السعودية تجيّش لـ«إجماع» في الجامعة العربية ضد حزب الله
صحيفة الأخبار اللبنانية:
يلفّ الغموض الخطوات المقبلة التي سيتخذها النظام السعودي ضد اللبنانيين، في ظل الحديث عن بدء إجراءات طرد بعضهم من الخليج تحت عنوان عدم تجديد الإقامة. وجديد ما تسرّب أمس هو نيّة السعوديين التوجه إلى الجامعة العربية لإصدار قرار ضد حزب الله، شرط تحقق «الإجماع»
يلفّ الغموض الخطوات المقبلة التي سيتخذها النظام السعودي ضد اللبنانيين، في ظل الحديث عن بدء إجراءات طرد بعضهم من الخليج تحت عنوان عدم تجديد الإقامة. وجديد ما تسرّب أمس هو نيّة السعوديين التوجه إلى الجامعة العربية لإصدار قرار ضد حزب الله، شرط تحقق «الإجماع»
لم يفصح وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق عمّا في جعبته بشأن الإجراءات التي ينوي النظام السعودي اتخاذها ضد لبنان مستقبلاً، إلا أنه اكتفى أمس، في مقابلته في برنامج «كلام الناس» على «أل بي سي آي»، بالتلميح إلى خطوة سيتخذها النظام المذكور عبر الجامعة العربية.
وكشفت مصادر سياسية رفيعة المستوى لـصحيفة »الأخبار» اللبنانية أن النظام السعودي بدأ اتصالاته الدبلوماسية بعدد من الدول العربية لاستكشاف إمكان عقد جلسة طارئة لمجلس وزراء الخارجية العرب، بهدف إصدار قرار يدين حزب الله بسبب دوره في الحرب السورية واليمنية واعتباره تنظيماً إرهابياً. وبحسب المصادر، فإن السعودية تريد قراراً بالإجماع، وهي تسعى إلى ضمان موافقة الدول الخليجية كافة، وبينها عمان، أولاً، ومصر ثانياً، والجزائر والعراق ثالثاً. وتتسلّح الرياض، إضافة إلى «ملفها» التقليدي عن الحزب، بالتسجيلات التي عرضتها وسائل إعلامها، والتي تُظهر من قال النظام السعودي إنهم مقاتلون من حزب الله يدرّبون عناصر من حركة «أنصار الله» اليمنية (الحوثيون). وهذه التسجيلات هي نفسها التي أعلنت حكومة الرئيس اليمني المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، إرسالها إلى مجلس الامن الدولي.
في هذا الوقت، تستمر القوى السياسية بترقّب الإجراءات الجديدة التي يمكن أن تتخذها الرياض بحق لبنانيين، وخصوصاً من الذين يعملون في الخليج، وخاصة بعدما تردّد أمس أن السلطات السعودية رفضت تجديد إقامات نحو 90 لبنانياً يعملون في أراضي المملكة السعودية. وفي ظل العجز عن القيام بما يُرضي النظام السعودي، تجنّب مجلس الوزراء، في جلسته العادية التي انعقدت أمس، مقاربة هذا الملف، رغم أن بعض الوزراء تحدّثوا عن هجوم الدول الخليجية على لبنان. وكان لافتاً موقف وزيري حزب الكتائب في مجلس الوزراء، سجعان القزي وألان حكيم. فالأول قال في الجلسة، بحسب مصادر وزارية، «إن ما تقوم به السعودية يضرّ بحلفائها أكثر من خصومها، وهذه الحكومة كانت متهمة في لبنان بأنها سعودية». وعبّر عن استغرابه ممّا تقوم به السعودية، قائلاً: «ياخدونا بحلمهم». أما حكيم، فقال للإعلاميين في السرايا الحكومية: «نحن لم نخطئ حتى نعتذر من أحد». لكن القزي عاد والتقى الرئيس سعد الحريري مساء أمس، وطالب حزب الله بعد اللقاء بـ»أن يلتزم بعدم شنّ حملات إعلامية على المملكة العربية السعودية، ليس حباً بالمملكة، بل على الأقل حباً بأبناء جلدته اللبنانيين الذين يعيشون هنا، وأولئك الذين يعيشون هناك». وامتدح الوزير الكتائبي السعودية.
وفي تيار المستقبل، تستمر الخشية من القرارات التي قد يصدرها النظام السعودي في المقبل من الأيام، وخاصة أن أي قرار سيصيب في الدرجة الاولى التيار وجمهوره وصورته. وبدأت بعض الشخصيات المستقبلية بتوجيه انتقادات إلى الرئيس تمام سلام، في اللقاءات البعيدة عن الإعلام. ويقول وزراء محسوبون على المستقبل، إن سلام هو الذي سرّع في اندلاع الازمة بين الدول الخليجية ولبنان، لكونه تبنّى أكثر من مرة موقف وزير الخارجية جبران باسيل.
رئاسياً، تجمّدت كل النقاشات الجدية، بعدما أخليت الساحة للأزمة السعودية. لكن الرئيس نبيه بري استمر في محاولة اختراق الجمود. وفيما صرّح أمس من بروكسل بـ»أننا أقرب من أي وقت مضى لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وفق قاعدة لا غالب ولا مغلوب»، التقى معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل في مكتبه في وزارة المالية كلاً من الوزيرين وائل أبو فاعور وروني عريجي، والوزير السابق يوسف سعادة ومستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق غطاس خوري ومدير مكتبه نادر الحريري. وبحسب المصادر، فإن مضمون اللقاء تمحور حول الملف الرئاسي، من زاوية بحث حظوظ جلسة الانتخاب الرئاسي في الثاني من آذار. لكن المصادر المعنية تؤكد أن النائب سليمان فرنجية لا يزال على موقفه، لناحية عدم المشاركة في أي جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية من دون مشاركة حزب الله، ما يعني عملياً أن الجلسة المقبلة ستكون، كسابقاتها، بلا أي نتيجة.
على صعيد آخر، يستمر الوفد النيابي اللبناني في زيارة العاصمة الأميركية واشنطن، لبحث قوانين العقوبات التي أصدرها الكونغرس بحق «المتعاونين مع حزب الله». وقال النائب ياسين جابر إنه وزملاءه الآخرين في الوفد سيجتمعون بنواب في الكونغرس، بعدما التقوا مسؤولين في الإدارة الأميركية. وقال إن الوفد تلقّى وعداً بأن تكون هناك «مراعاة للوضع اللبناني عند صياغة التدابير الاجرائية» التي ستصوغها الإدارة لتنفيذ هذه القوانين. وفيما جرى التداول بأن وزير المال علي حسن خليل ألغى الزيارة التي كان ينوي القيام بها لواشنطن أيضاً للهدف نفسه، نفى خليل لـ«الأخبار» هذه المعلومات، مؤكداً أن الرئيس برّي طلب منه انتظار عودة الوفد النيابي. وأشار إلى أن «الوضع المتأزم نتيجة التصعيد العربي ضد لبنان يُمكن أن يؤدي إلى تأجيل الزيارة، خصوصاً أن لا شيء ملحّاً حتى الساعة». ولفت إلى «إمكانية سفره في النصف الثاني من آذار».