السيد نصرالله: تثبيت ميزان الردع مع إسرائيل الخائفة
موقع الخنادق:
دائماً ما تكون خطابات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، غنية بالمواقف وتفاصيل وأسرار ما يجري من أحداث، وما سيترتب عليها من نتائج مستقبلية. لكن خطاب السبت في ذكرى انتصار حرب تموز عام 2006، كان منتظراً بشكل كبير، من قبل اللبنانيين ومن قبل الكثيرين في الخارج، وعلى رأسهم كيان الاحتلال الإسرائيلي، الذي نقلت وسائل إعلامه كلمة السيد نصر الله بشكل مباشر. فهذا الخطاب جاء بعد غياب السيد نصر الله لحوالي شهر تقريبا، الذي شهد عدة أحداث بالغة الأهمية والحساسية، إن في الداخل اللبناني (مجزرة خلدة – إحياء ذكرى 4 آب)، أو على صعيد المواجهة الأخيرة مع كيان الاحتلال (رد المقاومة على الغارات الإسرائيلي، وما تبعها من أحداث في بلدة شويا).
وعليه فإن الإضاءة على أبرز ما جاء في الخطاب، ومحاولة قراءة ما بين السطور، ستساعد في فهم أبعاد مواقف الحزب الأخيرة من جهة، كما ستساعد في توقع ما قد تؤول إليه الأوضاع في الأيام والفترة المقبلة.
وانقسمت فقرات الخطاب على جزئين، الأول فيما يتعلق بالمواجهة مع “إسرائيل”، من خلال استعراض أهم عبر انتصار حرب تموز، والتي انتقل السيد نصر الله من خلالها، ليشرح تفاصيل عملية رد المقاومة عبر إطلاق الصواريخ نهار الجمعة الماضي.
ومن أهم ما ورد في هذا الجزء
_ على صعيد انتصار تموز:
1) أن أهم إنجاز تاريخي واستراتيجي حققته المقاومة بعد الانتصار، هو إيجاد ميزان ردع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي. فلبنان تحول بفضل هذا الميزان من مسرح عمليات لسلاح الجو الإسرائيلي، لا وجود لمن يردعه عن تنفيذ اعتداءاته، إلى بلد لم تنفذ فيه غارة جوية واحدة طيلة ال 15 عاماً. والذي منع حصول هذه الاعتداءات، هو الخشية الإسرائيلية من وقوع مواجهة كبيرة مع المقاومة، التي ستؤثر بتداعياتها على جبهة الكيان الداخلية وجيشها. لافتاً إلى أن الجيش بات خائفاً على وجوده.
وهذا ما عبرت عنه صحيفة “يديعوت أحرنوت” اليوم الأحد بالقول: “قيل لنا أن حزب الله مردوع عن مهاجمة الحدود، هذا الكلام لا يجب أن يسمعه رئيس الحكومة “بينيت” لأنه يعلم أن “إسرائيل” مردوعة عن تنفيذ عمل في لبنان، والأمثلة على ذلك كثيرة منها: إخلاء الجيش عناصره عن الحدود المرة الماضية، وإرسال مجسمات وهمية ليتم ضربها.”
كما لفت السيد نصر الله إلى موضوع بالغ الأهمية، وهو تقلص عمليات الاستطلاع الجوي الإسرائيلي مؤخراً، واعداً بالتطرق الى هذا الموضوع بالتفصيل لاحقاً.
2) القضية المركزية لكيان الاحتلال قبل وبعد عام 2006، هي مسألة تطور سلاح المقاومة في لبنان، لافتاً إلى أن بعض الغارات “الإسرائيلية” على سوريا، هدفها لمنع حصول هذا التطور، لكنها لم تصل إلى شيء من هدفها. حيث تعاظمت قدرات المقاومة الصاروخية النوعية، وصولاً لامتلاكها أعداداً كبيرة من الصواريخ الدقيقة.
3) بعض الجهات في لبنان تساعد “إسرائيل” بعلم أو بدونه، على تحقيق هدف بنزع سلاح المقاومة.
وهذا ما يفسر حجم الاستهداف الداخلي الكبير ضد المقاومة، واستغلال أي حدث للتصويب عليها، وذلك بتوجيه أمريكي مباشر وبدعم من الدول التابعة لها.
_ على صعيد عملية الرد:
1) الإشارة الى أن الغارات الإسرائيلية التي حصلت قبيل فجر الخميس، كان تطوراً خطيراً جداً. لذلك كان على المقاومة أن تنفذ رداً مناسباً ومتناسباً.
2) التمييز بين ردود المقاومة لناحية عامل الزمن، فمنها ما يكون لسرعة الرد دور جوهري فيها، ومنها ما يعطي المقاومة هامشاً زمنياً يمكنها انتخاب الأهداف المناسبة.
وهذه النقطة بالتحديد، تتيح للمتابعين ومناصري المقاومة فهم طريقة تفكير القيادة، ومعرفة أسباب تأخر بعض العمليات، ومنها عمليتي “القصاص” للشهيدين علي محسن ومحمد طحان.
3) تم اختيار أراض مفتوحة في مزارع شبعا لتكون منطقة الاستهداف، ولتكون عملية الرد محسوبة تثبت قواعد الاشتباك القديمة، وهي: “أي غارة جويّة لسلاح الجو الإسرائيلي على لبنان، سيتم الردّ عليها حتمًا بشكل مناسب ومتناسب”، الذي لن يكون محصوراً بمنطقة مزارع شبعا المحالة فقط، بل يمكن أن يستهدف أي مناطق مفتوحة في شمال فلسطين المحتلة.
4) دعوة العدو الى عدم الوقوع في خطأ التقدير، لناحية ان المقاومة لن تقوم بالرد بسبب الأوضاع الداخلية، أو الأهم الخطأ في تقدير موقف بيئة المقاومة الحاضنة، التي تمتلك موقفاً صلباً داعماً لها.
5) المقاومة لن تضحي بالإنجازات السابقة مهما بلغت التضحيات.
6) أن أكبر حماقة يرتكبها العدو هو شن حرب جديدة على لبنان.
وتتقاطع هذه الجملة مع العديد من تصريحات القياديين في المحور، ما يوحي ربما أن المعادلة الإقليمية قد تشمل لبنان أيضاً.
_أما بالنسبة لحادثة شويا:
1) حادثة الاعتداء على المقاومين والراجمة، هي مشينة ولها دلالات خطيرة.
2) المقاومون تميزوا بالانضباطية العالية لناحية عدم استخدام أسلحتهم من جهة، ولناحية تنفيذ الأوامر العسكرية بدقة.
3) موقع الأرض المستهدفة بالرد، هو الذي حدد مكان إطلاق الصواريخ، ولا يتعلق بأي أمر آخر.
4) الإشارة الى أن الذين اعتدوا على المقاومين هم “من عالم آخر”، ويجب أن تحقق الأجهزة الأمنية معهم، وأن يحاكموا أمام القضاء.
5) التنويه بأهالي البلدة الذين رفضوا ما حصل، وقاموا بحماية قسم من مجموعة المقاومين. كما التنويه بكل المواقف الأهلية والسياسية والدينية، التي نددت بما حصل.
6) التأكيد على جمهور المقاومة، ألا يتم التعرض لأهالي شويا أو أي فرد من طائفة الموحدين الدروز، وفق مبدأ “لا تزر وازرة وزر أخرى”.
أما في الجزء الثاني من الخطاب، فتناول السيد نصر الله أهم المواضيع الداخلية المستجدة:
_ذكرى انفجار مرفأ بيروت في 4 آب:
1) تعاطى حزب الله مع الكارثة منذ البداية، على قاعدة تضميد الجراح واستيعاب الخسائر. لكن الاستثمار السياسي بدأ منذ اللحظات الأولى، بتوجيه وتمويل أمريكي وسعودي. حيث قامت وسائل إعلام محلية وعربية وأحزاب وشخصيات، بشن سلسة من الأكاذيب والتضليل التي لا هدف لها سوى التشويه والابتزاز وتضييع الحقيقة، من خلال:
أولاً: اتهام المقاومة بتخزين الصواريخ في العنبر، الأمري الذي سبب بالانفجار. وهذا الذي نفته تحقيقات جميع الجهات الأمنية الداخلية والخارجية.
ثانياً: بعد سقوط الادعاء الأول، الذهاب لتحميل الحزب المسؤولية عن تخزين النيترات في المرفأ.
ولفت السيد نصر الله، أن الحزب لو أراد التوظيف، لكان قد قال بأن من أتى بالنيترات هي الجهات الداعمة للجماعات المسلحة بسوريا.
2) التوجه لأهالي شهداء المرفأ بأن يعرفوا من هو خصمهم الذي أساء لقضيتهم ووظفها سياسياً، والذي حول المأساة من ذات بعد وطني إلى بعد طائفي انتهازي. والطلب منهم التوجه إلى القاضي بيطار وسؤاله عن سبب الانفجار.
3) أن الحزب يخشى من تضييع الحقيقة، لذلك على القضاء واجب إعلان نتائج التحقيق الفني والتقني. بالإضافة الى أن الحزب لا يخشى التحقيق، لأنه غير متهم.
4) أن التحقيق القضائي في قضية الانفجار مسيّس ويخضع للاستنسابية ولا يعتمد على وحدة المعايير.
_مجزرة خلدة:
1) إعلان ما حصل في خلدة مجزرة وليس حادثة، لأن كل عمليات إطلاق النار كان هدفها القتل، والذي قام بهذه المجزرة هم عصابة من المجرمين والقتلة.
2) اتخاذ حزب الله للموقف صبور، هو نابع من الحكمة والمسؤولية وليس من الضعف.
3) التنويه ببيئة المقاومة على انضباطها والتزامها على كل المستويات.
4) تحديد المطلوب وهو توقيف جميع المتورطين في ارتكاب المجزرة خلدة بأسرع وقت وإحالتهم إلى القضاء. بالإضافة إلى إيجاد حل جذري لمسألة الاعتداء على الناس، وقطع طريق الجنوب عبر اعتقال المجموعات التي تهدد السلم الأهلي والتي تصر على قطع الطريق.
5) حصر المشكلة مع هذه المجموعات الإجرامية، وأنها ليست مع عرب خلدة والعشائر العربية.
6) التأكيد على أن الحزب والسيد شخصياً، يتابعون القضية بدقة وبشكل حثيث ويومي، بانتظار الى أين ستصل النتائج، وعندها لكل حادث حديث.
_ أما في الموضوع الحكومي، فكشف السيد نصر الله أن الحزب ينتظر كما الجميع نتائج المحادثات، بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي.