الخرق الأمريكي الأخرق
صحيفة كيهان العربي الإيرانية ـ
ماجد حاتمي:
تمديد الحظر الامريكي ضد ايران لمدة 10 سنوات اخرى، من قبل الكونغرس الامريكي، قبل ان يكون انتهاكا سافرا لروح الاتفاق النووي، هو استخفاف بشركاء امريكا الاوروبيين الى جانب روسيا والصين، الذين فاوضوا ايران على مدى سنوات، للتوصل الى هذا الاتفاق الدولي المتعدد الاطراف، والمصادق عليه في مجلس الامن الدولي.
أمريكيا، اثبت قرار تمديد الحظر الامريكي ضد ايران، ان اعضاء الكونغرس الامريكي تصرفوا بشكل لا مسؤول وبعيدا كل البعد عن العقلانية والمنطق السياسي، فكيف يمكن تبرير تصويت الاعضاء الديمقراطيين جميعهم دون استثناء، على قرار يهدد بافشال اتفاق توصلت اليه الادارة الامريكية الديمقراطية وتعتبره من اعظم منجزاتها ؟، الا يكشف هذا الامر تخبط النخب السياسية الامريكية ؟، واستخفاف هذه النخب حتى بنظامها السياسي وادارتها، ومكانة امريكا على مستوى العالم، وسمعتها بين شركائها؟.
دوليا، اكد الامريكيون عمليا، من خلال تصويتهم على تمديد الحظر الامريكي على ايران، ما تقوله شعوب العالم، التي اكتوت بنيران الحروب والتدخلات الامريكية، من ان امريكا تبقى “دولة الكاوبوي” المتمردة والمتغطرسة، ليس على القوانين الدولية فحسب، بل حتى على المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات التي تبرمها وتوقعها مع الدول الاخرى، اذا ما شعرت ان هناك فرصة يمكن التملص منها والتراجع عنها لاتفه الاسباب، ومن بينها مصالحها اللامشروعة.
ايرانيا، اثبت قرار تمديد فرض الحظر الامريكي على ايران، صوابية موقفها الرافض للتفاوض على انفراد مع امريكا بالشأن النووي، واصرارها على مشاركة القوى الكبرى في هذه المفاوضات، بهدف تقليص مجال المناورة امام الامريكيين للتملص من الاتفاق، وهو موقف يستند الى تاريخ طويل من العدوان والتدخل وانتهاك القوانين والمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الثنائية بين ايران وامريكا، قبل وبعد انتصار الثورة الاسلامية.
ايرانيا ايضا، يمكن ان يشكل قرار تمديد الحظر الامريكي ضد ايران، بداية لتوثيق العلاقة سياسيا واقتصاديا، بين ايران ومجموعة الدول الخمس الكبرى التي وقعت عليه، بعد ان تأكد لهذه الدول مدى التزام ايران بالاتفاق النووي، وهو التزام اكدته المنظمة الدولية للطاقة النووية وشخص مديرها العام، في اكثر من تقرير وتصريح، وهذا الالتزام يشكل حجر اساس لبناء علاقات سياسية واقتصادية بين ايران وهذه الدول، مبنية على الثقة والاحترام المتبادل.
ايرانيا ايضا، تمتلك ايران كل الحق في الرد على الخرق الامريكي للاتفاق، من خلال اجراءات وضعتها قبل ان يجف حبر الاتفاق، لمعرفة ايران الاكيدة بطبيعة السياسة الامريكية غير المسؤولة والمتغطرسة، والرد الايراني سيكون موجها الى الجانب الذي اخل بالتزاماته ونكث بعهوده، ولن يترتب على هذا الرد، اي انتهاك لايران لصلب الاتفاق، والاساءة الى علاقاتها مع الاطراف الاخرى التي مازالت تحترم الاتفاق وتلتزم به.
من الواضح ان ايران دولة مسؤولة، وتتصرف بعقلانية وصبر وتأني حتى في ابسط القضايا الاقليمية والدولية، وان هذه العقلانية والصبر والتأني من المؤكد ستتضاعف في تعاملها مع الخرق الامريكي للاتفاق النووي، لسبب بسيط، وهو ان هذا الاتفاق حفظ لايران برنامجها النووي ورفع عن كاهلها جوانب من الحظر الظالم الذي كان مفروضا عليها، وعزز مكانتها كدولة مسؤولة تحترم مواثيقها وتعهداتها على الصعيدين الاقليمي والدولي.
الرد الايراني على الخرق الامريكي الاخرق، لن يكون بالشكل الذي يهدد صلب الاتفاق النووي، بين ايران والقوى الخمس الكبرى الاخرى، فالقيادة الايرانية لا تضع امريكا في خانة واحدة مع هذه القوى، التي اثار القرار الامريكي حفيظتها وحتى اعتراضها، كما تدرك ايران اهمية الاتفاق، الذي يشكل فشله افضل هدية تُقدم الى ‘اسرائيل’ والسعودية واللوبي الصهيوني واليمن المتطرف في امريكا والغرب، وهي هدية من المستبعد ان تقدمها ايران