السجل العدلي لوزير العدل
لننعش الذاكرة قليلاً، فقط كي لا نتوهم أن ضابط الأمن صار وزيراً للعدل، يقارع الفجور ويبني دولة يسودها القانون:
ــــ بتاريخ 26/5/2011 أصدر وزير الداخلية والبلديات، زياد بارود، القرار رقم 9143، أمر بموجبه المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، بإخلاء مبنى تابع لوزارة الاتصالات، الكائن في منطقة العدلية في بيروت، بعدما احتلته مجموعة من عناصر فرع المعلومات بالقوّة، بأوامر مباشرة من رئيسهم، ومنع وزير الاتصالات شربل نحاس وموظّفي الوزارة من الدخول إليه.
يومها عصى اللواء ريفي الأوامر، وقرر أنه أعلى مرتبة من القانون، وأنه أقوى من الدولة، ممثلة بوزارة الداخلية والبلديات التي تتبع لها المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي دستورياً وقانونياً وإدارياً. يومها استقال الوزير بارود، وبقي ريفي!
ــــ بتاريخ 27/5/2011، طلب رئيس الجمهورية ميشال سليمان من وزير العدل إبراهيم نجار، اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المدير العام لقوى الأمن الداخلي أشرف ريفي، لأنه تجاوز حدود سلطته وصلاحياته. قام الوزير نجّار بإبلاغ نسخة من الطلب إلى المدعي العام التمييزي، القاضي سعيد ميرزا.
يومها علّق أشرف ريفي على ذلك بالقول: «الجنازة حامية والميّت كلب»، موجّهاً إهانة إلى مقام الرئاسة الأولى. صمت سليمان وخاض لاحقاً معركة التمديد لريفي خلافاً للقانون.
ــــ بتاريخ 30/5/2011، تقدّمت الدولة اللبنانية، ممثلة بوزارة الاتصالات، من النيابة العامة العسكرية بدعوى ضد اللواء أشرف ريفي بجرم التمرد والعصيان المسلح.
يومها نامت الدعوى في أدراج القضاء. ولا تزال. بعدها استقال نحاس، وبقي ريفي.
ــــ في كتابه إلى مجلس الوزراء، شكا وزير الأشغال العامّة والنقل غازي العريضي عدم استجابة المدير العامّ لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، لطلبات الوزارة المتكررة من أجل الكشف على أربعة تعدّيات كبيرة على الأملاك العامّة البحرية في القلمون والكورة ووقفها وإزالتها وتنظيم المحاضر بحق مرتكبيها. أحد أهم التعدّيات المذكورة يقوم بها محمد أديب، قريب ريفي، الذي اشترى منتجع ميرامار السياحي في منطقة القلمون في قضاء طرابلس.
ــــ بتاريخ 28/3/2012، وجّه العريضي كتاباً إلى ريفي يتعلّق بتعدٍّ تقوم به شركة بالما السياحية التي يملكها طارق فخر الدين في منطقة راس مسقا العقارية. «ضبّ» اللواء ريفي الكتاب في جاروره.
ــــ بتاريخ 9/6/2012، وجّه العريضي كتاباً إلى ريفي يتعلّق بتمادي هذه الشركة بتعدّياتها. فعل ريفي ما فعله في المرة السابقة.
ــــ بتاريخ 9 حزيران 2012، أيضاً، أرسل العريضي كتاباً ثالثاً يتعلّق بتعدّيات يقوم بها مالكو شركة نورث مارينا «المنارة» (أحد مالكيها محمد العبدالله) في راس مسقا.
ضحك ريفي من إصرار الوزير على تطبيق القانون.
ــ وفي التاريخ نفسه، أرسل العريضي كتاباً رابعاً يتعلّق بتعدّيات يقوم بها مالكو «بلاج الحكيم» في المنطقة نفسها، ثم أرسل له الكتاب الخامس بالتاريخ نفسه ويتعلّق بتعدّيات شركة نصر السياحية «ميرامار» في القلمون.
ــ بتاريخ 4/10/2012، أحال العريضي ملف اللواء أشرف ريفي على التفتيش المركزي والنيابة العامّة لدى ديوان المحاسبة، وقد جاء في نص الإحالة «أن أصحاب المشاريع السياحية المذكورة منعوا الموظف المسؤول من الدخول إليها (…) وقد طلبت الوزارة من المدير العام لقوى الأمن الداخلي تزويدها بكافة تفاصيل هذه التعديات ووقفها فوراً وإزالتها وتنظيم محاضر الضبط لكي يصار إلى ملاحقتهم إدارياً وجزائياً وبالغرامات وبكل مسؤولية وعطل وضرر. إلا أنه لغاية تاريخه لم يتم تنفيذ ما طلبناه (…) كما أن الأشغال المخالفة كافة ما زالت جارية».
هذا الجزء معلن من السجل العدلي لوزير العدل أشرف ريفي، سجل حافل بتجاوز القوانين وإساءة استخدام السلطة والتمرد والعصيان ومخالفة أوامر رؤسائه وتحقير رئيس الجمهورية والتعدّي على الأملاك العامّة ومحاباة أقاربه وتغطية جرائم التعدي ومنع الموظّفين العامين من تأدية واجباتهم.
باختصار، وزير العدل محال على المدعي العام التمييزي والنيابة العامة العسكرية وديوان المحاسبة والتفتيش المركزي. وعندما يمثل أمام القضاء ويحظى بمحاكمة عادلة، عندها يمكن القول إن هناك أملاً للبنانيين بإنهاء زمن الفجور والتطاول وبناء دولة يسودها القانون والاحترام… ومن يعش يرَ.
المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية