“الراي”: 8 آذار متفائلة بإنجاز البيان الوزاري غدا و”14 آذار” تتريّث في إعطاء تكهنات مسبقة

 

تقف المرحلة الأخيرة من تقرير مصير الحكومة اللبنانية التي شكلت بعد طول مخاض في 15 شباط الماضي امام اسبوع حاسم في ظل استمرار الخلاف داخل اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري على الفقرتين المتعلقتين بموضوع المقاومة الذي يتمسك به فريق 8 آذار واعلان بعبدا الذي يتمسك به فريق “14 آذار” مشترطاً ربط المقاومة بمرجعية الدولة.

وتشير المعطيات والمعلومات المتوافرة الى ان الاجتماع المقبل للجنة الوزارية المقرر مساء غد سيكون الاجتماع النهائي للجنة مما يفترض حسم الخلاف سلباً او ايجاباً لان رئيس الحكومة تمام سلام كان أبلغ الى الوزراء ممثلي الكتل النيابية المشاركين في اللجنة انه في حال عدم التوصل في هذا الاجتماع الى اتفاق على الصيغة النهائية للبيان الوزاري فانه سيحيل الامر على مجلس الوزراء مجتمعاً لبتّه مما يفتح الباب حينذاك امام احتمال التصويت على صيغة معينة للبيان او انسحاب الخلاف على مجلس الوزراء وفتح الباب امام أزمة أكبر. ذلك انه لم يبق امام الحكومة سوى الاسبوع الحالي لاصدار البيان الوزاري لان مهلة الشهر المحددة دستوراً لاصداره تنتهي الاثنين المقبل في 17 الجاري وهو الموعد الذي يلزم الحكومة اصدار البيان كي يتمكن رئيس مجلس النواب نبيه بري من دعوة مجلس النواب الى جلسات مناقشة البيان والتصويت على منح الحكومة الثقة النيابية.

وثمة سباق مع الوقت والمهل الدستورية المتداخلة اذ ان المهلة الدستورية للانتخابات الرئاسية اللبنانية ستبدأ في 25 اذار الجاري، اي ان الحكومة والبرلمان ملزمان انجاز التصويت على الثقة قبل انطلاق المهلة الدستورية للاستحقاق الرئاسي التي يتحول معها مجلس النواب هيئة ناخبة، وسط اعتبار دستوريين انه لا يعود يجوز للمجلس حينها القيام باي عمل آخر حتى انتخاب الرئيس الجديد، مقابل موقف سابق لرئيس البرلمان نبيه بري لم يؤيد فيه هذه القراءة الدستورية وكلام خبراء آخرين عن ان آخر عشرة ايام من مهلة انتخاب الرئيس الجديد هي التي يكون فيها البرلمان غير قادر على القيام بأي دور سوى انتخاب الرئيس.

وفي ظل هذا السباق مع الوقت، بدت الاوساط الوزارية لدى فريق “8 آذار” امس متفائلة بالتوصل الى حل نهائي لصيغة البيان الوزاري في اجتماع اللجنة الوزارية مساء غد في مقابل تريث اوساط “14 آذار” في اعطاء تكهنات مسبقة، فيما لم تتخل بعض الاوساط الوزارية الوسطية عن تحفظ وحذر واضحيْن حيال التعقيدات القائمة في وجه انجاز البيان.

ويبدو ان الاتصالات والمشاورات التي لم تتوقف في عطلة نهاية الاسبوع الفائت تركزت على مشاريع عدة مقترحة لادراج كلمة المقاومة ضمن صياغة مرنة بحيث يأتي في المقدمة السياسية للبيان ذكر مرجعية الدولة ثم تأتي كلمة المقاومة في فقرة مستقلة ضمن بنود البيان. ولكن هذا الامر لم يكن قد بت حتى البارحة وسط شكوك في امكان موافقة قوى “14 اذار” عليه.

ويقول مصدر وزاري وسطي معني بالجهود الجارية للاتفاق على البيان الوزاري لـ”الراي” ان الاختبار الحقيقي لنيات القوى السياسية الاساسية في فريقي 8 و14 آذار سيظهر غداً وفي اللحظة الاخيرة وليس قبل ذلك. اذ ان الكباش السياسي حول موضوع المقاومة اتخذ وجهاً اضافياً من التعقيدات في ظل ما اعلنه بري الاربعاء الماضي حول اعتبار مهلة الشهر لانجاز البيان الوزاري مهلة اسقاط للحكومة لا مهلة حث لها على وضع البيان مما يعني اعتبارها مستقيلة حكماً. وهو الامر الذي يخالفه فيه فريق 14 اذار وتحديداً الرئيس سعد الحريري الذي نقلت احدى الصحف عن اوساطه امس مقاربة مخالفة لموقف بري معتبرة ان انصرام مهلة الشهر بلا بيان وزاري لا يعني استقالة الحكومة لان النص الدستوري لا يلحظ ذلك ضمن حالات استقالة الحكومة ويمكن الاستنتاج من ذلك ان الحكومة تبقى في اطار تصريف الاعمال من دون اعتبارها مستقيلة.

وعلّق المصدر الوزاري الوسطي على هذا الامر باعتباره مؤشراً الى خلاف دستوري وقانوني وسياسي جديد ستكون له تداعيات واسعة في حال عدم التوصل هذا الاسبوع الى تسوية للبيان الوزاري. وقال ان لا شيء يضمن قبل اجتماع اللجنة غداً حسم المأزق لان اختبار النيات لن يظهر الا في الاجتماع مما يعني ان الامر لا يزال على جانب كبير من الغموض ويفترض ان تحمل الساعات المقبلة الاشارات الكافية لتبين مسار الجهود التي ينخرط فيها مختلف الافرقاء للتوصل الى تسوية تنقذ الحكومة من مأزق كبير باعتبار ان اعادة البيان الوزاري الى مجلس الوزراء لانجازه يعني امكان اخضاعه للتصويت الذي يفتح الباب، ولو مرّ الأمر كما تشتهيه 14 آذار، على مشكلة باعتبار ان فريق 8 آذار لن يسلّم ضمن حكومة توافقية ببيان وزاري غير اجماعي وقد يقلب الطاولة باستقالة مبكّرة تطيح بالتفاهم الاقليمي وان “الموْضعي” الذي اتاح تمرير الحكومة، وهو الأمر الذي يبدو حصوله “ممنوعاً” في ظل المناخ الاقليمي المحكوم بابقاء “خطوط الرجعة” مفتوحة ولاسيما بين السعودية وايران، وهو ما يعزز من حظوظ التوصل الى تسوية “اللحظة الأخيرة”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.