الحرب على حزب الله: الى أين؟
موقع العهد الإخباري-
شارل أبي نادر:
يعيش لبنان اليوم حالة من فقدان المنطق، تتمحور بشكل كبير – بالاضافة للانهيار المالي والاقتصادي، ولفقدان الوعي السياسي ولتعثر وضياع أغلب مؤسساته الإدارية والرسمية بشكل كامل – حول حرب داخلية أو ما يشبه الحرب الداخلية ضد حزب الله، على خلفية أن الأخير وبسبب كونه يحكم لبنان ويتحكم بسياسته الداخلية والاقليمية والدولية، هو مسؤول عن كل هذا الانهيار والتعثر والفشل الرسمي والسياسي. وفي الوقت الذي يرى فيه هؤلاء أن حزب الله يحكم لبنان ويسيطر على قراراته، فإن أغلب وسائل إعلام الخليج (اللبنانية) تهاجمه وتتآمر عليه باتهامات جائرة، وأغلب السياسيين المرتهنين، وما أكثرهم، يتهجمون عليه ليل نهار، واذا لجأ للقضاء للدفاع عن نفسه ولرد الاتهامات التي يتعرض لها ظلمًا وزورًا، يتعرض محاموه لاعتداءات ميليشياوية، وهو الحاكم بأمره، يقف متفرجًا على كل ذلك.
لا شك أن ما يتعرّض له حزب الله من أطراف داخلية لبنانية (محلية) يفوق بأضعاف ما يتعرض له من الخارج، من الاقليم أو من الغرب، بالرغم من أن أساس هذه الهجمة خارجي، لناحية التمويل أو لناحية الضغط المالي والنقدي والاعلامي، أو الديبلوماسي المشبع بادعاءات ظالمة تضعه في مصاف المنظمات الارهابية. وحيث لا تنحصر هذه الادعاءات بالأميركيين أو الصهاينة، بل تمتد الى ادعاءات أوروبية، كان من المفترض أن يكون لديها بُعد نظر وعدالة موضوعية واستقلالية في التمييز والتحليل والمقارنة، على عكس الاميركيين والاسرائيليين والمنخرطين بالكامل في حرب شعواء ضد جميع أطراف محور المقاومة، وبالتحديد ضد حزب الله، كحركة مقاومة ناشطة، لعبت دورًا فاعلًا في مواجهة تلك المشاريع، ومن خلال ثباتها وقدراتها المختلفة، استطاعت المساهمة في كبح جماح مشاريع هؤلاء (الاميركيين والاسرائيليين) فيما خص لبنان أو سوريا أو اليمن أو المقاومة الفلسطينية.
طبعًا، انطلاقًا من هذه المواقف الثابتة لحزب الله بمواجهة المشاريع الأميركية الصهيوينة، يمكن تفهم هذه الحملة الخارجية ضده، ليس تفهُّمها قانونيًا أو منطقيًا أو استنادًا للقوانين الدولية أبدًا، بل تفهمها تبعًا لاستراتيجية المصالح التي تدير سياسة هذه الأطراف، الأميركية أو الصهيونية أو الخليجية المنخرطة بشكل ببغائي في مشروع شيطنة المقاومة اللبنانية، وأيضًا لأسباب واهية غير صحيحة، فقط، لأن المدير أو الراعي الاميركي يريد ذلك.
ولكن، ما لا يمكن تفهمه أو تقبله، هذا الاستشراس الداخلي اللبناني من أطراف وجهات وأحزاب ومكونات لبنانية، من التي تقاتل ليل نهار ضد حزب الله بطريقة عنيفة، وكأنها تقاوم وتقاتل في سبيل تحرير لبنان من احتلال خارجي، وجاء عناصر هذا الاحتلال من آخر أصقاع الدنيا واستوطنوا في الجنوب والبقاع والجبل والضاحية الجنوبية من لبنان، أو كأنها (الأطراف اللبنانية المذكورة والتي تقاتل المقاومة بشراسة) تعتبر حزب الله ذلك الطرف الداخلي الذي تعامل مع العدو الاسرائيلي عند احتلاله للمناطق اللبنانية في الجنوب أو في البقاع الغربي، وساهم في تغطية هذا الاحتلال وسعى لعقد اتفاق اذعان معه، أو كأنها تقاتل ذلك الطرف الذي تشبث بالاسرائيلي عام 2000 في محاولة لمنعه من الانسحاب من لبنان، وليس حزب الله ذلك الطرف الذي سالت دماء أبطاله في عمليات المواجهة والتحرير والمقاومة ضد هذا العدو حتى اندحاره من لبنان مهزومًا مكسورًا.
أيضًا، ما يدعو للاستهجان ولا يمكن تفهمه بتاتًا، أن هؤلاء المستشرسين بمواجهة حزب الله من اللبنانيين اليوم، وكأنهم كانوا يعيشون على المريخ بين عامي 2012 و2018، وكانوا بعيدين عما كان يحصل في لبنان في تلك الفترة الصعبة من تاريخه، عندما كان الارهاب يعمل لتثبيت وجوده في لبنان محاولًا التمدد على كافة مناطقه، وكأن حزب الله لم يكن هو الجهة الوحيدة الداخلية التي وقفت مع الجيش اللبناني لمواجهة ذلك الارهاب العنيف والمتمكن حينها، ومنعوا الارهاب من احتلال مناطق لبنانية مختلفة الثقافات، ومنها الكثير من المناطق التي تعيش فيها اليوم بيئة هي أقرب ثقافيًا ومذهبيًا من هؤلاء المغرضين الذين يهاجمون حزب الله اليوم، أو كأن شهداء حزب الله سقطوا في معارك حماية ذلك الارهاب بمواجهة هؤلاء المغرضين من اللبنانيين ناكري الجميل الموتورين، والذين يعيشون اليوم وبكل خزي وعار، حالة الانسحاق والانبطاح كاملة مع جهات خارجية تماشيًا مع مشروع استهداف حزب الله.
مشكلة هؤلاء اللبنانيين المحدودين، أنهم ومن حيث يدرون أو لا يدرون، يهاجمون ما يدّعونه “احتلالًا إيرانيًا” بغطاء يؤمنه حزب الله، وذلك بدعم وتمويل وتوجيه خارجي عربي وخليجي بالتحديد، وعمليًا، لهدف معروف ومشبوه، لا يصب بتاتًا في مصلحة سيادة لبنان، بل يصب فقط بالنهاية في مصلحة مشروع التطبيع مع العدو الاسرائيلي، والذي، بعد فوزه باحتضان ما تيسر له من أنظمة ودول عربية، بأموال خليجية، من ضمن اتفاقات الاذعان التي يبرع بها بدعم الأميركيين، لن يتأخر عن التوسل لايران باأن تنهي حالة العداء معه، وسيكون مصير هؤلاء الداعمين الخليجيين، وأبنائهم من الغلمان اللبنانيين، أن يصبحوا مهمشين معزولين، وتكون قد انتهت مدة وصلاحية خدماتهم.