السماء الزّرقاء… والخطوط المنفلشة
موقع الانتقاد الإخباري ـ 16/11/2011 ـ
محمود ريّا:
لا يزور أحد من المسؤولين الجنوب، وإذا ذهب إلى هناك لسبب ما ،فإنه لا ينظر إلى “فوق”.
“فوق”، خطوط بيضاء تغطي السماء الزرقاء، تذهب بلونها وتحيلها إلى ما يشبه البساط الملوّن بمختلف النقشات والرسمات.
“فوق”، طائرات تعبر الأجواء، لا أحد يدري ما تفعل، لأن لا أحد يسأل، ولا أحد يسأل لأن لا أحد يهتم.
في يوم صافٍ، تعكّر طائرات العدو هذا الصفاء، تحوك على هواها ما تهوى من خطوط، بالطول، بالعرض، فوق صور مع العودة إلى فلسطين، فوق صيدا، وربما إلى بيروت وأبعد. لِمَ لا.. فمن يمنع، ومن يوقف، بل من يستنكر ويحتج؟
طائرات العدو الصهيوني تتحرك بحرية، يراقبها الساكن أرض الجنوب وهي تنتهك سماءه، فلا يملك إلا أن يقول بئس هذا العالم الذي نعيشه، بئس المنظمات الدولية التي تدّعي العمل على حفظ الأمن و السلام الدوليين، بئس دولة لا تنظر الى الجنوب، ولا تنظر من هناك إلى “فوق”.
أي قانون دولي يسمح لطائرات العدو بتلويث أجوائنا، أي “شرعة حقوق إنسان” تعطي الصهاينة حق تصوير كل بقعة في أرضنا، من دون أن يكون لهذا الفعل رد فعل، يوازيه في القوة ويعاكسه في الاتجاه.
لماذا علينا أن نصمت ونحن نرى الفعل الصهيوني الشائن، بينما يقوم العالم ولا يقعد إذا حصل، لسبب ما وفي مكان ما، أمر يعكّر خاطر الصهيوني أو يزعجه؟
لماذا لا يقيم مسؤولونا العالم ولا يقعدونه عند قيام طائرات العدو باستباحة سمائنا كل يوم وفي كل اتجاه؟
لماذا لا يكون هذا الموضوع بنداً دائماً على جدول أعمال مجلس الامن الدولي المهتم كثيراً بشؤون هذا البلد العربي أو ذاك، بينما هو يغيب تماماً عن الاهتمام بشؤون الاعتداءات الصهيونية على أرضنا وفي سمائنا؟
من يصمت أمام هذا الفعل الإجرامي قد يكون مشاركاً فيه، لأنه يسمح له بالتكرار، دون رادع، ودون رقيب أو حسيب.
مقرف منظر الخطوط البيضاء التي تتركها الطائرات الصهيونية في سماء الجنوب، ويصبح مقرفاً أكثر عندما تنفك هذه الخطوط، فتحوّل السماء الزرقاء ـ لمن يهتم بالسماء الزرقاء ـ إلى غير لونها وإلى غير هيئتها الأصلية.
من يتحرك ليعيد لسمائنا صفاءها، من يصرخ ليضع حداً لهذه الاعتداءات؟!.