السعودية: أحكام الإعدام سيوف مسلطة على رقاب الأبرياء
أن تعيش على أرض تدعي الحرية والديمقراطية، وتطالب بها في الدول التي لاترتضي سياستها والسير على نهجها، وتقمع أي حركة مطلبية إصلاحية، سلمية، سواء كانت بالكلمة أوالقلم، في الداخل.. يعني يكن السيف المسلط على الرقاب مصيرك..
هكذا يلاقي أصحاب الحراك السلمي، والمطلبي الحقوقي، مصيرهم، تحت وطأة دولة لاتعترف بالحقوق، ولا بالإنسان.. أحد عشر يواجهون حكم الإعدام، ستة منهم أحكام ابتدائية، وخمسة آخرين أحكام نهائية، فيما أعدم أربعة آخرين من بينهم الشيخ الشهيد “النمر”.
أمجد ناجي حسن آل معيبد، هو أحد هؤلاء الشباب المحكومين بالإعدام، حكما نهائيا، وأمجد من أهالي منطقة القطيف من سكان جزيرة تاروت، وُلد 1413/8/8 هجري، مؤهله التعليمي، طالب في الكلية التقنية بالقطيف.
“أمجد آل معيبد” شخص متدين من عائلة متدينة معروفة في المنطقة، و منذ صغره كان لديه حضور فعال في المحافل الدينية و الاجتماعية وكان محبوبا لدى الجميع عند الكبير و الصغير و منذ بداية الأحداث التي حصلت في المنطقة و الخروج المشروع للمطالبة بالحقوق المشروعة خرج هو مطالبا بها كغيره من العشرات.
حاولت الأجهزة الأمنية مرار وتكرار اعتقاله، وبعد فشل محاولاتها العديدة، لجأت الأجهزة الأمنيّة إلى نصب كمين مخابراتيّ، حيث تنكّر أحد رجال الأمن السعوديين بزيّ وافدٍ آسيوي، ودخل إلى بقّالة محليّة كان يتواجد فيها أمجد، ليتمّ اعتقاله على الفور.
وبحسب مصدر مطلع، لـ”خبير”، تم استهدافه عدة مرات من قبل السلطات بالطلاق الرصاص عليه قبل الاعتقال، و بتاريخ 1434/8/8هـ، اعتقل بكمين غادر، وتمت محاصرة البقالة وهو بالداخل، وتم الهجوم و القبض عليه وتصويره بالكاميرات وهم يضربوه، حتى أدخل السيارة.
وبحسب المصدر فأن السيارات و الأشخاص التي قبضت عليه غير رسمية ويلبسون بدلات باكستانية، واصفا عملية الاعتقال بـ”الاختطاف”.
وتم اقتياد أمجد إلى جهة مجهولة، دون علم إلى أين أخذوه، و بعد أسبوع سمح له بالاتصال بعائلته، أخبرهم حينها بأنه موجود لدى المباحث العامة، حيث كانت مدة الاتصال لاتتجاوز الدقيقتين، ليعود الانقطاع عنهم لمدة ثلاث أشهر و نصف، وسُمح له بعدها بالاتصال وفتحت لهم الزيارة.
في أول زيارة له ألتقى فيها بعائلته، كان نحيل الجسم من شدة التعذيب في السجن الانفرادي، حاولت عائلته معرفة عما تعرض له من تعذيب، حيث كنت أثار التعذيب واضحة، وكان متعبا جدا، إلا أنه كان يقول: “الحمدلله رب العالمين” ويصبر نفسه وعائلته، رغم رؤيتهم أثار التعذيب واللسع بالكهرباء في يديه، وعدم استقامة رجليه، كان كل شيء في جسده يحكي عما تعرض له من تعذيب، إلا أن لسانه لم ينطق بغير الشكر والحمد.
بعد 8 أشهر حُولت معاملته إلى المحكمة الجزائية بالرياض و كانت أول جلسة محاكمة، حيث سُلمت لائحة الادعاء و الاتهام عليه من قبل المحكمة الجزائية بالرياض وكانت الاتهامات كبيرة وباطلة وقد جرى التوقيع على لائحة الاتهام وهو في فترة التعذيب في السجن الانفرادي، وتم تهديده في فترة التحقيق، حتى أجبر بالتوقيع على الاتهامات الواردة عليه.
لم يتم إحضاره في فترة توقيع لائحة الاتهام المنسوبة إليه إلى المحكمة بل كان في السجن، ليُفاجئ بأن من ضمن التهم المنسوبة إليه بأنه يتبع منضمة إرهابية، بالإضافة إلى تهمة إثارة الشغب والخروج على ولي الأمر، وغيرها من التهم، حيث جرت جلسات المحاكمة مابين محكمة الرياض ومحكمة جدة الجزائية.
في مقابلة له مع “خبير”، يقول أحد أصحابه،(طالبا عدم الكشف عن اسمه)، “منذ عرفته أكثر مايميزه هو برائته الحاضرة، شخص أكثر ما تستطيع القول عنه، وبلهجتنا العامية، “ماتقدرتمسك عليه شيء خطأ”، إنسان يمشي في طريق مستقيم، تعجز عن وصف حبه للمشاركة في المناسبات الدينية والاجتماعية.. وخدمة الآخرين، شاب خلوق جدا..تعجز عن الحديث عنه..
ويُضيف: أمجد كان سباقا إلى تنظيم المسيرات السلمية التي شهدتها القطيف، وبعض بلداتها، والإشراف عليها..والتواجد في مقدمتها.
يُتابع صاحب أمجد حديثه: عن مصدر ثقه أخبره، بأن “أثناء صدور حكم الإعدام الابتدائي بحق “أمجد”، قال له القاضي هل أنت راضي بالحكم؟!
قال: “الحمد لله” أنا راضي وأبصم على ذلك.. أليس الحكم حكم الله؟!
فأجاب القاضي : هذا الحكم ليس حكم الله .. هذ اجتهاد مني..
فقال: “أمجد” وهل أنت تجتهد على دمي؟! واجتهادك يكون على حساب إراقة دمي؟!”.
فصمت القاضي من قوة رده.. دون أي حديث..
الحُكم الابتدائي وشكر الله..
تم الحكم عليه 9 ديسمبر 2015، من قبل 3 قضات في المحكمة الجزائية بالرياض بالقتل تعزيرا، فما كان منه إلا مخاطبة القضاة، بقول “الحمدلله رب العالمين” وحينما سأله القاضي ماذا تقول؟!
فرد مجددا بابتسامة مصحوبة بقول “الحمدلله رب العالمين”.
رد المحامي “إبراهيم الشخص” على لائحة الاتهامات، برفض الحكم وبعدها بجلسات رفعت إلى المحكمة العليا وأتى الرد بالتصديق النهائي على الحكم بالقتل تعزيرا من قبل 13 قاضي في المحكمة العليا.
في يوم الأربعاء 16 مارس، لم يعط أمجد أي خبر بتصديقهم وتثبيتهم للحكم من المحكمة العليا حيث كانت المصادقة سريعة، ومن من دون إحضاره لجلسة تثبيت الحكم واقتصرت على إعطاء خبر الحكم للمحامي.
ومع كل هذا “كان لا يظهر عليه خوف ولاجزع وكان يصبر والدته وإخوانه وكل من يسأل عنه، يقول لا وقت للتراجع”، حسبما ذكر المصدر.
تلفيق التهم وراء حكم الإعدام..
جراة الشاب وقوة منطقه في جلسات المحكمة، لم تكن لترضي الجلاد، وبعض الذي أقر به واعترف به أمام المحكمة، لايرقى إلى حكم الإعدام..
فحُكِم بالإعدام، بتهمة الهجوم على محكمة القطيف، إلا أنّ نشطاء أكدوا مفاجأتهم من الإعلان عن تهمةٍ إضافية لم تكن واردة من قبل، وهي تفجير أنبوبة غاز قرب مركز شرطة تاروت، الأمر الذي أنكره الأهالي، إذا أن تفجير أنبوب بالقرب من مركز شرطة تاروت الواقع وسط البيوت في البلدة، يعني سيعلم ويسمع به كل الأهالي في ذاك الحي الممتلئ بالسكان، مما سيتسبب بأضرار في المنازل المجاورة له واللصيقة به، بحسب أحد أبناء الحي.
حاولت السلطات تلفيق تهمة جديدة، وهي الزج بالشاب معبيد ومجموعته فيما يُسمى ب”حزب الله” الحجاز، وهو أمر عجز المحققون عن ثبيته، رغم الضغوط الجسدية والنفسية التي مورست ضدّ المعتقلين.
وبالعودة إلى المصدر، يقول: بأن أمجد قد “أخبر أهله بأنه رأى في منامه بأنه يرحل قريبا”..
ليس أمجد وحده من يترقب تنفيذ حكم الإعدام بحقه، فهناك أحد عشر آخرين، محكوم عليهم ذات الحكم، والعدد قابل للزيادة، طالما أن هناك من يرفض الاستماع للمطالب، بل ويسعى لقلب الحقائق..
وبمثل هذه الأحكام وبطرق التعذيب هذه تُصادر حقوق الإنسان في مملكة تدعي الإنسانية، وباسم التشريع تُقطع الرؤوس المطالبة بالحق الذي شرعه الله..