الردع لا يستعاد من جنين.. العدو محكوم بمعادلات صعبة
موقع العهد الإخباري-
خليل نصر الله:
لا يمكن للعدو الإسرائيلي استعادة شيء من قوة الردع من خلال العمل العسكري الذي وصفه بالمكثّف ولا يرقى إلى مستوى عملية عسكرية واسعة وحصره في جنين ومخيمها تحديدًا.
ولا شك أن المبالغة بتصريحات قادة العدو تصرف في الاستهلاك الداخلي، خصوصًا من جانب نتنياهو الذي يعتبرها ربما ورقة رابحة في مواجهة معارضيه الذي يطالونه من بوابة خيمة حزب الله في شبعا، أو بعض أقطاب حكومته أصحاب الرؤوس الحامية الذين يضغطون من أجل عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة تشبه “السور الواقي” عام ٢٠٠٢.
في المؤسسة الأمنية يدركون جيدًا أن الردع تآكل، وأن محاولة استعادته من بوابة العمل العسكري في جنين لهو أمر صعب وغير واقعي، ولو كان وزير الحرب قد بالغ بتوزيع رسائل التهديد والقوة في اتجاه ساحات أخرى، وهو بحد ذاته أمر مفهوم لشخصية عسكرية تحاول تبيان قوتها وقدرتها.
في اليوم الأول للعملية العدوانية في جنين، التي وصفها قادة العدو بأنها مكثفة وليست عملية واسعة، بتوصية أمنية وسياسية، تخبطوا في التعبير عن أهدافها، قبل أن يثبتوا على تعميم هدف وهو ضرب ما أسموه “ملاذ الإرهاب” في جنين، في إشارة إلى كونها مقرًا ومستقرًا للمقاومين الذين ينفذون عمليات ضد جنود العدو ومستوطنيه، وهي نتيجة لوجود بنية تنظيمية للمقاومة.
لكن مجريات الأمور ولو كانت في مرحلتها الأولية، توضح أن محاذير كثيرة تحكمها، وهو ما يمنع توسيعها أو استخدام قوة مفرطة لما سيعنيه ذلك من توسع دائرة الاشتباك ليشمل ساحات أخرى، أولها غزة وآخرها قد يذهب بعيدًا.
من راقب بيانات الغرفة المشتركة في غزة، وبيانات قيادتي “الجهاد” و”حماس”، ثم البيان الذي تبعهما من قبل حزب الله، يلمس بشكل واضح أن تكاتف الساحات والجبهات أمر مفروغ منه، وهو ما قرئ في كيان العدو بعناية، لتبدأ بعده تحديد مدد زمنية للعملية على أن لا تتخطى الـ ٧٢ ساعة كحد أقصى، حتى وإن كان رئيس وزراء العدو وأركان حربه صرحوا بالعمل عند الضرورة.
يدرك العدو من خلال الوقائع، المعلنة والواضحة منها، أو تلك التي يتم التكتم عليها، أن المأزق الأمني المحيط بالكيان لا يمكن ضربه من خلال العمل العسكري المحدود والمقيد في جنين.
لوحظ في اليوم الأول تصريح لوزير الحرب يوآف غالانت يقول فيه إنه ترك للجيش حرية للعمل هناك. واقعا الجيش محكوم بالمعادلات حاله حال المؤسسة الأمنية، لان الخطأ في التقدير أمر وارد.
في المحصلة، إن المقاومة في جنين ليست متروكة، وهي تقوم بما يجب أن تقوم به، والمشهد الذي تقدمه هو حصاد زرع سنوات من الإعداد ولا يمكن ضربه بسهولة. في المقابل، إن عمل العدو في جنين دونه مخاطر، لكن المسلّمة الأساسية أن استعادة الردع من خلاله أمر صعب، وهو ما يحتم خفض سقف التوقعات والآمال لديهم.
يبقى القول إنه من الضروري مراقبة مسار المواجهة، فلا يمكن حسم عدم تطورها إن أخطأ العدو التقدير وذهب بعيداً خصوصا مع ضيق الوقت أمامه، ومحافظة المقاومة على ثباتها وبنيتها في المخيم بشكل خاص، وفي مختلف مناطق الضفة بشكل عام.