الحريري في الرهان الخاسر

saad-hariri
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

رد الشيخ سعد الحريري على خطاب السيد حسن نصرالله يكشف حقيقة الخطف السعودي للبنان من خلال منع قيام حكومة وفاقية وعبر التصميم على ربط أي انفراج لبناني بتحقيق وهم النيل من سوريا وانتظار محاولات بندر اليائسة هناك أي الإصرار على هزيمة مبرمة في سوريا ولبنان معا .

اولا منذ بداية الأحداث السورية تلبس الشيخ سعد الحريري دور المتدخل في سوريا وشرع يرطن بالكلام عن الثورة والثوار وهي لغة غريبة عن عالمه المشحون بصفقات البيزنس وبوظيفته في سلك الاستخبارات السعودية التي كشفتها زيارة باكستان الشهيرة وعن تجربته السياسية في لبنان حيث لا قيمة للفقراء والمظلومين والمهمشين سوى عند فرز الأصوات المشتراة بالغرائز وبالأموال وبالوعود التي يسأل الناس البسطاء عنها بمرارة منذ سنوات في بيروت وطرابلس وعكار والبقاع وصيدا .

فقد وضع الشيخ سعد وسائله الإعلامية في تصرف العدوان على سوريا وكلف فرع المعلومات برعاية اوكار المسلحين في قلب المدن والقرى وعلى الحدود ونظمت ميليشيات حزبه المستقبل تهريب السلاح والمال إلى المناطق السورية وكانت لطف الله 2 باخرة السلاح الشهيرة إحدى المحطات التي تمت لفلفتها في لبنان لستر تورط الحريري وأشخاص آخرين من حلف الوهم البندري بينما تقول بعض التقارير الإعلامية إن ضباطا لبنانيين عاملين ومتقاعدين أرسلوا إلى سوريا في مهمات امنية وعسكرية لصالح عصابات الإرهاب والفوضى .

ثانيا مرر الشيخ سعد عبر تويتر امنيته الشهيرة بالعودة عبر مطار دمشق وهو ينكرها بعدما تبخر السراب وتدحرجت امنياته الخائبة بسقوط سوريا وهو الذي غطى وضع الشبكة الخليوية الثالثة بتصرف جماعات العدوان على سوريا ونشرت الصحف الغربية تقارير عن وجود ضباط استخبارات اميركيين وفرنسيين وخليجيين في ضيافة حزبه في الشمال لقيادة العمليات في محافظتي حمص وريف دمشق ولم يخرج أي قيادي من جماعة الشيخ ببرهان صلب يدحض تلك الروايات التي نقلها المراسلون الأجانب في صحف عالمية معروفة بصداقتها للمملكة السعودية ولآل الحريري .

تعود الشيخ سعد منذ زمن في عمله السياسي على تصديق ما يقال له من المخابرات السعودية وخصوصا من الأمير بندر الذي تكفل به يافعا في الولايات المتحدة وهو الذي ورطه في صفقات باكتسانية مالية وسياسية على ضفاف الحرب الأفغانية وفي أعمال تمويل لجماعات القاعدة وضواحيها الشبكية في المنطقة مما جعل مكاتب تجارة آل الحريري في باكستان هدفا للمداهمات الأميركية بعد 11 أيلول للتدقيق في خيوط تمويل أمر الأميركي بقطعها واستمرت بالأمر السعودي كما يروي كتاب اميركيون في بعض ما سجلوا فيه وقائع عن الرعاية السعودية المستمرة لشبكة التكفير والإرهاب القاعدية وهو ما سهل لبندر استخدام القاعدة مجددا وبموافقة اميركية في سوريا ولبنان والعراق ويعلم الحريري ان بعض مستشاري العائلة كلفوا من المخابرات الأميركية والفرنسية بمراقبة حثيثة لهذا الجانب من نشاطها الذي يجري تحت غطاءات المساعدة والإغاثة “الخيرية” ولذلك فلم يأت ممثل الحريري لنصرة “الثوار” عقاب صقر بجديد من عنده لما زعم انه يرسل بطانيات وحليبا للأطفال فتلك الستارة نفسها نصبت في العديد من المناسبات الأفغانية لدعم الإرهاب التكفيري.

ثالثا قرر الشيخ سعد لأجل المملكة السعودية خطف لبنان ومنع قيام صيغة حكومية وفاقية تحقق استقرارا سياسيا وامنيا وتقنن الاختلاف لكن القرار السعودي يهدف للامتناع عن تعديل السياسات بانتظار تبلور صورة المعادلات التي تشعر المملكة بأنها تخالف رهاناتها والشيخ سعد قرر تفويت الفرصة اللبنانية بانتظار نتائج رهانه الخائب على إسقاط سوريا وهو يختار الجانب المهزوم في سوريا وفي المنطقة وإذا كانت المملكة كدولة إقليمية كبرى تستطيع التكيف في نهاية الأمر عندما تدرك استحالة قلب الاتجاه وعندما تستسلم لحقيقة أن الولايات المتحدة مضطرة للخضوع للتوازنات المستجدة وهي تستعمل الحرد السعودي والاختلاف الفرنسي والغضب الإسرائيلي كذلك لتحسن شروط التفاوض مع روسيا وإيران وسوريا أيضا فهي لن تتورط في حرب كونية لاسترضاء بندر الذي سوف تتلاحق هزائم عصاباته في الميدان السوري وعندما يستدير الأميركي مجددا نحو خطاب مكافحة الإرهاب سيكون تهميش بندر ورموز الورطة الآخرين هو الثمن المدفوع في المساومات الدولية والإقليمية فماذا أعد الشيخ سعد لتلك الخاتمة القادمة ؟.

ما عرضه السيد نصرالله كان يمثل فعلا فرصة لبنانية تنقذ الحريري وفريقه المتورط قبل تبلور التوازنات الجديدة التي قد لاتبقي مثل تلك الهوامش وهي قد تولد شروطا ومتغيرات كبرى وقاهرة تحتم إعادة رسم الأدوار والأوزان والمواقع فماذا عن احتمال انقلاب اميركي ودولي محوره دعم الدولة السورية في مكافحة الإرهاب؟ وماذا عن احتمال التفويض الغربي لسوريا بمعالجة انتشار الإرهابيين في البقاع والشمال حيث يشكلون خطرا كبيرا على الأمن الأوروبي؟ وماذا عن احتمال إعادة ترتيب وضع المملكة الداخلي على حساب بندر وربما لصالح خصم الحريري محمد بن نايف؟ وماذا لو ألزمت المملكة بالرضوخ للمتغيرات في اليمن والبحرين والعراق؟ وماذا لو قامت إدارة سعودية جديدة بالانفتاح على الدور الإيراني المتعاظم ؟ وماذا عن احتمال تقدم القيادة المصرية الجديدة في طريق التحالفات الدولية والإقليمية المؤدية للتلاقي مع سوريا على حساب التضخم الخليجي الطارىء ؟

أسئلة كبرى ومقلقة لا يفكر فيها الشيخ سعد ولا يطرحها عليه المستشارون رغم انها تملأ الصحف العالمية الكبرى وبجميع اللغات الحية والحصيلة حقيقة قالها السيد نصرالله سابقا عندما عرض مبادرته التي أكد أنها قد لا تبقى طويلا على الطاولة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.