين؟ إلينا هنا. حسناً، الإسرائيليون حرّضوا بقوة على غزو العراق واحتلال العراق وكان لهم تأثير حاسم في هذا الموضوع. إسرائيل في الأشهر القليلة الماضية استخدمت كل نفوذها لتحريض الولايات المتحدة الأمريكية من أجل العدوان العسكري على سورية، ولكنها طبعا فشلت وهذا يعبر عن إرادتها، وكذلك اليوم عندما تراقب إسرائيل من حولها وتجد أن هناك مفاوضات بين إيران وبعض الدول العالمية، ما يسمى بالخمسة زائد واحد، أي دول مجلس الأمن الدائمة العضوية الخمسة زائد ألمانيا وترى، أن هناك فرصة أو إمكانية للحل السياسي، للحل الدبلوماسي، للتفاهم بين إيران وبين دول العالم، يستشيط ناتنياهو غضباً ـ ستزداد لدينا الدول الغاضبة في منطقتنا ـ يغضب، يسخط، يصرخ، ويعلن أنه سيوظف كل إمكانياته لمنع هذا التفاهم ويستعين باللوبي الصهيوني في أمريكا ويتصل بالرئيس الروسي ويتصل بالفرنسيين ويستنجد ببعض الدول العربية من أصدقائه تحت الطاولة وهو يعلن ذلك. ماذا تريد إذا؟
أي تفاهم يمنع الحرب في المنطقة لا تريده إسرائيل، ماذا تريد إسرائيل؟ تريد الحرب في المنطقة. لكن أيّ حرب؟ الحرب التي تبقيها سليمة، قوية، معافاة. انتبهوا جيّداً: تريد أن يهجم الأمريكي على أفغانستان ويدمرها، والأمريكي يحتل العراق ويدمره، والأمريكي يضرب سورية ويدمرها، والأمريكي والناتو يضربون إيران، ويدمروها وإسرائيل تحافظ على سلامتها وأمنها واستقرارها وقوتها.
الأمريكيون أمس ماذا قالوا؟ وزارة الخارجية الأمريكية قالت إن البديل عن الحل السياسي هو الحرب. هل تريدون أيها الامريكيون أن تذهبوا إلى الحرب؟ الشعب الأمريكي لا يريد الحرب، ليس لأنه تعقّل، بل لأنه غير قادر على شن الحروب. أمريكا اليوم أوضاعها الاقتصادية والمالية والمعنوية والداخلية وهزائمها في المنطقة وفي العالم تمنعها من الذهاب إلى حرب جديدة، ولكن إسرائيل تريد أن تدفع بأمريكا إلى حرب جديدة في المنطقة.
حسناً، النتيجة أن مشروع إسرائيل ـ وهذا الذي يجب أن نحفظه على طول الخط وأن نعيه ـ أن مشروع إسرائيل في المنطقة هو الحرب والحروب والدمار والخراب والتقسيم والتجزئة والفتنة والإقتتال الداخلي وجر الأعداء الخارجيين ليقوموا بحروبهم بالنيابة عن إسرائيل.
من المؤسف جداً أن بعض الدول العربية كانت وما زالت وهي اليوم تقف إلى جانب إسرائيل في هذه الخيارات القاتلة، وهي ـ كإسرائيل ـ ترفض الحل السياسي في سورية، الذي يوقف سفك الدماء وتدمير البلد، وهي أيضاً ـ بعض هذه الدول العربية التي لا نود اليوم ذكر الحرف الأول من اسمها ـ أيضاً تعارض بشدة أي تفاهم بين إيران ودول العالم.
يا أخي، أيتها الدول العربية ـ هم معروفون ـ هؤلاء اليوم أيضاً يرفضون هذا التفاهم، ما هو البديل عن التفاهم؟
يا شعوب المنطقة، يا شعوب العالم العربي، وبالخصوص يا شعوب الدول العربية في الخليج، أيها الشعب السعودي، شعب المملكة العربية السعودية وشعب الكويت وشعب قطر وشعب البحرين وشعب الإمارات وشعب عمان، ما هو البديل عن التفاهم بين إيران ودول العالم؟
البديل هو الحرب في المنطقة، وهذه الحرب في المنطقة إلى أين ستؤدي؟
الإسرائيليون يعرفون جيداً، وكل من يمكن أن يتواطأ يعرف جيداً أنهم يستطيعون أن يبدأوا حرباً في مكان ما ولكنهم يعجزون عن حصرها في مكان ما.
إذاً، هؤلاء يبحثون عن خراب المنطقة، عن دمار المنطقة، كل المنطقة، لبنان في هذا السياق هو تفصيل صغير أمام ما يريده هولاء للمنطقة.
من المؤسف أيضا أن يصبح ناتنياهو يتحدث وأن يصبح ناطقاً رسمياً باسم بعض الدول العربية ويعبر عن قلقها وعن هواجسها، ومن المؤسف جداً أن نسمع السيدة ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة وهي الآن وزيرة في حكومة ناتنياهو تقول إن الحكومة الإسرائيلية تلقت رسائل من بعض الحكومات العربية تطالب إسرائيل بعدم التراجع في موقفها من مفاوضات الملف النووي الإيراني، أليس هذا الأمر معيبا؟ ولكنه ليس جديداً.
لقد سمعنا هذا الكلام نفسه في حرب تموز 2006 عندما قال الإسرائيليون في وسط الحرب عندما تعبوا وبدأت هزائمهم تظهر وتلوح في الأفق، هي ليفني ذاتها قالت، وأولمرت قال إن بعض الدول العربية تتصل بنا وتقول لا توقفوا الحرب في لبنان، لماذا؟ لأنه للأسف الشديد انتصار المقاومة في لبنان يحرج هولاء الزعماء المستسلمين. هذه هي الحقيقة، نفس هذا المنطق سمعناه أيضاً في حرب غزة.
في حرب غزة قال المسؤولون الإسرائيليون إن بعض الحكومات العربية اتصلوا بنا وقالوا لا توقفوا الحرب في غزة، لأنهم لا يودّون إعطاء انتصار للمقاومة في غزة.
لكن في نهاية المطاف أمريكا لا تعمل لا عند إسرائيل ولا عند حلفائها في المنطقة ولا عند أدواتها في المنطقة. أمريكا تعمل عند من؟ عند أمريكا. إسرائيل تعمل عند أمريكا. هذا المفهوم يحتاج إلى عمل مضنٍ لتصحيحه. إسرائيل تعمل عند أمريكا. نعم لديها مسافة وهامش، لكن السيد وصاحب القرار هو الأمريكي.
رأينا ما حدث في الأسابيع الماضية، عندما كانت إسرائيل وبعض الدول العربية تعمل في الليل وفي النهار من أجل حصول عدوان امريكي على سورية. ما الذي جعل الامريكي لا يعتدي؟ مصالحهم، حساباتهم، مخاوفهم، هواجسهم، وبالتالي أمريكا ستعمل لمصلحتها.
سآخذ نتيجة من هذه المقدمة للقول أولا يجب أن تعرف كل شعوب المنطقة، كل شعوبنا العربية والإسلامية، يجب أن يعرف شعبنا اللبناني الذي يعيش منذ عقود من الزمن، منذ عشرات السنين على خط الزلزال وعلى خط النار، يجب أن يعرفوا جميعاً من الذي يبحث عن الحرب والخراب في المنطقة، ومن الذي يبحث عن الحلول والتفاهمات والتسويات التي تحفظ حقوق العرب وحقوق المسلمين ومستقبل هذه الأمة.
الجمهورية الإسلامية في إيران، الآخرون الذين يحملون هموم هذه الأمة ؟ أم من؟
والأمر الثاني الذي يجب أن نأخذه أيضا كنتيجة هو أن يعرف كل الذين يدفعون المنطقة إلى الحرب أنهم سيفشلون وأنهم سيعجزون عن تحقيق أيّ من أهدافهم كما فشلوا وخسروا وهزموا منذ سنة 1982، هذه هي الحقيقة، هذا يجب أن يبقى حاضراً.
في الملف الاسرائيلي أيضاً، ثانياً، تأتي معاناة فلسطين، من غزة إلى الضفة الغربية إلى (أراضي) الثمانية وأربعين إلى المقدسات إلى الاسرى إلى مخيمات الشتات، مع غياب أي أفق وانسداد أبواب المفاوضات، واستعلاء الإسرائيلي الواضح، واستغلال الوقت والظروف لتغيير المعادلات الميدانية، وفي ظل سكوت وضياع عربي كامل. الدعوة لإخواننا الفلسطينيين جميعاً، لا يمنع ذلك بأن يقوم الشخص بمراجعة لخياراته لأنه يوجد مستقبل شعب، ومستقبل بلد، مستقبل مقدسات.
ثالثاً: لبنان من البوابة الاسرائيلية. لبنان كان دائماً في دائرة التهديد الاسرائيلي، لكن يوجد لدينا استحقاقات جديدة، ألا وهي موضوع التجسس.
حسناً، البعض في لبنان قالوا إن هذا ليس بجديد، صحيح هذا ليس بجديد، ولكن في المدة الاخيرة صار هناك تطوير كبير جداً كماً ونوعاً، أنا لا أريد أن أتحدث عنه، أترك هذا للاختصاصيين، ولكن على اللبنانيين أن يعرفوا أن كل شيء “يصدر على الهواء” بلبنان، تتكلم انت وزوجتك، أو أنت وأهلك، أو أنت وشريكك بالتجارة أو مع البنك، وكل شيء “يطلع على الهواء” وكل شيء على الانترنت وكل شيء بشبكة الهاتف التابعة للدولة، كل شيء اليوم في لبنان في دائرة السمع والإحاطة المعلوماتية الاسرائيلية. فلينتبه كلٌّ على نفسه، وهذا الأمر لا يخص حزب الله ولا يخص المقاومة. هذا ملف وطني ويعني كل اللبنانيين، كرامة اللبنانيين، خصوصيات اللبنانيين، وعيش اللبنانيين جميعاً.
حسناً، هذا استحقاق يريد مواجهة، كيف نواجهه؟ استحقاق آخر مفتوح الآن أمام لبنان هو استحقاق الحفاظ على سيادة لبنان على كامل مياهه الاقليمية، وكذلك استحقاق حصول لبنان على كامل حقه في المنطقة الاقتصادية الخالصة له مع فلسطين المحتلة، هو استحقاق استفادة لبنان من ثروته النفطية والغازية، وهي بكل الأحوال نقطة مشكلة مع الاسرائيلي. في كل هذه الاستحقاقات الجديدة المسؤولية تقع على عاتق الدولة، وكل اللبنانيين يجب أن يكونوا معها وإلى جانبها، يحتاج إلى تضامن وتعاون وطني، عندنا انقسامات وخلافات وعداوات، لكن في مواجهة هذه الاستحقاقات يجب أن نتضامن، التجسس يطال الجميع، لا يأتي أحد ويقول: “هذه مشكلة الحزب، وهذه مشكلة المقاومة، فليحلّوها هم”. كلا، يمكن نحن نسبياً نكون أقل من غيرنا، لأنه لدينا السلكي، أليس ذلك صحيحاً، ستنكلم عنه بعد قليل ، لكن هذه مشكلة الجميع.
المسار الاقليمي والمنطقة الإقتصادية الخالصة للبنان هذه تعني اللبنانيين جميعاً. أن نتمكن من استخراج نفطنا وغازنا وبيعه، هذا يعود بالفائدة والخير على لبنان والدولة والشعب، على كل المناطق والطوائف والمذاهب والاحزاب والقوى، والأرياف والمدن ووو، هل يوجد نقاش في هذا! هل هذا موضوع حزبي؟ هل هذا موضوع مذهبي أو طائفي أو مناطقي؟ أو موضوع يعني اللبنانيين جميعاً؟ يجب أن نبحث عن صيغة؟ كيف يمكن أن نتضامن أو نتعاون في مواجهة هذه الاستحقاقات ونحن منفتحون لنقاش أي صيغة. حقيقةً الليلة ليس لدي اقتراح محدد، وإذا كان لدي اقتراح أريد أن أناقشه أولا أنا وإخواني، ولكن يجب أن نبحث كيف يمكن ـ حتى في ظل الانقسامات الحادة ـ كيف نتضامن كلبنانيبن في مواجهة استحقاقات وطنية بهذا الحجم.
في موضوع التجسس أقول أشارتين وانتقل إلى الوضع اللبناني الداخلي. في موضوع التجسس: الدولة معنية بأن تتحرك، البداية كانت من دولة رئيس مجلس النواب، اجتمعت لجنة الاتصالات، هناك اجتماعات تعاون من قبل الرؤساء والحكومة، طبعاً يجب أن يروا ما الذي يجب أن يفعلوه.
أنا اقول الليلة: نحن كمقاومة جاهزون لخدمتكم، الدولة اللبنانية ماذا تريد في هذا المجال؟ إذا كان يوجد شيء نحن ـ المقاومة ـ نستطيع القيام به، نحن “على عيني” نقوم به. لماذا؟ لان هذا الموضوع يعني اللبنانيين جميعاً، ومصلحة وطنية جامعة.
حسناً ، هنا أن تقوم الدولة بما مطلوب منها القيام به، أن تستعين فينا نحن حاضرون، لا تستعين فينا لا يوجد مشكلة، لكن في نهاية المطاف، إذا وصلت الدولة إلى مكان (باتت)عاجزة فيه عن فعل أي شيء، لم تستطع فعل شيء، فليعلمونا بذلك، المقاومة تستطيع أن تفعل، ليس شيئاً، تستطيع أن تفعل في مواجهة التجسس الاسرائيلي التقني والفني أشياء كثيرة، لكن نحن نراعي الأجواء اللبنانية، والنقاشات اللبنانية، وهم دائماً يقولون، من كلفكم؟ من طلب منكم؟
حسناً فلتتفضلي يا دولة، فلتتحملي المسؤولية ولتعملي في الموضوع. عندما نصل إلى مكان نرى فيه الدولة عاجزة عن فعل أي شيء، المقاومة لن تتخلى عن هذه المسؤولية.
الإشارة الأخيرة في موضوع التجسس، من الحق ومن الإنصاف أن أذكّر هنا بأهمية شبكة السلكي التابعة للمقاومة. الكل يتحدث عن التجسس، طبعاً في لبنان يتحدثون عن التجسس الاسرائيلي، (أما) التجسس الأميركي، لا بأس هؤلاء أصحابنا، هل يمكننا أن نتكلم عنهم؟ هل يمكننا أن نتكلم عن السفارة الأميركية في عوكر؟ عوكر تتجسس على كل اللبنانيين؟ لا يمكننا، هذا يحدث انقساماً لبنانياً. حسناً لا بأس، فلندعه جانبا. حسناً بما أنكم تتكلمون عن التجسس الاسرائيلي، هذه شبكة السلكي والتي هي شبكة متواضعة جداً. أنا في يوم من الأيام قلت إن بعض السياسيين الكبار يبدو أنهم لا يعرفون شيئاً عن هذا الموضوع، يوجد بعضهم يظنها أنها جهاز تنصت. هذه هي مثل الكاتيوشا، من الحرب العالمية الثانية، هي جهاز وسلكي، اسمها سلكي، يوصل تلفون بتلفون مثل الإنترفون الذي يوجد في منزلك، لا يمكنك أن تتنصت على أحد ولكن طبعاً تمنع أيّ أحد من التنصت عليك. هذا السلكي هو ضمانة المقاومة وجهوزية المقاومة في مواجهة إسرائيل، ولذلك وجدتم في الماضي نحن لم نتسامح في هذا الأمر، ولسنا في وارد أن نتسامح في هذا الأمر. أود أن أؤكد هنا أن شبكة السلكي استهدافها اسرائيلي فقط وليس استهدافاً داخلياً، هناك بعض الناس يظنون أنه إذا قمنا نحن بمد سلكي يعني هذا أنه يمكّننا من السيطرة على البلد. أولا من قال إننا نريد أن نسيطر على البلد، ثانياً من قال إن هذا يساعد على ذلك، إلا إن كان لديكم أجهزة تنصت وليس لدينا علم بذلك، إلا إذا كان لديكم أجهزة تنصت وحن نهرب منكم إلى السلكي، شبكة السلكي ليس لها أي استهداف داخلي، وهي جزء من سلاح المقاومة في مواجهة إسرائيل، تتأكد الحاجة اليها مع هذا التطور الكميّ والنوعي التكنولوجي الخطير من قبل العدو الاسرئيلي.
ننتقل إلى الوضع اللبناني، يوجد شقان: الأول سياسي والثاني أمني إذا ساعد الوقت.
أود أن أدخل إلى الشق اللبناني، على المنطقة دخلنا من بوابة العدو الاسرائيلي، في لبنان أريد أن ادخل من بوابة الاميركيين، فـ”لنبقِ السقف مرفوعاً، هذا افضل، خلي السقف عالي”، سأنطلق من تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري في السعودية، عندما قال ما معناه “إننا اتفقنا، مع المسؤولين السعوديين أن لا يسمح لجزب الله بتحديد معالم المستقبل في لبنان”، طبعاً يوجد البعض في لبنان ممن فرحوا، قالوا “الاميركيون قادمون والقصة كبيرة” وبعضهم إذا تكلم عنهم الأميركيون لا ينامون الليل،ظنوا يومها أن حزب الله لم ينم الليل، أن جون كيري ماذا يقول؟ يقول: لا يسمح لحزب الله بتحديد معالم المستقبل في لبنان. أنا من هنا أريد أن أدخل إلى الوضع اللبناني، حسناً، أن يقول جون كيري ذلك أو أوباما أو أي أحد في العالم، بالنسبة لنا لا يقدّم ولا يؤخّر شيئاً على الإطلاق، كلام سمعناه وعبّرنا عنه. ثانياً هذا يعبّر أيضاً عن اعترافهم، طبعاً هم لا يقصدون حزب الله كحزب هم يقصدون هذه المقاومة وهذا الفريق السياسي الوطني الذي يعتبر حزب الله جزءاً أساسياً منه، أنه أنتم هذا الفريق ممنوع أن تحددوا معالم المستقبل للبنان، الآخرون فقط يحق لهم آن يحددوا معالم المستقبل للبنان، أميركا يحق لها بعض الدول العربية يحق لها، انتم الذين تمثلون جزءاً الوطني الذي يعتبر حزب الله جزءا اساسيا من، انه انتم هذا الريق ممنوع ان تحددوا معالم المستقبل للبنان، الاخرون فقط يحق لهم ان يحددوا معالم المستقبل للبنان، أميركا يحق لها بعض الدول العربية يحق لها، انتم الذين تمثلون جزءاً وشريحة كبيرة من الشعب اللبناني، وهذا الفريق السياسي الذي يمثل بحق غالبية الشعب اللبناني ـ على القلم والمسطرة لا يحق لكم ـ لكن هذا اعتراف بكم وبقدرتكم وبقوتكم ولذلك الأمر يحتاج إلى الولايات المتحدة الاميركية وإلى المملكة العربية السعودية وإلى محور دولي وإقليمي ليقول لكم ممنوع أن ترسموا معالم المستقبل في لبنان. أيضاً هذا اعتراف، أيضاً “نحن ممنونون”، يعني لماذا دائما ترون النصف الفارغ من الكوب، فلتروا النصف الملآن، “كتّر خيرك، ممنونينك”.
ثالثاً: هل لهذا قيمة ؟ كلا ليس له قيمة، حسناً هل هذه هي المرة الأولى التي يقف فيها الأميركيون ليقولوا نريد أن نمنع حزب الله والمقاومة أو هذا الفريق السياسي؟ هذه قصة طويلة عريضة، من 1982 أميركا وإسرائيل وبعض الدول العربية أرادت أن ترسم معالم المستقبل للبنان والمنطقة، وأسقط المقاومون خرائطهم، وحزب الله جزء من هؤلاء المقاومين، وارتسمت الخريطة التي أرادتها المقاومة في لبنان والمنطقة.
في عام 1996 تتذكرون جميعاً عندما اجتمع كل زعماء العالم في شرم الشيخ في مصر،كل زعماء العالم وأصدروا بيان الإتهام والإدانة لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين بأنها حركات إرهابية، وأعلنوا الحرب على حركات المقاومة، وأرادوا أن يرسموا مستقبلاً للبنان وللمنطقة، وكانت عملية عناقيد الغضب في عام 1996 وهُزموا، والمقاومة هي التي انتصرت بشهدائها وبشعبها وبجيشها وبأحبائها وبشهداء مجزرة قانا، في عام 2000 أرادوا شيئاً وأراد الله ورجال الله شيئاً آخر فكان ما أراد الله عز وجل، أليس كذلك؟
عام 2006 ألم يقف العالم كله خلف إسرائيل في الحرب على لبنان ثلاثة وثلاثين يوماً؟ وقالت الدكتورة ـ حبيبة البعض ـ في لبنان كوندريزا رايس: إننا نشهد مخاض ولادة شرق أوسط جديد. من الذي أسقط هذا الجديد الخبيث الذي أرادت أميركا وإسرائيل أن تُحكمه وأن ترسم معالمه في هذه المنطقة؟ أليس أنتم؟ أليست المقاومة؟ أليس شعب لبنان ومقاومة لبنان وجيش لبنان؟
نحن هنا لا نُطلق شعارات، نحن هنا نتحدث عن وقائع وعن حقائق عايشناها وكنا جزءاً منها ولا أتكلم عن شعارات وخطابات وحماسيات ومنامات وأدبيات مترفة. كلا، ولذلك مهما بلغ جبروت من بلغ، الأميركان وغير الأميركان، والصهاينة وغير الصهاينة، والعرب وغير العرب، أقصد بعض الدول العربية، هذا لا يجوز أن يؤثر على الإطلاق في التعاطي مع الوقائع الموجودة اليوم في الساحة اللبنانية. ولذلك أنا أقول لهم: لا يستطيع أحد أن يُلغي هذا الفريق، وكذلك نحن لا نريد إلغاء الفريق الآخر، بكل إنتماءاته السياسية والمذهبية والطائفية، هذه هي معادلة لبنان. الواقعية تقتضي أن نعترف بهذا الأمر، وبالتعاون وبالتواصل وبالشراكة، “أوقات يُعصّبون علينا، ونعصّب عليهم”، و”يطلع” الصوت هنا و”يطلع” الصوت هناك، هذه كلها تحصل، نتيجة جو الخصومة الموجودة في البلد. ولكن في نهاية المطاف الواقع يقول هناك فريقان موجودان في لبنان، لا خيار أمامهما وأمام اللبنانيين سوى البحث عن المشتركات والتعاون لرسم معالم مستقبل لبنان، ليس الأميركان وليس جون كيري، لا أحد في الخارج هو الذي يرسم معالم مستقبل لبنان، أنتم اللبنانيون يجب أن ترسموا معالم المستقبل.
ثانياً: في الشق السياسي، الكل في لبنان يُجمع على أهمية تشكيل حكومة جديدة، الآن حكومة تصريف الأعمال تسد الفراغ ولكنها لا تحل المشكلة. المشاكل الأمنية تكبر والمشاكل الإجتماعية والمعيشية والإقتصادية والمالية، وانهيار مؤسسات الدولة التدريجي والبطيء وغياب الكادر، النقص الهائل في مؤسسات الدولة، كل هذا لا تستطيع أن تحلّه حكومة تصريف الأعمال، لا بد من حكومة جديدة، الصيغة الممكنة الآن وفيما بعد وبعد ستة أشهر وبعد سنة وبعد سنتين،الممكن والواقعية التي تحفظ حقوق الجميع وشراكة الجميع وتطمئن الجميع هو الذي تم التكلم عنه، 9-9-6 ، فلماذا التأخير إلى الآن، ستة وسبعة أشهر؟
أنا الليلة سأتكلم بصراحة، لأنه يوجد قرار إقليمي من المملكة العربية السعودية لفريق 14 آذار : لا تُشكلوا الآن حكومة، طبعاً شكلوا حكومة من دون الفريق الآخر، من دون حزب الله ومن دون قوى الثامن من آذار، وهم لا يقدروا، إذاً لا تُشكلوا حكومة “طولوا بالكم”، على أساس إذاً “لنطول بالنا” ـ دعوني أبسّط الموضوع ـ “طوّلوا بالكم سوريا حتخلص”، هذا الكلام أنا قلته قبل أسابيع، لكن هذا الكلام منذ أشهر،” طوّلوا بالكم، سوريا حتخلص، هالجمعة وهالشهر وهالشهرين وهالثلاثة” صار سبعة أشهر. عندما قوي احتمال العدوان الأميركي كان الجو في البلد سيذهب إلى تشكيل حكومة، قالوا لهم:”طوّلوا بالكم وقفوا وقفوا وقفوا، هؤلاء الأمريكان جايين على سوريا وسيتغير الوضع، فلا تُشكلوا حكومة”. إذاً هناك من يُعطل بل من يمنع تشكيل حكومة في لبنان لأنه كان ينتظر الأوضاع في سوريا.
حسناً أنا منذ أسابيع وصّفت وضع، “ما هو حتى إذا تحكي رايق”، “يعني شو الفرق تحكي رايق أو تعلّي صوتك”، أي شيء تتكلم به يعتبرونه تهديد، تكلمنا بكلام هادىء يا جماعة، في سوريا الوضع وواحد وإثنين وثلاثة، داعش ماعش نصرة لا أعرف ماذا … الخ، الجيش الحر والأكراد والإنقسامات، الإئتلاف الداخلي والإئتلاف الخارجي والوضع الإقليمي، مصر والسعودية وتركيا وقطر وأميركا وفرنسا، واحد إثنين ثلاثة ضعوا جانباً هذا الموضوع هو “مش ضابط معكم”، لن “يمشي الحال”، لا تراهنوا هناك وافصلوا موضوع لبنان عن سوريا وتعالوا لنشكل حكومة، طبعاً وقتها خرج أناس لم ينكروا الحقائق التي قُلتها لأن هذه حقائق، قالوا: كلا الوضع الميداني سيتغير، طيب منذ أسابيع إلى الآن كيف تغير الوضع الميداني؟ على طريق حلب ومحيط حلب وريف حلب وفي ريف دمشق وفي الغوطة الشرقية وفي الغوطة الغربية وفي .. وفي.. وفي… وفي.. كيف؟ بالعكس، هذه الأسابيع وأيضاً كل المعطيات الميدانية تؤكد أن الأمور ذاهبة على خلاف ما تتوقعون وما تتمنون أنتم (أي الفريق الآخر)، ولذلك إذا كان أحدٌ ما في مكانٍ ما في لبنان أو المنطقة أو العالم ينتظر لتشكيل حكومة لبنانية حقيقية أن ينتصر في سوريا، أنا أقول له: لن تنتصر في سوريا.
حسناً، أتى شيئ جديد، الآن أسمعوا الجديد، أتى شيئ جديد أنه واضح موضوع سوريا، موضوع سوريا واضح أنه “ماشي الحال”، طيب دعونا نُشكل حكومة، الجماعة يقبلون 9-9-6 ولما تكلمنا أن هذا تنازل وهذا تواضع لم نكن نُبالغ، الآن قيل لهم ـ هذا ليس تحليلاً بل معلومات ـ الآن قيل لهم”طولوا بالكم شوي”، توجد مفاوضات على الملف النووي الإيراني، هذا جديد إسمعوني جيداً، “هذا عمره كم يوم”، توجد مفاوضات حول الملف النووي الإيراني، هذه المفاوضات يمكن أن تخرج بنتيجتها أن “موضوع حزب الله يخلص”، نعم” طولوا بالكم لا تُشكلوا الآن حكومة”، ” إذا مشيت المفاوضات وصار هناك إتفاق خلصت قصة حزب الله، فلا تعذبوا حالكم وتشكلوا حكومة فيها حزب الله”.
حسناً أولاً: أيضاً أريد أن أعلق على هذا مثل موضوع سوريا، يعني هل يتوقعون مثلاً ـ بعض الإقليميين وبعض اللبنانيين ـ أن أياً يكن مسار المفاوضات الإيرانية الدولية، أن إيران ستأتي إلى لبنان وتقول يا حزب الله تخلوا عن واجباتكم الوطنية وتخلوا عن حقوقكم الوطنية وتخلوا عن مقاومتكم وسلموا البلد للفريق الآخر؟
من يعرف إيران ومن يعرف حزب الله يعرف أن هذه أضغاث أحلام، لا يوجد شيء منه هذا، شو ناطرين؟ هذا أولاً: لأن هذا ولا يوم صار ولا يصير، لم يحصل ولن يحصل، ثانياً: في مسار المفاوضات بالملف النووي الإيراني يوجد إحتمالان: إما أن يتفاهموا وإما أن يختلفوا، والأمور تذهب لا سمح الله إلى الحرب.هؤلاء يتكلمون أن حزب الله الآن هو قلق من المفاوضات وهو محتار ومربك بنفسه، ولا أعرف. طيب إذا راح المسار إلى الحرب لا سمح الله، فعلى الجميع أن يقلق ولكن على غيرنا أن يقلق أكثر، على غيرنا أن يقلق أكثر منا، إذا ذهبت الأمور إلى حرب في المنطقة، وثانياً: أن تذهب الأمور إلى تفاهم، وسجلوا علي: الآن توجد تلفزيونات تنقل، إنتبهوا وسجلوا، بالصوت والصورة، بعد التفاهم إن حصل النووي الإيراني – الدولي، فريقنا سيكون أقوى وأفضل وضعاً وحالاً محلياً وإقليمياً، وبالتالي على ماذا تراهنون؟ وبالتالي أنتم ماذا تنتظرون؟ ثالثاً وأخيراً في هذه النقطة: عندما تحصل تسويات كبرى في العالم، عندما تحصل تسويات كبرى في العالم، حلفاء وأصدقاء هذا الطرف وذاك الطرف يقلقون، في العالم هكذا، بالنسبة لنا ليس كذلك، تعرفون لماذا؟ لأننا لا نقلق من حليفن.
بصراحة وبوضوح، كان لدينا وما زال لدينا حليفان أساسيان،”نشكر الله مش كتار”، إيران وسوريا، قولوا لي: هل في يوم من الأيام باعنا حليفنا؟ هل في يوم من الأيام سلّمنا حليفنا؟ الإيراني والسوري، هل في يوم من الأيام خذلنا حليفنا أو طعننا في الظهر؟ أو تآمر علينا؟ أبداً، إبدأوا من تموز 93 – نيسان 96 – 2000- تموز 2006 وإلى اليوم لا توجد سابقة ولم يحصل ذلك، في أصعب الظروف لم يحصل، لكن نحن واثقون من هذه العلاقة ومن هذا التحالف.
أما أنتم المساكين، هل أعد لكم كم مرة تخلى حلفاؤكم عنكم؟ لا أريد أن أقول أسيادكم، كم مرة تخلوا عنكم؟ كم مرة باعوكم في سوق النخاسة؟ كم مرة عقدوا تفاهمات وتركوكم على قارعة الطريق؟ كم مرة خيبوا آمالكم وظنونكم ؟ وليس ما حصل في الأسابيع الماضية في قضية العدوان الأميركي على سوريا ببعيد. إذاً أنتم تُعطلون وقت اللبنانيين، وتعطلون وقتكم سدىً.
لا تنتظروا سوريا ولا تنتظروا الملف النووي الإيراني ولا تنتظروا شيئاً، هذا لبنان مسؤولية للجميع ويجب أن نُبادر. كل يوم يضيع هو يضيع من أمن اللبنانيين، وكرامة اللبنانيين وعيش اللبنانيين وخبز اللبنانيين ومستقبل اللبنانيين، لماذا نُضيع هذا الوقت وفي إنتظار أي شيٍ نُضيع هذا الوقت، أنا أقول للبنانيين جميعاً أنتم أيضاً يجب أن تتحملوا هذه المسؤولية، لا يجوز الرضا بهذا الواقع، طيب ليقوم أحد ليشرح لي، أو ليشرح لكم، هل واقعاً هذا الأمر هو لمصلحة المسلمين؟ وهل هو لمصلحة المسيحيين؟ هل هذا لمصلحة السنة في لبنان؟ هل هذا لمصلحة الشيعة في لبنان؟ هل هذا لمصلحة الدروز في لبنان؟ ليس لمصلحة أحد، هو لمصلحة الخارج فقط، فقط الخارج، الخارج الذي يفرض إرادته على هذا الفريق أو ذاك الفريق.
على اللبنانيين أن يحزموا أمرهم، ويستفيدوا من الوقت، ولا ينتظروا المتغيرات الإقليمية والدولية، وليتحملوا المسؤولية كاملةً…
كنت قد تركت مقطعاً له علاقة بالوضع الامني، وله علاقة بطرابلس، ولكن ضاق الوقت كثيراً، سأتركه لوقت آخر، أنتقل إلى النقطة الأخيرة وإلى الخاتمة.
في ما يتعلق بيوم غد يوم عاشوراء، يوم العاشر من المحرم:
أولاً أنا وكل أخواني وكل من تابع هذا الموسم هذه السنة، أتوجه إليكم أنتم الحضور هنا إلى كل الذين حضروا وشاركوا وأحيوا وأقاموا هذه المجالس في كل المناطق والبلدات والمدن والأماكن، من أعماق القلب، أتوجه إليكم بالشكر على هذا الحضور الكبير والشجاع والمواسي لرسول الله (ص) رغم ما كان يلوح، وما زال يلوح في الأفق من تهديدات ومن مخاطر، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منكم مواستكم هذه وأن يعظّم أجوركم.
ثانياً أود أن أتوجه بالشكر إلى الجيش اللبناني، إلى جميع القوى الأمنية الرسمية من دون استثناء، على جهودهم، خصوصاً في هذه الأيام والليالي في مختلف المناطق، ونعرف العبء الملقى على عاتقهم في هذه الليلة ويوم غد. أيضاً نتوجه إليهم بالشكر الجزيل ونسأل الله أن يعينهم على أداء هذه الوظيفة الوطنية والأخلاقية وأن يمكّنهم من تحقيق الانجازات المطلوبة.
ثالثاً يجب أن نشكر كل الذين أداروا وأقاموا هذه المجالس وحموها بالإجراءات وبالترتيبات، وقرأوا العزاء وخطبوا وارتقوا المنابر وقرأوا القصائد وكل من شارك بهذا الإحياء، وكل من تحمّل من جيران كل الأماكن تبعات هذا الإحياء.
أما بالنسبة للغد، حتى الآن، حتى هذه اللحظة، الحمد لله رب العالمين الذي لا تحصى نعمه، سارت الأمور على خير، ونأمل أن تسير الأمور على خير حتى انتهاء هذه المراسم يوم غد. النقطة الأساسية التي أريد أن أقولها في الختام هي أن خروج الناس يوم العاشر في كل المناطق التي سيخرجون فيها هو ليس بمثابة تحد لأحد، نحن غداً لا نخرج لتحدي أحد أبداً، نحن هذه السنة نخرج كما خرجنا السنة الماضية والتي قبلها وكما كنا نخرج على عشرات السنين في هذا البلد ـ الآن نتكلم عن بلدنا ـ لا يوجد شيء جديد، ونحن نخرج للتعبير عن مواساتنا لرسول الله (ص)، لأهل بيت رسول الله (ص) عن حزننا لما أصابهم في يوم العاشر من المحرم، لنعبّر عن مودتنا المطلوبة أجراً للرسالة في نص القرآن الكريم، ولنعبر عن مواقفنا وارائنا، وإذا أراد أحد ما أن يعاقبنا على مودتنا، على مواساتنا، على محبتنا، على حزننا، على موقفنا السياسي، أو أن يعاقب أهلنا، رجالنا، ونساءنا، وكبارنا، وأطفالنا، فهذا أمر يرفضه العقل والدين، ولكن قد يكون هناك من يفكر بهذه الطريقة.
نحن اذاً نخرج بهذه الروحية، وليس بروحية التحدي. لكن في المقابل، نحن كنا في الأعوام الماضية ـ عادة لانه مثلما تعرفون جاءت هذه المناسبة في فصل الشتاء منذ عدد من السنوات أيام عاشوراء ويأتي يوم العاشر في الشتاء، وأحياناً يأتي في الصيف القاسي ـ فكنت أنا في ليلة العاشر أتحدث معكم، عندما كنت أتحدث معكم، وأقول لكم: لا يجوز أن يحول بيننا وبين حسيننا (ع) برد قارس، ولا ثلج، ولا مطر، ولا شمس حارقة، ولا طقس ولا جوع ولا عطش. اليوم ـ ونحن جماعة شفافون وواضحون ولا نريد أن نقول شيئاً غير الحقيقية ـ اليوم، يوم غد في عاشوراء يوم مختلف عن كل الأعوام الماضية، ربما لا يكون هناك مصلحة لأتكلم بهذا الكلام، ولكن نحن أيضاً يجب أن نكون واضحين. احتمال التهديد الأمني موجود، الأجهزة الأمنية، الجيش اللبناني، الدولة، حزب الله، حركة أمل، آخرون، الكل يبذلون جهودهم، حتى الآن الله وفق، والجهود سوف تستمر، والكل سيتعاون، الناس والأهالي وأهل القرى وأهل المدن والجميع، سيتعاونون.
لكن نحن في لبنان غداً خارجون إلى يوم عاشوراء في ظل وضع مختلف.
في السابق كنت أقول لكم لا يمنعكم، لا جوع ولا عطش ولا سهر ولا ثلج ولا مطر ولا شمس حارقة عن أن تكونوا مع الحسين (ع) يوم العاشر، وغداً لن يستطيع شيء سوى مشيئة الله وإرادته، لن يستطيع شيء، لا خطر، ولا تفجير، ولا سفك دماء، ولا سيارات مفخخة، أن تحول بيننا وبين حسيننا.
هذه التجربة جديدة في لبنان، لكن في العراق منذ سنوات أهلنا، أحباء أهل البيت (ع) في العراق ـ في المناسبة في العراق السنة والشيعة يتشاركان في إحياء هذه المناسبات ـ منذ سنوات، في كل يوم، على طريق كربلاء، في المواكب الحسينية، في المجالس الحسينية، يُقتلون بالعشرات، يجرحون بالمئات، لكن هل حال سفك دمائهم دون إحيائهم لشعائر سيدهم أبي عبد الله الحسين (ع)؟ أبدا، بل بالعكس ازدادت نسبة المشاركة ونسبة الحضور.
هذا حصل في باكستان، حصل في افغانستان، هذه السنة حتى المواكب الحسينية في البحرين تعرضت لأذى مختلف عن أي وقت مضى، إذاً هذه الوسيلة لا تجدي نفعاً، لا في العراق، ولا في أفغانستان، ولا في باكستان، ولا في البحرين، ولا في أي مكان في العالم، ولا في لبنان، لأن الايمان هو هو ، والعشق هو هو، والحب هو هو، والاستعداد للشهادة هو هو.
غداً إن شاء الله، في كل المجالس العاشورائية، في كل التظاهرات العاشورائية، التي دعى اليها حزب الله، حركة امل، المجلس الشيعي، الجمعيات، السادة العلماء، في مختلف المناطق سوف تشهد بعونه تعالى حضوراً كبيراً، وحضوراً متعاظماً، وحضوراً متزايداً، يليق بعظمة، وكبرياء، وتضحيات، ودرجة، ومقام أبي عبدالله الحسين وأبي الفضل العباس والسيدة زينب (ع).
غداً نلتقي بمشيئة الله سبحانه وتعالى وعقلنا ومعرفتنا وقلبنا وعاطفتنا وعشقنا وإرادتنا وموقفنا هو موقف أصحاب الحسين ليلة العاشر من المحرم عندما مدحهم الإمام الحسين، ثم قال لهم: إن هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ـ (اهربوا) ـ هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ودعوني وهؤلاء القوم.
هؤلاء يريدون أن يبقى الحسين غداً وحيداً، أما أصحاب الحسين فقالوا له: أنتركك!؟ أنتركك وحيداً؟؟ أنبقى بعدك!؟ لا طيّب الله العيش بعدك يا حسين، وهم الذين يريدون لنا أن نترك حسيننا غداً، نقول لهم: لا طيّب الله العيش بعدك يا حسين.
يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله (ع) ، يا ابن رسول الله (ص) إن شاء الله نحن أحباؤك، نحن أولياؤك، نحن خلال عقود من الزمن كتبنا إيماننا والتزامنا بدماء شهدائنا وجرحانا وآلام أسرانا ودموع أراملنا وأيتامنا، وسنبقى كذلك حتى نلقاك.
السلام عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله الحسين يا ابن رسول الله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك، عليكم مني جميعاً سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.