الحكومة و8 آذار: تُشكّل أو لا تُشكّل؟
موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:
هو موقف سياسي لبناني، لا تحسد عليه أبداً القوى والأحزاب المقاومة في لبنان أو ما يعرف بِـ “قوى 8 آذار”، في ما يتعلق بموضوع المشاركة في الحكومة التمّامية السليمانية المزمع تشكيلها. هو موقف صعب فعلاً، وخاصة عندما تصل الأمور إلى ما وصلت عليه في لبنان مع غياب الوسطية السياسي فعلياً، حتى ولو أنها ما زالت موجودة بشكل صوري.
فالمتابع للتطورات السياسية اللبنانية والتي وصلت الى ما بعد الهاوية بحيث أصبح من المتعذر الوصول إلى نقطة تلاقٍ بين المقاومة من جهة ومناهضي المقاومة وأعدائها من جهة أخرى، بات يدرك حجم التشنج السياسي والجماهيري لدى الفريق الذي يسعى لتسليم رأس المقاومة للعدو اليهودي، هذا التشنج الذي وصل الى درجة الوقاحة بحيث أصبح التآمر مفخرة وأصبحت العمالة وجهة نظر.
وهذا الفعل الذي يتطور بشكل يومي فاضح والذي كان آخره الانتشارات العسكرية المفضوحة في بعض أزقة بيروت، في ظل غياب الأجهزة الأمنية لا سيما فرع المعلومات، قد أثّر بشكل كبير على الشارع الآخر (جمهور المقاومة) بشكل سلبي، فلطالما تحمل هذا الشارع الكثير الكثير من الاستفزازت السياسية والتهويل الإعلامي، لا بل قد وصلت الأمور به إلى أن يتحمل القتل وينظر إلى شركاء الجريمة على اعتبارهم شركاء في الوطن (من باب التذكير: سهرة الشاي في مرجعيون، والمعلومات التي أدت لتدمير مجمع الحسنين (ع) )، ولا داعي للتذكير بباقي الأمور، و”خلّي الطابق مستور”.
فعلاً لقد تحمل جمهور المقاومة الكثير الكثير ممن يدّعون حقهم في الشراكة، هذا الكثير الذي كاد أن يصل بلبنان أكثر من مرة الى مرحلة الدمار، لولا أن إرادة الله أوجدت على رأس هذا الجمهور قيادات سياسية حكيمة ـ وأخصّ بالذكر حفيد الأنبياء سماحة سيد المقاومة ، ودولة الرئيس نبيه بري ـ وكلمة حق تقال إن الحرب الداخلية كانت لتقوم بين ليلة وضحاها لولا ما قدمه هذان الرجلان من تضحيات سياسية ومعنوية فداء لحياة لبنان.
ولكننا اليوم نقف على مفترق طرق في لحظة مفصلية من عمر لبنان وتاريخه السياسي وتركيبته الاجتماعية، فالأمر قد تخطى مسألة الإستفزازات السياسية والصهيونية الإعلامية والتعامل الخفي، وانتقل إلى مرحلة الحرب العلنية على المقاومة دون أي رادع أو حياء. فعندما يخرج ابن أم فؤاد ليتحدث عن تدخل حزب الله في سوريا، ويليه ابن أم سعد ليقول إنه لا شراكة إن لم يخرج الحزب من سوريا، ثم يتنطح خصي معراب ليرفض أي مشاركة حكومية مع المقاومة، ويتبعه أحد اللقطاء وأحد أذناب الصهيونية الإسلامية (خالد الضاهر ابن حلم ابيه) ليدافع عن لقيط مثله فجّر نفسه في ضاحية الله، فهذا إن دل فهو يدل على أن العلاقة بين الشارعين السياسيين في لبنان قد وصلت إلى مكان لا تلاقي فيه.
من هنا نجد بأن قوى 8 آذار في موقف لا تحسد عليه، لا بل هي اليوم تقف أمام مسألة التشكيل الحكومي موقف من يمتلك خيارين أحلاهما مر وأهونهما صعب. إن هذه القوى اليوم مطالبة بالمشاركة في الحكومة التمّامية السليمانية المزعومة لسببين، السبب الأول لكي تضمن عدم السماح للفريق السياسي المناهض للمقاومة والداعم للصهيونية الإسلامية بالإنفراد بالسلطة التنفيذية اللبنانية، الأمر الذي سيؤدي إلى مرخنة القرار السياسي الحكومي، والسبب الثاني هو أن هذه القوى لطالما كانت تسعى للوصول الى حكومة تمثل مصلحة الوطن، فلا تلغي أحداً ولا تستثني أحداً ، كما يهمها أن لا يسجل عليها بأنها تريد الوصول بلبنان إلى فراغ حكومي.
ولكن وفي الوقت عينه فإن خيار المشاركة في الحكومة قد لا يجد الصدى الإيجابي لدى جمهور المقاومة الرافض لأي شراكة مع من يشجع ويعمل ويخطط ويشارك في قتله، وفي التآمر على بيئته الحاضنة للمقاومة ، مما يجعل خيار المشاركة في أي حكومة تجمع القاتل والضحية هو أمر غير محبب لدى أهل الضحية ، وإمكانية تخطي هذه المشكلة عند اتخاذ خيار المشاركة مرهون فقط بكلمة من حفيد الأنبياء الذي سيأخذ الأمر على عاتقه كما كل مرة، وأكرر بأنه مرهون بكلمة منه فقط ، لأنه الوحيد القادر على على ايقاف الفتنة في لبنان، شريطة أن يتخلى أتباع الصهيونية الإسلامية عن استفزازاتهم وتحريضاتهم المتكررة. وهذا ما نسميه الخيار الصعب.
أما الخيار الثاني، وهو الخيار الأصعب، فهو القاضي بالاستجابة الى صوت القاعدة الجماهيرية للمقاومة والعزوف عن أي مشاركة حكومية تمثيلية أو تعبيرية مع أعداء الوطن ، وهو الخيار الأصعب لأنه سيؤدي إلى سيطرة المشروع الصهيوني الإسلامي على القرار السياسي اللبناني بشكل كامل مما سيجبر قوى المقاومة على التحول من الدفاع الى الهجوم على الصعيد السياسي ، وفي هذه الحالة، ومع منافس سياسي أقل ما يقال عنه إنه حامي القتلة، يصبح من السهل جداً أن يتحول الصراع السياسي الى صراع عسكري قد تفرضه المرحلة على قوى المقاومة لحماية ما تبقى من لبنان القرار ولبنان الدولة. وبالتالي يمكننا أن نرى بوضوح مدى حراجة الموقف بالنسبة لهذه القوى، فهي لا تريد أن تجرح ولو معنوياً هذه القاعدة النبيلة التي ما بخلت عليها يوماً بالارواح والدماء، ومن جهة أخرى فهي لا يمكنها أن تقوم بالخطوة الأولى نحو حرب لا تريدها قد تذهب بلبنان نحو المجهول.
وبرأي تحليلي بسيط، من خلال التجربة مع المقاومة وجمهورها، أرى أن الأمور تسير باتجاه المشاركة، وذلك لأن المقاومة التي ضحت بأبنائها من أجل لبنان، لن تقف اليوم عند التضحية المعنوية لتشكل حجر عثرة في عملية درء الفتنة، وإن جمهور المقاومة ومهما كبر جرحه وسال دمه فإن الشرف والكرامة فيه يمنعانه من أن يخالف كلمة سيد العصر.
هو رأي تحليلي، لمسألة ستكشف أوراقها في الأيام المقبلة، وحتى ذلك الوقت، لا بد لنا من انتظار كلمة السر التي ستحدد كل الأمور، وكلمة السر في ضاحية الله الجنوبية دائماً: لبيك يا نصر الله…