السعودية وجيش الانقاذ.. والبحث عن بطولات وهمية
موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم ـ عضو اتحاد كتاب وصحافيي فلسطين:
نشرت صحيفة الشرق الاوسط السعودية بتاريخ 16- 4-2015 تحقيقا للزميل بدر الخريف في الصفحه الثامنة تحت عنوان: الجيش السعودي ـ مشاركات بطولية من “حرب فلسطين”، يستقرأ فيه التاريخ ويسجل دور السعودية العسكري والمادي في نصرة الشرعية! حسب الصحيفة ويعرض فيه لكتاب المستشار السعودي محمد بن ناصر الياسر الأسمري الذي يحمل عنوان “الجيش السعودي في حرب فلسطين 1948 الطبعة الثانيه 2015 والطبعة الاولى 1998 .
يقول الخريف: بدأ المؤلف الاسمري كتابه بمقدمة قال فيها “كنت مشغول الذهن والوجدان بقضية فلسطين سنوات طفولتي وشبابي فقد ولدت في عام النكبه 1947 وتنامت مشاعري خلال مراحل العمر مما كنت أسمعه من والدي الراحل وغيره من الضباط السعوديين، وقد قرأت عن حروب فلسطين قراءات كثيرة فوجدت تطابقاً إلى حد ما مع أغلب ما سمعت من حكايات، سواء من أبي أو الضباط الذين شاركوا في حرب فلسطين، وكنت أسمع التأوهات وألاحظ تعبيرات الالم الطافح على المحيا، حكايات عن المناوشات الجانبية بين بعض قادة السرايا العربية في جبهات القتال على أشياء صغيرة كرفع علم الدولة من قبل الجيش، مما أوجد شواغل عن الهدف الأسمى وهو انقاذ فلسطين”. ويضيف: “كما كان حال الشكوى من فساد الخطط والتخطيط للحرب على كل الجبهات”. وحول دوافعه لتأليف الكتاب يقول الأسمري في صحيفة الشرق الاوسط “هناك دوافع كثيره أهمها قلة الكتابات”!! ويتابع جازما “بل ندرتها والتوثيق التاريخي لمشاركة الجيش السعودي”. وعن المشاركة الميدانية يقول الأسمري في كتابه: “لقد باشرت القوات السعوديه القتال جنباً إلى جنب مع القوات المصرية في قطاع غزه بقيادة القائمقام سعيد الكردي وتقدمت ثلاث فصائل من الجناح الأيمن ودخلت حتى مسافة 50 ياردة من الأسلاك الشائكة المحيطة بالمستعمرة لتلتقي القوات المصرية الأمامية وجناحها الأيسر، ودمرت بئراً وانسحبت قوات اليهود من مواقع أخرى لمواجهة القوات السعودية، وحصل خلل في الميمنة أدى إلى تراجع وانسحاب بأمر القيادة”، وأضاف “ما يثير الإعجاب بالمقدرة القتالية للجيش السعودي ليس فقط الروح القتالية والحماسية والشجاعة والبطوله والنصر التي قابلها في أغلب المعارك التي خاضوها”؟!
نكتفي بهذا القدر من التهيؤات ولنذهب إلى الموسوعة الحرة ودعونا نبحث عن سعيد الكردي، هذه الشخصية الحقيقية، ولكنه كان برتبة عقيد والتحق بجيش الإنقاذ العربي بصفة متطوع.
في لمحة سريعة نجد أن جيش الانقاذ أنشئ في أوائل كانون الأول من العام 1947 من خليط المتطوعين العرب (سوريين ـ لبنانيين ـ عراقيين ـ أردنيين ـ مصريين ـ سودانيين ـ يمنيين ـ سعوديين) فضلاً عن عدد من المتطوعين الأتراك والألمان والإنكليز واليوغسلاف لا تزال أضرحتهم في مقبرة بنت جبيل لليوم، وعُهد بقيادته إلى اللواء اسماعيل صفوت وخلفه فيما بعد فوز الدين القاوقجي.
وتشكلت القوة السعودية التي وصلت إلى فلسطين من عدد من سرايا المشاة بلغ أجمالي أفرادها 756 ضابطاً وجندياً وانضم إليهم 200 من المتطوعين السعوديين، وأسندت قيادة هذه القوة إلى العقيد سعيد عبد الله الكردي وضمت تلك السرايا على كتائب المشاة المصرية.
إذاً، هم متطوعون وليسوا فرقة من الجيش أرسلت للمشاركة في القتال بأوامر ملكية كما يحاول الإيحاء دائما السيد الأسمري، وهناك تناقض واضح وصريح بين المناوشات التي كانت تحصل كما قال والانسحاب بأوامر قيادية والانتصارات والبطولات والتأوهات والألم الطافح.
كان لنا زميلة (ح.ب) من مخيم شاتيلا، هاجرت بفعل الحرب إلى أوروبا، وهناك تابعت العمل الإعلامي والاجتماعي الداعم للقضية الفلسطينية، وهي ناجحة جداً، ولهذا لفتت نظر الملحقية الثقافية السعودية. وتم الاتصال بها وبالفعل جرى اللقاء مع الموظف المعني وكان العرض التالي: “نغطي كامل تكاليف إعداد وتأليف كتاب عن حرب المخيمات الفلسطينية”.
وهنا، تقول الزميلة: “لم أتمالك نفسي من السعاده لدرجة شعرت أن الكتاب بات في مكتبتي لحظة الوصول إلى منزلي. بعد اللقاء كنت عازمة على العمل ليل نهار لتحقيق الحلم الذي راودني من سنوات وسنوات”. وتتابع الزميلة المهنية الصادقة: اتفقنا على موعد جديد لاطلاع الموظف على تبويب الكتاب والعناوين الرئيسية فيه، وجرى اللقاء بسرعة الضوء، وكانت المفاجأة الصاعقة أنه طُلب مني كتابة التالي: “إن من قام بالمجازر بحق الفلسطينيين منذ العام 82 هو حزب الله اللبناني”. وللحقيقة والأمانة رفضت الزميلة المناضلة العرض المغري جداً جداً مادياً.
وهنا أيضاً يحضرني حديث والدي (مواليد العام 1904) وجدتي لأمي (مواليد العام 1890) اللذين أكدا أن جيش الانقاذ جاء لانقاذ اليهود وتسليم فلسطين. قال والدي إنه رأى بأم عينه يهوداً عرباً يرتدون لباساً عربياً خاصاً بما يسمى جيش الانقاذ ويطلبون إخلاء المنازل للقتال من منزل إلى منزل ومن حي إلى حي ومن منطقة إلى منطقة، وهكذا طار أهل البلد وحط مكانهم المستجلبون اليهود بعد الاتفاقية الانسانية (!) بين الأمير فيصل بن الحسين ممثل المملكة العربية الحجازية والقائم بالعمل نيابة عنها والدكتور حاييم وايزمن ممثل المنظمة الصهيونية والقائم بالعمل نيابة عنها عام 1919 والتي بموجبها تعهد الفريقان بتقديم “أوفى الضمانات لتنفيذ وعد الحكومة البريطانية المؤزخ في اليوم الثاني من شهر نوفمبر سنة 1917” (وعد بلفور).
بالختام أسال الزميل الخريف سؤالاً أفترض أنه غيّب عنه عمداً: بماذا سنملأ المدة الزمنية من العام 47 وحرب فلسطين لغاية العام 2015 وحرب اليمن؟ وهل ستتكرر التأوهات ومفردات “لا أوامر” و”ماكو أوامر” وخلل ما في الميمنة أو الميسرة؟
في زمن البطولات الزائفة يبحث المستشارون عن بطولات تاريخية تحتاج للمصداقية المفقودة.
جيش الانقاذ في سطور
جيش الإنقاذ جيش شكل عام 1947 من قبل اللجنة العسكرية للجامعة العربية من المتطوعين من البلدان العربية، شارك الجيش في حرب 1948 وكان الجيش قد أطلق عليه في البداية اسم جيش التحرير ثم غيّر الاسم إلى جيش الإنقاذ
وقد ضم الجيش حوالي 3,830 متطوعاً مسجلاً في وثائق الجامعة العربية وقد أنطيت قيادة الجيش بالضابط فوزي القاوقجي كقائد أعلى لوحدات جيش الإنقاذ.
وتكونت وحدات جيش الإنقاذ من لوائين في ثمانية أفواج:
. فوج اليرموك الأول: وتكون من ثلاث سرايا بمجموع 500 فرد.
. فوج اليرموك الثاني: وتكون ثلاث سرايا بمجموع 430 فرد.
. فوج اليرموك الثالث: وتكون من سريتين 250 فرد.
·. فوج حطين: ثلاث سرايا وعدد الأفرادها 500.
. فوج الحسين (الفوج العراقي): ثلاث سرايا وعدد الأفراد 500.
. فوج جبل الدروز: وتكون من ثلاث سرايا بلغ عدد أفرادها 500.
. فوج القادسية: وتكون من ثلاث سرايا بلغ عدد أفرادها 450.
إضافة لأربع سرايا مستقلة غير تابعة لأي فوج، عدد أفرادها حوالي 450 فرد.
زيدت فيما بعد قواته لتصل إلى 7,700 منهم 5,200 من مختلف البلاد العربية وبعض الأجانب، ونحو 2500 من مجاهدي فلسطين.