“السفير”: محاولة مسيحية لثني الراعي عن زيارة الأراضي المحتلة
بقيت الزيارة المرتقبة للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي للأراضي المحتلة ضمن الوفد المرافق للبابا، موضع تفاعل، وسط تنامي الاعتراضات عليها، خصوصاً من قبل بعض الدوائر المسيحية، فيما تردد ان هناك أفكاراً قد تطرح على الراعي بعد عودته من الخارج، لإيجاد “مخارج” او حلول وسطية، توفق بين إصراره على مرافقة البابا وبين محاذير زيارته الى فلسطين المحتلة.
وإذا كانت الكنيسة المارونية تؤكد أن الراعي لن يقع في فخ التطبيع مع إسرائيل، فإن المعترضين يعتبرون ان الطابع الرعوي للزيارة لا يخفف من مخاطرها التطبيعية.
وعلمت “السفير” أن شخصيات مسيحية، نيابية وسياسية، ستزور البطريرك الراعي، بعيداً عن الأضواء، بعد عودته من الخارج، في محاولة لثنيه عن المضي في زيارته المقررة الى فلسطين المحتلة، ضمن الوفد المرافق للبابا.
كما عُلم ان هناك اتجاهاً لزيارة السفير البابوي في لبنان، لشرح حساسية الوضع اللبناني، والتنبيه الى التداعيات التي يمكن ان تتركها رحلة الراعي الى الأراضي المحتلة، على الداخل اللبناني.
وفي المعلومات، ان هناك اعتراضاً على الزيارة في صفوف عدد من المطارنة الموارنة، لا سيما ان زيارة الراعي تقررت بشكل مفاجئ ولم يحصل نقاش حقيقي، داخل بكركي، حولها.
وقالت مصادر مسيحية لـ”السفير” إن المطارنة المعترضين يملكون هامشاً أوسع من الآخرين لمحاولة التأثير على الراعي، لأن السياسيين الرافضين او المتحمسين للزيارة، لديهم حساباتهم ومصالحهم التي قد تجعل البطريرك لا يأخذ بآرائهم، في حين ان الضغط من داخل الكنيسة هو أفعل، وإن يكن من الصعب توقع إقناع البطريرك بالعدول عن رأيه، معتبرة ان خطوته، اذا تمت، ستجعله يخسر الكثير من الرصيد الوطني الذي صنعه.
ورأت المصادر ان زيارة الراعي لإسرائيل هي خطأ، ولو كانت رعوية، لأنه لا يستطيع أن يضمن مسارها، أو ان يتحكم بسلوك إسرائيل التي قد تستغل وجوده، سياسياً وإعلامياً، لخدمة مصالحها وتلميع صورتها، متسائلة عن المكاسب التي سيجنيها البطريرك او المسيحيون من هذه الزيارة.
ولفتت المصادر المسيحية الانتباه الى انه لم يسبق لبطريرك ماروني أن رافق أي بابا في رحلته الى فلسطين المحتلة، علماً أن هذه الرحلات تعددت في الماضي، والبطريرك السابق نصرالله صفير كان قد رفض المشاركة في إحداها، مشيرة الى انه بإمكان الراعي الانطلاق من هذه الحقيقة لتجنب مرافقة البابا في رحلته.
ونبهت المصادر الى أن خطوة الراعي ترتب مخاطر على الوجود المسيحي في الشرق، في لحظة يتعاظم فيها الاستهداف لهذا الوجود على مستوى المنطقة ككل، محذرة من أن زيارة فلسطين المحتلة قد تستخدمها بعض الاتجاهات التكفيرية كذريعة او تبرير لمزيد من الاستهداف للمسيحيين.
وفيما أكد البطريرك الماروني انه يعرف حدوده وأن لبنان يعتبر اسرائيل دولة عدوة، معتبراً أن جزءاً من اللبنانيين يطلقون انتقادات من دون معنى، أكدت اوساط بكركي لـ”السفير” أن الراعي “لن يقع في الفخ”.
واستغربت هذه الأوساط كل هذا “الغبار” المرافق للزيارة، مؤكدة انه “ليس كل من يذهب الى الأراضي المقدسة يقول لإسرائيل مبروك احتلالك لفلسطين”. ولفتت الانتباه الى انه عندما يدعى البابا الى المنطقة، يصبح استقباله واجباً وليس اقتراحاً، علماً أن البطريرك كاردينال ايضاً، ما يضاعف واجباته تجاه رأس الفاتيكان، فلا يرسل له من يمثله وإنما يذهب شخصياً لاستقباله في قلب الشرق.
وشددت الأوساط على “ان البطريرك ليس دولة، ولا يتمتع بأي هوية سياسية، ويتوجه الى القدس كرجل دين مسيحي”. وأكدت ان “البطريرك لن يتعاطى، لا من قريب ولا من بعيد، مع الطاقم الاسرائيلي”، مؤكدة انه “جرى تنسيق كل الامور مع الكنيسة اللاتينية هناك ومع مطران الموارنة في حيفا والاراضي المقدسة موسى الحاج”.