السلطة أكلت الأخضر واليابس.. وتباكٍ خبيث على موت الفقراء
موقع العهد الإخباري-
د. محمود جباعي:
على وقع تحليق الدولار في السوق الموازي باتت الكوارث المعيشية والأزمات الاجتماعية تلاحق شرائح المجتمع المختلفة وبالأخص الطبقتين الوسطى والفقيرة، والسلطة بأحزابها الحاكمة منذ أكثر من 30 عامًا تتفرج وتتذاكى بالتباكي الخبيث على المواطن الجائع والخائف والقلق الذي يعاني الويلات في وطن ليس بوطن بل مزرعة تحكمها ذئاب لا ضمير عندهم يرتجى ولا رحمة في قلوبهم تنفع. هؤلاء فقط يجيدون السرقة والنصب وهدر مال الدولة على ملذاتهم وأطماعهم الشخصية.
ثلة حاكمة امتهنت الفساد والمحسوبيات والسمسرات في مختلف قطاعات الدولة حتى أصبح لبنان بلداً منهوباً بامتياز، كيف لا وأموالهم في الخارج تنتشر كما الاغتراب في معظم بنوك الارض، أموال بملايين الدولارات وأكثر يمتلكها هؤلاء ويكتنزونها مما كسبت أيديهم بغير عرق جبين بل بسرقات منظمة حصلوا عليها من المحاصصة المقيتة على حساب مستقبل ابنائنا الذي أصبح بخطر كما حاضرنا المشؤوم المحكوم بقوى الفساد التي تمسك رقابنا من دون رحمة ولا رأفة. فلا صوت يصدر منهم ولا حتى اجراء واحد يساهم في ضبط الأمور، بل الكل يغني على ليلاه، يعيشون الواقع بانكار ويفكرون فقط كيف يورثون المراكز لأبنائهم وحاشيتهم حتى لو أطبقت السماء على الارض فلا موت الفقير يعنيهم ولا ضياع حلم الشباب يهمهم ولا غياب الأفق يهز ضمائرهم الميتة.
الغلاء المعيشي يواصل سحق بيوت الفقراء
بعد ارتفاع سعر صرف الدولار ليتخطى 25 ألف ليرة للدولار الواحد ومع ترشحه للارتفاع أكثر بظل صمت المسؤولين عن السياسات المالية والنقدية فإن الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وكذلك الارتفاع المستمر في أسعار المحروقات جعل المواطن يقف عاجزاً امام كل ما يمر به من عوز واذلال.
جميع أصحاب المواد الاستهلاكية والسوبرماركت سيرفعون حتماً الأسعار من جديد علماً أنهم في الأساس يرفعون السعر حتى عند انخفاض سعر صرف الدولار دون حسيب او رقيب. فوزير الاقتصاد اصبح متخصصا فقط في تسعير ربطة الخيز وزيادة سعرها اسبوعياً مع انقاص وزنها متناسيا معاليه ان لديه مهام عديدة متعلقة بضبط الاسعار ومراقبة آلية التسعير عليه ان يقوم بها ولكن حاله كحال حكومته البتراء يتفرج معها على اعدام فئة من المجتمع اوصلتها القوى التي سمته وزيراً مع اصدقائها من القوى الاخرى الى هذه الحالة التعيسة.
أصحاب الدخل المحدود أصبحوا طبقة فقيرة معدومة والطبقة الوسطى تتقاضى حالياً بين 3 ملايين الى 4 ملايين ليرة شهرياً لا تكفيهم لسد نصف حاجات أسرهم. علماً أن أي أسرة تحتاج لتعيش اليوم حياة عادية جداً الى 8 ملايين ليرة شهرياً ولكي تعيش أي اسرة بكرامتها تحتاج من 10 الى 12 مليون ليرة شهرياً. ويمكن بحسبة بسيطة تقسيم احتياجات الأسرة وفق ما يلي:
1-السلة الغذائية العادية تقدر بما بين 3500000 ليرة و4000000 ليرة شهرياً.
2- ثمن صفائح بنزين تتراوح بين 1500000 و 2000000 ليرة كحد ادنى.
3- فاتورة اشتراك للمولدات الخاصة تتراوح بين 1200000 و1500000 ليرة شهرياً.
4- فاتورة ادوية للامراض العادية فقط تتراوح بين 500 الف و700 الف شهرياً.
5- ثمن قارورة غاز واحدة 300000 ليرة.
6- أقساط مدارس تتراوح بين 500 الف و700 الف شهرياً للولد الواحد.
7- كلفة باص نقل مدرسي مع مصروف يومي لتلميذ واحد تتراوح بين 600 ألف و700 الف ليرة.
الأزمة الاقتصادية والمالية تتفاقم بفعل سياسات ممنهجة والوضع المعيشي يزداد سوءاً ودماراً والمواطن لا حول له ولا قوة. لذلك وجب على القوى السياسية التوقف عن تدمير ما تبقى من سبل للحياة في هذا البلد لأن المرحلة أصبحت تنذر بانفجار جماعي يراه أصحاب السلطة بعيداً بفعل سياسات الترويض المتبعة ونراه قريباً بفعل أن كل مقومات الحياة أصبحت صعبة المنال بالنسبة لأكثر من نصف الشعب اللبناني.