الساعات الأخيرة لصفقة العسكريين اللبنانيين: القرار أكبر من جبهة النصرة
قناة الميادين ـ
محمد الساحلي – لبنان:
محمد الساحلي – لبنان:
مراسل الميادين محمد الساحلي يكشف تفاصيل الساعات الأخيرة من عملية تبادل الأسرى بين الأمن العام اللبناني و”جبهة النصرة”، والتعقيدات التي رافقت هذه الصفقة قبل أن تصل إلى خواتيمها.
خطف مدير عام الأمن اللبناني عباس إبراهيم، الأضواء في لبنان وخارجه. يستحق ذلك لأنه من أولى الموضوع اهتمامه وتابعه من الألف إلى الياء. لكن في الظل تخفى شخوص لهم الدور الأبرز في صفقة التبادل بين جبهة النصرة والدولة اللبنانية عبر الوسيط القطري. يتضح أن العميد في الأمن العام اللبناني منح صوايا، كان المنفذ على الأرض، يصحبه الوسيط المحامي نبيل الحلبي. لم تعرف اسماء ضباط الاستخبارات القطريين وعددهم ثلاثة، لكن أبرزهم ملقب بـأبي راشد. ولولا الحلبي، ونائب رئيس بلدية عرسال احمد الفليطي، لتعرقلت الصفقة. فقد كان موعد التبادل يوم الاحد الماضي، وليس أول ايام الشهر الأخير من العام. لكن النصرة أضافت مطالب تعجيزية حول كيفية دخول القافلة الغذائية الى وادي الخيل اي الى مسافة متقدمة وخارج سيطرة الجيش اللبناني. وأدرجت الجبهة اسماء جديدة الى لائحة الاسماء التي تطالب بالافراج عنهم، عُرف منها ابو تراب اليمني، جمال دفتردار، نعيم عباس، وأبو سليم طه. وطالبت النصرة ضمانات بحل ملف المتهم الأول بقضية العسكرين مصطفى الحجيري (أبو طاقية)، ونجله، وعدم ملاحقتهما مع طلب نقل جرحى للنصرة الى تركيا. من ثم التقى المفاوض القطري أبو راشد وصوايا بالحلبي. لينتقل المحامي، برفقة الحجيري، والفليطي ليلتقوا أمير جبهة النصرة في القلمون، ابو مالك التلي، في منطقة الحصن. فجأة، تعثرت المفاوضات وعادت قافلة المعونات الاغاثية الى مبنى القيادة في اللبوة، ومن ثم الى بيروت يرافقها الموكب العسكري. عادت الامور الى نقطة الصفر. لكن صباح اليوم التالي (الاثنين ) كان الحلبي، يذلل العقبات ويفند المطالب الجديدة مع جبهة النصرة. وجد حلاً مناسباً، وهو ان طرفا محايدا هو الصليب الاحمر اللبناني يدخل القافلة والسجناء الى نقطة سيطرة النصرة، وجرت اتصالات مع اللواء ابراهيم، لفتح ممر لجرحى النصرة الى البلدة، وكانت الموافقة لاحقاً. وألغت النصرة مطالبها المستجدة. بعد ظهر الاثنين ، وصل ابراهيم، الى مبنى القيادة في اللبوة ويرافقه ثلاثة ضباط قطريين، وضابطان كبيران من الامن العام. انطلقوا الى وادي حميد لتفقد المنطقة لوجستياً حيث تنفيذ عملية التبادل. هبت عناصر الامن العام جميعها لتواكب إبراهيم، الا انه ومن على باب السيارة قال: “اريد سيارتين معي فقط” وينظر الى احد مسؤولي الصليب الاحمر ويهمس له: “حضروا حالكم.. ليلتنا طويلة”. وانطلق برفقة قائد اللواء الثامن في الجيش اللبناني العميد محمد الحسن، الى حاجز وادي حميد، في جولة سريعة على الموقع والاتجاهات وكيفية دخول القافلة. عاد بعدها الى مبنى القيادة في اللبوة، وبقي معه الضباط القطريين ليبدأ الاجتماع الاول مع الحلبي، للتفاق على الامور اللوجستية ومراحل التنفيذ منتظرين تثبيت الخطوات من قبل جبهة النصرة. في الاجتماع كان المطلب الجديد الذي طرحه احد الضباط القطريين على احد مسؤولي الصليب الاحمر اللبناني، أن “جبهة النصرة وافقت على ان يتم التبادل عبركم، فقط كونه مؤسسة محايدة، والموكب العسكري يقف عند حاجز وادي حميد بينما يقوم الصليب الاحمر بنقل السجناء من الامن العام على مرحلتين. ومن ثم يتم اخراج العسكريين الـ16، وبعدها تدخل قافلة المساعدات الى منطقة اكثر عمقاً الى داخل وادي حميد. ويرافق القافلة؛ الحلبي، وأبو طاقية”. وطالب الضابط القطري، نقلاً عن النصرة، ان يرافق الصليب الاحمر اللبناني سيارات طاقم قناة “الجزيرة” فقط كوسيلة إعلامية عربية”. وذلك لتصوير عملية التبادل كاملة. وافق الصليب الاحمر على الخطوات؛ وكان سؤال أحد مسؤوليه، لأبي راشد، “ما هي الضمانة ان تسلمنا النصرة الجنود؟”. فيأتي الرد، وبكل ثقة: “ان الضمانة اكبر من ابو مالك ومن النصرة نفسها”. وبدت الصدمة على الحاضرين. إنها السياسة الدولية، حين يكون الصغار منفذين لأوامر الكبار. تأكد الحلبي، من الموقوفين وأسمائهم. وانطلق باتجاه جرود عرسال. ولكن في الوقت الذي كانت القافلة تتحضر للانطلاق بالسجناء، ممن أحضرهم الامن العام، رفض بعضهم الصعود الى الجرود. دفع ذلك الوسيط القطري الى الاتصال بجبهة النصرة. وهنا دخلت العرقلة الجديدة بعد ان شكك أبو مالك، بأن الامن العام لا يريد تسليم الموقوفين. فانتقل الحلبي، مع الحجيري، الى ابي مالك، في المساء في محاولة لتذليل العقبة الجديدة والتي تأكد الحلبي، شخصياً من رغبة الموقوفين ليعود الى مبنى القيادة في ساعات الصباح الأولى ويرافقه شيخان من “هيئة مشايخ القلمون” موفدين من قبل أبي مالك، واتفقوا على ان تترك الحرية للسجناء أنفسهم بتقرير مصيرهم. تم تنفيذ الصفقة، لكن أسراراً لم تكشف، ويرجح عدم كشفها قريباً خصوصاً وأن أيدي اقليمية كان لها الدور الأكبر في بنود وتوقيت تنفيذ الصفقة.