الديار : قهوجي يجمع 8 و14 آذار باستثناء العماد عون … بري يتصرف دستورياً وتيار المستقبل يريد نقض نظام المجلس … حركة أمل ومجلس الجنوب ينتقدان عون وعون ينتقد الوضع السائد
كتبت “الديار ” تقول : تغيرت الخريطة السياسية في البلاد من خلال انتهاء مهلة قائد الجيش العماد قهوجي وبات واضحاً أن الخلاف هو أبعد من التمديد لقهوجي أو لغيره، ذلك ان الذي جرى في كتاب من وزير الدفاع يوقعه رئيس الجمهورية دون رئيس الحكومة كان يمكن ان يحصل بسهولة للواء اشرف ريفي. الا انه لم يحصل وهذا بدأ يعطي ميقاتي نوعاً من التبرير لموقفه.
اما بالنسبة لقيادة الجيش، فتم حسم الأمر بأن يرسل وزير الدفاع كتاباً يمر على رئاسة مجلس الوزراء ويحتاج لتوقيع رئيس الجمهورية ويطلب فيه التمديد لقائد الجيش سنتين، دون ان يكون هنالك حاجة لتوقيع رئيس مجلس الوزراء.
ولم نعد ندري ما هو الدستوري والقانوني وما هو غير القانوني. فالدستور واضح ويقول ان كل تعيينات الفئة الاولى بما فيها قائد الجيش ورئيس الاركان يتم التصويت عليهما بالثلثين في مجلس ، على ان يحال المرسوم الى رئيس الجمهورية واذا لم يوقعه يصبح نافذا خلال 15 يوما.
اما الآن فتم الاعتماد على المادة 54 لتغطية الثغرة في المادة 55، ذلك ان المادة 54 تقول انه اذا كانت مصلحة البلاد العليا ولظروف استثنائية يمكن ان يتخذ الوزير القرار شرط ان يوقعه رئيس الجمهورية، بينما في المادة 55 هناك الزام لتعيين قائد الجيش في مجلس الوزراء مع رئيس الاركان بأكثرية الثلثين. وأصبح الموضوع موضع اجتهاد دستوري وقانوني اكثر منه موضوعا سياسيا. لأنه بالنسبة للعماد قهوجي أجمعت كل الفئات السياسية على التمديد له باستثناء العماد عون الذي لم يعترض على العماد قهوجي من خلال سياسته او مواقفه بل اعترض على ان يتم التمديد له ولا يتم تعيين قائد جديد للجيش، على الارجح هو العميد شامل روكز صهر العماد ميشال عون.
واذا كانت مشكلة التمديد للعماد قهوجي انتهت بالكتاب الذي سيرسله وزير الدفاع عبر مجلس الوزراء الى رئيس الجمهورية للتمديد سنتين لقائد الجيش، فإن مشكلة اخرى نشأت وهي مستمرة وتتعلق بمجلس النواب. فمكتب مجلس النواب حدد بنود جدول الهيئة العامة لمجلس النواب والمواضيع التي ستبحثها وحضر اللقاء اعضاء من 14 و8 آذار ووافقوا على جدول الاعمال، وحتى انه من بين الحاضرين كان النائب انطوان زهرا ممثل القوات اللبنانية، فجاء تيار المستقبل ورفض جدول الاعمال الذي وضعه بري في اجتماع وفق الاصول لوضع جدول الاعمال.
وعلى عكس مجلس الوزراء الذي منذ الطائف وحتى الآن ليس عنده نظام داخلي لوضع برنامج جدول الاعمال، ولأن الرئيس الشهيد رفيق الحريري رفض وضع نظام داخلي لمجلس الوزراء رغم مطالبة الرئيس بري والمجلس النيابي طوال سنوات كان يرفض الرئيس الشهيد الحريري يرفض وضع نظام داخلي لمجلس الوزراء، وبالتالي كانت الجلسة تعقد ثم يتم وضع محضر لها والوحيد الذي يحق له التوقيع على المحضر هو رئيس الحكومة. ويتم اطلاع الوزراء على المحضر، لكن من الناحية الدستورية كان رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول عن الموضوع.
خلاف تيار المستقبل مع الرئيس بري هو لمصلحة الرئيس بري لأن الرئيس بري يتصرف دستوريا في محضر اجتماع وقعه اعضاء مكتب مجلس النواب ووقعه الرئيس بري والاطراف التي تمثل الكتل النيابية. والآن تيار المستقبل يريد تغيير جدول الاعمال وهذا امر غير دستوري والغريب في الامر ان سلطة حزبية تريد تغيير نهج وتشريع السلطة التشريعية في البلاد في حين ان المجلس النيابي هو اعلى سلطة في البلاد، منها تنبثق السلطات وهو الذي يقوم بالتشريع ويعد القوانين والمراسيم، فكيف يمكن لتيار المستقبل ان يطلب ذلك الا اذا قرر ان يعاكس الرئيس بري لأسباب سياسية. وواضح ان تيار المستقبل يعطل تشكيل الحكومة ويريد تعطيل مجلس النواب تماما مثلما حصل عندما عطلت 8 آذار مجلسي الوزراء والنواب.
ويستعمل تيار المستقبل الطريقة ذاتها التي استعملتها حركة 8 آذار اثر توقيف مجلس النواب والوزراء عن العمل.
بيان كتلة المستقبل
وقد عقدت كتلة المستقبل اجتماعا انتقدت فيه مواقف الرئيس بري وتمسكه بجدول اعمال جلسات المجلس النيابي وان هذا الامر يهدف الى تكريس لاعراف غير مقبولة في ظل حكومة تصريف اعمال وبالتالي تعطيل عمل مجلس النواب وان هذا التعطيل ليس من قبل تيار المستقبل وكتلته النيابية بل من قبل 8 اذار والرئيس بري.
رد بري
وقد رد الرئيس نبيه بري على موقف كتلة المستقبل وقال: “انا استغرب ان يصدر هذا الكلام عن اكبر كتلة نيابية، يا للعجب هذا دلع ما بعده دلع، المجلس هو ام المؤسسات وهو من يعطي صلاحيات وشرعة للحكومة”.
واشار بري في هذا المجال الى ان المجلس النيابي اقر دستور الطائف في غياب الحكومة وهو ليس بحاجة الى وجودها بل هناك اشخاص خرجوا من السجن بقانون عفو في ظل حكومة تصريف الاعمال.
وجدد الرئيس بري القول: “المجلس سيد نفسه” معتبرا ان كل ما يثار حول الجلسة التشريعية وجدول الاعمال هدفه التغطية على تعطيل تشكيل الحكومة.
اصطدام بري وعون
ومن تغييرات الخريطة السياسية الصدام السياسي بين حركة امل وحزب التيار الوطني الذي يرأسه العماد عون، فبعد هجوم وانتقاد عون لمجلس الجنوب وحتى ضمنيا لموقف الرئيس بري، فإن النائب علي خريس من حركة امل رد على العماد عون وانتقده عبر رد سياسي حدد فيه موقف امل بحيث ظهرت الخريطة كأن حركة امل لم تعد في حلف مع التيار الوطني واصبحت على خلاف معه فيما هما في حركة 8 آذار، بالتالي هل يمكن القول ان 8 آذار ما زالت موجودة ام تفككت؟ ام هناك خلاف محدود بين العماد عون وبين الرئيس بري، وما هو موقف حزب الله من خلاف الرئيس بري مع العماد عون؟ اذ ان حزب الله لم يتحرك لوضع حد او اطار للصراع والخلاف بين حركة امل والعماد عون.
ويبدو ان حزب الله حاول مسايرة العماد عون بأمور معينة، لكن هنالك امور لا يستطيع مسايرته بها، كذلك ساير الرئيس بري لكنه لا يستطيع اكثر من ذلك، وهنا اتخذ موقف الحياد في صراع بري والعماد عون.
ويبدو من خلال التحليل السياسي للأمور ان حزب الله وجد ان التباعد كبير بين الرئيس بري وبين العماد عون. وبالتالي فضل التخفيف من الخسائر وإبقاء الأمور في اطار مقبول، لأنه لم نعرف نحن ما حصل وما يحصل من جهود يقوم بها حزب الله، لكن الاكيد ان حزب الله بذل كل جهده لمنع تفاقم الامور بين عون وبري ان حزب الله لم يستطع فيه اقناع العماد عون والرئيس بري بحد معين.
ذلك ان حزب الله لا يرى ان كلام عون عن الفساد في مجلس الجنوب وعدم خضوعه للرقابة امر مقبول، ولا يستطيع الاتحاد مع العماد عون في هذا المجال وانتقاد حليفه الرئيس بري وحركة امل.
كذلك لا يستطيع حزب الله ان يقف مع الرئيس بري ضد العماد عون لأن حزب الله اقام حلفا استراتيجيا مع العماد عون بالنسبة للبلاد ككل، خاصة في السياسة الخارجية والدفاعية إنما على المستوى النيابي والخريطة السياسية فالخلاف كبير.
التمديد للعماد قهوجي
استطاع العماد جان قهوجي جمع 8 و14 آذار على التمديد له باستثناء العماد عون الذي يبدو انه راغب باقتراح وتعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش، ويمكن الملاحظة ان العميد شامل روكز هو من مواليد 1957 والتمديد الذي يقترحه وزير الدفاع لمدة سنتين، يلغي الحظ للعميد شامل روكز اذا استمر العماد قهوجي مدة سنتين في قيادة الجيش.
فبعدما كان الحديث عن تمديد ستة اشهر او سنة، حصلت مفاجأة اذا كانت صحيحة ونحن لا نعرف اذا كانت في مذكرة وزير الدفاع، لكن الحديث جرى ان التمديد الذي سيقترحه وزير الدفاع هو لمدة سنتين وعندها سيقطع وزير الدفاع الطريق على اكثرية ضباط عون الذين كانوا في الخدمة في ايامه وتحت امرته ويذهبون الى التقاعد.
على كل حال ان في التمديد للعماد قهوجي اشارة اوروبية واميركية وخليجية، فالخليج وفق مصادر ووسطاء، ابلغ الدولة اللبنانية وخاصة تيار المستقبل ضرورة التمديد للعماد قهوجي، وضرورة دعمه الى اقصى الحدود وتكريمه. وجاء الامر من الخليج في هذا الشأن، وما التكريم للعماد قهوجي عند السيدة بهية الحريري الا مظهر من مظاهر القرار الخليجي.
اما اوروبيا فقد اجتمع وزراء فرنسا وبريطانيا وروسيا وايطاليا والمانيا، واتفقوا على ابلاغ السلطة بواسطة وسيط انهم يريدون العماد قهوجي ان يبقى قائدا للجيش.
كذلك فإن الولايات المتحدة ابلغت بواسطة الوسطاء وربما الملحق العسكري في واشنطن العميد البير كرم، انها تؤيد التمديد للعماد قهوجي وان التعاون بين الجيش الاميركي واللبناني كان ممتازا في ايامه ولم يتهم احد الجيش بالتبعية لأميركا لأن قهوجي قاد التعاون في اطار الند للند وفي اطار صداقة ومنع حصول جو عدائي ضد اميركا داخل الجيش دون ان يكون مرتهنا لأميركا. لذلك التمديد لقهوجي فيه اشارة هامة، اضافة الى ان 8 و 14 آذار توافقا على التمديد له باستثناء عون الذي رفض الامر وسيقدم طعنا في هذا المجال.
من الضروري ان يتحرك المجلس الدستوري ومجلس الشورى بسرعة لبت الطعون التي ستتقدم لديه ضد تعيين العماد قهوجي وضد قرارات قد تتخذ في مجلس الوزراء او النواب كمذكرات وزير الدفاع التي ستمر على رئيس الحكومة.
الحريري والتحية لريفي
اما بالنسبة للأجواء التي نراها في الافق فنرى انه لا توجد حكومة ستتألف قريباً. بل نرى ان حكومة تصريف الاعمال ستستمر.
فعقدة التمديد لقائد الجيش انتهت وعقدة التمديد لسائر القيادات انتهت. وحركة 8 آذار سجلت ضد حركة 14 آذار انتصارا ولكنه ليس انتصارا كاملا انما استطاعت السيطرة على القرار من خلال منع التمديد للواء اشرف ريفي والتمديد لقائد الجيش. وهنا سيوجه الرئيس سعد الحريري تحية الى اللواء اشرف ريفي ويدعوه لقيادة العمل السياسي في الشمال وسيكون اللواء ريفي عمليا هو رئيس الكتلة الشمالية لنواب تيار المستقبل ردا على التمديد لقائد الجيش وعدم التمديد له.
في اجتماع سري عقده تيار المستقبل في الرياض على مستوى عال قرر الرئيس الحريري ان يرد على التمديد للقادة دون ريفي بتكليفه ان يكون رئيس كتلة نيابية ولو لم يكن نائبا لتيار المستقبل في الشمال، وقد يدعوه الى عمل سياسي اكبر ردا ايضا على ما اعتبره الرئيس سعد الحريري اهانة واساءة للواء ريفي ولتيار المستقبل وعدم احترام لهما في هذا المجال.
وتساءلت اوساطا ألم يكن ممكنا التمديد للواء ريفي طالما تم التمديد بهذه السهولة لرئيس اركان الجيش ولقائد الجيش العماد قهوجي بدل خلق مشكلة كبرى مع الرئيس ميقاتي، الا اذا كان المطلوب احداث فراغ في حكومة تصريف الاعمال وتعطيل مجلس النواب وهو امر غير مفهوم من قبل “الديار”.