الدولة الشكّاءة وزومبيات الأستخبارات
السياسة معادلات حسابية، وفي السياسة وعلمها لا غنى عن الرياضيات السياسية، وأجمل ما في الرياضيات أنّها لا تكذب ولا تنافق ولا تجامل العواطف والعقول، وأساس علم الرياضيات المنطقية هي البديهيات، والأخيرة هي القضايا الفكرية التي لا تحتاج الى براهين.
تشير المعلومات الأستخباراتية المرصودة، من قبل دوائر أمنية إقليمية وعبر أدوات الرصد، لجهة دوائر صنع القرار الإسرائيلي على المستويين السياسي والأمني الأستخباري لجهة مجتمع المخابرات الصهيوني أنّه: بدء بالأعداد المستمر كخطط بديلة مقترحة لتنفيذ مخطط جهنمي لإطلاق شرارة الحرب الإسرائيلية على لبنان، وتسخين الساحة الأردنية عبر الزومبيات المنتجة في كهوف تورا بورا، وبالتنسيق مع أشكال متقيحة من بعض أجهزة استخبارات البعض العربي في منطقة الخليج (الفارسي)، حيث صارت الحرب على لبنان قادمة لا محالة وخاصة بعد الأتفاق النووي المؤقت ما بين طهران والغرب مجموعة 5+1، وأنّ المسألة في حدوثها وتفعيلها هي مسألة وقت ليس الاّ، وما مسألة التجسس والتنصت الجديدة القديمة من قبل الأسرائيلي على اللبناني مؤخراً، الاّ فواصل وتمهيد للذي يريده الأسرائيلي في الداخل اللبناني، وعملية تفجير السفارة الأيرانية في لبنان كانت محاولة أوليه ورسائل شعواء في كافة الأتجاهات من خلية (بندر بوش، تمير باردو، أفيف كوخافي، يوسي كوهين).
حيث تعاني الخليه الآنفة من اضطرابات بعد الأتفاق النووي الأيراني المؤقت من جهة الغرب، وسيطرة الجيش العربي السوري على المشهد الميداني، والأخير مرتبط بالمشهد السياسي وله دلالاته العميقة والمتشعبة والمتفاقمة بايجابية، لجهة النسق السياسي السوري في الحدث الأحتجاجي. والمشهد الأقليمي بشكل خاص والأممي عموماً متأزم بعمق في مواجهة الرياض وخطها، ان لجهة سورية وان لجهة ايران، فمن يربح الأرض يفرض ورقته الرابحة على طاولة الحوار لاحقاً، لأنّ المشهد العسكري مرتبط بالحل السياسي في المسألة السورية وهذه هي المعادلة الحسابية.
قيل ويقال أنّ الغضب لا يلائم العمل الأستخباري وهذه حقيقة، لذلك نلاحظ أن بندر بن سلطان غاضب لدرجة الجنون الهيستيري، بعد انهيار (زومبياته وروبورتاته) من القاعدة وأخواتها، وداعش واخوانه في الداخل السوري عموماً وفي القلمون والغوطة الشرقية خصوصاً، لذلك يسعى هذا البندر بن سلطان ومعه أعضاء خليته، الى الضغط على الدولة الوطنية الأردنية وجيشها العربي وأجهزتها الأمنية، لترضخ وتفتح حدود الدولة مع سورية لأدخال (الزومبيات والروبورتات) التي تم انتاجها في كهوف تورا بورا عبر السي اي ايه الى الداخل السوري.
السؤال الملح هنا في الأردن: هل صارت القاعدة وداعش ثقافةً وفكراً وتنظيماً في الأردن؟
الكيان الصهيوني تعمل على مزيد من تسخين المنطقة رغم سخونتها المفرطة، عبر إعادة فك وتركيب ملف الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وفقاً لرؤية إسرائيلية تشاركية مع جناح المحافظين الجدد في الداخل الأمريكي واسناداته من الأيباك، ليصار إلى استعادة عملية إعادة إنتاجه وتنميطه، إن لجهة الملفات اللبنانية الداخلية بالمعنى الرأسي والعرضي، وان لجهة الإقليم والمنطقة ككل، ليكون بمثابة تفريخ لمواجهات عسكرية ومخابراتية واسعة إقليمية، قد تتطور إلى حرب إقليمية لاحقاً، وفقاً للرؤية الأميركية الحذرة لأدارة أوباما.
البلدربيرغ الخاص بالكيان الصهيوني ونواته الصلبة، ولأنّهم يملكون داتا معلومات عن كل قراراتهم وظروف اتخاذها والأسباب التي أدّت لذلك، بحثوا في بياناتهم وقبل ثلاث سنوات ونصف تقريباً، فوجدوا أنّه صدر قرار للحكومة الإسرائيلية بالانسحاب من قرية الغجر اللبنانية – مسمار جحا – الواقعة على مثلث حدود ساخن، لكنه بارد لجهة العمل الميداني – العسكري ألان، حيث احتلت إسرائيل القرية عام 1967 م وقت احتلالها لمرتفعات الجولان السوري الذي ما زال محتلاً، وضمت القرية عام 1981 م باعتبارها جزءً من الجولان السوري المحتل، ومنحت سكانها الجنسية الإسرائيلية، وكان لسكّان قرية الغجر دوراً اجتماعياً واقتصادياً، لجهة العلاقات مع سكّان المنطقة العازلة، التي أنشأتها “إسرائيل” في جنوب لبنان من عام 1982م إلى عام 2000 م، وبعد دحر المقاومة اللبنانية لقوى الاحتلال الأسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 م، تم ترسيم الحدود من قبل الأمم المتحدة بين لبنان و”إسرائيل” عبر الخط الأزرق، فتم وضع الجزء الشمالي من الغجر من ضمن الأراضي اللبنانية والجزء الجنوبي تحت السيطرة الإسرائيلية، وبقي الجزء الشمالي من القرية جيب أمني ضعيف لجهة (الكيان الاسرائيلي وأمنه، ويشكل مشكلة خطيرة التداعيات لأمن الكيان الصهيوني ككل، ومنه تمكن حزب الله عام 2005 م من الدخول إلى الجزء الآخر المحتل من القرية، وخطف جنديين اسرائليين.
وفي حرب تموز عام 2006 م التي انتصرت فيها المقاومة اللبنانية، حاول الكيان الصهيوني استعادة الجزء الشمالي من القرية، مما فعّل ملف قرية الغجر أممياً وفي دوائر المخابرات الدولية، حيث تم وضع ملف القرية بقضّه وقضيضه، على خلفيات القرار الأممي 1701 والذي طالب الكيان الصهيوني صراحةً بالانسحاب من القرية.
وجدت الدولة العبرية ونواتها الصلبة، وبتوصية من خلية الأزمة التشاركية بعد الأتفاق النووي الأيراني، والمشكلة من: (بندر بوش( بيولوجياً بن سلطان)، تمير باردو، أفيف كوخافي، يورام كوهين، ويوسي كوهين) من قرار “الحكومة الإسرائيلية” الأمني السياسي بامتياز والقاضي بالأنسحاب من الغجر، أنّه يحمل جينات عمل عسكري قادم ازاء لبنان والمنطقة الشرق الأوسطيه، دفع الكثير من المراقبين الدوليين والخبراء والمتابعين، لشياطين التفاصيل في ملف قرية الغجر، إلى محاولة فهم أفقية وعامودية، لسبر غور هذا القرار لمعرفة حقيقته وأبعاده غير المعلنة، للسعي الحثيث باتجاه النفاذ إلى عمق الحدث ورصد، ما يجري تحت سطح القرار، وسطح اللقاءات الإقليمية – السريّة والتي تشترك فيها – كما تقول المعلومات – بعض الدول العربية، المواتية والمتساوقة للمشتركات الإسرائيلية – الأميركية في المنطقة.
وتشير المعلومات والمعطيات الجارية، أنّ الانسحاب الصهيوني – الخديعة والورقي حتّى الآن – من قرية الغجر اللبنانية، هو انسحاب جزئي وقع على الجزء الشمالي من القرية المحتلة، مع بقاء الجزء الجنوبي تحت سيطرة تل أبيب، في عملية سياسية خبيثة، لتفعيل مسمار جحا بالمعنى الجنسي، لجهة تفريخ سلّة مسامير جحا، نحو سلّة ابتزازات السلطات اللبنانية لاحقاً في ملف الحدود.
من جهة أخرى، تشير معلومات بعض من تقارير المخابرات الإسرائيلية المسرّبة قصداً لوسائل الميديا الأميركية، أنّ نتنياهو في وقته بادر إلى إبلاغ بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة، بمضمون قرار “الحكومة الإسرائيلية” المصغرة لجهة قرية الغجر، وهذا حسب اعتقادي وظني، يشي لتهيئة الأمم المتحدة وعلى وجه الخصوص مطبخ قرار الأخيرة، مجلس الأمن الدولي للدخول في تفاصيل ملف الحدود اللبنانية – الأسرائلية، كطرف ثالث لغايات صهيونية، إزاء الرأي العام الأممي، وبأنّها “إسرائيل” أخلت كل مسؤوليتها لجهة، انتهاكاتها لسيادة الحدود والأراضي اللبنانية.
وتقول المعلومات والمعطيات أيضاً، أنّ القرار “الإسرائيلي” هذا تم اتخاذه من قبل الحكومة الأمنية “الإسرائيلية” المصغرة، وهذا من شأنه أن يؤشّر بقوّة أنّ متطلبات ومحفزات ومفاعيل، عملية صنع قرار الانسحاب من الجزء الشمالي فقط من قرية الغجر، هي محفزات أمنية بامتياز، لكنها تشي بوضوح بأنّها لغايات خلق مواجهات عسكرية ثنائية، يشترك فيها حزب الله، من المفترض لها اسرائلياً وأميركيا وبريطانياً، أن تقود إلى عمليات عسكرية إقليمية واسعة، قد تقود إلى حرب إقليمية تشمل إيران المسلمة لعرقلة وافشال الأتفاق النووي الأيراني مع مجموعة 5+1 المؤقت، وعرقلة جنيف2 السوري، حيث من المفترض أن تؤدي(أي الحرب المفترضة) إلى نتائج سياسية واسعة، يتم من خلالها إعادة رسم المنطقة سياسياً وجغرافياً من جديد، حيث تزول دول وتظهر أخرى، مع توزيع المكاسب على دول المشتركات الأميركية – الإسرائيلية من العرب.
كل المؤشرات السياسية، تشير إلى أنّ هناك إدراك سياسي، سلوكي عميق تشكل لدى محور تل أبيب – واشنطن وعربانه ودول وساحات مشتركاته في المنطقة، بأنّ أي حرب عسكرية أو حتّى مواجهات عسكرية قادمة، من الضروري بمكان أن تؤدي إلى نتائج سياسية على أرض جغرافيا المنطقة، إن لجهة محور واشنطن – تل أبيب، وان لجهة الساحات السياسية العربية الضعيفة، ودول مشتركات المحور من الدول العربية.
وتذهب تقارير أمنية استخباراتية أنّ “إسرائيل”، قرّرت فقط الانسحاب من الجزء الشمالي من القرية، وإبقاء الجزء الجنوبي تحت سيطرتها، مع تنفيذها لمخطط تحفيزي اجتماعي اقتصادي، للنسيج الاجتماعي في القسم الجنوبي من الغجر، عبر تقديم مزايا ومنافع، حيث من شأن ذلك بأن يدفع سكان القسم الشمالي، إلى الاحتجاج على مسألة الانسحاب الصهيوني، وهذا ما تسعى وتريده “إسرائيل”، لجهة توظيفه وتوليفه واستثماره في عمليات تضليلية للرأي العام الأممي تحديداً.
ومن شأن هذه الخدعة الصهيونية أن تحقق أهداف إسرائيلية عديدة، منها زعزعة النسيج الاجتماعي في مجتمع الغجر بقسميها، كل ذلك لخلق واقع جديد وأرضية صلبة، يتم هندستها بعناية في دوائر المخابرات البريطانية والأميركية والإسرائيلية، لتكون منطلقاً اسرائلياً عبر عملية عسكرية بمضمون سياسي، لضم ما تبقى من منطقة كفر شوبا اللبنانية وبشكل نهائي إلى “إسرائيل”، وعبر قانون قد يقر لاحقاً في الكنيست الصهيوني، وصاحب هذه الرؤية هو تمير باردو وقبل ثلاث سنوات ونصف، مؤخراً أشارت اليها خلية الأزمة المشتركة الآنفة بعد الأتفاق النووي مع ايران وبندر بن سلطان عضو فيها، حيث تم ويتم تطويرها وأد لجتها في العقل الصهيوني لتصبح جزء من ما يسمّى بالأمن القومي الإسرائيلي، ومستشار بيبي فيه يوسي كوهين.
أمّا من حيث الجدول الزمني، لتنفيذ مضمون قرار “الحكومة الإسرائيلية” المصغرة في وقته، كما تتحدث المعلومات وتدعمها المعطيات السياسية والأمنية المخابراتية الجارية، انّه لا بدّ من التسويف والمماطلة مع التضليل، وتقطيع الوقت عبر إتقان لعبة شراء الوقت بذاته، والتأخير في تسليم الجزء الشمالي من القرية، حتّى يتم توظيف قرار الانسحاب لدى أوساط السكّان هناك، وتفعيله لجهة حدوث الاحتجاجات الرافضة للانسحاب “الإسرائيلي”، واستخدامها كورقة سياسية بحجم ملف متكامل لابتزاز لبنان، وحصولها أي “إسرائيل” على تنازلات لبنانية متعددة، في ملف الحدود وترتيبات خاصة، يضمن فيها الكيان الصهيوني على الأقل، مسألة أمن الحدود في تلك المنطقة.
المثير في تقارير المخابرات الدولية والإقليمية، المنشورة على مواقع الكترونية مقربة منها في جل وسائل الميديا العالمية، وتزخر بالمعلومات المخابراتية المفيدة، أنّ لدوائر اللوبي “الإسرائيلي” – البريطاني، إيضاحات كثيرة حفّزت صانع القرار السياسي – الأمني المصغّر، في الكيان الصهيوني إلى المضي قدماً في مسرحية الخدعة – مسرحية الانسحاب اللفظي، من قرية الغجر المحتلة من القسم الشمالي دون الجنوبي، بحيث تم تسريب معلومات توحي، بمؤشرات من مراكز نفوذ اللوبي البريطاني – “الإسرائيلي”، والتي من شأنها أن تقدم إيضاحات عديدة حول مدى خيار الانسحاب الاسرائيلي، من الغجر ومحفزات قرار الانسحاب.
وذهبت معلومات تقارير المخابرات تلك، إلى أنّ مجلس الوزراء الأمني “الإسرائيلي” في وقته وقبل ثلاث سنوات ونصف في 17 – 11 – 2010 م، أصدر قراره بالانسحاب الجزئي من قرية الغجر، بحيث يتم سحب القوّات “الإسرائيلية” المتمركزة في الجزء الشمالي أولاً، ثم يعاد إعادة انتشارها ثانياً في الجزء الجنوبي من القرية المحتلة، مع قيام وزارة الخارجية “الإسرائيلية” وخلال فترات زمنية متباعدة بالتنسيق، مع قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) الموجودة في لبنان، لجهة التفاهم وإنهاء التفاصيل والترتيبات النهائية المتعلقة بتنفيذ القرار “الإسرائيلي”، رغم أنّ تل أبيب ما تزال أكثر تردداً، لجهة الاعتماد على اليونيفيل لإخفاقها المتكرر (أي القوات الدولية) لجهة، حماية أمن مناطق الحدود اللبنانية – “الإسرائيلية”، وفي هذا الوقت يعترض حزب الله على تمركز قوات اليونيفيل في المناطق السكانية، لذلك فكل التقديرات تشير أن الاتفاق إن حدث وتم تنفيذه، سوف تقوم الأمم المتحدة بنشر قواتها في المناطق المحيطة بالجزء الشمالي من قرية الغجر، ومن الجدير ذكره، أنّ سكّان قرية الغجر يحصلون على حاجاتهم اليومية، من الكهرباء والخدمات وبقية الاحتياجات من “إسرائيل”، ويحمل العديد منهم الجنسية “الإسرائيلية”، وبسبب تداعيات الانسحاب – كما أسلفنا – وانقسام القرية إلى قسمين، بعد تنفيذ الانسحاب ميدانياً، فمن المتوقع أن تحدث المزيد من التوترات والاحتجاجات السكّانية المختلفة، وهذا هو المطلوب اسرائيليا وأميركيا وبريطانياً وسعودياً، لتنفيذ توصية خلية الأزمة.
هذا وتتحدث المعلومات، أنّه تم الأتفاق بين اسرائيل والأمم المتحدة، الى انسحاب الكيان الصهيوني من القسم الشمالي، مع استمرار الكيان بمد سكانه بكل احتياجاتهم منها، وهذا من شأنه أن لا يتيح بقاء قوّات الأحتلال الأسرائيلي، ولا قوّات اليونيفيل من التواجد العسكري، داخل الجزء الشمالي من القرية، ولكنه يسمح لها باعادة الأنتشار في القسم الجنوبي، كما يتيح لقوّات اليونيفيل في ذات الوقت، التمركز الميداني العسكري في المناطق المحيطة، بالجزء الشمالي وعلى أطرافه الأستراتيجية، والتي تسهل المراقبة منها، مع احتمالية اشتراك قوات هجومية من حلف الناتو.
جل التحليلات والتقارير السياسية والأمنية، تشخص الوضع في قرية الغجر على النحو التالي:
القسم الجنوبي تم ملىء فراغ القوّة والسلطة من قبل الكيان الصهيوني، والقسم الشمالي يعاني من فراغ القوّة والسلطة، ومسألة اجبار جزء من سكان القرية، وتحديداً الجنوبيين منها على حمل الجنسية الأسرائيلية، وما يحمله ذلك من انتهاكات اسرائيلية، للقانون الدولي ونظمه الأممية، سوف يقود الى مزيد من ارتباطات شمال القرية بجنوبها، الذي تسيطر عليه “اسرائيل” وهذا معناه باختصار: أنّ الأنسحاب الأسرائيلي من القسم الشمالي من القرية، هو انسحاب وهمي افتراضي، عبر مسرحية الخدعة، لتضليل الرأي العام الأممي.
باعتقادي وتقديري أحسب أنّ الكيان الاسرائيلي، وعبر توصية ورؤية خلية الأزمة، تهدف الى احتمالات مبرمجة الحدوث، وعلى خلفية أزمة القرار الظني للمحكمة الدولية والمسألة السورية واتفاق ايران النووي المؤقت، فمن المحتمل أن يقوم حزب الله، بعمل عسكري ليملىء فراغ القوّة والسلطة في الجزء الشمالي من القرية، وهذا من شأنه أن يوفّر ذريعة للكيان الصهيوني، لجهة القيام بالرد المماثل فتشتعل الحرب، وهذا ما تسعى له واشنطن، لندن، وتل أبيب، وجل مشتركاتهم من الساحات السياسية الضعيفة في المنطقة، ومشتركاتهم من الدول أيضاً، كما يقول الخبراء الدوليين ومنهم الخبير الأممي كوتسيف.
الأحتمال الآخر بتموضع، في سعي “اسرائيل” للقيام بالضربة الأستباقية كخطوة أولى حمقاء، تمهد لجهة القيام بالخطوة الثانية وهي ضرب الجمهورية الأسلامية الأيرانية، لأشعال الشرق الأوسط كله، ليتم اعادة رسمه من جديد، بعد أن تم لفظها اي “اسرائيل” كدولة شكّاءة من الأتفاق النووي المؤقت مع طهران.
يذهب فريق آخر من الخبراء والمتابعين الدوليين، الى احتمال آخر- مع ايماني المطلق أنّ الأحتمال في السياسة ليس يقيناً – وبعد تحليل الأحتمالين السابقين، فانّ الأحتمال المبرمج في الحدوث، ويجمع بين الأحتمال الأول والثاني يتمثل في عدم، سعي حزب الله لأستغلال ظاهرة فراغ القوّة والسلطة في الجزء الشمالي من القرية، مع سعي الكيان الصهيوني الى ترتيبات خاصة، للحدث (س وص) وفبركاته، لكي تستخدمه كمبرر لتوجيه ضربة لحزب الله، لأشعال حرب اقليمية واسعة تشترك فيها ايران، وهذا هو مخطط خلية الأزمة سابقة الذكر، حيث تم تطويره لدى دوائر المخابرات الأميركية والبريطانية بعض العربية، وشبكات المخابرات الأسرائيلية والكندية، مع مشتركاتها من أجهزة المخابرات في الشرق الأوسط وخاصة الخليجية.
وتؤكد تقارير جهاز مخابرات اقليمي ناشط، وذو مجال جيوبوليتيكي واسع، أنّ “اسرائيل” حصلت بالفعل على أكثر من خمسة وعشرين طائرة أميركية من نوع اف – 35 ذات تطور عالي، وهذا ما أكدته دوائر مخابراتية أوروبية حديثاً.
وبالرغم من التفاهمات الروسية – الأمريكية والتي انجزت الكيميائي السوري والنووي الأيراني الذي قد يقود الى عقد جنيف 2 رغم تحديد موعده، الاّ أنّ دوائر مخابرات أوروبية تتحدث على أنّ الأجواء باتت مهيأة لحروب جديدة تشنها “إسرائيل” ضد ساحات في المنطقة، وأنّ الاستعدادات لهذه الحروب قد شارفت على الانتهاء، وطواقم التنسيق في المنطقة تسابق الزمن، وأضافت أن الحرب الإسرائيلية على لبنان باتت مسألة وقت، وأن هناك تنسيقا متزايدا ومتطورا بين “إسرائيل”، وجهات في المنطقة وداخلية لبنانية لدعم هذه الحرب، وقالت هذه الدوائر أن الإدارة الأمريكية سوف تشارك عمليا، بوسائل مختلفة في هذه الحرب، حيث يتواجد في “إسرائيل”، أعضاء الطاقم الاستراتيجي ومنذ أكثر من شهر ونصف، كما أن الأسابيع الأخيرة شهدت زيارات سرية، قام بها وفد أمريكي إسرائيلي أمني إلى دول في المنطقة، للاتفاق على الأدوار التي ستنفذها هذه الدول خلال الحرب.
وكشفت الدوائر ذاتها، أن هناك اتفاقا بين واشنطن وقيادات في المنطقة، على تأجيل بحث كافة القضايا المطروحة إلى ما بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، والانتظار إلى ما ستسفر عنه من نتائج وترتيبات، وهذا ما يفسر الجمود الذي يلف هذه القضايا، وذكرت الدوائر أن ما تشهده بعض الساحات في المنطقة، واللقاءات السرية التي تتواصل بين تل أبيب وواشنطن من جهة، وأنظمة وجهات مختلفة في المنطقة، والاجتماعات بعيدا عن وسائل الإعلام، بين قادة الأحزاب الكبرى في “إسرائيل”، والاتصالات بين فئات لبنانية، ودوائر الأمن الإسرائيلية ، جميعها تصب في إطار التهيئة للحرب الدموية القادمة.
وما الزيارات التي قام ويقوم وسيقوم بها جون كيري، وهذا الحراك الدائم للدبلوماسية الأمريكية لجهة المفاوضات على المسار الفلسطيني – الأسرائيلي ضمن الصراع الأستراتيجي للعرب والمسلمين مع الكيان الصهيوني، وكذلك الحديث والحديث المضاد في موضوع جنيف ايران وجنيف سورية، ما هو الا للفت الأنتباه عمّا يجري اعداده للمنطقة العربية بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام.
المحامي محمد احمد الروسان – عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
موقع شام تایمز