الساسة الأميركيون يؤكّدون تفوّق بوتين على رئيسهم
ليست المرّة الأولى التي نشهد اعترافاً غربياً بتفوّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الأميركي باراك أوباما. فثمّة تقارير صحافية كثيرة في هذا الشأن. أما أن يأتي هذا الاعتراف على لسان دينيس روس، المبعوث الأميركي السابق إلى منطقة الشرق الأوسط، ففي ذلك عجب، وفقاً لصحيفة “البناء”.
الصحيفة أشارت الى أن “كلام دينيس روس جاء في مقال نشرته صحيفة “بوليتيكو” الأميركية، وشرح فيه الأسباب التي تدفع إلى تفضيل قادة الشرق الأوسط التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما”.
روس تسائل عن السبب الذي جعل القادة العرب و”الإسرائيليين” يفقدون الأمل في الرئيس باراك أوباما، وباتت على إثره موسكو ـ لا واشنطن ـ هي القبلة التي يولون وجوههم شطرها، وذلك على رغم أن التواجد العسكري الأميركي في المنطقة يفوق نظيره الروسي أضعافاً مضاعفة.
الساسة الأميركيون يؤكّدون تفوّق بوتين على رئيسهم
يجيب دينيس روس بالقول “إن السبب يقترن بالتصوّرات لا مجرد القوة، فروسيا وعلى عكس الولايات المتحدة، على استعداد للتأثير على موازين القوى في المنطقة باستخدام القوة العسكرية”.
الولايات المتحدة ترى أنه لا يجب اللجوء إلى استخدام القوة إلا حينما يكون الأمن القومي الأميركي مهدّداً بشكل مباشر. ولا مانع من شنّ بعض العمليات الاستباقية ضدّ الجماعات الارهابية المتطرّفة مثل تنظيم “داعش”. في حين أتى قرار بوتين بالتدخل عسكرياً في سوريا لإنقاذ حليفه بشار الأسد ولكسر الحصار الغربي الذي فُرض على موسكو في أعقاب استيلائها على شبه جزيرة القرم.
الى ذلك، يرى روس أن نتائج التدخل الأميركي في العراق ومن قبله أفغانستان، تفسر سبب التردد الأميركي في التدخل في سوريا رغم تفجر الوضع الإنساني وتفاقم أزمة اللاجئين إلى الحدّ الذي جعلها تهدّد وحدة أوروبا، وساهمت في صعود “داعش”.
ومع إبرام واشنطن الاتفاق النووي مع طهران، شعرت الرياض أنها بحاجة إلى مواجهة التمدّد الإيراني المتواصل في سوريا والبحرين وشرق المملكة من دون انتظار تحرّك أميركي، فأقدمت على شنّ حرب على الحوثيين حلفاء إيران في اليمن.
يرى روس أن زيارة أوباما الأخيرة إلى السعودية لم تغير وجهة النظر السائدة من “أن واشنطن باتت ضعيفة ومترددة حيال التأثير في ميزان القوى في المنطقة وعلى استعداد للرضوخ أمام سعي طهران إلى السيطرة على المنطقة. كما أن قادة دول الخليج ينظرون إلى إيران على أنها تشكل تهديداً أكبر من تنظيم “داعش”.
روس أشار الى أن “بعض شركاء واشنطن أدركوا تماما أنه يتعين عليهم التصرف بأنفسهم بعد أن أظهرت الولايات المتحدة التردد، وهو ما أدّى إلى وقوع السعودية في الفخ اليمني والذي دفعت على إثره ثمناً باهظاً”. لافتا الى أن “واشنطن كانت تظنّ أنه لو اعتقد العرب في فشل سياستها فإن ذلك سيدفعهم إلى التحرك ضدّ “داعش” لا إيران”.
لن يخاطر قادة الشرق الأوسط كثيراً بالتدخل في مشكلات المنطقة طالما ظلوا يشككون في إمكانية الاعتماد على واشنطن. وإذا ما أرادت واشنطن أن تدفعهم نحو مزيد من التحركات، فعليها أن تؤكد لهم أنها لن تتراجع عن تهديداتها لأعداء المنطقة، وأنها ترى نفس التهديدات التي يراها قادة تلك الدول، وأنها على استعداد لاستخدام القوة إذا ما اقتضت الضرورة ذلك.
ومن هذا المنطلق، يتعين على واشنطن اتخاذ عدة خطوات في هذا الاتجاه، وفقاً لروس:
أولا: استخدام لغة متشددة والتأكيد صراحة على استخدام القوة حال قيام إيران بمخالفة بنود الاتفاق النووي، وعدم الاكتفاء بالعقوبات.
ثانيا: العمل مع دول مجلس التعاون الخليجي و”إسرائيل” لمواجهة الدعم الإيراني للمليشيات الشيعية في المنطقة.
ثالثا: الاستعداد لتسليح السنّة في العراق إذا ما واصلت إيران الوقوف حائلاً أمام خطة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التي تقضي بتسليح العشائر السنّية وحشدها لقتال “داعش”.
رابعا: التأكيد بوضوح على أنه إن لم يجبر الروس حليفهم بشار الأسد على قبول مبادئ جنيف وقف القتال، فتح ممرات إنسانية، التفاوض لتحقيق تسوية سلمية ، فإن واشنطن ستعمل مع شركائها على توفير مناطق حظر للطيران آمنة.
ويختم المبعوث الأميركي السابق إلى منطقة الشرق الأوسط بالقول “إن على واشنطن التعامل بالمنطق الوحيد الذي يفهمه بوتين وقادة الشرق الأوسط، ألا وهو منطق القوّة