السعودية تحت المشيئة الأميركية
وكالة أخبار الشرق الجديد –
غالب قنديل:
كالسحر نزلت “السكينة” على آل سعود بالمشيئة الأميركية وصدر بيان مجلس الوزراء السعودي بلغة لينة تراجع معها التهديد والوعيد بشق عصا الطاعة على السيد الأميركي الذي انطوى لقدر الاعتراف بإيران النووية العظمى نتيجة هزائمه أمامها وأمام سوريا وحلف المقاومة طيلة خمسة وثلاثين عاما .
أولا جاء في البيان الصادر عن مجلس الوزراء السعودي : ” ترى حكومة المملكة بأنه إذا توفر حسن النوايا فيمكن أن يشكل هذا الاتفاق خطوة أولية في اتجاه التوصل لحل شامل للبرنامج النووي الإيراني” وأملت حكومة المملكة أن يؤدي ذلك إلى “إزالة كافة أسلحة الدمار الشامل، وخصوصا السلاح النووي من منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي على أمل أن تستتبع ذلك المزيد من الخطوات المهمة المؤدية إلى ضمان حق كافة دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية” نعيما وصح النوم ! فالفقرة الثانية مسروقة من بيانات إيرانية وسورية وروسية وصينية أعقبت الاتفاق.
طبعا لا تجرؤ المملكة على القول إن الأميركي استعملها لضرب إيران وسوريا وقوى المقاومة ولما قرر التراجع لم يقف على خاطر العائلة الخائبة ، ويعلم آل سعود أن الاتفاق وبحسب موقعيه هو إطار مرحلي لبناء الثقة والحل النهائي المقبل سيكون تكريسا لإيران القوة العظمى وإزالة جذرية وشاملة للقيود والعقوبات التي فرضت على امتداد المرحلة المنقضية منذ انتصار الثورة الإيرانية التي لم توفر السعودية سبيلا للنيل منها ولمحاصرتها إلا وسلكته وهي الفاشل الأول والمهزوم الأول بعد إسرائيل والولايات المتحدة ودول الغرب باضطرار الإمبراطورية الأميركية المهزومة للتراجع .
ثانيا: عندما انطلقت التهديدات السعودية بالطلاق مع الولايات المتحدة والذهاب إلى النهاية في سياسة عدوانية تفجر فرص التفاهمات التي يسعى إليها الأميركيون كان واضحا أن تلك الصورة التي عممها بندر بن سلطان ووصفها الأميركيون بحالة الغضب الناتجة عن تراجع أوباما بعد إنذاره بضرب سوريا أن الأمر هو خليط من الأحقاد والأوهام وفيه ذر للرماد في العيون ولم تكن مقنعة أبدا جميع محاولات الإعلام السعودي والمسعود للإيحاء بانتفاضة المملكة العجوز على السيد الأميركي ولي نعمتها وحاميها وصاحب الأمر عليها.
النظام السعودي ممسوك من نخاعه الشوكي ومن تلابيب العائلة المالكة المقيمة بيد الولايات المتحدة واللوبي الصهيوني فيها وتشهد بذلك شراكات مالية وسياسية ومخابراتية كتبت عنها عشرات آلاف الصفحات وأخفي من آثامها الكثير من سلسلة الجرائم التي ارتكبت ضد الأمة العربية وجميع بلدان المنطقة وحيث كانت السعودية دائما ممولا ومحرضا للاستعمار والصهيونية في كل حرب وكل مؤامرة استهدفت الوطنيين والشرفاء من المحيط إلى الخليج أو تلك التي طالت أي قوة تحررية واستقلالية في العالم الإسلامي ومزحة انتفاضة السعودية على الولايات المتحدة كانت سمجة وواهية كالاعتراض الفرنسي الهزيل والركيك وقد غطى حرد المثلث الإسرائيلي الفرنسي السعودي مناورات أميركية لمحاولة تحسين الشروط ولما خضع الأميركي للشروط الإيرانية ولإرادة إيران الاستقلالية الحرة صفقت المملكة للاتفاق وتخلت عن غضبها وتمنت أن يكون رأس جسر لحل شامل والاحتفاظ بعبارة إذا توفر حسن النوايا هو مجرد حفظ للقليل من ماء الوجه المهدور كما يعلم الجميع.
ثالثا: يمكن لنا أن ندرج استمرار العربدة السعودية في الموضوع السوري بتوظيف أميركي آخر على غرار ما حصل بعد مفاوضات جنيف ما قبل الأخيرة حول النووي الإيراني فالولايات المتحدة التي عينت بندر بطلب مباشر من مدير مخابراتها ديفيد بترايوس الذي استصدر أمرا ملكيا بذلك بعد يومين من زيارته للرياض هي التي تقرر الدور السعودي في شكله ومحتواه فلا إغداق الأموال على عصابات الإرهاب ولا صفقات السلاح بآلاف الأطنان ولا شراء التورط الأردني في الحرب على سوريا ولا تمويل التورط التركي في تلك الحرب الكونية ولا المال المدفوع للقادة المصريين الجدد كل ذلك ومعه احتضان المتطرفين والتكفيريين في كل مكان هو جزء من وظيفة السعودية في منظومة الهيمنة الأميركية الإسرائيلية على المنطقة.
مخطئ من يتوهم أن للسعودية أي حيز استقلالي في قرارها وسياستها في أي من القضايا والشؤون الإجمالية والتفصيلية في المنطقة وهذا أمر لا يحتاج إلى أي فذلكة أو اجتهاد والعبرة في بيان حكومة المملكة الذي صدر يوم أمس.
حين تقرر الإمبراطورية الأميركية التسليم بنتائج الفشل والهزيمة ستخضع السعودية وتكف عن العربدة ولذلك نقول إن المطلوب هو دعم الشعب والجيش والدولة الوطنية في سوريا وعلى جميع الوطنيين العرب الواقفين معها أن يحشدوا الجهود لإلحاق الهزيمة بالعدوان الأميركي وعدم التلهي بخزعبلات التمايزات الافتراضية في تحركات السعودية أو قطر أو تركيا فللعملاء عند سيدهم بيت طاعة جاهز يأخذهم إليه ساعة يقرر الاعتراف بفشله ولذلك نكرر أن أداة التغيير الحاسمة في المواقف الدولية والإقليمية من الوضع السوري كانت وما تزال وستبقى إرادة المقاومة الشعبية والعسكرية بقيادة الرئيس العربي المقاوم الدكتور بشار الأسد وهذه الإرادة هي التي ستملي بيانات كثيرة على المتآمرين وسنكون في فترة قادمة أمام بيان سعودي آخر يفرضه التوقيت الأميركي للاعتراف بحقيقة أن الأولوية في سوريا هي لدعم جهود الدولة الوطنية في مكافحة الإرهاب.