الدراجات “الكهربائية” تغزو صيدا
بين تفادي الازدحام الخانق والدواعي الامنية، يجد ابناء مدينة صيدا ومنطقتها ضالتهم في منعهم من استخدام الدراجات النارية منذ سنوات طويلة، بالاقبال على شراء الدراجات “الكهربائية” التي تشبه الى حد كبير “الهوائية”، الا انها تعمل على بطارية لمسافة 40 كلم قبل ان يعاد شحنها مجددا، يجدونها في ظل اصرار السلطات الامنية على قرار منع استخدام الدراجات النارية منذ جريمة اغتيال القضاة الاربعة في قصر العدل القديم في صيدا العام 1999 منقذا لهم من عجقة السير وارتفاع اسعار البنزين والأهم من كل ذلك انها “صديقة البيئة”.
ينهمك المعلم “ابو نضال” سميح بتركيب دراجة كهربائية داخل محله المتواضع في “حي البراد” في صيدا وهو يتحدث الى زبون، جاء يسأله عن تفاصيلها بعدما باتت تغزو شوارع مدينة صيدا كبديل “آمن” عن الدراجات النارية، يقول “ان الاقبال عليها بدأ منذ اشهر قليلة، اذ لم تكن من قبل معروفة في المدينة، هي بالاساس من صنع الصين واستخدمت في سورية كثيرا، واليوم في لبنان، هي عبارة عن قطع مفصولة نقوم بجمعها ويتطلب الامر يوما كاملا كي تصبح جاهزة للاستخدام بعد التجربة، فيما سعرها يتراوح ما بين 450 – 500 دولار وفق خصائصها، اي انه بمقدور اي عامل او رب اسرة لا يملك وسيلة نقل ان يشتريها لان سعرها زهيد قياسا على ثمن السيارات اليوم.
واضاف: “نحن نقوم بشراء هذه القطع بالمفرق من تجار جملة في بيروت الذين يستوردونها من الصين، ونقوم بجمعها وبيعها”، معددا خصائصها بأنها”صديقة للبيئة، وصوت محركها غير مزعج على الاطلاق ولا تحتاج الى الوقود (البنزين)، وسرعتها لا تتجاوز 45 كلم بالساعة، تعمل على بطارية من عيار 12 فولت، وتحتاج الى شحن كهربائي كلما قطعت مسافة 40 كلم، واذا زاد “المشوار” عن ذلك يمكن استخدام “الدوسات” كما حال الدراجات الهوائية للعودة مجددا الى المنزل او مكان العمل، واعادة شحنها مجددا لبضع ساعات فقط”.
لا ترخيص أو رسوم
ولا يحتاج صاحب الدراجة “الكهربائية” الى ترخيص لاقتنائها، او حتى الى التصريح عنها في مصلحة تسجيل المركبات والآليات “النافعة” ولا الى معاينة “ميكانيك” دوريا، اذ لا رسوم سنوية عليها مثل السيارات او الدراجات النارية، ولا تحتاج الى دفتر قيادة، ويناسب حجمها المتوسط وشبه الموحد كل فئات المجتمع، عمالا ورجالا وشبانا وفتيانا… وكلها ميزات تجعل الاقبال عليها كثيفا.
ويؤكد العامل محمد بوجي، انه اشترى واحدة منذ شهرين وما زال يستخدمها بكل سرور، يقول “لقد حلت لي مشكلة كبيرة في التنقل من المنزل الى مكان عملي في المدينة الصناعية وفي قضاء حاجتي عند شراء اي غرض احتاجه، انها رائعة وجميلة بكل ما للكلمة من معنى وقد جاءت لتلبي حاجة ابناء المدينة الى وسيلة تنقل سهلة بعد قرار مجلس الامن الفرعي في الجنوب منع استخدام الدراجات النارية في صيدا و13 بلدة محيطة بها في قضائها”، وبعد تضرر الكثير من المواطنين الذين كانوا يعتمدون عليها في تنقلاتهم اليومية وفي انجاز اعمالهم، الى جانب بعض اصحاب المؤسسات الصغيرة مثل مطاعم “الوجبات السريعة” و”الديلفري” وموزعي الصحف.
بينما يشير الشاب علي شعبان الذي يملك واحدة، الى انها “وسيلة نقل مقبولة ما بين السيارة والدراجة النارية، والأهم من ذلك انها”منقذة” من “عجقة السير” و”وفيرة” لا تتطلب الوقود “البنزين” في ظل ارتفاع اسعار المحروقات والازمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة”، موضحا ان “الكثير من اصحاب الدراجات النارية وبخاصة جيل الشباب الذين يجدون فيها متنفسا للمتعة الرياضية والسباق، نفذوا منذ فترة اعتصامات احتجاجية للمطالبة باعادة السماح لهم باستخدام الدراجات النارية ولكن القرار الرسمي والامني كان حاسما بعدم الموافقة على اعتبار انها وسيلة سهلة للفرار بين الازقة ووسط الازدحام بعد ارتكاب اي جريمة او القيام بعملية سرقة، بينما يمكن مطاردة سائق الدراجة “الكهربائية” وتوقيفه سريعا”.
قرار الحظر
يذكر ان مجلس الأمن الفرعي في الجنوب كان قد اتخذ قرارا بحظر تجوال الدراجات النارية في صيدا وعدد من بلدات قضائها، للمرة الاولى اواخر العام 1997 بعدما شهدت المدينة احداثا امنية واستخدم منفذوها دراجات نارية، ثم عاد وأكد على قراره أواخر العام 1999، اثر جريمة اغتيال القضاة الأربعة على قوس محكمة قصر العدل في صيدا حيث اقتصر قرار الحظر حينها على المدينة وحدها، ليعود المجلس في العام 2001 ويجدد قرار الحظر ويعدله بحيث شمل 12 بلدة في محيط صيدا، هي: حارة صيدا والهلالية وعبرا والبرامية والصالحية وبقسطا ومجدليون وعين الدلب والقرية وزغدرايا والمية ومية ودرب السيم مضيفا اليها قبل فترة وجيزة بلدة مغدوشة لتصبح 13 بلدة بالاضافة الى صيدا، ملوحا بأن الاجراءات ستكون صارمة بحق المخالفين ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم أبقيت صيدا مدينة خالية من الدراجات النارية ما خلا بعض الخروقات في ضواحيها.
المصدر: صحيفة البلد اللبنانية