الخطة التركية للسيطرة على العالم الاسلامي من خلال التحالف “الامريكي ـ الاخواني” !!
صحيفة المنار الصادرة في فلسطين عام 1948:
عمل رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان من أجل تقويض الدور المصري واسقاط الدولة السورية وتشديد الحصار على ايران كي يتم تتويجه زعيما للشرق الاوسط بمباركة امريكية. فاردوغان واوغلو مستشاره ووزير خارجيته شاركا في وضع اسس التحالف الامريكي ـ الاخواني للسيطرة على مقاليد الحكم في البلدان العربية. ومن هذه الاسس أن يتوج زعيما لمنطقة الشرق الاوسط بعد أن تنتهي جماعة الاخوان من فرض سيطرتها على البلدان العربية وان يتواصل حصار ايران وصولا الى المشاركة في تشكيل ائتلاف اقليمي دولي من اجل فرض املاءات الغرب على ايران.
وتركيا “أردوغان” وصلت الى نتيجة بأن انضمام الدولة التركية الى الاتحاد الاوروبي امر من المستحيلات وأن الحكومات السابقة في تركيا اضاعت الكثير من الوقت الثمين في البحث عن مقعد لتركيا في الاتحاد الاوروبي وقدمت الكثير من التنازلات الا أن ذلك لم يتحقق رغم المفاوضات الطويلة والشاقة مع اوروبا. ويرى اردوغان وفريقه أن الافضل هو بناء اتحاد اسلامي تتزعمه تركيا في منطقة الشرق الاوسط. وبالفعل بدأت حكومة اردوغان في تسويق وترويج تركيا في الدول المحيطة والعالم العربي والاسلامي عبر وسائل واساليب مختلفة من الاساليب الاعلامية وحتى الدبلوماسية الحميمة وذلك على اساس خطة العمل السياسي الخارجي التي اعلنتها حكومة اردوغان في ايامها الاولى واطلقت عليها اسم “صفر مشاكل” التي لم تكن سوى خطة انتقالية في السياسة الخارجية التركية، كما تقول دوائر سياسية عليمة لـصحيفة المنــار ، وشكلت هذه الخطة، العنوان لمرحلة تمهيدية من كسب الثقة والتغلغل داخل الدول المجاورة وتلك الموجودة في الاقليم. ويجب أن لا ننسى أهم تلك الوسائل في تحقيق هذا التغلغل وكسب الثقة في اوساط العرب في منطقة الشرق الاوسط، وذلك من خلال افتعال “الازمات الدبلوماسية” مع اسرائيل والاحتكاك معها بصورة سلبية وبشكل استعراضي في المحافل الدولية ، فحققت بالتأكيد النتائج المطلوبة التي يتمناها حزب العدالة والتنمية في تعميق حضوره في الاوساط الشعبية قبل الرسمية في المنطقة العربية والاسلامية. وكانت تركيا تدرك بأن هناك عقبات وعوائق امام تسلمها قيادة المعسكر العربي والاسلامي في المنطقة، فهناك دول لها تاريخها ومكانتها ولا يمكن أن تسمح بأن تُقاد من جانب تركيا أو غيرها، وعلى رأس تلك الدول : مصر، سوريا وايران…
وجاء العرض الامريكي بالتحالف مع الاسلام السياسي “تنظيم الاخوان المسلمين” في المنطقة العربية لانجاح التغيير الذي تتمناه الولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط، وشباك الفرص الذي يمكن من خلاله أن تقفز تركيا لتحقيق حلمها بزعامة المعسكر العربي والاسلامي في المنطقة. وساهمت تركيا بحكومتها التي يقودها حزب العدالة والتنمية الاسلامي في رعاية اتفاق واشنطن في اطار جماعة الاخوان بالمنطقة العربية وشاركت في وضع اسسه. فكانت الانطلاقة التجريبية في تونس، من خلال التضحية بنظام هو في الاصل موالٍ للغرب من أجل توفير “عرض” قوي ومناسب شاركت في تضخيمه الماكينة الاعلامية للاخوان “الجزيرة” التي ضخمت الاحداث في تونس وادارت تغطيتها للاحداث هناك بأدوات وخدع سينمائية، فكانت الانطلاقة قوية التي اثرت على ساحات اخرى في المنطقة العربية وكانت الولايات المتحدة قد نثرت فيها بذور زعزعة الاستقرار الداخلي عبر قوى شبابية خضعت لدورات تأهيل القيادات الشابة للمشاركة في محاربة الفساد والامراض الاجتماعية التي تعاني منها مجتمعاتهم، وهي بذور لم تكن ستتطور وتنمو لولا وجود الارضية المناسبة لانتشارها السريع، وهي ارضية سببها الاساسي قلة المشاريع الاصلاحية والاهمال المتنامي على مدار سنوات طويلة من جانب الحكومات والانظمة القائمة. وعملت جماعة الاخوان المسلمين في تلك الدول من وراء الكواليس وبصورة سرية ولم تتقدم الى الصفوف الامامية الا عندما ايقنت بأن النظام القائم على وشك السقوط، ومن خلال تنظيمها الجيد تمكنت من السيطرة على الحراك الشعبي في كافة الدول العربية ووصلت الى رأس الحكم. فكان الابتعاد التركي التام عن السياسة المرحلية الانتقالية في العلاقات الخارجية والتي اطلقت عليها اسم “صفر مشاكل” لتبدأ وبصورة علنية بالوقوف الى جانب الولايات المتحدة وجماعة الاخوان والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، املا في أن يحقق المشروع الامريكي حلم اردوغان باحياء امجاد الامبراطورية العثمانية. وتغلغلت المؤسسات التركية بانواعها واشكالها المختلفة في الدول التي عصفت بها ما تسمى برياح الربيع العربي. ولم تجد تركيا اي مانع في أن تتزعم الدول الاسلامية والعربية في المنطقة حتى بوجود السعودية التي تعتبر نفسها زعيمة العالم الاسلامي لوجود الاماكن المقدسة للمسلمين فيها. وتركيا ترى أن هناك اختلافا بين الرمزية الدينية وبين الزعامة السياسية ، فالامبراطورية العثمانية كانت زعيمة العالم الاسلامي وادارت شؤون هذا العالم من اسطنبول. كما ان الزحف الاخواني حسب ما خطط له لم يكن يستثني ساحات الدول الخليجية وبشكل خاص السعودية.
وتقول دوائر مراقبة لما يجري في المنطقة منذ هبوب هذه الرياح لـ “المنــار” أن العطل الذي اصاب قطار التغيير الامريكي في سوريا، هو الذي مس بصورة كبيرة احلام اردوغان ويهدد بانهيار تام للحلم الاخواني في السيطرة على الحكم في العالم العربي، وأن انكشاف الاوراق والتمحور الذي حصل على خلفية الازمة الطويلة في سوريا، صعبت المهمة الامريكية وادت الى حالة السقوط المدوي للحكم الاخواني في مصر، وهو سقوط تداخلت فيه الكثر من العوامل والاسباب من بينها الصراع الذي يدور في الكواليس بين قطر وتركيا وهي دول داعمة للاخوان وبين السعودية التي تعتبر الاخوان خطرا عليها.
وتحتل السعودية وبعد سقوط حكم الاخوان في مصر مقعدا متقدما في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لتغيير النظام السوري، فنظرة السعودية نحو تغيير هذا النظام نابعة بالاساس من خوفها من التمحور السوري الايراني وهي تعتبر النظام السوري عدوا لها ومسألة مشاركتها في محاربة الدولة السورية هي مسألة تتعلق بمصالحها الضيقة المبنية على عدائها مع ايران. وتضيف الدوائر أن بعض الدول العربية كانت ترفض السماح لتركيا وقطر باستخدام اراضيها عسكريا ضد سوريا خوفا من أن يستغل هذا التحرك القطري التركي في دعم ومساندة جماعة الاخوان على اراضيها ولكن بعد سقوط حكم الاخوان في مصر وتقدم السعودية الى الصفوف الامامية، فتحت تلك الدول اراضيها وساحاتها امام نشاطات أوسع ضد سوريا، فلم تعد تخشى تحالفات من وراء الكواليس مع الاخوان.