الجيش يستعد لـ«كامل حلب»… وواشنطن تعترف بـ«مجرزة» دير الزور
صحيفة الأخبار اللبنانية:
تتواصل عمليات الجيش السوري وحلفائه في مدينة حلب ومحيطها بدعم عسكري ولوجستي روسي، بالتوازي مع وصولهم إلى أعتاب مدينة الباب الغربية، على حساب انكماش «درع الفرات». ويبدو أن المرحلة الانتقالية في البيت الأبيض ستشهد مزيداً من التراجع لحلفاء واشنطن، التي خرجت أمس لـ«تأسف» لوقوع غارة دير الزور، في أيلول الماضي، التي وصفتها بـ«الخطأ غير المقصود»
تشير المعطيات الواردة من حلب وريفها إلى أن الأيام المقبلة لن تكون أقل سخونة على مختلف المحاور. فمع تثبيت الجيش السوري لنقاطه داخل مدينة حلب، بعد ترسيم حدود سيطرة جديدة خلال الأيام القليلة الماضية، لم تتوقف عمليات الاستهداف المكثّفة على أطراف القسم الجنوبي من الأحياء الشرقية للمدينة، بالتوازي مع تحريك جبهة المدينة الغربية والتقدم على محور جمعية الزهراء.
وبدورها، تعود جبهة الباب إلى الواجهة مجدداً مع وصول قوات الجيش السوري مدعومة بعناصر «المقاومة السورية» إلى المشارف الغربية للمدينة، بعد سيطرتها على بلدة أزرق التي تبعد 5 كيلومترات غرب المدينة، والتي كانت واقعة تحت سيطرة قوات «درع الفرات» المدعومة من أنقرة. وأفادت مصادر معارضة بأن عناصر «درع الفرات» انسحبوا من قرية أزرق، بعد وصول قوات الجيش و«المقاومة السورية» إلى مشارف البلدة.
ويبدو لافتاً أن «الانسحاب التركي» جاء بالتوازي مع تصعيد إعلامي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال كلمة ألقاها في تجمع «برلمانيون من أجل القدس»، إذ أشار إلى أن دخول القوات التركية إلى شمال سوريا لم يأت طمعاً بالسيطرة على أراض سورية، بل «لإعادة الأرض إلى أصحابها الحقيقيين وتحقيق العدالة، وإسقاط حكم (الرئيس بشار) الأسد الذي يمارس إرهاب الدولة».
وفي مدينة حلب، تابع الجيش السوري وحلفاؤه تثبيت نقاطهم في المحاور الجديدة، من دون وقف التمهيد المدفعي والجوي على أطراف الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة المسلحين، إذ استهدف سلاحا الجو والمدفعية أطراف حيّي الشعار وطريق الباب، على طول المحاور الملاصقة لحيّي الصاخور وجبل بدرو، جنوب طريق المطار، بالتوزاي مع إتمام السيطرة على مساكن البحوث العلمية، المحاذية لحي طريق الباب. كذلك شهد محور عزيزة ــ الشيخ لطفي جنوب غرب مطار النيرب قصفاً مكثّفاً، تزامن مع الحديث عن استعدادات لهجوم واسع قد يشهده هذا المحور (جنوب شرق حلب) بدوره. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في «الجبهة الشامية» قوله إن هذا المحور «لم يشهد تقدماً جديداً (للقوات الحكومية)، غير أن القصف والمعارك ما زالت عنيفة، خاصة في عزيزة». وفي غرب حلب، شهدت منطقة جمعية الزهراء هجوماً صباح أمس لقوات الجيش السوري وحلفائه، تمكنوا خلاله من السيطرة على عدد من الكتل والمباني في أطرافها الشمالية.
وبالتوازي، نقلت وكالة «رويترز» عن «مسؤول كبير في التحالف العسكري» الذي يقاتل دعماً لقوات الحكومة السورية، ما مفاده أن «الجيش السوري وحلفاءه يهدفون إلى السيطرة على كامل أحياء حلب الشرقية، قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب السلطة، في كانون الثاني، ضمن جدول زمنيّ تؤيّده روسيا». وأضاف المسؤول، وفق الوكالة، أن «المرحلة التالية من حملة حلب قد تكون أشد صعوبة، مع سعي الجيش وحلفائه للسيطرة على مناطق أكثر كثافة سكانية في المدينة».
وشهدت أحياء حلب الغربية تدفّقاً كبيراً لآلاف المدنيين من سكان أحياء المدينة الشرقية عبر عدد من المعابر، وقدّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عدد المغادرين بحوالى 20 ألف شخص خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية. وطالبت في بيان بتوفير «ممر آمن» للمدنيين للخروج
من القطاع الشرقي من المدينة، معربة عن استعدادها «لتنظيم عمليات إجلاء طبي للمرضى والمصابين». وتولت وحدات من الجيش والقوات الحليفة، بالتعاون مع عناصر من مركز المصالحة الروسي في قاعدة حميميم، تقديم المساعدة اللوجستية والغذائية والطبية للمدنيين الخارجين من الأحياء الشرقية. وأعلنت موسكو أن وزارتي الدفاع والطوارئ الروسيتين ستقومان بإرسال مستشفى ميداني مع مفرزة طبية إلى مدينة حلب، لمتابعة أوضاع المرضى والمصابين من سكان الأحياء الشرقية المغادرين «الذين أصيبوا جراء عمليات القصف المدفعي». ومن جهته، استهجن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية «قلق الدول الغربية من تحرير حوالى 80 ألف مدني، كانوا يستخدمون كدروع بشرية على مدى سنوات طويلة من جانب إرهابيين من مختلف الانتماءات». وقال المركز الروسي لمراقبة وقف إطلاق النار إن «507 من مقاتلي المعارضة ألقوا أسلحتهم في الأيام الأخيرة».
وتزامنت تلك التطورات مع صدور نتائج التحقيق الذي يجريه «التحالف الدولي» حول الغارة التي استهدفت موقعاً للجيش السوري قرب دير الزور، في 17 أيلول الماضي، والتي أفادت بأن الغارة كانت عبارة عن «خطأ مؤسف وغير مقصود». وقالت القيادة الوسطى للجيش الأميركي إن هناك «أخطاء وقعت في جمع المعلومات الاستخبارية». وأوضح الجنرال ريتشارد كوي، الذي يترأس التحقيق في الهجوم، أن «قوات التحالف اعتقدت أن عربة تابعة لقوات النظام تعود إلى جهاديي تنظيم (داعش)، وهو ما أثّر على التقييمات الاستخبارية». وأشار التحقيق إلى أن القوات الروسية اتصلت بقوات «التحالف» لإبلاغها أن الضربة استهدفت القوات السورية، غير أن الاتصال الذي «جاء عبر خط ساخن خاص» بين قوات «التحالف» وروسيا «تأخّر 27 دقيقة، لأن الضابط الذي يتحدث معه الروس عادة لم يكن موجوداً، وخلال تلك الفترة وقع نحو نصف الضربات المنفصلة، وعددها 32 ضربة».