السيد نصر الله: ماذا فعلت الحكومة لثلاثين ألف لبناني يعانون داخل الأراضي السورية من اعتداءات المسلحين؟
الجزء المتعلق بالوضع على الحدود اللبنانية السورية في كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عبر تلفزيون المنار
النقطة الخامسة: أريد أن أعقّب قليلاً على حوادث المنطقة الحدودية مع الهرمل، أو في ريف القصير، لأنه خلال الأسبوع الماضي بات هناك ضجيج إعلامي كبير حول هذه الأحداث، ومن جملتها”فاتوا علينا”، أن واحدة من الأحداث أن الجيش السوري الحر قصف مواقع لحزب الله في الهرمل، وأنا كنت موجود هناك و”انجرحت”، وكذلك أيضاً الخبر الذي اخترعوه امس أنه على جديدة يابوس تعرض موكب قيادي في حزب الله لعملية تفجير وأصيب أخونا سماحة الشيخ نعيم قاسم . طبعاً كل هذه افتراءات واكاذيب وليس لها أي اساس من الصحة. ولكن أنا أريد أن أعقّب على موضوع القصير لأنه وضع في سياق جديد وخطر. حتى لا نكرر الكلام القديم، وإن كنت سأعود إليه، ولكن الذي يدفعني لتناول هذا الموضوع أنه يوضع في سياق جديد وخطر، ما هو هذا السياق الجديد والخطر؟
نقلت وسائل الاعلام عن السفيرة الأميركية في لبنان، وهي لم تنفِ طبعاً ـ لم تؤكد ولكنها لم تنفِ ـ أنها قالت للبنانين أن هناك مشروعاً متفقاً عليه بين حزب الله وبين النظام في سوريا على احتلال ـ بحسب تعبيرهم ـ أو السيطرة على عدد من القرى السنيّة بحسب تعبيرهم ـ للأسف سوف نستعمل هذا التعبير ـ في ريف القصير القريبة من الحدود اللبنانية مع الهرمل لوصل القرى التي يسكنها شيعة داخل سوريا مع الحدود إلى القرى التي يسكنها العلويون ضمن مخطط التقسيم والدولة العلوية وما شاكل.
وعندما حدثت الأحداث في الأيام القليلة الماضية وظهر الموضوع في الإعلام بشكل قوي، وضعت الصدامات في هذا السياق. طبعاً هذا جديد وخطر. وظهرت عند عدد كبير من وسائل الاعلام ومعها الضجيج والتهويلات والتهديدات، ولم يبقَ مسؤول في المعارضة السورية والجيش الحر (مسؤول فعلي أو مسؤول معزول) إلا وخرج وهدّد وحلّل وتكلّم وعقّب على الأحداث التي حصلت في المنطقة هناك.
طبعاً أنا سوف أتحدث بعد قليل أنه في الحقيقة أهم ما نحتاجه لنعرف الحقائق ولنأخذ موقفاً صحيحاً هو الاطلاع على الوقائع. لنرى ماذا ستقول الوقائع؟ عندما تأتي حضرتك وتقول لي هناك مخطط، هناك مشروع، آتني بدليلك، آتني بمعطى، معطى حسي، معلومة، سند، أي شيء .
أنا أريد أن أعقّب على الموضوع بالشكل التالي:
أولاً: أنا أجزم لكم أن ما قيل أو يقال إن هناك مخططاً أو مشروعاً من هذا النوع هو كذب وافتراء وعارٍ عن الصحة، وليس له أي أساس وليس له أي دليلأ وليس له أي معطى.
ثانيا: المعطيات الميدانية التي سأتحدث عنها قليلا تؤكد العكس. في تلك المنطقة لم يقم السكان اللبنانيون ـ الذين أغلبهم من الشيعة وبعضهم ينتمي الى حزب الله وهذا لا يحتاج إلى أن تفتشوا على دليل لأنني تحدثت به سابقاً على التلفزيون ـ لم يقم هؤلاء في يوم من الأيام، حتى هذه اللحظة، وليس هناك مشروع كهذا في المستقبل- ولكن أقول حتى هذه اللحظة لأقول وقائع على الارض- بالسيطرة على أي قرية سنية أو يسكنها أهل سنة في تلك المنطقة على الإطلاق.
ثالثاً: الذي حصل هو العكس. إن المعارضة المسلحة هي التي قامت في الأشهر القليلة الماضية بالسيطرة على قرى يسكنها لبنانيون شيعة وقامت بتهجيرهم وحرق بعضهم، كما حصل في قرية أم الدمامل وهي قرية معروفة وأهلها مهجرون والآن هم موجودون سواء في القرى الحدودية أو في الهرمل وتستطيع كل وسائل الإعلام أن تسألهم: أين بيوتكم وأين قريتكم ومن احتل القرية؟ إذا كنا نريد أن نقول بالتصنيف فهذه قرية شيعية، هناك أحياء شيعية في قرى وبلدات يسكنها غالبية سنية تم تهجيرهم أيضاً. هناك تفصيل كبير لا أريد أن أدخل به.
الذي يحصل هو العكس. الذي يحصل وحصل في الأيام القليلة الماضية وشاهدتم بعض النداءات وبعض التصريحات على التلفزيون وعلى اليوتيوب ونقلتها وسائل الاعلام، انه كلا، هناك حملة عسكرية واسعة من قبل مئات المسلحين لتهجير أهل هذه القرى والسيطرة عليها وإنهاء وجودهم،أي إنكم انتم لا يحق لكم بأن تكونوا موجودين هنا، بالنتيجة اخرجوا خارج الحدود .
الذي يجري، أيها اللبنانيون، أيها الناس، أيها السوريون، وإلى كل الذي يتابع الوضع في العالم العربي، الذي يحصل هو العكس.
لذلك ما يجري هناك الآن أن بقية سكان هذه البلدات هم منذ البداية حملوا السلاح ليدافعوا عن أنفسهم وهذا ما شرحته سابقاً، ليدافعوا عن أنفسهم وعن بيوتهم وعن ممتلكاتهم وعن حقولهم وهم موجودون في هذه الأرض منذ مئات السنين، وليس منذ عشرات السنين. ولكن مع تقسيم سايكس-بيكو وتقسيم الحدود أصبحوا داخل الأراضي السورية وجنسياتهم لبنانية. من حق هؤلاء أن يدافعوا عن أنفسهم وعن ممتلكاتهم وعن وجودهم، وهذا عليه اجماع العقلاء، وعندما نتكلم من منطلق الاسلام عليه اجماع فقهاء المسلمين، ومن قُتل في هذا السبيل فهو شهيد، باجماع فقهاء المسلمين وباحترام العقلاء طوال التاريخ، هذا لا يحتاج إلى فتوى من هنا أو هناك.
هذا الذي يحصل
في المقابل هؤلاء لا يعتدون، لم يقتلوا مدنيين، ولا يعتدون على أعراض الناس، ولا ينهبون أموال الناس. كل ما يتطلعون إليه هو أن لا يُعتدى عليهم، وأنا الآن أؤكد لهم ولكل الموجودين هناك، وبعضهم من إخواننا، وأقول لهم: أنتم حقكم الشرعي فقط، هو أن تدافعوا عن قراكم وعن وجودكم وعن دمائكم وعن أنفسكم، وأن تقاتلوا من يعتدي عليكم من المسلحين. أما بقية الناس من مدنيين، إلى أي طائفة إنتموا، حتى لو كان لديهم خط سياسي معارض، هذا لا يُبيح لكم دماءهم ولا أموالهم ولا كراماتهم ولا أعراضهم، وهذا ما نؤكد عليه وأريد التأكيد عليه. وحتى في مواجهة المسلحين، الحفاظ على الأسير وعدم الإجهاز على الجريح، وهم يعرفون هذا، وهم يعرفون أن هذا يحصل، وأن الجرحى الذين يسقطون في جانب المسلحين يتم نقلهم إلى المستشفيات اللبنانية عبر القرى التي يوجد فيها لبنانيون يقاتلون للدفاع عن أنفسهم.
هذه حقائق يعرفها سكان المنطقة، بل أكثر من ذلك أقول لكم، إنه خلال كل الفترة السابقة، كان أحياناً يدخل وسطاء وعقلاء ووجهاء موجودون في المنطقة، لأن الناس يعرفون بعضهم جيداً، ويعيشون مع بعضهم منذ مئات السنين، ويحققوا مصالحات، لكن كان يأتي مسلحون من خارج المنطقة، من خارج المنطقة في سوريا ومن خارج سوريا، يعتبرون أن لديهم معركة وأنه لماذا هذه المنطقة تريد أن تُحيّد، وكانوا يُعطلون أية إمكانية للتصالح، وأية هدنة كانت تحصل بين سكان المنطقة، في الوقت الذي أنا أؤيد وأدعو وأجدد الدعوة إلى سكان المنطقة، لأن يُوظفوا وأن يستفيدوا من أي فرصة للتصالح، وللتهادن ولحقن الدماء فيما بينهم، وللحفاظ على الأنفس والأموال والممتلكات والحقول، وقطع الطريق على كل من يريد في هذه المنطقة قتالاً أو فتنةً أو صراعاً دموياً.
وبعد أريد أن أقول أكثر من ذلك، حسناً، هؤلاء لبنانيون، بعض الناس الذين يخرجون لينتقدوا، (نسألهم) هذه الدولة ماذا فعلت لثلاثين ألف لبناني موجودين هناك، وليس كلهم شيعة بل من مختلف الطوائف، ماذا فعلت لهم؟، وماذا سعت لهم؟
لا أقول أن نُرسل الجيش اللبناني ليدخل إلى الأراضي السورية، ليدافع عن البلدات التي يسكنها لبنانيون، ولكن أي جهد سياسي عُمل؟، وأي جهد دبلوماسي عُمل؟
هؤلاء المسلحون تمون عليهم السعودية، وتمون عليهم قطر، وتمون عليهم تركيا، وتمون عليهم حبيبة قلوب الكثيرين الولايات المتحدة الأميركية، ما هو الجهد الذي عُمل به؟، كلنا نعرف أن هذه المعارضة وأن الكثير من هذه المجموعات ممسوكة في مكان ما إقليمياً ودولياً، هل قام أحد من القوى السياسية اللبنانية أو على المستوى الدولي وبذل جهداً لوقف هذا الإعتداء وهذا الإجتياح وهذا التغيير الديموغرافي وهذا التهجير الجماعي ، بل هذا التطهير الديني والمذهبي الذي يحصل في القرى الحدودية؟
لا أحد حرّك ساكناً، بل بالعكس “يخرجون ليتفلسفوا علينا”، وهذا يقول لك بأوامر من كذا.. وهذا يقول لك مشروع.. ويقول لك مخطط ..، هذه كلها أكاذيب ليس لها أي أساس من الصحة، ونحن ما نتطلع إليه في سوريا، نحن نُصر أن تبقى سوريا موحدة وأن تبقى سوريا متماسكة، ونحن لسنا أصلاً مع تقسيم سوريا، لأن هذا خطر إستراتيجي يُهدد الأمة والمنطقة بأكملها، وهذا هو مشروع “إسرائيلي”، ونحن لسنا معه ولسنا جاهزين أن نُشارك حتى بمئتي متر لها علاقة بالمشروع التقسيمي من هذا النوع.