الحكومة ’عادت والعود أحمد’.. لبنان دولة نفطية
سلطت الصحف اللبنانية صباح اليوم الضوء على مواضيع محلية مختلفة اهمها ما جاء في جلسة الحكومة بالأمس حيث أقرت منح رخصتين بتروليتين حصريتين لشركتين للتنقيب عن النفط في الشمال والجنوب. وبذلك يكون لبنان قد خطا أولى خطواته للدخول في نادي الدول النفطية.
كما اشارت الصحف الى الجدل الضي حصل حول اقامة سفارة في القدس واعتراض البعض على الاقتراح وتشكيل لجنة لدراسة الموضوع.
“الإقلاع” الجديد: لبنان إلى المسار النفطي
عكس قرار مجلس الوزراء أمس المتعلق بالموافقة على منح رخصتين لاستكشاف النفط وانتاجه في البلوكين 4 و9 والذي من شأنه ان يسجل كقرار “تاريخي” لجهة ادخال لبنان نادي الدول المنقبة عن النفط والمنتجة له، استعجال الحكم والحكومة ضخ البلد بجرعة انعاش اقتصادية ومعنوية كبيرة يأملان من خلالها في تجاوز أكثر من شهر ونصف شهر من تعطيل تسببت بهازمة استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري ومن ثم عودته عنها. واذا كان المشهد الداخلي ظل في معظمه تحت وطأة المواقف الرسمية والسياسية والدينية من ملف القدس التي انتجت اجماعاً لبنانياً قل نظيره في أي ملف داخلي أو خارجي آخر، فإن عودة مجلس الوزراء أمس الى مقاربة الملفات الداخلية الحيوية ويوميات الهموم الحياتية بدا بمثابة مؤشر عملي لاقلاع الحكومة مجددا ولو مظللاً بالكثير من شوائب المرحلة الاخيرة التي واكبت عودة الرئيس الحريري عن استقالته والتزام الحكومة سياسة “النأي بالنفس” كشرط أساسي لهذه العودة.
وقد صفق مجلس الوزراء إيذاناً بدخول لبنان نادي الدول النفطية عندما وافقت الحكومة بالإجماع على منح رخصتين لإستكشاف وإنتاج النفط والغاز من البلوكين 4 و9 قبالة الشواطئ اللبنانية، وسارع وزير الطاقة سيزار أبي خليل الى زفّ البشرى الى الصحافيين وقال إن بداية المرحلة المقبلة ستكون بتوقيع العقود وتقديم الكفالات المالية من الكونسورسيوم الفائز في مهلة قد تمتد حتى أواخر كانون الثاني أو مطلع شباط، على ان تبدأ عملية الحفر سنة 2019.
فيما لا يزال لبنان والعالم منشغلاً بالقرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية من جهة، وايران من جهة أخرى، وذلك على خلفية تقرير للأمم المتحدة كشفت عنه المندوبة الأميركية في المنظمة الدولية نيكي هايلي وقالت إنه «يثبت إرسال إيران صواريخ للحوثيين في اليمن». وقالت «إنّ الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون على السعودية الشهر الفائت «هو من صنع ايراني». ورحّبت السعودية بهذا الموقف الأميركي ودانت «النظام الإيراني لخرقه الصارخ للقرارات والأعراف الدولية، بما فيها قرارا مجلس الأمن 1559 و1701، المعنيّان بمنع تسليح أي ميليشيات خارج نطاق الدولة في لبنان (تحت الفصل السابع ) بالإضافة الى قرارَي مجلس الأمن 2231 ، 2216 . وطالبت المجتمع الدولي بـ»ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن أعلاه ، ومحاسبة النظام الإيراني على أعماله العدوانية».
الجمهورية: برّي و«الخبرة» بالبحص
وعبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس عن ارتياحه الى إقرار البند النفطي، وقال: «لقد اصبَح لبنان مبدئياً دولة نفطية، فحتى ما قبل استخراج النفط، فإنّ وضعَه وموقعه سيتحسّنان على مستوى التصنيف المالي والاقتصادي، ومن فوائده الجمّة انّه يفيد ايضاً في تشغيل آلاف من اليد العاملة اللبنانية من مهندسين واختصاصيين».
وردّاً على سؤال حول البلوكات المتبقية وسبب اقتصار الترخيص الآن على البلوكين 4 و9، قال بري: «هذا الترخيص لهذين البلوكين هو لفائدة لبنان، وأنا كنت منذ البداية ضد التلزيم الشامل لكلّ البلوكات، ونزلنا عند نصيحة النروجيين بهذا الترخيص المحدود ببلوكين فقط لأنه في ضوء النتائج التي ستظهر من هذين التلزيمين يمكن ان يُستفاد اكثر لتحسين شروط لبنان في المفاوضات المقبلة مع الشركات بالنسبة الى البلوكات الاخرى».
ومن جهةٍ ثانية سئل بري عن تقديره للأسباب التي حالت دون ان يبقّ الحريري البحصة، فقال ممازحاً: «في العادة انّ علاج البحصة يتمّ إمّا بالتفجير وإمّا بالتفتيت، ويبدو انّها قد تفتتت واسألوني أنا ولا تسألوا حكيم لأنّي أنا خبير بالبحص».
السفارة في القدس
وعلمت «الجمهورية» أنه وبعد كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحريري في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء طلبَ باسيل متحدثاً عن الكتاب الذي وجّهه الى المجلس مقترحا فيه اقتراح إنشاء سفارة لبنانية في فلسطين، شارحاً «أهمّية مبادرة لبنان الى مِثل هذه الخطوة الرمزية التي ربّما تدفع ببقية الدول الى ان تحذوَ حذوه، خصوصاً انّ مبادرة السلام العربية نصّت على انّ القدس عاصمة فلسطين، وهو الامر الذي من شأنه ان يحوّل فلسطين دولةً كاملة العضوية في الامم المتحدة».
ودار نقاش طويل طلبَ فيه الوزير جان اوغاسبيان التأنّي لتجنّبِ الالتباس في فهمه. فيما رأى الوزير خليل انّه «يحتاج الى نقاش دستوري وسياسي عميق ليست الظروف مهيّأة له في هذا التوقيت»، وطلب التزامَ موقف رئيس الجمهورية والتوصية الصادرة عن مجلس النواب في «جلسة القدس».
وقال: «الامر ليس بهذه البساطة مع تفهّمِنا للنيات الكافية وراء هذا الطرح، إنّ لهذا الموضوع ابعاداً سياسية وعقائدية وفكرية وثقافية، ونحن نعارضه من هذه المنطلقات».
وتوالى على الكلام الوزير علي قانصو الذي أيّد موقفَ خليل، وتمنّى أن يصدر عن الحكومة موقف محدّد وواضح ضد قرار ترامب، مؤيّداً التريّث في اقتراح باسيل ودرسه، فوافقه الوزراء حسين الحاج حسن ومحمد فنيش وغازي زعيتر ومروان حمادة وجمال الجرّاح.
وقال الحريري: «إنّ لبنان وافقَ على المبادرة العربية عام 2002 ويجب ان يبقى موقفه منسجماً مع هذا الامر». فأثنى عليه الوزير غسان حاصباني، وتقرّر تشكيل لجنة برئاسة الحريري وعضوية باسيل وخليل وفنيش والمشنوق وحمادة وسليم جريصاتي لمتابعته. وفُهِمَ أنّ هذا القرار سيكون مقدّمة لصرفِ النظر عن هذا الاقتراح.
البناء: قمّة روحية على نيّة «القدس»
وبعد التضامن الشعبي والنيابي والوزاري والدبلوماسي اللبناني الجامع حول القضية الفلسطينية، انعقدت على نيّة القدس القمة الروحية التي استضافتها بكركي بحضور رؤساء الطوائف كافة. وأجمع الحاضرون على «التنديد بالقرار الاميركي»، وطالب البيان الختامي الرئيس الاميركي «بالرجوع عن قراره»، معتبراً «انه يُسيء الى ما ترمز اليه القدس وهو مبني على حسابات سياسية ويشكّل تحدياً لأكثر من 3 مليارات شخص»، ومتخوّفاً «من ان يؤدي التفرد الأميركي بالانقلاب على قرار هام من قرارات الشرعية الدولية التي تتعلّق بالقضية الفلسطينية، الى الانقلاب على قرارات أخرى بما في ذلك القرار الذي يتعلق باللاجئين الفلسطينيين لمحاولة فرض تقرير مصيرهم خارج إطار العودة الى بلادهم المحتلة. وهو أمر يشكل اعتداء على امن وسلامة ووحدة لبنان الذي يستضيف حوالي نصف مليون لاجئ فلسطيني منذ عام 1948، والذي أكد في ميثاقه الوطني وفي دستوره على رفض التوطين شكلاً ومضموناً».
عودة الحياة إلى معبر جوسيه
على صعيد آخر، وبعد تطهير الجرود على الحدود اللبنانية السورية من الإرهابيين، عادت الحياة الى معبر جوسيه الحدودي الذي أعيد افتتاحه أمس، فيما افتتح المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مركز اأمن العام في القاع.
وأكد إبراهيم أن «صلابة الدولة ومؤسساتها في انتظام سلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتطبيق القانون والتزام الشفافية ومحاربة الإرهاب، ودرء الخطر يكمن في نعزيز صمود الجيش والأجهزة الأمنية كما في استقلالية القضاء». ومن الجانب السوري للمعبر أكد وزير الداخلية السوري محمد الشعار أن «العلاقات بين لبنان وسورية أكبر من تصريحات أو غيرها. ذلك أنها طبيعية، لا تستطيع أن تفصلها لا الجغرافيا ولا الحدود، ولا أي إعاقة أخرى، مشدداً على أن لا عوائق أمام عودة النازحين إلى بلادهم».