السعودية قوّة عُظمـى… فاشلة
الرياض تتحدّى رهان نصر الله.. “السعودية ترفض خسارة صغيرة و تراهن على هزيمة كبيرة”، هذا ما قاله سماحة السيد قبل أيام، وهو يلخص بهذا العنوان المعبّر والبليغ إلى حد بعيد الوضع الحالي والتوجه المستقبلي ومآلات الأوضاع السياسية والأمنية في سورية ولبنان والمنطقة برمتها..
كما أن تأكيد سماحته لجريدة السفير قبل يومين: “أننا اليوم في الربع ساعة الأخير، ونحن على وشك إعلان إنتصار إستراتيجي جديد” معناه، أن ما تبقى هو 6 أشهر لحسم الوضع عسكريا في سورية، قياسا بفترة سنتان ونصف الماضية، وأخذا بالإعتبار البيئة الدولية الجديدة المناهضة للإرهاب، والمتغيرات المستجدة في مواقف الدول الإقليمية المجاورة لسوريا (قطر، تركيا، الأردن)، وما تحقق على الأرض من إنجازات كبيرة وسريعة للجيش العربي السوري وحلفائه، والتي تقدّر حتى الآن بنسبة 70 إلى 75 %.
هذا الكلام إعتبرته السعودية تهديدا مباشرا لها وتحدّيا مرفوضا لمكانتها ودورها في المنطقة، أعلنه سماحة السيد بنبرة “المنتصر” الواثق من الحسم في المدى المنظور، فقررت ترجمته خُططا تصعيدية جديدة على الأرض، لإعادة خلط الأوراق من جديد بهدف إدامة الصراع في سورية إلى ما لا نهاية، بالإضافة إلى تفجير لبنان بعد أن فشلت في عرقنته حتى الآن، في تحدّ واضح يهدف لإفشال رهان سيد المقاومة، وبالتالي، إثبات خطأ تقديراته للمسّ بمصداقيته بين جمهوره وأنصاره.
فجأة، عاد الحديث عن تنسيق قطري تركي للتصعيد في سورية من خلال جبهة النصرة التي أصبحت الممثل الشرعي للقاعدة بعد أن سحب الظواهري الغطاء عن “داعش” في سورية وأمر بفك الإرتباط بين البغدادي والجولاني، وإن لم يوافق على ذلك فرع القاعدة في العراق بسبب أن “داعش” تسيطر اليوم على مصفاتين للبترول بالشمال السوري يدرون عليها ما قدره 8 مليون دولار يوميا، ما ينبأ بحرب طاحنة بين قاعدة الشام ‘النصرة’ و قاعدة العراق ‘داع’ من دون ‘ش’، لكن في سبيل الزيت هذه المرة لا في سبيل الله.
السعودية من جهتها قررت خلق ما أسمته بـ”جيش محمد” من 50 ألف تكفيري باكستاني، لكن ليس لتحرير مكة من المشركين كما فعل الرسول محمد بن عبد الله (صلعم)، بل جيش محمد بن عبد الوهاب (له من الله ما يستحق) لتحرير سورية من الإحتلال “الشيعي” إنطلاقا من الأردن.
وفي نفس الوقت تُصعّد السعودية في لبنان من خلال ما يخطط له فرع المعلومات برئاسة مديره السابق ‘أشرف ريفي’ زعيم ‘أمراء المحاور’ في طرابلس وعرّاب (داعش + ن = داعشن) فرع لبنان، وبعض المتآمرين من مخابرات الجيش كما كشف عن ذلك ‘رفعت عيد’ للإعلام يوم السبت، وذهب حد إتهام فرع المعلومات بالعمالة لبندر بن سلطان، وأنه يعمل على استباحة دم العلويين في لبنان لتأجيج الفتنة السنية الشيعية ما يجعل دمه حلاّ للعلوين. وجاء هذا التصعيد الجديد بعد تهديد الأمير ‘تركي الفيصل’ بتفجير لبنان قبل أيام، وبعد حديث ‘جون كيري’ خلال لقائه الأخير بـ’سعود الفيصل’ عن تحجيم دور حزب الله، الأمر الذي اعتبرته السعودية ضوءا أخضرا أمريكيا يسمح لها بالتصعيد في لبنان باعتباره جائزة ترضية لها، بهدف منع حزب الله من تحقيق أي إنتصار سياسي في الداخل بالعمل على إقصائه من المشاركة بالحكومة، وفي نفس الوقت معاقبته على تدخله في سورية، وهو ما دفع بالنائب ‘رعد’ إلى رفع النبرة عاليا، متوعدا السعودية وأدواتها في 14 الشهر بما لا تحمد عقباه، وذهب حد تهديد الأمير ‘بندر بن سلطان’ وإن لم يذكره بالإسم من خلال القول: “اليد التي ستمتد إلى لبنان سنقطعها”.
السعودية تُفشل الحل في سورية
وبموازات الجوانب الأمنية التي تظهر إلى أي حدّ وصل العناد الذي يميّز العقلية القبلية السعودية الكيديّة والرجعيّة القائمة على الحقد والخبث، أصرّت مملكة الشرّ الوهّابية على إفشال مؤتمر “جنيف 2″ لإغراق سورية في مزيد من الدم والخراب.
لذلك، فشلت كل المحاولات الروسية لعقد مؤتمر “جنيف 2″ لوضع الأسس الصلبة لتسوية سياسية تمهّد لحل الصّراع في سورية والمنطقة، والتي تقوم على محاور ثلاثة: 1. ضمان الوفاق الوطني بين النظام والمعارضة بمختلف مشاربها وتلاوينها وتوجهاتها (الداخلية والخارجية). 2. وضع إستراتيجية دولية للحرب على الإرهاب. 3. وضع برنامج لمعالجة المسائل الإنسانية العاجلة.
وهناك اليوم إجماع دولي باعتراف أمريكي أن السبب في فشل الإتفاق على موعد لعقد مؤتمر “جنيف 2″ يعود إلى أمرين لا ثالث لهما: 1. تشتت المعارضة الخارجية وعدم قدرة الدول الداعمة لها على تجميعها تحت مضلة واحدة. 2. إصرار هذه المعارضة، بإملاءات من السعودية، على وضع شروط مسبقة لمشاركتها، تتضمن ضرورة رحيل الأسد وعدم مشاركة إيران في المؤتمر. هذا في الوقت الذي أعلن فيه النظام والمعارضة الداخلية وبعض فصائل الخارج استعدادهم للمشاركة في المؤتمر بحسن نيّة ومن دون قيد أو شرط، باستثناء رفض دمشق تسليم السلطة لمن لا يستحقها، وضرورة العودة إلى سلطة الشعب الذي هو سيد نفسه يقرر ما يراه مناسبا لبلاده ومستقبل أبنائه في هذا الشأن.
ومن الواضح، أن سبب عدم إتفاق المعارضة الخارجية يعود بالإساس لتحكم دول إقليمية في أجندتها وعلى رأسها السعودية كما أسلفنا القول، وهو ما تُرجم من خلال عودة الحديث من جديد عن تدخل السعودية وتركيا وقطر والأردن في سورية لتأجيج الصراع وصب المزيد من الزيت على نار الفتنية. ما زاد من تعقيد المشهد وأصبح من المستحيل التوصل إلى توافق بشأن تاريخ عقد مؤتمر “جنيف 2″ في المدى القريب، وكأن رهانا جديدا بدأ لتغيير موازين القوى على الأرض، من خلال ضخ المزيد من الإرهابيين والسلاح المتطور الفتاك، ما ينذر بتفجير الوضع في المنطقة برمتها.
ويبدو الأمريكي، الذي يفترض أنه هو من يدير لعبة الموت والخراب في المنطقة، ويفرض سياساته وإرادته على أدواته، غير مهتم بحل سياسي نهائي بالنسبة للوضع السوري في المندى المنظور، لأن هدفه الآن يتمثل في ربح المزيد من الوقت في إنتظار ما ستسفر عنه نتائج مفاوضات (5 + 1) بشأن الملف النووي الإيراني، ما يجعل قضايا المنطقة تبدو متداخلة ومعلقة إلى حين، لأن الخلاف اليوم هو حول الأولوية في سلم ترتيب الملفات.
العلاقة الأمريكية السعودية المعقّدة
لذلك، فلا غرابة من أن تحاول الإدارة الأمريكية المراوغة للتهرب من الوفاء بشقها المقابل من الإلتزام مع الروسي، والقاضي بالعمل من أجل حل سياسي في سورية، وذلك بالضغط على حلفائها والمعارضة للمشاركة في مؤتمر “جنيف 2″ من خلال الإيحاء عبر مجلة ‘فورن بوليسي’ بداية هذا الأسبوع، بأن الإدارة الأمريكية ملزمة بأن تأخذ بالإعتبار الغضب السعودي مخافة أن تقدم المملكة الوهابية على إحدى السيناريوهات السبعة الكارثية التالية:
1- أن تعمد المملكة السعودية إلى تخفيض إنتاجها من النفط إلى ما دون الـ 10 ملايين برميل، والكف عن سدّ العجز الذي خلفته العقوبات على إيران، ما قد يؤثر سلبا على الإقتصاد الأمريكي.
2- أن تنفّذ المملكة تهديد الملك عبد الله بن عبد العزيز القديم، أمام المستشار الأمريكي السابق دينيس روس عام 2009: “إذا حصلت إيران على السلاح النووي فسنحصل عليه”، لتطلب من باكستان مدّها ببعض الرءوس النووية. وهناك معلومات مؤكدة تشير إلى أن السعودية ساهمت في تمويل البرنامج النووي الباكستاني، وأن هذه الأخير مستعدة لتزويدها بـ 5 إلى 6 قنابل نويية في حالة الضرورة القصوى التي تعني إمتلاك إيران للسلاح النووي.
3- أن تسعى السعودية إلى التعجيل بترحيل الأسطول الأمريكي من البحرين، كما فعلت حين أخرجت القوات الأمريكية من قاعدة الأمير سلطان بن عبد العزيز الجوية، ما سيضعف التواجد الأمريكي بالمنطقة.
4- أن تتولّى المملكة تزويد الجماعات المسلّحة في سوريا بأسلحة متطوّرة جداً وخطيرة، كاسرة بذلك الحظر على هذه النوعية من الأسلحة. وقد أشارت منظمة أمريكية أمس الأول إلى حصول المقاتلين في سورية على صواريخ ‘ستينجر’ المتطورة والمضاضة للطائرات، وهو ما نفاه البانتغون بالقول: أن “لا علم لديه أن المقاتلين في سورية حصلوا على هذه النوعية المتطورة من الصواريخ”، لكن هناك شكوك جدّيّة تحوم حول تزويد إحدى دول المنطقة المقاتلين بهذا السلاح، وهو ما جعل البيت الأبيض يقول السبت أنه سيتأكد من هذه المعلومات.
5- أن تعمل على إندلاع ما تسمّيه “إنتفاضة فلسطينية ثالثة”. وهو ما حذر منه الوزير ‘كيري’ رئيس الوزراء الإسرائيلي ‘نتنياهو’ من خلال القول: أنه “في حال فشلت مفاوضات السلام الحالية، فستندلع إنتفاضة فلسطينية ثالثة، وستعزل إسرائيل على مستوى العالم”. وذكرت وسائل إعلام صهيونية أن إجتماع كيري ونتنياهو الأخير كان “عاصفا جدّا وسيّئا جدّا”. الأمر الذي يوحي بأن هناك مخاوف أمريكية جدّية من فشل مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وما قد يترتب عن هكذا فشل من نتائج كارثية على أمن إسرائيل والمنطقة، علما أن الإستراتيجية الأمريكية الجديدة لا تقتصر على الدفاع عن أمن إسرائيل من التهديدات الخارجية فحسب، بل وتعمل على حماية إسرائيل من نفسها كذلك.
6- تحييد مصر عن الوصاية والإرتهان للولايات المتحدة وجعلها تستغني عن إبتزاز واشنطن. لكن إعلان رئيس الوزراء المصري، وقبله الرئيس المصري المؤقت ووزير الخارجية أن “أمن الخليج من أمن مصر”، هو إعلان واضح صريح وفاضح يؤكد ما سبق وقلناه في مقالات سابقة عن إنخراط القاهرة في الحلف “السني” المكون من (السعودية، الإمارات، البحرين، إسرائيل، مصر، الأردن، تركيا، باكستان)، في مواجهة حلف المقاومة (إيران، سورية، العراق، حزب الله)، ويستحيل أن تكون أمريكا بعيدة عن هذا التشبيك، وهي التي عملت على تجسيده من خلال الإسلام السني الإخواني، فأفشلته السعودية لتقيم مكانه تحالفا سنيا “معتدلا” لا يهدد أمنها ولا ينافس إديولوجيتها.
7- رفض المملكة لمقعد مجلس الأمن وتحشيد الـ57 دولة إسلامية خلفها، وتوفير سبب جوهري لزيادة التطرّف والمتطرّفين ضد أمريكا واتهام الولايات المتحدة بأنها عدوة للمسلمين وإعلان الجهاد ضدها وضد مصالحها في المنطقة. ولعل هذا هو السيناريو الأخطر الذي تخشاه الإدارة الأمريكية لمعرفتها بما يعنيه من تهديد للأمن والسلم العالميين. خصوصا أن هناك 80 إلى 85 % من المكوّن المسلم في العالم يتبع المذهب السنّي، وأنّ البيئة الدولية المشحونة بالتوتّر المذهبي والصّراعات الإديولوجية في أكثر من محل تشكل خطرا على أمريكا التي تسعى جاهدة لعدم إستثارة عداء المسلمين لها في هذه المرحلة الدقيقة من إنعطافتها الإستراتيجية تجاه إيران، فتحاول تهدئة السعودي من دون أن تغضبه، في إنتظار اللحظة المناسبة لقلب الطاولة في مملكة آل سعود، والتي لن تتأخر طويلا بعد التوصل إلى حل الملف النووي الإيراني، وهو ما تستشعر خطورته السعودية اليوم.
لكن هناك سيناريو ثامن لم تدرجه مجلة ‘فورن بوليسي’ ضمن قائمة التهديدات الكارثية، ويتعلق بإمكانية أن يصل الغضب بأمراء المشيخة حد دفع ‘بندر بن سلطان’ لكشف فضائح أمريكا المتعلقة بالإرهاب، إنطلاقا من تفجيرات 11 شتنبر/أيلول 2001 مرورا بأفغانستان والعراق واليمن وسورية اليوم. لأن الأمر يتعلق بطبخة مشتركة بين الإدارة الأمريكية ومخابراتها ومملكة آل سعود ومخابراتها. وهذه فضيحة أخطر من الفضيحة التي فجرها مستشار الأمن القومي ‘سنودن’ مؤخرا، وقد تعصف ليس بإدارة أوباما فحسب، بل بالإستقرار في الولايات المتحدة، وتفتح الباب واسعا لإضطرابات شعبية خطيرة قد تقوض أسس النظام الأمريكي برمته، لما ترتب عن تفجيرات نيويورك الدامية من قرارات أدت إلى حرب أفغانستان والعراق، فكان من نتيجة هذه الحروب العبثية تأزم الوضع الإقتصادي وتفاقم العجز الأمريكي الذي فاق 17 تريليون دولار بعد أن كان المللون في وول ستريت يتوقعون فائضا في الميزانية الحكومية وفي ميزان الصادرات مقارنة بالواردات، وهذا ليس بالأمر الهيّن الذي يمكن للشعب الأمريكي أن يتجاوزه.
أما إشادة جون كيري بدور السعودية خلال زيارته الأخيرة للرياض، ووصفها بـ “اللاعب الرئيس في العالم العربي”، فلا تعدو أن تكون ضحكا على الذقون ومغالطة كبرى، وفق ما يرى الباحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي ‘نبيل نايلي’، معلقا على ما ورد في مجلة ‘فورون بوليسي’ حول السيناريوهات الكارثية السبعة بالقول: أن الموقف الأمريكي الحقيقي من المملكة السعودية يعبّر عنه ‘فريد زكريا’ في مجلة “التايم” بالقول: “إذا كانت هناك جائزة لسياسة خارجية غير مسؤولة فيجب أن تُعطى للسعودية، لأنها الدولة الأكثر مسؤولية عن صعود التطرّف الإسلامي في العالم بأسره، حيث إستخدمت المملكة ثروتها المالية الهائلة من عوائد النفط، في العقود الأربعة الماضية لتصدير التطرّف من خلال نشر مذهبها الوهابي…. وعندما يُواجه المسؤولون السعوديون بهذه الاتهامات يتنصّلون من المسؤولية، ويقولون ان هذه الأموال من أفراد وليس من الدولة التي لا تستطيع السيطرة عليها”؟!!!.
هذا كلام صحيح ظاهريا، بدليل أن السعودية في خطابها الرسمي تدين الإرهاب والتطرف، وتدّعي أنها تدافع عن الإسلام السني المعتدل، وتصف التكفيريين بالفئة الضّالة، في حين يعرف الجميع اليوم أنها هي المسؤولة من الباطن عن كل الدماء التي تجري في العالم العربي والإسلامي بسبب الإرهاب الوهابي. فهل هناك من نفاق أكبر من نفاق آل سعود في هذا العالم؟…
هذا معناه، أننا أمام مسرحية سخيفة بإخراج أمريكي سيىء، لأن لا أحد يصدق أن دولة رجعية مثل السعودية تستطيع تهديد الأمن القومي الأمريكي.. ذلك أن المخابرات الأمريكية قادرة بين عشية وضحاها على أن تتخلص من’ بندر بن سلطان’ و ‘سعود الفيصل’ و ‘تركي الفيصل’ و فصيلة أمراء الوهابية جميعا، بل وكل من سولت له نفسه من مشيخات الزيت العاهرة، اللعب خارج الحدود المرسومة والمساحات المتاحة له.. هذه حقيقة واضحة بالنسبة لمن يعرفون الفكر الإستراتيجي الأمريكي، بدليل أن الإدارة الأمريكية لا تحترم أي زعيم عربي، وتتعامل معهم جميعا كأدوات حقيرة بازدراء واستعلاء، لكنها في العلن تُسوّق لخطابات دبلوماسية مغايرة لستر عورتهم أمام شعوبهم وشعوب العالم.
السعودية تعرقل الحل النووي في جنيف..
وعلى هذا الأساس، فحل الملف النووي الإيراني بالنسبة للأمريكي، يعتبر المفتاح للمرور إلى مناقشة بقايا ملفات الإقليم، والتي تتضمن عناوين رئيسة منها: الملف السوري، الملف اللبناني، الملف البحريني، ملف الأقلية الشيعية في السعودية، الملف اليمني، الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان، الملف الفلسطيني الإسرائيلي، الإستراتيجية الدولية للحرب على الإرهاب، أمن واردات النفط والغاز، التواجد الأمريكي بمنطقة الخليج.
هذه ملفات كثيرة وكبيرة ومعقدة، ويحتاج كل منها إلى توافق والكثير من الجهد والوقت. وهو ما جعل الرئيس الأمريكي يطلب من إيران معالجة ملفها النووي في ظرف سنة بدل ثلاثة أشهر التي إقترحتها طهران في البداية، نظرا لأن إدارة أوباما تريد إختبار حقيقة نوايا إيران، والتوفر على فسحة من الوقت كافية لإقناع الإسرائيلي والسعودي بحسن نوايا إيران. لذلك، تم الإتفاق على المضي قدما في هذا المسار وفق منهج الخطوة تلو الخطوة.
غير أن فرنسا هذه المرة دخلت اللعبة من بوابة السعودية وإسرائيل لتضع لهم بيضة ثعبان على طاولة إجتماع جنيف بشروط جديدة لم تكن في الحسبان، تُناقض مبدأ “خطوة مقابل خطوة” التي تم الإتفاق عليها بين الأمريكي والإيراني. وهذا بالضبط ما أكدته الصحافة الإسرائيلية صبيحة الأحد، حيث قالت في أحد قصاصاتها الرئيسية: “فرنسا تعرقل الإتفاق حول الملف النووي الإيراني في جنيف بضغط من السعودية”، وتلافت الحديث عن الضغط الإسرائيلي، علما أن الحكومة الفرنسية القائمة هي أكثر صهيونية من الصهاينة اليهود أنفسهم.
في البداية، كانت كل المؤشرات توحي بأن عقدة النووي الإيراني كانت في طريقها إلى الحل النهائي، بعد أن تم الإتفاق على تعليق التخصيب بنسبة 20% وتخفيضه إلى 5 % للإستعمالات السلمية في مجال الطاقة الكهربائية، في حين يخصص المخزون المخصب بنسبة 20 % للإستعمالات الطبية، ويتم تشغيل مفاعلين نووين للتخصيب فقط لا أكثر، مع تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي بكل واحد منهما، وتم التوافق حول برنامج المرقابة الدائمة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما اعتبر إنجازا أوليا مهما يستحق تنزيله في إتفاق أولي يوقع بين كافة الأطراف مقابل أن يتم رفع حظر جزئي على إيران، يشمل في المرحلة الأولى أرصدتها الضخمة المتواجدة بالبنوك الأمريكية والغربية، والمقدرة بـ 100 مليار دولار، بالإضافة إلى رفع الحظر عن تصدير النفط والغاز والمشتقات البتروكيماوية. على أن تخضع هذه المرحلة لفترة إختبار مدتها 6 أشهر.
وبعد ذلك يتم الإتفاق على المرحلة الثانية من المفاوضات حول مصير مفاعل ‘فوردو’ الذي يعمل تحت الأرض، و معمل المياه الثقيلة في ‘أراك’، الذي اقترب من الاكتمال، والذي يمكنه ان ينتج بلوتونيوم لدى تشغيله، وهو المعمل الذي يعتبره الغرب يمثل تهديدا خطيرا في مجال الانتشار النووي.
وما أن توصل المندوبين إلى مسودة إتفاق أولي، حتى سارع السبت مساء وزراء خارجية الدول الست إلى الإلتحاق بجنيف لوضع اللمسات الأخيرة على مشروع الإتفاق وإعتماده من خلال التوقيع عليه.. فساد جو من التفائل في طهران وجو من الغضب الشديد في الرياض وهيستيريا بلغت حد الجنون في تل أبيب.
فدخلت فرنسا على خط العرقلة في محاولة منها لإبتزاز واشنطن، وهي التي شعرت أنها استبعدت من الإتفاق الروسي الأمريكي في الملف السوري، فقررت هذه المرة التصعيد في الملف النووي الإيراني دفاعا عن مصالحها وعن موكليها السعودية وإسرائيل.
قدم وزير خارجيتها الصهيوني ‘فابيوس’ شروطا جديدة أهمها، وقف النخصيب بنسبة 20% وإتلاف كافة المخزون المخصب بهذا المستوى وإغلاق مفاعل ‘فوردو’ ووقف البناء في مفاعد ‘أراك’، مع ضرورة وضع إيران كل مكونات ملفها النووي وفق خطة بأهداف متوسطة وبعيدة المدى على طاولة الحوار في سلة واحدة بدل نهج الخطوة خطوة، حتى يتمكن المجتمع الدولي من إزالة هواجس ‘إسرائيل’ و ‘السعودية’ في المنطقة، بدل تقسيم الملف إلى مرحلتين وفق ما كان متفق عليه بين الإيراني ومجموعة (5 + 1)، ومع الأمريكي على هامش لقاءات نيويورك وجنيف.
نجحت فرنسا بضغط من السعودية وإسرائيل في تعطيل التوقيع على “إتفاقية القرن” كما وصفها رئيس الكيان الصهيوني ‘بنيامين نتنياهو’، من خلال وضع العقدة في المنشار، ما جعل إيران تُحذّر الغرب من أن عدم إغتنام هذه الفرصة اليوم لن يكون متاحا غدا. لأن من شأن الموقف الفرنسي أن يؤكد شكوك الإمام ‘الخامنائي’ الذي عبر عنها في أكثر من مناسبة حول نوايا أمريكا والغرب عموما من التقارب مع إيران. كما أن فشل المفاوضات سيعطي للمحافظين المتشددين والحرس الثوري ذريعة إضافية لنسف أي محاولة مستقبلية للتقارب مع الغرب في هذا الإتجاه، وقد يترجم رد الفعل الإيراني تصعيدا خطيرا في المنطقة يقلب الطاولة على السعودية وحلفائها كما على أمريكا في افغانستان.
كما أنه أصبح من الواضح اليوم، أن أمريكا أضاعت الكثير من الوقت دون جدوى، لأنه كان بالإمكان التوصل إلى إتفاق مع إيران منذ عدة سنوات، لكن إعتقاد الغرب بإمكانية إخضاع إيران لشروطه من خلال العقوبات تبيّن عدم جدواه، بل أعطى نتائج عكسية تماما، وجعل إيران تمضي قدما في تطوير التكنولوجيا النووية إلى مستويات مقلقة بعد أن أصبحت تتحكم في دورة الإنتاج كاملة.
ومرد فشل الغرب يعود بالأساس إلى الضغوط الإسرائيلية والسعودية التي جعلت السياسة الأمريكية تمضي في غير إتجاه مصالح الولايات المتحدة نفسها. ومع إدراك الرئيس ‘أوباما’ لهذه الحقيقة، بدأ ينأى بنفسه عن هذه الضغوط، بل و وصل به الأمر حد المبادرة إلى الإتصال بالرئيس روحاني مباشرة، دون أن يستشير أحد، الأمر الذي شكل مفاجأة للعالم أجمع.
لكن الجديد الذي برز في آخر ساعة، هو ما كشفت عنه القناة العاشرة الصهيونية، من أن المفاوضات حول النووي الإيراني في جنيف هي مسرحية لتمرير إتفاق قد تم التوافق بشأنه في الكواليس بعيدا عن الأضواء بين الأمريكي والإيراني، وبالتالي، فالموقف الفرنسي لا يعدو أن يكون كمن يقوم بدور المهرّج الغبيّ من دون أن يدرك أنه فعلا غبيّ.
هذه المعلومة التي خرجت للنور مساء السبت، أثارت ردود فعل وصفت بالهستيرية في إسرائيل، حيث جن جنون نتنياهو واليمين الصهيوني، وبدأت حملة تهجّم غير مسبوقة على الرئيس ‘أوباما’ الذي يسوّق الوهم لإسرائيل ويبيع السعودية حبوب مخدرة تشعرها بحلاوة العسل.
وبذات المناسبة، كشفت وسائل الإعلام عن وجود تحالف إسرائيلي سعودي خليجي سري من المحرّم الحديث عنه الآن، وأن هدفه هو السعي لإفشال أي إتفاق بين الأمريكي والإيراني، وحتى في حال تم مثل هذا الإتفاق فإن هذا التحالف “المتمرد” على الإرادة الأمريكية لن يلتزم بتطبيق مقتضياته، كما أنه يرفض الحل السياسي في سورية بوجود الرئيس الأسد، ويراهن على إستبعاد حزب الله من القرار السياسي في لبنان حتى لو أدى الأمر إلى تفجير الوضع الأمني.
محللون أمريكيون أشاروا السبت إلى أن الرئيس ‘أوباما’ كما ‘الوزير ‘كيري’ بحاجة إلى نصر سياسي بعد الهزائم المتتالية التي تعرضوا لها في الفترة السابقة، وأن ‘أوباما’ مُصرّ على التوصل لإتفاق مع الإيراني ليحسب ضمن منجزاته التاريخية المتمثلة بالإنسحاب من العراق وأفغانستان السنة القادمة، وليستفيد منه حزبه في الإنتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
وعليه فالإتفاق قادم لا محالة، خصوصا بعد أن أعلنت إيران أنها لا تعارض مبدأ مناقشة برنامجها النووي كسلة واحدة، ما جعل الفرنسي في مواجهة مباشرة مع الإمريكي وليس الإيراني. ولفك هذه العقدة السخيفة المفتعلة، إقترح وزير خارجية روسيا أن تقدم بلاده ضمانة للمجتمع الدولي بعدم إقدام إيران مستقبلا على تحويل مخزون اليورانيون المخصب بنسبة 20 % إلى نسبة 90% الضرورية لإنتاج قنبلة نووية، وهو التعهد الذي يضمن للروسي مراقبة تطور العلاقة الأمريكية الإيرانية حتى لا يبقى خارج اللعبة. فتأجل الإجتماع إلى تاريخ 20 من الشهر الجاري لمزيد من التشاور والمفاوضات السرية بين الإيراني والأمريكي. وهناك مؤشرات قوية تدل على أن إتفاقا سيرى النور في الجولة القادمة، لأنه مصلحة أمريكية وغربية كما هو مصلحة إيرانية وروسية صينية.
ولعل سيد المقاومة عندما قال بأن السعودية ترفض هزيمة صغيرة وتراهن على هزيمة كبيرة، وبأن المنطقة تعيش الربع ساعة الأخيرة بعد إعلان التسوية الكبرى التي ستتوج إيران قوة إقليمية عظمى، ليبدأ مسلسل تسوية كل ملفات المنطقة، كان يعني ما يقول، إنطلاقا من معلومات سرية حصل عليها من الإيراني، وفاجأت الإسرائيلي والسعودي فجنّ جنونهما.
ســرّ العناد السعـــودي..
سرّ العناد السعودي لم يعد اليوم لغزا بالنسبة لأحد، ذلك أن هذا الكيان الرجعي الهجين ما زال يراهن على قيادة العالم العربي والإسلامي إعتمادا على شراء الذمم بالمال الحرام ونشر الفكر التكفيري والتخريبي الوهابي.
وصراع السعودية التي تعتبره صراعا وجوديا، هو مع عدو وهمي إسمه إيران وحلفائها في المنطقة، ما جعلها تسارع إلى إقامة تحالف سني يضم تركيا و باكستان ومصر والأردن وبقية مشيخات الخليج، وفي نفس الوقت تقيم تحالفا سريا مع إسرائيل، باعتبارها قوة تملك الكثير من النفوذ والتأثير على الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية.
هذا الرهان، ثبت اليوم فشله، وتأكد أن إسرائيل لم تستطع التأثير على الإدارة الأمريكية، لا في ما يخص العدوان على سورية ولا في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني. وباستثناء الحكومة الصهيونية الفرنسية التي تلعب دور المحامي “الطرطور” الحريص على مصالح النظام الوهابي والنظام الصهيوني، كل الدول الأوروبية فهمت قواعد اللعبة الجديدة، وخصوصا الدول المحورية الكبرى كألمانيا وبريطانيا، فسارعت إلى التقارب مع الإيراني لتأمين مصالحها الإقتصادية، ما يؤشر إلى أن فرنسا التي فقدت دورها في سورية لن يكون لها مصالح في إيران ولا دور في لبنان بسبب سياساتها الخبيثة الفاشلة.
ويذكر أنه ردا على الموقف الفرنسي المعادي لإيران وسورية، نفى وزير الخارجية الإيراني ‘ظريف’ الخميس الماضي قبيل إجتماع جنيف، أي مشاركة عسكرية إيرانية في النزاع السوري قائلا: أن “ايران لا ترسل قوات رسمية الى سورية” (يعني: أن من يقاتلون في سورية هم متطوعون يدعمون الدولة الشرعية ويحاربون الإرهاب الدموي الوهابي)، منتقدا مجددا باريس التي تدعم مخابراتها المقاتلين التكفيريين في سورية بالسلاح والتدريب والمعلومات. وقال: “انظروا ما فعلت فرنسا وغيرها من البلدان الغربية في سورية: 90% من المعارضة التي تقاتل تنتمي الى القاعدة، هل هذه هي الديمقراطية التي تريدونها في سورية؟”…
أحمد الشرقاوي – بانوراما الشرق الاوسط
اسمحوا لي بكلمة حق من ارض الحرمين عن هدا الموضوع السعودية ليست كما تقول قوة عظمى وانما السعودية دولة كونتها المملكة المتحدة بقوة سلاحها واموالها لان ال سعود من بقايا الصهاينة في جزيرة العرب والصهيوني اخو الصهيوني
اينما كان ومن تلك الاموال استحوذ عبدالعزيز على محبة القبائل والبدوا الرعيان باعطائهم قليل من الدراهم وبهدا كون جيش يديره ويعدو به على القبائل الاخر الضعيفة وهكدا يسير ويستحوذ حتى وصل الحجاز وفيها استقر وزاد عم المملكة المتحدة له بلا محدود حتى كون دولة سماها المملكة العربية السعودية وفي الاساس يكون المملكة الصهيونية السعودية لان ال سعود ليسوا عرب بل يهود ولكن عبدالعزيز عمل دلك من اجل جدب القبائل العربية اليه لان العرب بينهم صلة وتعاون ولكن الزكان لايخفي الخبأ وهاهو اليوم يخرج وهاهي افعال الصهاينة تطرشة الايام ان النظام السعودي تملك مافي داخل الارض وما عليها وسرق الثروات التي هي في الاساس لشعب الحرمين وترك شعب الحرمين فقراء مساكين ومحتاجين لايجدون ما يحتاجون اليه من مسكن وماكل ومشرب وعمل شريف يسدون به رمقهم واليوم اصبح النظام السعودي غني غناء فاحش يبدره على امريكا ودول الغرب من اجل حماية نفسه و شراء سلاح والبدخ والارهاب في كل مكان من العالم ويهبه لرؤساء دول اخرى اقوى منه عددا وعدة والشعب في ارض الحرمين فقير وبالرغم من دلك فقد اغتصب عقارات اهل مكة بالقوة وهدمها ولم يعطيهم ثمنها الحقيقي بل تركهم في حسرة من امره الصهيوني البغيض