السعودية..الحقد الدفين
موقع العهد الإخباري ـ
بلال عساف:
تزعج الانجازات والانتصارات التي يحققها محور المقاومة على كافة الجبهات التي يتواجد فيها الارهاب، قاطني قصر اليمامة في الرياض وعلى رأسهم الامير الساعي للملك محمد بن سلمان الذي يظن ان لبنان لقمة سائغة، ويستطيع أن يغطي على فشله في إدارة ملفات السعودية في المنطقة، بتحويل استقرار لبنان الى فوضى.
منذ 3 سنوات والسعودي يتخبط في طريقة السعي إلى السيطرة، ما أن يدخل في ملف من الملفات حتى يسقط ويتلقى ضربة قاسية، ففي اليمن فشل بن سلمان ووالده حتى الان في اخضاع الشعب اليمني، وكل ما استطاع ان يفعله هو تدمير مقدرات هذا البلد العربي المسلم وقتل شعبه.
كذلك حاله في سوريا إذ لم يكن بعيدا عن وضعه في اليمن حيث دعمت السعودية بتوجيهات امريكية العديد من الفصائل المسلحة بهدف النيل من الدولة السورية وشعبها، لكن صمود الجيش العربي السوري ومساندة الحلفاء في محور المقاومة أذهب كل امال وطموحات مملكة الرمال ادراج الرياح، وخرجت من الميدان السوري تجرّ خلفها اذيال الخيبة.
هذه الهزائم لحكام السعودية لم تكن بعيدة ايضاً عن العراق، الذي لعب السعودي فيه لعبة “الحوت الأزرق” التي تقوم على الفتن والقتل حتى الوصول إلى الهاوية، وقد شكل ثامر السبهان رأس الحرب فيها، ولعله أكثر من ساعد تنظيم داعش، لكن وعي القيادات العراقية والعمل الدؤوب للجيش العراقي والحشد الشعبي أدى إلى إفشال مخططات داعش الوهابية التي تعيش أيامها الأخيرة في سوريا والعراق. حاولت السعودية الالتفاف على صمود الشعب العراقي عبر السعي الى تقسيم بلده من خلال دفع بعض الاكراد الى المطالبة والسير بالاستقلال عن الدولة المركزية العراقية وحصل ما حصل وفشل الاكراد في تحقيق مبتغاهم بضرب الوحدة العراقية.
التوهم السعودي بضرب استقرار لبنان
هذا التطور جعل حكام السعودية يتوهمون أنه لا تزال هناك ساحة وحيدة لهم نفوذ فيها ويستطيعون ضرب الاستقرار فيها الا وهي الساحة اللبنانية، فوضعت الخطة واخذ القرار بضرب استقرار وبيئة لبنان وبغض النظر عن النتيجة.
جاءت هذه الخطة بتغطية البيت الابيض، على أساس الضغط على حزب الله، خاصة بعد الزيارة غير المعلنة لمستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنير، في 29 -10 – 2017 إلى السعودية، يرافقه ناودينيباول، نائب مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الأمنية والمبعوث الأمريكي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، وجعل فيها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري هو “المفتاح” فطلب على عجل المجيء الى السعودية للقاء الملك سلمان بن عبد العزيز الا انه وفور وصوله الى مطار جدة عزل عن مرافقيه واقتيد الى مكان مجهول حيث اجبر على تقديم استقالته.
هذه الاستقالة وللوهلة الاولى ظنّ كثيرون أنها ستفي بالغرض وستحقق ما لا تستطيع السعودية ومن خلفها ان تحققه بالحروب، فالأدوات جاهزة وكل شيء مباح حتى التهديد بالحرب لكن دون اللجوء اليها، لذلك كانت المنابر الاعلامية التي تحولت الى منصات لقصف جبهة المقاومة عبر ابواق مأجورة واقلام رخيصة وكان قائد هذه الجبهة وزير الدولة لشؤون الخليج في السعودية تامر السبهان الاضافة الى بعض اصوات النشاز التي صدحت من هنا وهناك لتتماشى مع الخطة السعودية، وكيل الاتهامات ضد لبنان.
كانت الخطة تسير وفق الخط المرسوم لها، لكن مع اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وتعليقه على خبر الاستقالة بطريق اكثر حكمة واكثر روية ووضع الامور في نصابها وعدم التصعيد، ما جعل من الخطة السعودية تبدأ بالاندحار حيث كان “الاسفين” الاول في نعش استراتيجية التدمير، كان يظن اهل “الحل والعقد” في السعودية ومن وراءهم ، ان حزب الله سيصعد برده فيتم تجييش الفريق الاخر وتقع الفتنة الداخلية، لكن حساب الحقل السعودي لم يأت على حساب البيدر اللبناني.
اما الادعاء الاخر الذي اوقع السعودية في فخ اعمالها فهو ادعاؤهم بأن رئيس الحكومة سعد الحريري كان معرضا للاغتيال في لبنان واستندوا في ذلك في البداية الى بعض تقديرات الاجهزة الامنية اللبنانية التي سرعان ما نفت ذلك ، بعدها تراجع الادعاء السعودي وقيل ان هذه المعلومات هي من الجهاز الامني الخاص بالرئيس الحريري ، الذي لم يؤكده او يعره اي اهتمام اي احد من اهل بيت الحريري، ما دفع حكام الرياض لأن يعدلوا عن ادعاءاتهم ورميها الى مصادر غربية ، وحتى الان لا يوجد اي مصدر غربي صرح او اعترف بذلك .
هذا الادعاء شكل صدمة ايجابية لدى فريق رئيس الحكومة الذي من خلاله بدأ يلتمس ان هناك شيئا يحاك ضد بيئته ووطنه لذلك جاء تصرف الحكماء في هذا الفريق بعدم السير في هذه الخطة بل على العكس كان هناك بعض الاصوات التي شجبت وهاجمت هذا المشروع وهذا التصرف السعودي المنفرد، فكان “الاسفين” الثاني والاساسي في نعش الخطة التدميرية السعودية، حيث كان من المفترض بحسب العقل السعودي ان تتماشى كل الطائفة السنية مع طروحاتها مهما كانت ودون سؤال او جواب.
الوعي اللبناني افقد القيادة السعودية رشدها وافشل مشروعها التدميري
هذا الوعي السياسي اللبناني، تناغم مع القيادة الحكيمة لرئيس الجمهورية الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وشكل الموقف الحاسم للرئيس عون في رفض هذه الاستقالة واعتبارها كأنها غير موجودة لحين عودة الرئيس الحريري نفسه الى لبنان وسماعها منه شخصياً، وهذا ما شكل الضربة القاضية للمؤامرة السعودية التي باتت مكشوفة لكل اللبنانيين، يضاف اليها مروحة الاتصالات التي قام بها الرئيس ميشال عون مع اطراف داخلية وخارجية وكان اخرها ايفاد اللواء عباس ابراهيم الى الاردن للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لانه كان اخر من التقى الرئيس الحريري ومن ثم الى بعض الدول الأوروبية منها فرنسا لتقصي الحقيقة ومتابعة الاوضاع، بالإضافة الى تشديد رئيس الجمهورية على ضرورة الامساك بالأمن ومنع اي تفلت حيث كانت الاجتماعات مع القاضة الامنية كذلك كانت الاتصالات مع كافة الافرقاء السياسيين ورؤساء الاحزاب الذين اجمعوا على ان هناك شيئا مبهما بالاستقالة وبالتالي هي كأنها غير موجودة ، كما ذهب الكثير منهم الى اعتبار الرئيس الحريري مخطوفا وانه قيد الاقامة الجبرية في السعودية.
هذه الاسباب وغيرها من تنبه اللبنانيين والتفافهم حول بعضهم جعلت الحقد السعودي على لبنان وشعبه يتناثر ويفقد قيمته، مما زاد من حفلة الجنون السعودية بدليل التصريحات التي تخرج من هنا وهناك، لذلك على الشعب اللبناني ان يثبت ويبقى على موقفه وأن يبقى استقرار ووحدة لبنان أساس التلاقي والتواصل بين اللبنانيين من أجل الخروج من هذا المنعطف لا سيما بعد انكشاف الحقد الدفين للسعودية في لبنان.
أضيف بتاريخ : 20:53 10-11-2017 |
آخر تعديل في: 21:09 10-11-2017
[ad_2]