الحاج رضوان… لقد رأيته البارحة
موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:
نعم إنه هو ، ببذته المرقطة ، وبشرته السمراء ،
انه هو بعينيه الشاخصتين نحو جنوب الجنوب ، وقلبه الذي ينبض بحب فلسطين ، وروحه الهائمة بعشق الوطن ، والمعطرة بعبق القضية ، نعم انه هو نفسه لقد رأيته بكل ما فيه من معالم المقاومة …
الحق أقول لكم ، لقد رأيته البارحة ، كما كنت أراه في كل مرة ، كان حاضراً بالأمس في بعلبك ، كما كان حاضراً في عيتا ومارون وبنت جبيل ،
كان يزين بعلبك ، كما زين ثغور الجنوب ، كان يزرع أزقتها نوراً ، كما زرع دروب ضاحية الله الجنوبية ببذور المقاومة لتنبت عزاً ومجداً وكرامة .
انه هو لقد رأيته بقلبي ، لقد رأيته البارحة ، كما كان دائماً ، قائداً مقداماً ، فارساً يأبى أن يترجل أو يستريح ، يأبى ان يسلم نفسه للسلم ، فهو يدرك أن من يسلم نفسه للسلم يسلم نفسه للعبودية . كان هناك البارحة يعمل جاهداً ليمنع يد الغدر من الوصول إلى دار المقاومة وأهلها ، كان هناك شامخاً بين إخوته ، غير أبه ان وقع على الموت أم وقع الموت عليه ، كان هناك يكتب على ألواح السماء بأننا قوم نحب الحياة لأننا نحب الحرية ، ونحب الموت متى كان الموت طريقنا للحياة .
نعم لقد رأيته البارحة في بعلبك ، كان حاضراً للدفاع عن الوطن ، وحاهزاً لحماية المقاومة بالروح والجسد ، كان مرابطاً ليواجه يهود الداخل وهو من اعتاد واحترف مواجهة يهود الخارج ، كان حاضراً ليضرب الصهيونية الإسلامية الممتدة من تلمود يهوه وليسجل في التاريخ بأن صراعنا مع اليهود هو صراع وجود لا صراع حدود .
كان هناك البارحة ، لقد رأيته ورأيت في وجهه نصر أيار ومجد تموز ، لقد رأيته حاملاً بندقيته التي ما وهنت ولا ضعفت منذ ان عاهد الله على المسير نحو المسجد الأقصى ،
كان هو كما هو ، التقي الورع المؤمن المقاوم المناضل الذي لا يخشى في الحق لومة لائم .
كان يقف ويده على الزناد ، تزينه رايات النصر التي استلمها من سيد المقاومة ، حاملاً في جعبته كتاب الله ورصاص الحق وقصائد من جهاد .
نعم ، الحق الحق أقول لكم ، ان الحاج رضوان لم يمت ، وكيف يموت من آمن بأن الحياة عقيدة وجهاد ، كيف يموت من آمن بأن أذكى الشهادات هي شهادة الدم ، وأن دم الشهيد إذا سقط ، فبيد الله يسقط ، وما يسقط بيد الله لا يموت أبدا…
كيف يموت من ترك خلفه ثلة من جبابرة عاهدوا الله والوطن على إكمال مسيرة الحرية والنضال ، من ترك خلفه أبطال زهدوا في الحياة الدنيا واشتاقوا للقاء محمد وصحبه ، كيف يموت من زرع في كل شبر من تراب الجنوب تاريخ المقاومة وعمر المقاومة وحكاية المقاومة …
الحق الحق أقول لكم أن عماداً لم يمت ، نعم فإنه لم يمت ، يمكنكم ان تشعروا بوجوده عند مداخل ضاحية الله الجنوبية ، يقف بكل احترام في خدمة أهله وإخوته وأحبته ، يمكنكم ان تلمسوا روحه على امتداد ارض الجنوب ، حيث لا زالت عيناه شاخصة نحو فلسطين إلى يومنا هذا ، يمكنكم ان تسمعوا نبرة صوته في كل ثغر من ثغور المقاومة ، فهنا يوجه وهنا يدبر وهنا يخطط وهنا ينفذ وهنا يطلق بيديه نيراناً تأكل من أجساد بني يهوه وتقلب موازين الصراع وتغيير مفاهيم الحروب .
هو لم يمت ، الحق أقول لكم هو لم يمت ، يمكنكم ان تروا وجهه في وجه كل مقاوم ، ان تلمحوا تفاصيل حياته في كلمات وريث الأنبياء سيد المقاومة ، هو لم يمت ، وأقسم لكم بدم كل شهيد بأنه لم يمت ، وأقسم بأننا على موعد دائم معه في كل انتصار نحن مقبلون عليه .
هو لم يمت وكيف يموت من كان على موعد مع فلسطين ، كيف يموت من كان على موعد مع أحمد ياسين ويحي عياش ، كيف يموت من عاهد فارس عودة ومحمد الدرة وإيمان حاجو بأن القصاص من القتلة آتٍ وان النصر قريب.
هو لم يمت ، نعم لقد رأيته البارحة كما كنت أراه في كل يوم في تفاصيل حياتنا البسيطة . كما كنت أراه في أحلام أطفالنا و شجاعة شباننا وحكمة شيوخنا ، كما كنت أراه كل يوم في صور الشهداء التي تزين شوارع الهرمل ومساجد بيروت و ساحات الجنوب …
هو لم يمت … وهل يموت الحق ، قد يكون رحيله رحيل الجسد عن المادة … ولكنه باقٍ فينا بالفكر والروح والعقيدة ، فنحن قوم نؤمن بأنه قد تسقط أجسادنا ، أما نفوسنا فقد فرضت حقيقتها على هذا الوجود .
نحن نؤمن بأننا أصحاب حق وأن الموت في سبيل الحق حياة …
هو لم يمت ، فكيف يموت وقد سكنت روحه كل منا ، كيف يموت ونبض قلبه قد أمسى نبض قلوبنا ، وكيف يموت من يعيش في داخلنا حتى أصبح نحن وأصبحنا هو …
هو لم يمت … الحق الحق أقول لكم …
الحاج رضوان … لقد رأيته البارحة .