النص الكامل لكلمة السيد نصر الله: الجبهة الدولية والاقليمية والداخلية التي تضافرت للسيطرة على سورية فشلت
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يؤكد فشل المحاولات للسيطرة على سورية متهماً المملكة العربية السعودية بعرقلة الحل السياسي.
في إطلالة هي الأولى بعد تحرير المخطوفين اللبنانيين التسعة في أعزاز، قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إنه “لا يهم من عمل على إطلاقهم بل النتيجة المتمثلة بالإفراج عنهم” متوجهاً بالشكر لكل من حمل قضيتهم وعمل على حلها. واكد السيد نصر الله أن الموضوع كان سياسياً أكثر منه موضوع عملية تبادل وإطلاق سجينات في سورية، مشيراً إلى أنه “تلقينا وعدا قبل عام بإطلاق سراح السجينات لكن الخاطفين هم الذين غيروا توجههم”.
وفي كلمة له في ذكرى تأسيس مستشفى الرسول الأعظم اكد السيد نصر الله على ضرورة تكليف أحد في لبنان لمتابعة قضايا الخطف في سورية وآخرها خطف المصور سمير كساب. ودعا الأمين العام لحزب الله إلى إيجاد إطار لمعالجة كافة الملفات العالقة مع الشقيق السوري أو مع العدو الإسرائيلي حيث تشير الأرقام إلى وجود 17 ألف مفقود إبان الاجتياح الاسرائيلي غالبيتهم لبنانيون بالإضافة إلى فلسطينيين وسوريين ومن بين هؤلاء الدبلوماسيون الإيرانيون الأربعة.
وذكر السيد نصر الله بالكلام المباشر الذي سمعه من القيادة السورية والتي أعلنت فيه الأخيرة عن الاستعداد للوصول في هذا الملف الى الخواتيم المعقولة. وفي سياق متصل توقف الأمين العام لحزب الله عند قضية السيد موسى الصدر ورفيقيه، مؤكداً أن هذه القضية هي قضية وطنية بامتياز. ولفت السيد نصر الله إلى ضرورة التحرك باتجاه كشف مصير الإمام الصدر ورفيقيه، لافتاً إلى وجود شخصين على قيد الحياة معنيين بهذه القضية هما مديرا المخابرات في عهد الزعيم الليبي معمر القذافي. وقال السيد نصر الله “هناك عبد الله السنوسي الموجود في السجن وموسى كوسى الذي يتنقل في فنادق العالم وخصوصاً الدول الخليجية ومنها الدول الصديقة للبنان” داعياً الدولة إلى تحمل كامل مسؤوليتها في هذه القضية.
السيد نصر الله تطرق إلى الشأن السوري مؤكداً أن “الجبهة الدولية والاقليمية والداخلية التي تضافرت للسيطرة على سورية فشلت”، لافتاً الى التطورات الكثيرة التي حصلت مؤخراً في المنطقة وفي العالم، من بينها التطور الميداني لصالح الجيش العربي السوري وصراع وأداء الجماعات المسلحة وسلوكها الميداني بالإضافة إلى تبدل المزاج والرأي العام.
وإذ اكد أن الحل المقبول في سورية هو الحل السياسي دون شروط مسبقة وشدد على ضرورة أن يدفع الكل باتجاه هذا الحل، اتهم السيد نصر الله المملكة العربية السعودية بعرقلة هذا الحل من خلال استقدام آلاف المقاتلين من العالم وتمويل ودعم الجماعات المسلحة.
وربطاً بتطورات الوضع في سورية دعا السيد نصر الله المراهنين على متغيرات في المشهد السوري إلى عدم التأجيل في تشكيل الحكومة لأن المزيد من الانتظار سيحسن من ظروف وموقعية ومكان الفريق الآخر. وفي إشارة إلى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قال نصر الله “من سيعود إلى بيروت من مطار دمشق الأفضل له أن يبقى حيث هو أو أن يعود عبر مطار رفيق الحريري الدولي”. السيد نصر الله أكد أن الرهان على الموضوع السوري سقط متهماً فريق 14 آذار بتعطيل البلد بسبب موقفه من تشكيل الحكومة معتبراً أن تعطيل نواب هذا الفريق لمجلس النواب هو لأسباب سياسية. وطالب السيد نصر الله إلى عقد جلسة لحكومة تصريف الأعمال لمناقشة ملفي النفط والوضع الأمني لا سيما في طرابلس معتبراً أن هذين الملفين لا يحتملان التأجيل، مشيراً إلى ضغوط يتعرض لها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من الأطراف الداخلية التي كانت السبب في استقالته ومن المملكة العربية السعودية.
وفي موضوع النفط قال السيد نصر الله “إن الوقت يمر فيما خيرات لبنان تسرق والإسرائيلي يعمل ليل نهار”. أما في ما يتعلق بالتدهور الامني في مدينة طرابلس فأكد الأمين العام لحزب الله أن الحل هو باستلام الجيش اللبناني بمؤازرة القوى الامنية الأخرى الأمن في المدينة مشدداً على ضرورة توفير الغطاء السياسي والديني للجيش في مهمته. وقال “الحل الوحيد في طرابلس هو باستدعاء الجيش اللبناني وليس باستدعاء داعش والنصرة” في إشارة إلى الدعوات التي أطلقها بعض رجال الدين السلفيين دون أن يسميهم. ولفت السيد نصر الله إلى وجود العديد من السيارات المفخخة في لبنان قائلاً “إن المسؤولية الوطنية تفترض منع حصول التفجير والقيام بكل الإجراءات الحاسمة لمنعه قبل وقوعه”.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة السيد نصر الله:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته. في البداية أرحب بكم جميعاً وأشكركم على هذا الحضور الكريم والمشاركة في أحياء مناسبة عزيزة وغالية وتكريم لأعزاء مجاهدين ومضحين، وتقدير لمؤسسة معطاءة متطورة، متقدمة، علقت عليها الآمال وكانت بمستوى الآمال وتعلق عليها أيضاً المزيد من الآمال وهي بمستوى كل الآمال.
بالتأكيد نحن اليوم أمام هذا الإنجاز، هذا التطور، هذا المستوى، الذي وصلت إليه مستشفى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم التي قامت ونشأت وتأسست في رعاية وعناية مؤسسة الشهيد وما قدمته خلال كل هذه السنين.
نحن اليوم نقف لنعبّر، أنا شخصياً وبالنيابة عن كل أخواني واخواتي في هذه المقاومة، في هذه المسيرة الإيمانية الجهادية المكافحة، نعبّر عن اعتزازنا وتقديرنا وافتخارنا بما أنجزه هؤلاء الإخوة والأخوات على مستوى هذه المؤسسة، منذ النشأة، منذ التأسيس إلى التطوير، إلى النمو، إلى العمل المتواصل، إلى الخدمة الطيبة والإنسانية، وإلى الإدارة والحكمة والتخطيط والعقل والإخلاص والإحساس الدائم بالمسؤولية والحضور الدائم في كل المراحل الصعبة منذ الثمانينات. وهذه المؤسسة هي واحدة من مؤسسات المقاومة، بل من المؤسسات المقاومة التي واكبت حركة المقاومة وجهاد المقاومة وجراح المقاومة، وآلام المقاومة وجهاد وتضحيات وآلام عوائل الشهداء والجرحى طوال كل سنوات المقاومة.
إننا نشكر الله سبحانه وتعالى على نعمة وجود هذا النموذج من السادة والسيدات والإخوة والأخوات العاملين والمضحين وعلى نعمة وجود هذه المؤسسة الكريمة المعطاءة الخدومة، التي ـ بحقّ ـ كانت وفيّة للتوجيهات ولوصية سيد شهداء مقاومتنا الإسلامية السيد عباس الموسوي، فكانت تخدم الناس بأشفار العيون.
يجب هنا أن نتوقف أيضاً باحترام كبير وتقدير عالٍ أمام المؤسس لهذا الصرح والذي له من الأيادي البيضاء في أكثر من منطقة وعلى أكثر من صعيد، وهو الأخ العزيز سماحة العلامة الحجة السيد عيسى الطبطبائي حفظه المولى، والذي نشكره على كل جهوده وعطاءاته وكرمه وتضحياته وسهره، وهو الذي أمضى شبابه، وهو يمضي الآن أيضاً مرحلة كهولته في خدمة لبنان وشعب لبنان ومقاومة لبنان، ونعرف له إخلاصه وصدقه ومحبته العظيمة للبنان ولشعبه ولمقاومته، وخصوصا لعوائل شهدائه وجرحاه. أيّاً تكون العبارات، لن تستطيع أن تؤدي جزءاً ولو بسيطاً من حق هذا السيد الجليل علينا وعلى مسيرتنا وعلى شعبنا وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منه وأن يجزيه أحسن جزاء العاملين المجاهدين المخلصين وأن يطول عمره المبارك للمزيد من العمل والعطاء.
أيضا نستحضر كل الإخوة والأخوات الذين يتم تكريمهم في هذه المناسبة، وبالأخص الذين واكبوا هذه المؤسسة منذ بداياتها، من 25 سنة إلى اليوم، وهم حاضرون دائبون عاملون مضحون، مخلصون.
ونستذكر ونستحضر أيضا باحترام الإدارة الحالية التي بذلت جهوداً مخلصة وكبيرة خلال كل السنوات الماضية حتى وصلت هذه المؤسسة بتوفيق من الله سبحانه وتعالى إلى ما وصلت إليه، ويجب أن نخص من بين الأخوة جميعاً الأخ المجاهد والجريح والشهيد الحي الدكتور إبراهيم عطوي طبيب المقاومة وحبيب المقاومة في آن واحد. ونحن نفتخر بهذه النماذج، وبهذا النموذج الذي كان حاضراً دائماً إلى جانب المجاهدين خصوصاً في سنوات العمليات الأولى وعلى مقربة من خطوط النار هو وأطباء آخرون أيضاً، ولكن الدكتور إبراهيم قدّر له الله سبحانه وتعالى أن يحمل عنوان ووسام هذه الجراح التي أصابته والتي كانت تستهدف حياته، ولكن قدّر الله سبحانه وتعالى له أن يبقى على قيد الحياة للمزيد من العطاء ولم توقفه الجراح عن العطاء كما هو الحال بالنسبة لكثير من جرحى هذه المسيرة وهذه المقاومة وهذا الوطن الذين لم تقعدهم جراحهم عن مواصلة العمل في كامل المساحة المتاحة فيما يقدرون عليه روحياً، وفكرياً، وجسدياً، جزاكم الله جميعاً كل الخير ووفقكم الله سبحانه وتعالى لمواصلة العمل في خدمة هذا الشعب العزيز وهذه المقاومة العظيمة المنتصرة المظفرة وهذا الوطن الذي يستحق كل تضحية وكل جود وكل كرم وبالأخص في خدمة عيوننا وأحبائنا وأعز الناس علينا، عوائل الشهداء والجرحى والأسرى المحررين، وهذه الشريحة التي نسميها شريحة المضحين الذين لهم في أعناق الوطن والأمة الكثير من الفضل والمسؤولية والأمانة التي يجب أن توفى.
أود فيما يتعلق بالشأن العام وفي الوقت المتاح أيضاً، وأنا بنائي ـ لطبيعة المناسبة ـ أن لا أطيل عليكم كثيرا كما يحصل أحياناً في المهرجانات الشعبية.
أود أن أتحدث في عنوانين: العنوان الأول هو أقرب إلى طبيعة المناسبة، عنوان انساني يجمعه مع المناسبة هذا البعد الإنساني، والعنوان الثاني هو الشأن السياسي.
في العنوان الأول أنطلق من قضية مخطوفي أعزاز، هذه القضية التي وصلت إلى خاتمتها الطيبة والمطلوبة. أستغل هذه المناسبة لأبارك لهؤلاء الأعزاء حريّتهم وعودتهم إلى الوطن والأهل وأبارك لعائلاتهم الصابرة الوفية الشجاعة التي تحملت المسؤولية طوال الوقت واشكر كل من حمل قضيتهم وعمل لها منذ البداية ولكل من ساهم في انجاز نهاياتها السعيدة، بطبيعة الحال عودة هؤلاء الأعزاء. هناك شيء يعني مخطوفي أعزاز أعود له في نهاية هذه النقطة.
بطبيعة الحال عودة هولاء الأعزاء إلى اهاليهم واستقبالهم في المطار وفي الأحياء يثير آمال البقية مَمّن لهم حالات مشابهة، بل يثير فينا جميعاً الكثير من المشاعر الإنسانية والعاطفية تجاه من نشعر بالمسؤولية نحوهم وهم كثر:
اليوم وبالاعتبار وبالأستفادة من تجربة متابعة قضية مخطوفي أعزاز يجب التأكيد على متابعة بقية الملفات، وهذا حاضر في خطابات وأدبيات المسؤولين اللبنانيين على مستويات مختلفة، سواء كانوا رسميين أو شعبيين، وأنا أعتقد أن كل الملفات يجب أن تكون حاضرة ويجب أن يحدد لها أطر للمتابعة ومسؤوليات للمتابعة.
طبعاً نحن نتشارك كلبنانيين مع إخواننا السوريين هم وآمال وطموح العمل لإطلاق سراح المطرانين اليازجي وإبراهيم، أيضاً كلبنانيين نشعر بمسؤولية جميعاً تجاه المواطنين اللبنانيين الذين فقدوا أو خطفوا خصوصاً في ظل الأحداث الأخيرة التي حصلت وتحصل في سورية، ابتداء من السيد حسان المقداد إلى لبنانيين من بلدة معروب وبلدات بقاعية مختلفة، طبعاً أنا لا أريد أن أدخل في الأسماء لأن بعضها يحتاج إلى تدقيق أنها فعلاً مخطوفة أو غير مخطوفة أو مفقودة، لكن وصولاً إلى المصوّر اللبناني سمير كساب.
في الحقيقة في لبنان على المستوى الرسمي يجب أن يكلف أحد تعتبرون الأمن العام مكلف، غير الأمن العام، يجب أن يحدّد مسوؤل لمتابعة كل هذا النوع من القضايا، هذا الملف بالتحديد وما يمكن أن يطرأ، وما يمكن أن يستجد، وحينئذ جميعنا نعرف أن فلاناً هو المسؤول أو الجهة الفلانية هي المسؤولة، وبالتالي كل من يستطيع أن يقدم عوناً أو مساعدة أو اقتراحاً أو فكرة أو يبذل جهداً يصبح للملف صاحب ووالد يتابعه من البداية وإلى النهاية، والكل يساعده، لا يضيع الملف ولا المسؤولية في خضم الأحداث والتطورات والانشغالات اللبنانية والصراخ اللبناني اليومي، ويبقى في مكان ما أحد حامل الهم ويتابع التفاصيل ويتصل ويطّلع على المستجدات ويتلقى الأفكار ويطلب المساعدة، وتُقدم له المساعدة. هذا الأمر يجب أن يحصل. كذلك ينفتح الباب على الملفات القديمة، أنا لاحظت أنه لما رجع الإخوان الأعزاء مخطوفو أعزاز، بعض عائلات المفقودين في لبنان أو بعض عائلات المسجونين في سورية أو من يعتقدون أنه فُقد في لبنان وتم نقله إلى سورية ، أثيرت عاطفتهم وحنينهم وهذا أمر طبيعي جداً. بدل الدخول في مزايدات في هذا الموضوع، لأنه “على طول” يوجد مزايدات في هذا الموضوع، يعني جهة ما تكتب البيانات وتخطب “في العالي” وتشتم شمالا ويساراً. هذا لا يعيد سجناء ولا يكشف مصير مفقودين ولا يوصل إلى نتيجة.
أيضاً في هذا السياق من المفيد جدا، تكليف جهة أو تشكيل إطار جاد، يحمل هذا الملف. أنا أذكر قبل سنوات كان هناك عمل على هذا الموضوع وقُدّمَت لوائح وتم تبادل أسماء. كان يوجد مطالب لبنانية رسمية ومطالب سورية رسمية، وفي ذلك الحين طلب من بعض “حضّار” طاولة الحوار أيضاً أن يساعدوا، كنا نحن من جملة المعنيين بالمساعدة ولكن هذا الأمر لم يستكمل، أنا اعتقد أنه يوجد إمكانية في هذا الامر، أما الآن هناك حكومة تصريف الأعمال ـ إذا كان البعض يعتبر أن هذا الموضوع من الموضوعات التي يجب أن تؤجل، وهو ليس من “الموضوعات الفَرقية” يعدّ هذا من المصائب في هذا البلد ـ أو الحكومة الجديدة التي تشكّل يمكن تكليف أو تشكيل إطار جاد يتابع هذا الملف.
نحن إذا كنا بلداً يحترم نفسه وإذا كنا دولة تحترم نفسها، إذا كنا شعباً يحترم نفسه، مفترض أن نفتح كل هذه الملفات، هنا أنا أتكلم على المستوى الإنساني، يوجد لدينا مجموعة من الملفات في هذا البعد الانساني، يجب أن تفتح، بمعزل عن الاعتبارات السياسية، وأيضاً يجب أن تفتح بمسؤولية. واحدة من الموضوعات المطالبة والعمل الدؤوب لاعادة مخطوفي اعزاز. واحدة من النتائج التي نستخلصها أنه بالرغم من كل المشاكل التي توجد لدينا في البلد، نحن دولة تحترم مواطنيها وشعب يحترم أبناءه.
حسناً بمعزل عمّن شدّ وتحمّل مسؤولية ومن قصّر ومن بذل أكثر من الآخر، المهم النتيجة، الناتج أنه يوجد 11 لبنانياً خُطفوا ولم يُتركوا لدى خاطفيهم. هذا يعني أنه صحيح أننا دولة من العالم الثالث ولكن تبيّن أننا دولة وشعب محترمان. عندما لا يترك اللبنانيون (المخطوفين)، ويتابعون ـ بمعزل عن طريقة المتابعة والصراخ الذي يحصل في البلد ـ موضوع حادثة عبّارة اندونسيا، فسيتعيدون السجناء لدى السلطة الاندونيسية، ويستعيدون الذين كانوا ما زالوا على قيد الحياة هناك، ومن نجا، ويعملون أيضاً وبشكل حثيث على استعادة أجساد الضحايا، هذا يعني اننا بلد نحترم مواطنينا ونحترم إنساننا. هذه كانت مدرسة المقاومة التي لم تقبل أن تترك الأسرى في سجون العدو، هذه مدرسة المقاومة التي لا تقبل أن تترك حتى أجساد ورفات الشهداء لدى العدو. كنّا نقول: صحيح أن شبابنا وأولادنا مدفونون بتراب فلسطين، وهذه مكرمة وهذا شرف وفخر، ولكن نحن نريد أن نستعيدهم إلى تراب لبنان لنؤكد أننا بلد ودولة وشعب محترم. إذا كنا هكذا، هذه الملفات يجب أن نفتحها، يوجد ملفات عالقة مع الاسرائيلي، ويوجد ملفات أخرى عالقة لبنانياً ويوجد ملفات عالقة مع السوري، مع العدو الاسرائيلي ومع الشقيق السوري.
حسناً، نأتي ونقول إنه يوجد هذه الملفات. مثلاً مع الاسرائيلي عندنا مجموعة ملفات ما زالت عالقة: الأسير يحيى سكاف، عبد الله عليان، محمد فرّان، وآلاف اللبنانيين الذين فقدوا أثناء اجتياح العدو الإسرائيلي للبنان سنة 1982، وفي ظل الاحتلال هؤلاء خطفوا وفقدوا. وهنا، مَن هو وراء خطفهم، هل هي مليشيات لبنانية؟ جيش أنطوان لحد، سعد حدّاد؟ خطفهم الإسرائيلي؟ بحسب القانون الدولي، دولة الاحتلال وجيش الاحتلال هو الذي يتحمّل المسؤولية، حسناً، هؤلاء الآلاف عالقون، هذا ملف نائم، لا أحد يتكلم فيه ولا أحد يتابعه. بالنهاية الموضوع ليس فقط المسجونين أو المفقودين في سورية، لدينا آلاف المفقودين وأمامنا رقم ضخم، على ذمة الذي أعطانا الرقم الذي هو 17000 شخص أغلبهم لبنانيون وفيهم فلسطينيون وفيهم لعله سوريون. ومن بين هذه الملفات الدبلوماسيون الإيرانيون الأربعة الذين كانوا دبلوماسيين معتمدين لدى لبنان وفُقدوا على الأراضي اللبنانية، حسناً، هذه الملفات من يتابعها؟ هل صحيح أن تترك كما في السابق على عهدة المقاومة أو فصيل في المقاومة؟
أيضا عندما نأتي إلى ملفات الذين فقدوا في لبنان، حسناً، هي بحاجة الى حسم، صحيح، في يوم من الأيام أنا أذكر أن حكومة دولة الرئيس الدكتور سليم الحص، عافاه الله وأطال عمره، أخذت قراراً كبيراً جداً فيما يعني هذه الملفات ولكن في نهاية المطاف العائلات لم تستسلم لهذا القرار. حسناً هذا بحاجة إلى إعادة كلام وإعادة مسؤولية، المهم تشكيل إطار جاد، يتابع الملفات، يمكن إطاران أو ثلاثة، لا يوجد مشكلة، ولكن المهم أن يكون لهذه الملفات صاحب.
فيما يعني الجانب السوري، أنا اعتقد انه كانت هناك فرصة ضُيّعت في السنوات الماضية عندما تمّت متابعة الأمر، والآن ما زالت الفرصة قائمة وموجودة من خلال اتصالات سابقة، ولقاءات سابقة مع القيادة السورية. أنا سمعت مباشرة كلاما واضحاً عن استعداد سوري دائم للوصول بهذه الملفات إلى الخواتيم الواقعية والمعقولة، طبعاً هذا يحتاج إلى مسؤولية، يحتاج إلى شجاعة، يحتاج إلى مثابرة، ويحتاج إلى حسم في نهاية المطاف.
لكن مع كل الملفات والعناوين التي ذكرتها، يبقى هناك ملف على درجة عالية من الأهمية والخطورة والحساسية، أنا اعتقد انه الآن هناك مشاعر الكثير من اللبنانيين وأنا واحد منهم، عندما كنّا نستقبل أسرى عائدين من السجون الإسرائيلية أو قبل أيام، عندما كنت أنا أشاهد على شاشات التلفزة وغيري يستطيع مشاهدة عودة المخطوفين من اعزاز، واستقبال الأهالي لهم، في كل مناسبة من هذا النوع تحضرنا ذكرى وخاطرة وقضية سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر وذكر أخويه الكبيرين والعزيزين سماحة الشيخ محمد يعقوب والأستاذ السيد عباس بدرالدين. يعني هنا نتحدث عن إمام المقاومة، وعندما نتحدث عن مقاومة، عن إمام النضال والكفاح من أجل مواجهة الحرمان و الإهمال، عندما نتحدث في مناسبة ترتبط بمؤسسة ذات طابع إنساني وخدماتي وإجتماعي وصحي. في كل الأحوال هذه القضية أعتقد أنها تمس ليس فقط عائلة أو طائفة أو مقاومة أو شعب بل هي تمس كرامة هذا الوطن وكرامة هذه الأمة. مثل ما كنت أتكلم عن الإحترام قبل قليل، وهي قضية وطنية بامتياز.
ويمكن بذل جهود مضاعفة، هنا الدولة يجب أن تتحمل المسؤولية، يعني بصراحة، لا يجوز التعاطي مع هذه القضية على المستوى الرسمي وإلقاء الحمل أو العبء على دولة الرئيس الأخ الأستاذ نبيه بري أو على وزارة الخارجية، الآن باعتبار أن ـ لا تؤاخذوني على هذه العبارة ، وزير الخارجية شيعي، “فخلص هذه عندكم أنتم الشيعة”، أنظروا كيف تريدون ترتيب الموضوع، الرئيس الشيعي في السلطة أو الوزير الشيعي في السلطة هم معنيون بهذا الموضوع، أو على عاتق عائلة الإمام الصدر نفسه. هذه قضية وطنية، هذه تعني اللبنانيين جميعاً، الدولة اللبنانية، الشعب اللبناني.
في الآونة الأخيرة، لا نخفي أننا بعثنا رسائل للأخوة المسؤولين في الجمهورية الإسلامية وأيضاً طالبناهم في هذه المرحلة بالتدخل مجدداً لدى السلطات الليبية الجديدة وبذل جهد خاص ومضاعف. الدولة يجب أن تبذل جهوداً مضاعفة إضافة إلى الجهود المبذولة.
حتى لا نبقى في العموميات، اليوم يوجد اثنان موجودان، واحد في السجن في ليبيا اسمه “عبدالله السنوسسي” – حتى لا نتكلم عموميات – واحد آخر جوّال في فنادق العواصم العربية وخصوصاً الخليجية، وبدأ يعمل لدى أجهزة استخبارات عربية اسمه “موسى كوسى”، وكلاهما عملا في أجهزة المخابرات التابعة لمعمر القذافي، وكلاهما يستطيع أن يدل وأن يوصل إلى مكان الإمام، إلى مكان احتجاز الإمام. إذا نريد أن نتكلم كما نتكلم وكما نعتقد، حسناً، المسؤولون ماذا ينتظرون، هذا لا يحتاج أن ينتظر مشكلة ليبيا والنظام في ليبيا والسلطة في ليبيا كي تُحل، يوجد شخص موجود في السجن يريد من يحقق معه. حتى الآن، السلطات الليبية الحالية تحول دون ذلك.
حسناً، يوجد شخص ليس في السجن وهناك دول تدعي أنها صديقة للبنان وصديقة للشعب اللبناني، وموسى كوسى ضيفها وهي تنفق عليه وعلى فنادقه. لماذا لا يدلنا هؤلاء وننهي هذه القضية ونصل بها إلى خاتمتها السعيدة.
على كل حال، أحببت في هذا العنوان الإنساني أن أثير هذه الملفات التي أحياناً تنسى في ظل المشاغل اللبنانية التفصيلية ومشاغل المنطقة والضجيج القائم وأحياناً صراخ الزواريب في لبنان الذي لا يوصل إلى نتيجة، لأقول هذه الملفات ذات طابع إنساني وذات طابع وطني وذات طابع أخلاقي ويجب أن تتحمل الدولة في الدرجة الأولى كامل المسؤولية فيها وتحدد متابعين متخصصين يعطون كامل وقتهم لخدمة هذه القضية، وبالتالي كلنا يجب أن نكون في موقع المساعدة.
قبل أن أنتقل إلى الشأن السياسي، أختم فقط في قضية أعزاز، وأنا لا أرغب بالدخول بتفاصيل هذه القضية. وتعلمون نحن من اليوم الأول عندما قالوا إن الشباب سوف يُطلق سراحهم في بداية الخطف، وبُعثت الطائرات وجلس الناس في المطار ساعات وجلسنا نخطب ونشكر شمالاً ويميناً، من يومها ظهر شيء آخر، يعني بالتعبير العامي كلنا “انفنسنا”. نحن تجنبنا، حتى في وسائل الإعلام، أن نقارب هذا الموضوع، اعتبرنا أن العمل الضمني والجاد هو المفيد أكثر لأن طبيعة المجموعة الخاطفة هي طبيعة مجهولة، أنه من هي هذه الجهة الخاطفة، هي جهة سياسية، هي جهة نضالية – مثل ما يسمون أنفسهم – هي جهة معارضة، جهة جهادية، هي مجموعة لصوص، هي تعمل من رأسها، هي مرتبطة بجهات إقليمية، غير مفهوم. ولذلك كنا في الحقيقة قلقين دائماً على حياة وعلى أرواح هؤلاء الأعزاء، وكنا نعتبر أنه أي مقاربة قد تستغل للنيل منهم.
في كل الأحوال، أنا أيضاً أدعو القضاء اللبناني، الجهات المسؤولة في لبنان وحتى الجهات الشعبية، في مكان ما يجب لهذا الملف أن يُحفظ ويُدرس. هؤلاء الشباب، هؤلاء الناس لماذا خطفوا؟ من خطفهم؟ ما هي خلفيات الخطف؟ ما هي أهداف الخطف؟ طبعاً، آخر شيء كان اسمه تبادل وإخراج سجينات، وعد السجينات نحن أتينا به من سنة وهم لم يعودوا يسألون. يوجد شيء آخر، البعض يقول أموال والبعض يقول سجينات، لكن على الأقوى يمكن أن يكون الموضوع هو سياسي أكثر مما يتعلق بالسجينات والأموال.
في كل الأحول، هذا الموضوع نحن لا نريد أن نفتح به باب الإتهامات، لكن من حق هؤلاء الذين ظُلموا وخُطفوا ومن حق عائلاتهم ومن حق اللبنانيين جميعاً أن تتضح الحقائق في هذا الأمر وخصوصاً في الأيام الأولى، من الذي عطّل إطلاق سراحهم؟ من الذي أبقاهم ؟ وكيف انتهت الأمور إلى ما انتهت إليه؟ في مكان ما هذا العمل يجب أن يُتابع وأن يُدرس وأن لا يُترك على الإطلاق، لأنه يوجد حقوق يجب أن تُسترد ويُحافظ عليها ويوجد عبرة يجب أن تؤخذ ويستفاد منها ويوجد أقنعة يجب أن تسقط إذا كان هناك من أقنعة ومن خداع.
أنتقل إلى الشأن السياسي، وأتكلم كلمتين أيضاً وإن شاء الله لا أطيل عليكم.
اسمحوا لي أن أبدأ باختصار شديد من سوريا، أولاً لأنها شاغلة المنطقة والعالم، وثانياً لأن لما يجري في سوريا تأثيراً كبيراً جداً على ما يجري في لبنان، كل شيء عندنا في لبنان، أمنياً، اجتماعياً، انسانياً، ملف النازحين، اقتصادياً، مالياً، سياسياً، طبعاً، لأنه يوجد فريق في لبنان ربط كل شيء بانتظار ما يجري في سوريا، وعطّل كل شيء بانتظار ما يجري في سوريا، طبعاً بانتظار ما يجري بسوريا على قاعدة ماذا؟ على قاعدة أن النظام سيسقط وأن سوريا ستسقط، والبعض يعيش على أحلام العودة من مطار دمشق، ولا يريدون أن يعودوا من مطار بيروت وأن سوريا ستنتقل إلى محور آخر وجبهة أخرى مما يعزز من قوة وفرص وإمكانات هذا الفريق اللبناني لفرض شروطه بل لفرض نهجه الإقصائي والإلغائي على الساحة اللبنانية، هذه الحقيقة هي هذه الآن.
طبعاً، أنا في كل الحديث الذي سوف أتكلم به لن أدخل في (معادلة) أنتم تعطلون ونحن نعطل، أنتم تعطلون ونحن نعطل، أصبح هذا شيئاً متعباً يعني. أعتقد أن اللبنانيين ملّوا.
في نهاية المطاف، اللبنانيون هم يقدّرون وهم يحكمون، من الذي يعطّل مجلس النواب؟ من الذي يعطل جلسة حتى لحكومة تصريف الأعمال، يوجد أمور مصيرية وفوتية ولا تتحمل التأجيل أعود إليها بعد قليل، من الذي يعطل التشريع؟ من الذي يعطل طاولة الحوار؟ حتى من الذي يعطل تشكيل الحكومة؟ ملّينا من القول أنتم، نحن، أنتم، نحن، أعتقد أن هذا الموضوع قيل كل ما يمكن أن يقال فيه، والشعب اللبناني هو الذي يجب أن يحكم ويبني على حكمه وقناعته بشكل موضوعي في هذا المجال.
حسناً، بالنسبة لسوريا، خلال الأشهر القليلة الماضية حصلت تطورات كبيرة داخل سوريا وفي المنطقة وفي العالم في ما يعني الشأن السوري جعل الأمور تذهب باتجاه واضح ومحدد والذي سأتكلم عنه الآن.
بدءاً من الميدان:
ـ تطور الميدان لمصلحة الجيش العربي السوري وكل القوى الشعبية السورية التي تقف إلى جانبه.
ـ عجز الجماعات المسلحة عن تغيير ميداني أو تغيير في موازين القوى التي وضعوها شرطاً للذهاب إلى جنيف.
ـ أرجحية للنظام.
ـ صراع الجماعات المسلحة في ما بينها الذي أودى بحياة، يعني بين قتيل وجريح وأسير وسبيّة بالآلاف وتدمير العديد من المناطق، الاشتباكات القائمة في أكثر من منطقة حتى الآن.
ـ تبدل المزاج السوري الداخلي نتيجة أداء الجماعات المسلحة وسلوكها الميداني وذلك نتيجة تطورات في المنطقة وفي العالم.
ـ تبدّل في المزاج العام، في الرأي العام، سواءً في العالم العربي، في العالم الإسلامي، لدى شعوب العالم عموماً، وهذا الذي شاهدناه أثناء الأسابيع الصعبة التي عاشتها المنطقة في أجواء احتمال عدوان أميركي غربي على سوريا.
ـ عجز المعارضة عن توحيد صفوفها رغم تدخل العالم لتوحيد صفوفها سياسياً.
ـ تبرؤ الداخل من الخارج.
ـ تفكك الجبهة المناهضة نتيجة أحداث مصر وتداعيات هذه الأحداث داخلياً واقليمياً.
ـ انشغال العديد من دول هذه الجبهة بشؤنوها وتحدياتها الداخلية.
ـ سقوط فرضية العدوان العسكري الخارجي على سوريا.
ـ الصمود السياسي والشعبي والعسكري للنظام وقدرته على مواجهة التحديات بصبر وحكمة.. إلى مجموعة عوامل أخرى وصلت إلى النتيجة التالية أو الخلاصة التالية التي لا داعي بأن يكابر أحد بها الآن:
ـ لا حل عسكري في سوريا. ثمة أناس مصرّون على “دق راسهم بالجبل” ولا داعي لهذا الموضوع. الآن العالم كله ـ إلا استثناء أصل اليه بعد قليل ـ وصل إلى مكان (مفاده) أن لا حل عسكرياً في سوريا.
ـ الحل المقبول والمتاح هو الحل السياسي، والطريق إلى الحل السياسي هو الحوار السياسي بلا شروط مسبقة، والذي يضع شروطاً مسبقة يعطل الحوارـ مثل عندنا في لبنان ـ بدون شروط مسبقة العالم تذهب إلى حوار ومن خلال الحوار تصل إلى حل سياسي، واليوم الحوار السياسي والحل السياسي يستندان إلى دعم دولي وإقليمي وداخلي.
ما يقال اليوم عن جنيف ـ 2 بمعزل عن بعض الشروط وبعض التفاصيل هو في النهاية يفتح أفقاً، وأعتقد أن لبنان وكل دول المنطقة وكل شعوب المنطقة التي تأثرت حكماً، وستتأثر حكماً من الأزمة في سورياـ من بقاء هذه الأزمة تتأثر سلباً، ومن حلها تتأثر إيجاباً ـ وعلى كل صعيد، الكل يجب أن يدفع باتجاه الحل السياسي في سوريا.
طبعاً هناك دولة اقليمية ما زالت “غاضبة جداً”ـ أنا لا أريد أن أهاجم ولا أريد أن أفتح سجالاً أو اشكالاً، إنما أوصّف ولست أكشف “سراً” ـ والحرف الاول من اسم هذه الدولة الاقليمية هو المملكة العربية السعودية، معروف هذا الامر ـ هي مازالت غاضبة جداً انه “لم يمشِ الحال” في سوريا.
تم الإتيان بعشرات آلاف المقاتلين من كل أنحاء العالم، من الشيشان، من القوقاز، من بلدان العالم العربي، من العالم الاسلامي، وحتى من ألمانيا، من فرنسا، من النمسا، من بلجيكا، من بريطانيا، من نفس أميركا.. من كل انحاء العالم، مع سلاح وتمويل ويوجد كلام عن 30 مليار دولار حتى الآن، وضعط اعلامي وضغط سياسي وضغط دولي وعزل وحصار وعقوبات ووسائل إعلام وتحريض وكل شيء، يعني أستطيع أن أقول حتى هذه اللحظة أن الجبهة المقابلة التي كانت تستهدف إسقاط النظام في سوريا والسيطرة ووضع اليد على سوريا، كل ما يمكن أن تقوم به على كل صعيد قامت به “ولم يمشِ الحال”.
هذا العالم هو عالم الممكن، بالنهاية هذه الناس معنية بأن ترى كيف تداوي الجراح وتعالج الأمور، لا يمكن أن تظل المنطقة مشتعلة لأنه يوجد دولة غاضبة أو يوجد دولة تتصرف بخلفية اخرى، هي الآن تسعى إلى تعطيل أي حوار سياسي، تسعى إلى تعطيل جنيف 2، الى تأجيل جنيف 2 .
الذي تسمعونه داخل سوريا، مثال ترون كل يوم في الأخبار بأن مجموعة ألوية هؤلاء انفصلوا عن الآخرين، وهؤلاء انضموا إلى الآخرين، وهؤلاء شكلوا لواء جديداً، وهؤلاء شكلو جيشاً جديداً، أنا أسميه “ضم وفرز” أو “فك وتركيب”، الآن هذا يحصل في سوريا والجميع يخرج ليقول نحن نرفض جنيف 2، نرفض الحوار، نرفض الحل السياسي، الإئتلاف المعارضة لا يمثلنا، هؤلاء كلهم يشربون من نبع واحد، نبع أولئك الذين يريدون تعطيل الحل السياسي في سوريا.
ماذا يعني تعطيل الحل السياسي في سوريا؟ يعني المزيد من القتال، المزيد من الضحايا، المزيد من الدمار، المزيد من خراب سوريا، المزيد من التداعيات الإنسانية والأمنية والسياسية والاقتصادية على لبنان وعلى الأردن وعلى العراق وعلى تركيا وعلى كل دول المنطقة وعلى فلسطين وقضية فلسطين كما كنا نقول من اليوم الاول، وهذا يعني العناد وهوأيضاً عناد بلا أفق، بلا أفق على الإطلاق، بل أنا أقول لهم إن اغتنام فرصة الحوار أو مؤتمر الحوار الحالي أفضل لكم لأن الزمن الآتي ليس لمصلحتكم لا ميدانياً ولا داخلياً في سوريا، ولا إقليمياً ولا دولياً. بالعكس ضمن المعطيات الحالية أفضل لكم أن تذهبوا إلى حوار سياسي وإلى حل سياسي في سوريا.
وفي الحقيقة كل الذين تخفق قلوبهم للشعب السوري سواءً الذين يعيشون داخل سوريا أو النازحين خارج سوريا والذين يتألمون لكل ما يجري في سوريا، من سفك دماء وجراح وتهجير ودمار وخراب وضياع، يجب أن يوجهوا أصابع الاتهام في هذه اللحظة أكثر من أي وقت مضى إلى كل أولئك الذين يعرقلون ويعيقون ويمنعون الحوار السياسي والحل السياسي في سوريا، وهم معروفون ـ لسنا بحاجة لمعلومات خاصة ولا تنصت ولا تجسس أميركي ـ مكشوفون ومعروفون ويعلنون ذلك، وهذه المسؤولية مسؤولية “الأمة”.
منظمة التعاون الاسلامي كانت تدعو إلى حل سياسي، جامعة الدول العربية تدعو الى حل سياسي، إذا أنتم صادقون “فتفضلوا” وارفعوا عوائق الذهاب إلى حل سياسي وإلى حوار سياسي.
النتيجة ـ حتى ننقل إلى لبنان ـ في سوريا فشل الجبهة الدولية والإقليمية والداخلية التي تضافرت للسيطرة على سوريا، هذه فشلت. نقطة على أول السطر وهذه حقيقة دامغة.
الآن يعبر عنها، واحضروا بعض الفضائيات تحكي وتعبر عن هذا المعنى، وتقول هنا لم نقدر وهنا فشلنا وهنا لم نخطط بشكل جيد وهنا لم نكن نعرف ماذا نريد. كلا يا حبيبي كنتم تعرفون ماذا تريدون وخططتم بشكل جيد واستغليتم جميع الامكانيات المتاحة وفشلتم. هذه الحقيقة.
من هنا يجب الإكمال والذهاب نحو الواقعية وليس نحو العناد، والاستفادة من الأفق المفتوح من أجل “لم” ومعالجة جراح سوريا والحفاظ عليها، وإعادة بنائها واستعادة دورها، وهذه مسؤولية السوريين بالدرجة الأولى ومسؤولية العرب ومسؤولية كل شعوب ودول المنطقة.
هذه هي النتيجة، إلا اذا كانوا طبعاً شركاء الوطن فريق 14 اذار وخصوصا تيار المستقبل، إلا إذا كانت لديهم قراءة اخرى، في حال شاهدوا “منام آخر” مثلاً أو لديهم معطيات مختلفة، عندهم قراءة مختلفة للوضع الدولي، الوضع الاقليمي، أو رأوا أن الأمور ليست هكذا، هذا بحث آخر، لأن هذه حقيقةً تكون مشكلة في القراءة.
بناءً على هذه النتيجة أنا أدخل إلى الشأن اللبناني وأؤسس عليها وأقول: يا جماعة، “خلص” هذا الموضوع ضعوه جانباً، لا تؤخروا، لا تؤجلوا، بالعكس المزيد من التأخير والمزيد من الانتظار سيحسن ـ للأسف الواحد يتكلم بهذه لغة في هكذا لحظة البلد فيها معطل ـ سيحسن من ظروف ومن موقعية ومن مكانة الفريق الاخر.
عندما الحاج أبو حسن (النائب محمد عد) تكلم عن هذا الموضوع لم يكن يهددكم، كلا، كان ينصحكم ويقول: يوجد وقائع سياسية، ترى الآن نحنا قبلنا أنه تم الترتيب هكذا بصيغة 9-9-6 .. ولكن يمكن إذا تغيرت الظروف لن تقبل الناس بهذه الصيغة ولذلك اغتنموا الفرص.
لا أحد يهدد أحداً، نحن ننصح بعضنا من باب الحرص على مصلحة البلد، نحن ننصح بعض. نقول لكم الأمور في سوريا ليست هكذا، الذي يريد العودة من مطار دمشق يعني يريد أن يبقى حيث هو. الأفضل له أن يعيد النظر ويرجع من مطار بيروت. مطار بيروت مفتوح لكل اللبنانيين. مطار بيروت الدولي، مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري يرحب بكل اللبنانيين العائدين إلى لبنان. لا توجد مشكلة في هذا الموضوع. وبالتالي فلنؤجل هذا الموضوع. تعالوا نتحدث بشكل مباشر لنحمل مسؤولية.
أود أن أذكّر قبل سنتين، أكثر قليلاً أو أقل قليلاً، كنت أخطب في إحدى المناسبات في مجمع سيد الشهداء(ع) وقلت أنتم يا جماعة 14 آذار من عام 2005 حتى قبل سنتين، راهنتم في مجموعة مفاصل، خمسة مفاصل، ستة مفاصل. راهنتم في مفاصل حساسة في تاريخ لبنان منذ عام 2005 وحتى يومنا هذا، وخسرت رهاناتكم، فشلت رهاناتكم وقلت لكم حينها: الآن أنتم تراهنون على الوضع السوري وسيسقط هذا الرهان. اليوم، أقول لكم: سقط هذا الرهان. تعالوا لنتحدث لبنانياً، لنتحدث محلياً، لنضع أقدامنا على الأرض لا أن نبقى طائرين في السماء وفي الأحلام. ولننظر إلى مشكلة بلدنا وشعبنا والملفات، نبدأ من سلسلة الرتب والرواتب إلى النفط إلى الأمن إلى متعاقدي مؤسسة كهرباء لبنان، إلى الانماء، إلى السياسة، إلى قانون الانتخابات، إلى انتخابات رئاسة الجمهورية. كل الملفات متوقفة وعالقة.
أود أن أضيف شيئاً من هذ الباب، أنا قلت في بداية الكلمة، إنني لا أريد أن أدخل في سجال من يحمل المسؤولية أو من لا يحمل المسؤولية، أنا أود أن أقارب الموضوع من زاوية ثانية. اليوم لبنان بين تعطيل واسع وكامل ويقيني وموجود ـ هل أحتاج إلى استدلال على أن البلد معطل! لسنا محتاجين، هذا موجود، الكل يشعر به ـ عندما نأتي إلى هذا التعطيل العام الموجود في البلد بمعزل عن المسؤوليات يطلع المدخل لإنهاء التعطيل بحسب رأي 14 آذار ـ بحسب رأينا لا داعي لكل هذا التعطيل، ليس هناك داعٍ لربط طاولة الحوار بتشكيل الحكومة، ليس هناك داعٍ لربط عقد جلسات تشريع بتشكيل حكومة جديدة. كل هذا ليس له داعٍ، لكن نود أن نسير سوياً. عندما نسير معهم، ما هي المحصلة؟ ـ إذا أردنا أن نذهب إلى طاولة الحوار، يجب أن تشكل حكومة قبل ذلك، هكذا يريدون ويضعون هذا شرطاً. ليعود مجلس النواب للتشريع يريدون حكومة. لحل كل الملفات العالقة يريدون حكومة، يعني البلد كله معطل بحسب اعتقادهم وشروطهم ـ نريد أن نذهب إلى النقاط التي يمكن أن نتفق عليها ـ بنظرهم إن تشكيل الحكومة هو المدخل الوحيد لمواجهة التعطيل. وحتى نشكّل حكومة فريقنا يقول نحن نقبل بصيغة 9 – 9- 6 ، أنتم لا تقبلون وتقولون إعطاء هذا الفريق 9 يعني أننا نعطيه ثلثاً معطلاً، يعني الحكومة التي ستشكل يحتمل أن يحصل فيها تعطيل، لو شكلت حكومة على قاعدة 9-9-6 إلى ماذا يؤدي هذا الأمر.
ما هي النتائج التي تحصل؟ أولاً ترتاح أجواء البلد، تعود الناس وتلم على بعضها البعض. يوجد مكان نجلس وتتحدث فيه سوياً. ثانياً، نعود إلى طاولة الحوار باعتبار هذا أيضاً شرطكم. ثالثاً يعود مجلس النواب يعالج كل مشاريع واقتراحات القوانين المرتبطة بمصالح الناس وحياة الناس ، هذا أيضاً يسلك. رابعاً، كل القرارات في الحكومة التي لا تحتاج إلى ثلثي أعضاء مجلس الوزراء لا أحد يستطيع أن يعطلها لا الـ 9 في فريقنا ولا الـ 9 في فريقكم. ماذا يتبقى؟ يتبقى القرارات التي تحتاج إلى ثلثين والتي يُحتمل أن يحصل فيها تعطيل منا أو منكم ، لكن هذه القرارات يمكن مناقشتها ومعالجتها، وهذا تعطيل محتمل، وليس تعطيلاً مؤكداً وقطعياً وهذا يمكن أن يحصل ويمكن أن لا يحصل. نحن الآن، اللبنانيين جميعاً، وأنا أخاطب السياسيين والشعب اللبناني، وأخاطب الكل: نحن أمام حالتين، فرضيتين، الفرضية الأولى هي الاستمرار بالتعطيل الحالي، البلد كله معطل، بمعزل عن تحميل المسؤوليات لبعضنا البعض لأن هذا ألأمر لا يطعم خبزاً؟ الانقسام العمودي في البلد، يعني الذي يقفون في الوسط ويمكن أن يميلوا إلى هذا الاتجاه أو ذاك الاتجاه نتيجة حملة الرأي العام التي يعمل عليها قليلون جداً. يعني لو بقي فريقنا يصرخ مئة سنة أنكم تتحملون المسؤولية، وبقي فريقكم يصرخ مئة سنة بتحميلنا المسؤولية في ظل الانقسام الموجود في لبنان فلن يقدم هذا شيئاً أو يؤخر، نضيع البلد ونضيع الدولة ونضيع الناس، هذا الفرضية.
الفرضية الثانية غير ذلك، أنتم تواضعوا ونحن تواضعنا عندما قلنا إننا نقبل بـ 9، حتى لا يقول لي أحد أيضاً أنتم تواضعوا. نحن الـ 9 أقل من الحجم التمثيلي الطبيعي لقوانا السياسية. أنتم تواضعوا واقبلوا بـ 9-9-6، يعود ثلاثة أرباع البلد يعمل، وريع البلد الذي هو القرارات التي تحتاج إلى ثلثين، يحتمل أن يحصل حولها خلاف ويحتمل أن يحصل حولها تفاهم. أمام هاتين الفرضيتين، ماذا يقول العقل؟ نفضّل الاستمرار في الفرضية الأولى وبلا أفق، أو نختار الفرضية الثانية ونعمل عليها. ماذا يقول العقل؟ ماذا يقول المنطق؟ ماذا تقول الوطنية؟ ماذا يقول الاحساس بالمسؤولية تجاه الشعب اللبناني ومصيره السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي وحياته ومستقبله وخياراته وثرواته؟ تقول أن نذهب إلى الفرضية الثانية.
إذا أنتم فريق 14 آذار تتهمون فريقنا بالتعطيل، وتعتبرون أنفسكم أنكم الوطنيون والشرفاء والمخلصون للبلد، هذا البلد لا يستحق منكم التضحية قليلاً!
تقول لي أنتم ضحوا، نحن لا نريد التضحية، نحن ضحينا كفاية. ألا يستحق منكم هذا المستوى المتواضع وهذا ليس تضحية، هذا إعطاء بعض الحق لصاحب الحق عندما تشكل حكومة على قاعدة 9-9-6 بعض حق هذه القوى يعطى لها، هذا ليس تضحيةً ولا منة ولا فضل من أحد. بين الخيارين، العقل والمنطق والوطنية والمسؤولية ماذا تقول؟ تقول الخيار الثاني.
إذا انتم مصرون ففي كل الأحوال في الحد الدنى، أود وأنا أقترب من نهاية الكلام، أنا أيضاً أوجه خطاباً وأحمل المسؤولية: إذا كان لا يوجد إمكانية لتشكيل حكومة، الوزراء يقومون بتصريف أعمال، هل يجوز ولاعتبارات غير دستورية ـ غير صحيح، غير صحيح، أنتم تعطلون المجلس لاعتبارات غير دستورية، أنا أعرف أنتم في مجالسكم الخاصة تقرون وتعترفون لبعضكم البعض، ليس بقلوبكم، أن يجتمع مجلس النواب ويسن قوانين هذا دستوري ـ ولكن لأسباب سياسية لن أدخل فيها أنتم تعطلون مجلس النواب. حسناً، لماذا هذا الضغط لتعطيل الحكومة؟
هناك القضايا الفوتية الملحة التي لا تتحمل التأجيل. أنتم تعلمون أنا أقول الأمور بصراحة: وزراء الحكومة بأغلبيتهم الساحقة موافقون على أن تجتمع الحكومة وخصوصاً من أجل النفط وأنا أريد أن أضيف عليه موضوع مدينة طرابلس، الملف الأمني عموماً وموضوع طرابلس خصوصاً. الوزارء موافقون. القوى السياسية الموجودة في حكومة تصريف الأعمال على ما أعلم كلها موافقة. دولة رئيس الحكومة، يا دولة رئيس الحكومة تفضل، وهناك فخامة الرئيس. أنا حقيقةً موقف فخامة الرئيس بشكل قطعي ليس عندي تقدير واضح له. أنه موافق على الدعوة إلى جلسة من هذا النوع أم لا، لكن دولة رئيس مجلس الوزراء لماذا هو متردد؟ متردد لأن هناك ضغطاً سياسياً كبيراً منذ بداية الاستقالة وحتى اليوم، أصلاً كان هناك ضغط سياسي كبير أدى إلى الاستقالة، ويا ليت الذين استقال من أجلهم يكونون أوفياءً له يحترمونه على الأقل ولو بالديكور، بالشكل، لا يوجهون له الإهانات في كل يوم، وكلنا يعرف لماذا قدّم دولة الرئيس نجيب ميقاتي استقالته . هناك ضغط من السعودية أنه ممنوع أن تجتمع هذه الحكومة ، هناك ضغط من تيار المستقبل ومن قوى 14 آذار، وضغط على من؟ ضغط على رئيس الحكومة وضغط على رئيس الجمهورية، لكن لا أعرف ما هي مستوى الضغوط على رئيس الجمهورية، لكني أعرف أن هناك ضغطاً كبيراً على رئيس الحكومة. وفوراً يعاد إلى الموضوع الطائفي والموضوع المذهبي . يا أخي، هذا موضوع دستوري.
أنا أدعو في هذه المناسبة، أدعو فخامة الرئيس ودولة الرئيس والوزراء والقوى السياسية المشاركة في الحكومة أن تعقد جلسة حكومية وأدعو القوى السياسية خارج الحكومة أن ترحم البلد قليلاً وتوقف ضغطها وأن لا تفتح مشكلة من وراء هذا الموضوع، وهناك ملفان ملحان فوتيان لا يتحملان التأجيل على الإطلاق: الملف الأول ملف النفط.
وهنا نحن نؤيد كل دعوة للذهاب ومناقشة هذا الملف في مجلس الوزراء بلا شروط مسبقة، “كم بلوك، كلهم أو بعضهم، نصفهم ثلاثة أرباعهم” كل ذلك اتركوه جانباً ونذهب بلا شروط مسبقة وتجتمع العالم على طاولة مجلس الوزراء وتناقش هذا الموضوع.
الوقت يذهب من يد لبنان، وخيرات لبنان تُسْرَق والإسرائيلي يعمل في الليل والنهار، ونحن غارقون بعدم قدرتنا تشكيل الحكومة وغير قادرين على جمع الحكومة، هناك مصيبة حقيقية.
أنا لا أريد أن استعمل عبارات في توصيف التخلف عن القيام بهذه المسؤولية، لا أريد أن أستعمل أي عبارة، لكن في الحد الأدنى هذا تضييع لحقوق اللبنانيين ولمستقبل اللبنانيين ولأفق واعد أمام اللبنانيين وأمام الوضع المالي والإقتصادي والإجتماعي والإنمائي، هذا أولا.
ثانيا، الملف الأمني عموماً وليس فقط طرابلس، وطبعاً هي في الطليعة الآن، ما يجري في طرابلس مؤلم ومحزن لنا جميعا ولا يجوز أن يستمر بحال من الأحوال والحل الوحيد لا يحتاج كثيرا جلسات ولقاءات، بل يحتاج إلى قرار حازم من الحكومة اللبنانية وتعاون من الفعاليات والقوى السياسية والدينية والشعبية في طرابلس على تنوعها، قرار حاسم بأن يستلم الجيش اللبناني ـ وتؤازره وتساعده بقية القوى والأجهزة الأمنية ـ كامل المسؤولية عن مدينة طرابلس وعن ضواحي مدينة طرابلس، وأن يُتَاح له ويُعَان ويُسَاعَد، لا يقدر بالقوة، يجب أن يُعاون الجيش اللبناني حتى يتواجد في كل المحاور وفي كل المناطق ويأخذ كل الإجراءات، وعندما يأخذ أي إجراء، وأي تدبير يأخذه، الكل يحميه والكل يدافع عنه، لا أن تنزل العالم وتقطع الطرقات، هذا هو الحل الوحيد وهو باستدعاء الجيش اللبناني والقوى الأمنية الرسمية والتعاون معها وليس باستدعاء داعش والنصرة، داعش والنصرة تعقّد الوضع في طرابلس وتعقّد الوضع في كل لبنان. أيضا دلوني أين دخلت داعش والنصرة وجلبت الامن، وهذا النموذج في سوريا، دخلت وأتت بسلام!؟ وما شاء الله (هذا) النموذج الذي تقدمه داعش على مستوى الوضع في سوريا.
استدعاء الجيش اللبناني واستدعاء الدولة اللبنانية ومساعدتها وفتح الطرقات أمامها وتمكينها هو العلاج لموضوع طرابلس والأمن في طرابلس بالموقف السياسي الجدي والحقيقي، وليس أن نأخذ موقفاً سياسياً وعلى الأرض ندفع باتجاه التوتير والتصعيد والقتال أيضا بغطاء ديني وليس فقط بغطاء سياسي، أئمة المساجد وعلماء الدين بكل الأحياء في طرابلس سواء في التبانة وفي جبل محسن وفي بقية الأحياء، في خُطَب الجمعة وفي مساجدهم، عليهم تحريم القتال وتحريم إطلاق النار، إحترام الجيش، حرمة إطلاق النار على جنود الجيش وقوى الامن، هذا هو الحل، هذا حل لبناني وحل ذاتي وحل داخلي لكن هذا يحتاج إلى قرار سياسي كبير بحماية هذه المؤسسة المطلوب منها أن تدخل إلى هناك.
هذا الملف كان ضاغطاً في الأيام الأخيرة بسبب القتال والقنص والشهداء الذين يسقطون والضحايا والجرحى، لكن عموماً الملف الأمني في لبنان صعب وخطر، السيارات المفخخة، ملاحقة هذه الشبكات، وأنا أقول لكم إنّ الدولة تعرف عن هذه الشبكات، أجهزتها المختلفة، وتعرف عن وجود سيارات مفخخة في هذه البلدة وفي تلك البلدة وهي حتى الآن لم تحرك ساكناً ومتى ستحرك ساكناً، أي تفجير نحن ندينه في الضاحية وفي طرابلس وفي أي مكان من لبنان، والمفجرون يجب أن يعاقبوا أمام القضاء ولا غطاء سياسي لأيّ مِن هؤلاء المرتكبين، والقضاء هو الذي يجب أن يتحمل هذه المسؤولية.
لكن هذا الملف الدولة لا يمكنها أن تشتغله بالتقسيط ولا يمكنها أن تشتغله بالوقت الإضافي ولا يمكنها أن تشتغله حسب المزاج لأنّ دماء وأموال اللبنانيين في كل المناطق اللبنانية معرّضة في أي لحظة وفي أي ساعة، السيارة التي تمّ اكتشافها في المعمورة، والعبوات التي تمّ اكتشافها في حوش الحريمة في البقاع، هذا لم يكن أمراً سهلاً، صحيح أنّ الإعلام لم يتوقف عند الموضوع كثيراً، هناك سيارات مفخخة موجودة في بعض الأماكن الآن في لبنان، الدولة معنية، ولكي لا نأخذ بعضنا في الإعلام ليجتمع مجلس الوزراء، فلتخرج العالم وتقول أين وكيف وبالأسماء وبالأماكن، وليس بعد أن تطلع المتفجرة نرى من فجّر ونحوّل على القضاء ونحاسب، المسؤولية الوطنية تفترض منع حصول التفجير والقيام بكل الخطوات والإجراءات الحاسمة لمنع حصول تفجير في أي منطقة وفي أي مكان في لبنان.
هذان الملفان لا يتحملان التأجيل والتأخير ضمن أي منطق عقلي ديني شرعي أخلاقي وطني دستوري، وأنا أقول لكم إنّ المانع هو مانع سياسي فقط والمانع هو الحسابات السياسية والخصومات السياسية.
نحن في هذه المناسبة التي نحيي فيها تضحيات وعطاءات وتطور مؤسسة إنسانية راقية كفيلة وهمها وغمها خدمة الإنسان في صحته وفي نفسيته وفي معنوياته وفي سعادته، أن تقدم له العون والمساعدة، نتمنّى أنّ نقيم مؤسسة إنسانية على مستوى الوطن ككل لنُخرج وطننا وشعبنا ودولتنا ومؤسساتنا وكل ما عندنا من المرض والخصومة والفراغ والخلل والأخطار التي تتهدد هذا البلد ووجوده.
اليوم ليس فقط الوجود المسيحي مهدد يا إخوان بالشرق، من حق المسيحيين أن يقلقوا ويخافوا وأن يعقدوا المؤتمرات، اليوم شعوب المنطقة كلها مهددة، المسلمون والمسيحيون مهددون، أتباع الديانات وأتباع المذاهب كلهم مهددون، السنة قبل الشيعة والمسلمون قبل المسيحيين، والدروز وبقية الطوائف أتباع المذاهب.
المنطقة تذهب الآن إلى المزيد من الفوضى وإلى مزيد من الصراع وإلى مزيد من الضياع وإلى مزيد من الأحقاد، ماذا علينا أن نفعل لننقذ المريض عندما يكون بهذه الحالة ـ والأطباء يعرفون أكثر منّا ـ يقولون فورا إلى الطوارئ، إلى العناية الفائقة، هل نتصرف بعقلية ومشاعر أن بلدنا يحتاج إلى طوارئ وإلى عناية فائقة؟ ونحن نستطيع أن ننقذ هذا البلد وأن نعبر به هذه المرحلة الصعبة.
وفقكم الله وأيّدكم الله وأعزّكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.