الرئيس بري في عيد المقاومة والتحرير: مشكلتنا الحكومية داخلية وشخصية
دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري، في كلمة وجهها ظهر اليوم الى اللبنانيين،لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، الى “صفاء في النيات وتفعيل الارادات الصادقة من أجل تأليف الحكومة من أجل لبنان ومن أجل الانسان قبل فوات الاوان”.وأكد “أن المدخل الالزامي للانقاذ يكون بمبادرة المعنيين بالتأليف والتشكيل وبعد ذلك التوقيع اليوم وقبل الغد ومن دون شروط مسبقة ومن دون تلكؤ الى إزالة العوائق الشخصية التي تحول من دون تشكيل حكومة وطنية أعضاؤها من ذوي الاختصاص غير الحزبيين لا أثلاث معطلة فيها لأحد وفقا لما نصت عليه المبادرة الفرنسية وبرنامج عملها الوحيد إنقاذ لبنان وإستعادة ثقة ابنائه به وبمؤسساته كوطن للعدالة والمساواة حكومة تستعيد ثقة العالم به وبدوره وخاصة ثقة اشقائه العرب كل العرب”.
ودعا بري الى “إستحضار روحية وقيم التحرير من أجل إستعادة لبنان من فم “تنين” الانهيار وتحريره من إلاحتلالات المتمثلة بعقد الانانية والحقد الطائفي والمذهبي ومن إحتلال المحتكرين للقمة عيش الناس وأمنهم الصحي والدوائي والغذائي وتحرير أموال المودعين”.
وفلسطينيا، اعتبر الرئيس بري “أن من يمتلك عزيمة كعزيمة غزة والمقدسيين وثباتا كثبات ابناء حي الشيخ جراح منتصر لا محالة وأن الحلم الفلسطيني بالعودة والتحرير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بات قاب قوسين او ادنى”.
نص الكلمة
وجاء في كلمة الرئيس بري:
بسم الله الرحمن الرحيم
“وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب”.
صدق الله العظيم .
الخامس والعشرون من أيار ليس يوما من تاريخ.. هو تاريخ يحتشد في يوم.
تاريخ سطره من كان خيارهم بين الارض والسماء… فاختاروا ان يشهدوا ويستشهدوا لاجل لبنان.
تاريخ سطره من طرقوا بقوة على صدر التراب… فشرعت لهم الاعالي أبوابها.
تاريخ سطره من زلزلوا الماضي واختصروا الحاضر ليرسموا المستقبل بأحمر البيان… فكانوا كما أجمل الورود ارجوان.
هم الطالعون كشمس محت حقيقتها ذاكرة النكبات السوداء .
هم من قرر الموت الولادة .
هم من استولدوا الفجر من الليل وصنعوا لنا مجدا وقدموا لنا وطنا.
هم الشهداء الاحياء عند ربهم يرزقون .
هم المقاومون كل المقاومين.. هم اللبنانيون كل اللبنانيين .
لهم اسما اسما… وللذين ينتظرون وما بدلوا تبديلا…
وللذي علمنا درس المقاومة الاول وعلمنا كيف نكون العين الساهرة على خط التاريخ والجغرافيا دفاعا عن لبنان وعن فلسطين، إمام المقاومة والوطن سماحة الامام القائد السيد موسى الصدر.
لهم ولكم جميعا في عيد المقاومة والنصر والتحرير تحية اعتزاز وتقدير.
وبعد…
ولان النصر بالنصر يفخر، التحية ايضا اليوم موصولة الى المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس… الظاهرون على الحق القاهرون للأعداء… للاخوة الفلسطينيين، أحفاد عز الدين القسام والشيخ امين الحسيني واخوة ابي عمار، ورفاق ابو علي مصطفى وتلاميذ شيخ المجاهدين أحمد ياسين وبواسل فتحي الشقاقي واشبال فارس عودة والشهود على شهادة محمد الدرة ومحمد ابو خضير وآخر الاطفال الشهداء محمد كيوان.
التحية للمئة الف شهيد من شهداء المقاومة والانتفاضة الفلسطينية وللأحد عشر الف كوكب من المعتقلين الأسرى في معتقلات النفحة وعسقلان وعتليت وغيرها.
التحية لابناء النهر والبحر وما بينهما فلسطين وبياراتها في الجليل واللد والرملة وحيفا ويافا… وتينها وزيتونها وطور سنينها .
للقدس التي التمسنا من سمائها هلال اعيادنا الكبرى .
لكل المدن والقرى الفلسطينية المعلقة في السماء المطرزة باسماء الشهداء.
للبيرة وعيون مائها .
“للخليل” خليل الرحمن “إبراهيم”.
لإخضرار جنين ووجهها الحسن لطولكرم وبيت لحم بيت الخبز والملح .
لنابلس وقلقيلية مقلع الرجال القابضين على الحجر والجمر .
لطوباس وسلفيت… لأريحا وجبل التجربة وصدى صوم السيد المسيح (ع) وصوته المدوي في وجه الابالسة: “ليس بالخبز وحده يحيا الانسان”، مع وجوب اليقظة والتنبه لما جرى صبيحة هذا اليوم من إقدام وانتقام لقوات الإحتلال الإسرائيلي بحق فلسطينيي 48 في اللد وحيفا وغيرهما وغيرهما.
لغزة هاشم وبوح الحصار والجراح هي اليوم وجه فلسطين هي وجهنا… وجه العرب… وجه الشعب العربي بل هي كل المشهد الإنساني والعزة.
لفلسطينيي الشتات.. للمحرومين من ارضهم في لبنان وسوريا والاردن.. لهم من لبنان المثقل بالجراح والازمات المزدان ابدا ودائما بمجد التحرير والانتصار.. لهم اسمى آيات التبريك بالنصر الذي تحقق والذي من خلاله أثبتوا للعالم أن الجغرافيا الفلسطينية باتت بحجم الكون وأن من يمتلك عزيمة كعزيمة غزة والمقدسيين وثباتا كثبات ابناء حي الشيخ جراح، هم منتصرون لا محالة وان الحلم الفلسطيني بالعودة والتحرير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، بات قاب قوسين او ادنى… يرونه بعيدا ونراه بسواعد المقاومين قريبا. و”ما كذب الفؤاد ما رأى”.
ايها اللبنانيون.
ولأن الخامس والعشرين من أيار محطة وطنية أنجزها اللبنانيون بمقاومتهم وصمودهم وتضحياتهم.
واليوم ومن خلال الموقع الذي أمثله كرئيس لحركة “أمل” التي كانت وستبقى تشكل مبتدأ المقاومة وخبرها، طالما هنالك عدو رابض على حدود وطننا، ومن موقعي كرئيس للسلطة التشريعية أجد نفسي كما على الدوام ملزمٌ أمام الله وأمام التاريخ الذي صنعه الشهداء بأن اصارح اللبنانيين وأن يكون موقفي واضحا.
كان حري بنا ان نطل من خلال هذه الذكرى على انفسنا اولا وعلى وطننا وعلى تاريخه وحاضره ومستقبله بما يليق بمحطة الخامس والعشرين من أيار، لا أن نطلَّ على هذه المناسبة المجيدة على النحو الذي نحن عليه وفيه اليوم.. وطن يكاد فيه البعض عن قصد او غير قصد ان يتعمد التفنن في صناعة الازمات والتي ان استمرت بالتناسل واحدة من رحم الاخرى سوف تطيح بكل الانجازا وقد أطاحت.
وأضاف الرئيس بري: وفي هذا المجال انا لا اهول ولا ابالغ .
نعم ان استمرت هذه الازمات من دون مبادرة سريعة وفورية لمعالجتها سوف تطيح بلبنان .
حري بالجميع لا بل إن الواجب والمسؤولية الوطنية والاخلاقية والقومية والدستورية والقانونية تفرض على الجميع في الموالاة والمعارضة وما بينهما أن يستشعروا خطورة المرحلة الراهنة والمصيرية التي تهدد لبنان واللبنانيين في وجودهما.
المطلوب من القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني كافة ومن كل اللبنانيين إستخلاص الدروس والعبر التي صنعت وأنجزت النصر وتحرير لبنان من عدوانية اسرائيل واحتلالها للبنان، إستحضار روحية وقيم التحرير من اجل استعادة لبنان من فم “تنين” الإنهيار وإستكمال تحريره من الاحتلالات التالية :
اولا: تحريره من عقدة الأنانية التي يمعن من خلالها البعض تقديم اهوائه ومصالحه الشخصية على مصالح الوطن والمواطن.
ثانيا: تحريره من حقد الطائفية والمذهبية من خلال الاقتناع بأن المدخل الحقيقي والمستقبل الحقيقي لتحصين لبنان وعدم تعريضه بين فترة واخرى الى اهتزازات امنية وسياسية يكون من خلال الدولة المدنية واقرار قانون للانتخابات لا يريدون دائرة إنتخابية واحدة فليكن دوائر موسعة خارج القيد الطائفي كحد ادنى على اساس النسبية وانشاء مجلس للشيوخ تتمثل فيه الطوائف بعدالة.
ثالثا: تحرير لبنان من احتلال المحتكرين للقمة عيش الناس.. ولأمنهم الصحي والدوائي والغذائي وكل ما هو متصل بحياة اللبنانيين اليومية وتحرير اموال المودعين في المصارف.
رابعا: تحرير القضاء من التدخلات السياسية وإقرار قانون استقلاليته وتفعيل الهيئات الرقابية ومكافحة الفساد ونهب المال العام استناداً للقانون الذي أقره المجلس النيابي لجهة اجراء التدقيق الجنائي والتشريحي بكل حسابات الدولة اللبنانية انطلاقا من مصرف لبنان وبالتوازي وغير التوازي في كل الوزارات والصناديق والمجالس والادارات العامة وخاصة كهرباء لبنان، وفي هذا الاطار اقول بالله عليكم إبدأوا ساعة شئتم ومن حيث أردتم في هذا التدقيق وكفى تضليلا للناس.. نبيه بري وحركة أمل وكتلة التنمية مع البدء بتطبيق هذا القانون الذي بات نافذا.. طبقوه وطبقوا سواه من القوانين الاصلاحية التي أقرها المجلس النيابي وتجاوز عددها السبعين قانون.
خامسا، وهذا الاهم والأسرع والضروري: هو الإعتراف بأن مشكلتنا الحكومية الراهنة “مئة بالمئة” محض داخلية وشخصية “وسوس الخشب منو وفيه” وان نملك القدرة على ان نضحي من أجل لبنان لا ان نضحي بلبنان من اجل مصالحنا الشخصية.
والمدخل الالزامي للانقاذ ان يبادر اليوم المعنيون بالتأليف والتشكيل وبعد ذلك التوقيع، ان يبادروا اليوم وقبل الغد ومن دون شروط مسبقة ومن دون تلكؤ الى ازالة العوائق الشخصية التي تحول دون تشكيل حكومة وطنية أعضاؤها من ذوي الاختصاص غير الحزبيين لا اثلاث معطلة فيها لأحد. وأنا هنا أعيد وأكرر ما قاله غبطة البطريرك في هذا الصدد لا أثلاث معطلة لأحد ووفقا لما نصت عليه المبادرة الفرنسية، برنامج عملها الوحيد إنقاذ لبنان واستعادة ثقة ابنائه به وبمؤسساته كوطن للعدالة والمساواة، حكومة تستعيد ثقة العالم به وبدوره وخاصة ثقة أشقائه العرب كل العرب”.
إحتكموا للدستور في مقاربة الملف الحكومي… إنصتوا لوجع الناس وقلقهم على مصير وطنهم.. تعالوا الى كلمة سواء ننقذ بها لبنان.
فلتصف النيات ولتفعل الارادات الصادقة من اجل تأليف الحكومة من أجل لبنان ومن اجل الانسان وقبل فوات الاوان.
أيها اللبنانيون، أيها المقاومون،
في ذكرى النصر والتحرير عهدنا ابدا ودائما للشهداء عناوين عزتنا وصناع اعيادنا.. عهدنا للمقاومين المرابطين على حدود ارواحنا واحلامنا ان نكون صدى صوتهم ونبضا لقلوبهم، وجهدنا في كل المواقع وفي كل الاستحقاقات لتحقيق أحلامهم بحفظ لبنان وطن يليق بحجم تضحياتهم”.