الحكومة اللبنانيّة تستخدم حقوق السحب الخاصة بطريقة غير بنيوية
موقع العهد الإخباري-
د. محمود جباعي:
في ١٥ أيلول من العام الماضي حصل لبنان على حصته من صندوق النقد الدولي بما يسمى بحقوق السحب الخاصة بعد أن وزع الصندوق هذه الحصص على جميع الدول الأعضاء فيه لدعمها على تخطي التبعات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة كورونا. ووفقاً لذلك حصلت الحكومة اللبنانية في حينها على مبلغ وقدره مليار ومئة وخمسة وثلاثون مليون دولار. وهذا الرقم كان قد وصل في حينه على أبواب تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي وهو ما استبشر به اللبنانيون خيراً لجهة استخدام هذا المبلغ المقبول نسبياً في عملية إعادة تحفيز النمو الاقتصادي للخروج من الازمات المتعاقبة التي مرت بها البلاد أو بالحد الأدنى استخدامه في عملية إصلاحية للقطاعات المنهارة من زراعة وصناعة وكهرباء. ولكن في كل هذه المدة التي مرت لم تفصح الحكومة اللبنانية عن خطتها في كيفية تشغيل هذا المبلغ في المكان المناسب والمطلوب، علمًا أن هذا المبلغ بحجمه يشكل ما نسبته حوالي 38 بالمئة من قيمة القرض المنتظر من صندوق النقد الدولي والبالغ ٣ مليارات دولار مدفوعة على ٤ سنوات إذا ما وصلت المفاوضات بين الجانبين إلى النتائج المرجوة منها.
* الحكومة تستعمل الأموال بطريقة غير بنيوية
وافق مجلس الوزراء اللبناني على استخدام ما نسبته حوالي ٨ بالمئة من حقوق السحب الخاصة حيث خصص منه ١٥ مليون دولار للقمح و13 مليونًا للدواء و ٦٠ مليون دولار للكهرباء أي بمجموع يصل إلى ٨٨ مليون دولار لن تعالج المشاكل بشكل بنيوي بالتأكيد بل فقط ستكون مسكّنًا لمدة لا تزيد عن الشهرين أي ببساطة إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة والمقررة في ١٥ أيار من العام الجاري، وخاصة اذا ما علمنا أن لبنان يستورد شهرياً أدوية مستعصية بقيمة ٢٥ مليون دولار وقمحًا بحدود ١٤ مليون دولار شهرياً. وعليه فإن المبالغ المقترحة لا تكفي أكثر من شهرين بالحد الأقصى إذا ما تم تدويرها لدعم استيراد هذه المواد بشكل جزئي. والأخطر في الأمر هو تخصيص الحكومة مبلغ ٦٠ مليون دولار للكهرباء من أجل دفعها ككلفة تشغيلية لقطاع لا ينتج شيئًا فعلياً علما أن هذا المبلغ سيصرف خلال شهرين فقط ومن دون أي تحسن يذكر في التغذية الكهربائية كما جرت العادة.
* الحل بتخصيص حقوق السحب للإصلاحات البنيوية
إن هذه الطريقة المعتمدة بالصرف لا تبشر بالخير وتؤكد استمرار الحكومة الحالية باعتماد النهج السابق العقيم للحكومات المتعاقبة. وعليه، مبلغ المليار و١٣٥ مليون دولار الذي بنى عليه اللبنانيون آمالًا كبيرة سوف يتم صرفه بمدة عام تقريبًا من دون أي جدوى تذكر كما كان الحال مع معظم أموال مصرف لبنان وأموال الدولة والموزعين. لذلك وجب على القوى السياسية المعنية الحذر الشديد قبل السماح بضياع ما تبقى من أموال سواء في خزينة الدولة أو في احتياطات مصرف لبنان وتوجيه هذه المبالغ إلى الحلول البنيوية التي يمكن أن تساهم في وضع البلد على سكة التعافي من خلال صرف هذه المبالغ في تمويل قطاعات الزراعة والصناعة وفي حل جذري لمشكلة الكهرباء من أجل تحسين الناتج المحلي وتفعيل حركة النهوض الاقتصادي.